تواصل معنا

منذ منتصف القرن العشرين، بدأت أفكار النسوية تتسرب إلى المجتمعات الإسلامية من خلال التعليم والإعلام والمنظمات الدولية. ومع مرور الزمن، تحولت من حركة تُنادي...

Nobody

لا احد
إنضم
28 سبتمبر 2024
المشاركات
9,728
مستوى التفاعل
1,212
مجموع اﻻوسمة
6
الفكر النسوي في المجتمعات الإسلامية: عدوٌّ لمن بالضبط؟

منذ منتصف القرن العشرين، بدأت أفكار النسوية تتسرب إلى المجتمعات الإسلامية من خلال التعليم والإعلام والمنظمات الدولية.
ومع مرور الزمن، تحولت من حركة تُنادي بالمساواة في الحقوق المشروعة إلى أداة فكرية تسعى لإعادة تشكيل المجتمع بأكمله.
لكن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه اليوم:
هل الفكر النسوي في بيئتنا عدوٌّ للرجل، أم للمرأة، أم للأسرة بأكملها؟


---

أولًا: الجذر الفكري للنسوية

نشأت النسوية في الغرب نتيجة ظلم واقعي تاريخي للمرأة؛ حيث حُرمت من التعليم والميراث والمشاركة السياسية.
ولذلك كان من الطبيعي أن تُطالب بحقوقها.
لكن هذه الحركة لم تتوقف عند المطالبة بالعدالة، بل تطورت إلى فلسفة كاملة ترى أن كل علاقة بين رجل وامرأة تقوم على "هيمنة" و"تبعية".
وهكذا تحولت النسوية إلى صراع لا يبحث عن التوازن، بل عن التماثل الكامل بين الجنسين.

حين وصلت هذه الفكرة إلى العالم الإسلامي، نُقلت دون النظر لاختلاف البيئة والدين والقيم.
فتمّ استيراد المشكلة دون وجود سببها الحقيقي.


---

ثانيًا: مفهوم "استقلالية المرأة" بين الإسلام والنسوية

ترفع النسوية شعار "استقلال المرأة"، أي أن تكون قادرة على اتخاذ قراراتها المادية والجسدية والنفسية دون وصاية من أحد.
لكن الإسلام لا ينظر إلى الاستقلال على أنه غاية في ذاته، بل يرى الإنسان — رجلًا كان أو امرأة — مخلوقًا اجتماعيًا يحتاج إلى غيره.

الاستقلال التام وهمٌ فلسفي، لأن:

الرجل لا يمكن أن يكون مستقلًا عن المرأة، فهو يحتاجها في الأمومة والأنس والعائلة.

والمرأة لا يمكن أن تكون مستقلة عن الرجل، فهي تحتاجه في الحماية والمساندة والعطاء العاطفي.


الوجود الإنساني ذاته يقوم على التكامل لا الانفصال.
ولذلك قال الله تعالى:

"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً" (الروم: 21)



فغاية العلاقة ليست الاستقلال بل السكن والمودة.


---

ثالثًا: هل الرجل فعلاً حر بلا قيود في الإسلام؟

النسويات يزعمن أن الإسلام كَبَّل المرأة وأطلق الرجل حرًّا بلا حدود،
لكن نظرة متأنية تُظهر أن الرجل في الإسلام محكوم بقيود ومسؤوليات أكبر من المرأة:

1. النفقة: واجبة عليه في كل الأحوال.


2. المهر: يُقدمه من ماله دلالة على التزامه.


3. الزواج: لا يتم إلا بضوابط وشهود وحقوق ملزمة.


4. العفة: يُحرم عليه الزنا والنظر والاختلاط غير المشروع.


5. اللباس: له حدود واضحة لعورته وهيئة مظهره.



فهو ليس حرًّا بلا قيد، بل عبد لله ملتزم بواجباته تجاه المرأة والأسرة والمجتمع.
أي أن الإسلام لم يمنح الرجل سلطة مطلقة، بل حمّله أعباءً ومسؤوليات مقابل ما أعطي من صلاحيات.


---

رابعًا: حقيقة الحجاب وتحريم الزنا

▪ الحجاب:

ترى النسوية أنه فُرض لصالح الرجل، بينما الحقيقة أنه قيد بصري للرجل نفسه؛
فهو يُمنع من التمتع بجسد المرأة أو النظر إليه، أي أن الحجاب يحمي المرأة من الابتذال والرجل من الانحراف.
هو ليس رمزًا للهيمنة، بل جدارٌ للطهارة.

▪ تحريم الزنا:

يُصوَّر أحيانًا على أنه كبت لحرية المرأة، لكنه في الحقيقة درعٌ لحماية كرامتها.
فالزنا يخدم الرجل الشهواني، والتحريم جاء ليمنع استغلال المرأة، وليحصر العلاقة في إطار من الالتزام والمسؤولية.


---

خامسًا: عدم إلزام المرأة بالعمل

في الفكر النسوي، عدم إلزام المرأة بالعمل يُفسر على أنه "حرمانها من الاستقلال المالي"،
لكن الإسلام جعل النفقة واجبًا على الرجل، حتى لا تُجبر المرأة على العمل إن لم ترغب.
وفتح في الوقت نفسه أبواب العمل الشريف لمن تريد أن تعمل في حدود القيم والأخلاق.
أي أن الإسلام لم يمنعها من العمل، بل حماها من الاستغلال الاقتصادي باسم العمل.


---

سادسًا: العدو الحقيقي

حين ننظر بعمق، نكتشف أن النسوية في المجتمعات الإسلامية ليست عدوًا للرجل فحسب،
بل هي عدو للأسرة، وللهوية، وللتوازن الفطري بين الجنسين.
فهي تحاول أن تُحوّل العلاقة من تكامل إلى تنافس، ومن تعاون إلى صراع.
والنتيجة:
مجتمعٌ متفكك، رجالٌ يشعرون بأنهم متهمون، ونساءٌ يشعرن بأنهن مظلومات دائمًا،
وضاع بين الطرفين مفهوم السكن والمودة الذي أراده الله.


---

الخاتمة

الفكر النسوي في المجتمعات الإسلامية لا يواجه ظلمًا حقيقيًا بقدر ما يُحارب فطرةً إلهيةً أرادها الله في العلاقة بين الرجل والمرأة.
إنه ليس عدوًّا للرجل فقط، بل عدو للإنسان كما خُلق أن يكون: متكاملًا، لا متصارعًا؛ مسؤولًا، لا متمردًا.

فالإسلام لا يريد امرأة تابعة، ولا رجلًا متسلطًا،
بل يريد اثنين يسكن كلٌّ منهما إلى الآخر، ويكمّل أحدهما الآخر في بناء إنسانيةٍ متوازنةٍ وعادلةٍ.
 

عاشقة الكتابة

كبار الشخصيات
عضو مميز
إنضم
4 مايو 2025
المشاركات
11,674
مستوى التفاعل
1,389
مجموع اﻻوسمة
6
الفكر النسوي في المجتمعات الإسلامية: عدوٌّ لمن بالضبط؟
أولًا، أشكرك كثيرًا و كلي امتنان لطرحك هذا الموضوع القيّم، الذي أجاب عن هذه المشكلة من جميع الجوانب.

فعلاً، ما جعلنا نحن العرب متأخرين عن باقي الدول هو استيرادنا لكل شيء من الغرب؛ الثقافة والعلم وحتى أفكارهم ومعتقداتهم. وما أوصلنا إلى هذا الوضع البائس هو البُعد عن الدين واتباع أفكار غربية لا تمتّ إلينا كمسلمين بصلة.

الإسلام لم يظلم المرأة، بل كرّمها، وكل الشروط التي فُرضت عليها إنما هي لحمايتها وصون الأسرة والمجتمع بأكمله.
الحجاب هو أعظم نعمة منحها الإسلام للمرأة ليصونها ويحفظها، فهي غالية في الإسلام، وحتى بعد موتها تُكفن المرأة بخمس اكفان من درجه غيرية السلام على المرأة

أما الرجل، فكل الشروط التي مُنحت له إنما هي لحكمةٍ إلهية ليقوم بمهامه تجاه الأسرة والمجتمع، وليست ظلمًا للمرأة أبدًا.

مشكلتنا أننا منخدعون بالغرب كثيرًا، نريد أن نصبح مثلهم، ولا ندرك ما وراء هذا “التطور”.
وضعهم مأساوي: عائلات مفككة، ومراهقون مدمنون، ونساء تُنتهك حقوقهن.
حياتهم كارثية، فلا تنخدعوا ببريق هذا التطور، واحمدوا الله ألف حمد على نعمة الإسلام.


احس اني اكثرت الكلام في الرد مواضيع كهذه اجد نفسي فيها اكتب العديد من الأسطر 🤭
 
1 Comment
Nobody
Nobody commented
ليتك اطلتي اكثر رؤية مسلمة تفهم غايات دينها وقراءة ما تكتبه في ما يدل على فهمها هو سعادة ليس بعدها سعادة
 

جنة المنتدى

وحيدة كالقمر(عضوية مميزة )
إنضم
23 مايو 2021
المشاركات
22,698
مستوى التفاعل
9,659
الإقامة
أم الدنيا
مجموع اﻻوسمة
10
الفكر النسوي في المجتمعات الإسلامية: عدوٌّ لمن بالضبط؟
٠٠

طرح قيم وهادف
يحمل جوهر الحقيقة
فالإسلام في أصله
لم يُنقص من قيمة المرأة
ولم يمنح الرجل سلطة القهر أبدآ
بل جعل العلاقة بينهما سكنًا ورحمةً وتكاملًا لا صراعًا ولا تبعية.
لكن الخلل يبدأ حين نبتعد
عن المنهج الرباني
ونُفسر النصوص بأهوائنا
لا بفهمها الصحيح.
فالعلاج الشافي
هو العودة الصادقة إلى القيم الدينية وهويتنا الإسلامية التي تُعيد التوازن للمجتمع وتُصلح ميزان الإنسانية
بين الرجل والمرأة،
حينها فقط تستقيم المعادله
كما أرادها الله:
عدلٌ، وموده ورحمةٌ، وسكن.
٠٠

تقديري لأختياراتك القيمه الهادفه
جزاك. الله كل السعاده والخير

٠٠
 
1 Comment
Nobody
Nobody commented
بالضبط هذا هو المسار اللذي يمكن سلكه
 

المواضيع المتشابهة

sitemap      sitemap

أعلى