-
- إنضم
- 6 يناير 2022
-
- المشاركات
- 17,346
-
- مستوى التفاعل
- 10,138
- مجموع اﻻوسمة
- 10
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
##################
الحنفية قالوا:
إذا حلف لا يكلم فلاناً الحين أو الزمان كأن قال: والله لا أكلم فلاناً الحين أو الزمان "بالتعريف" أو حيناً أو زماناً بالتنكير فإنه يحنث إذا كلمه قبل مضي ستة أشهر من وقت اليمين فإذا مضت ستة أشهر وكلمه بعدها فإنه لا يحنث وهذا مثال النفي، ومثال الإثبات أن يقول: والله لأصومن الحين أو حيناً أو زماناً فإنه يحنث إذا صام أقل من ستة أشهر، ولا يشترط أن يكون ابتداؤها في المثال الثاني من وقت اليمين، بل له أن يعين ستة أشهر من أي وقت يريد، وإذا نوى بالحين والزمان معرفاً أو منكراً زمناً مخصوصاً فإنه يصدق لأنه نوى حقيقة كلامه، فإن الحين والزمان يطلق على قليل الزمن وكثيره.
وإذا حلف لا يكلمه الدهر "بالتعريف" فإنه يلزمه أن لا يكلمه أبداً طول عمره وإلا حنث وإذاحلف لا يكلمه دهراً بالتنكير فإنه يكون كالحين يلزمه أن لا يكلمه ستة أشهر من وقت اليمين وإذا حلف لا يكلمه الأبد أو أبداً بالتعريف أو النكير فإنه يحنث إذا كلمه طول عمره. وإذا حلف لا يكلمه العمر بالتعريف فيلزمه أن لا يكلمه طول حياته وإلا حنث. وإذا حلف لا يكلمه عمراً بالتنكير فإنه يحنث إذا كلمه قبل مضي ستة أشهر على الظاهر كالحين، وكل ذلك ما لم تكن له نية، فإن نوى زمناً مخصوصاً فإنه يعمل بنيته.
وإذا قال: والله لا أكلم فلاناً أياماً كثيرة أو قال: لا أكلمه الأيام أو الشهور أو السنين أو الجمع أو الأزمنة فإن يمينه تنصرف إلى عشرة من كل نوع، فيحنث إذا كلمه قبل مضي عشرة أيام أو عشرة شهور، أو عشر سنين، أو عشر جمع، بمعنى أنه يصوم يوم الجمعة من كل أسبوع حتى يتم صيام عشرة أيام من أيام الجمع، وكذا إذا قال: الأزمنة، فإنه يحنث إذا كلمه قبل مضي خمس سنين لما علمت من كل زمن ستة أشهر عند عدم النية.
ومثل الأزمنة الأحايين والدهور، فإن كل حين ستة أشهر، وكل دهر ستة أشهر كما تقدم.
وإذا قال: أياماً بالتنكير ولم يصفها بالكثرة. أو شهوراً أو سنيناً أو أزمنة بالتنكير كذلك، فإنها تقع على ثلاثة من كل صنف منها.
فإذا حلف لا يكلمه أياماً يحنث إذا كلمه لأقل من ثلاثة أيام. وإذا حلف لا يكلمه جمعاً فإنه يلزمه أن لا يكلمه ثلاثة أيام من أيام الجمع من وقت اليمين، وكذا إذا حلف لا يكلمه أشهراً فإنه يلزمه أن لا يكلمه مدة ثلاثة أشهر.
وإذا حلف لا يكلمه أزمنة فإنه يحنث إذا كلمه لأقل من ثمانية عشر شهراً وهكذا.
وهذا إذا لم تكن له نية وإلا عمل بنيته كما تقدم.
وإذا حلف لا يكلم الرجال أو النساء أو الفقراء أو المساكين ونحو ذلك من كل جمع معرف بالألف واللام، فإنه يحنث إذا كلم واحداً ما لم ينو الجمع، فإذا نوى أنه لا يكلم جميع الرجال أو جميع النساء يصدق ديانة وقضاء ولا يحنث أبداً، وإذا حلف لا يكلم رجالاً أو نساء أو فقراء أو مساكين وهكذا من كل جمع غير معرف بالألف واللام فإنه يحنث إذا كلم ما يصدق عليه أقل الجمع وهو ثلاثة. وإذا نوى بالزيادة على الثلاثة فإنه يصدق قضاء وله أن ينوي الواحد لجواز إرادته بلفظ الجمع. أما نية الاثنين فلا تجوز.
وإذا حلف لا يكلم أزواج فلان أو إخوته أو أصدقاءه أو لا يركب دوابه أو لا يلبس ثيابه وهكذا من كل جمع مضاف يمكن حصر ما بعده ونحوه فإنه ينقسم إلى قسمين:
قسم يكتفي فيه بأقل الجمع فيحنث بثلاثة، وهو ما إذا حلف لا يركب دوابه أو لا يلبس ثيابه فإنه يحنث إذا ركب ثلاث دواب أو لبس ثلاثة ثياب إن كان لفلان أكثر من ثلاثة فإن كان أقل لا يحنث.
وقسم لا بد فيه من الجميع وهو ما إذا حلف لا يكلم زوجات فلان أو أصدقاءه أو إخوته فإنه لا يحنث إلا إذا كلم الجميع.
والفرق بين القسمين:
أن الإضافة في الأول إضافة ملك. والدواب والثياب لا تقصد بالهجر، وإنما المقصود مالكها فتناولت اليمين أعياناً منسوبة للمالك وقد ذكرها بلفظ الجمع وأقله ثلاثة.
أما الإضافة في الثاني فهي إضافة تعريف فتعلقت اليمين بكل عين من الأعيان فلا يحنث إلا إذا كلم الجميع، والتحقيق أن هذا مخالف للعرف، وأن المعروف مقاطعة الجميع فيحنث إذا كلم واحداً من أصدقائه، أو واحدة من زوجاته أو ركب دابة من دوابه.
وإذا حلف لا يكلم بني آدم أو أهل مصر أو هؤلاء القوم، وهكذا من كل جمع مضاف غير محصور فإنه يحنث إذا كلم واحداً فهو كالجمع المعرف بالألف واللام.
وإذا حلف لا يكلمه غرة الشهر أو رأس فإنه يلزمه أن لا يكلمه أول ليلة من الشهر مع يومها، وأول الشهر ينصرف إلى ما دون النصف "أربعة عشر يوماً" وآخر الشهر ما فوق نصفه "من السادس عشر" فإذا حلف ليصومن آخر يوم من أول الشهر فإنه يلزمه أن يصوم الخامس عشر، وإذا حلف ليصومن أول يوم من آخر الشهر فإنه يلزمه أن يصوم السادس عشر.
وإذا حلف لا يكلمه في الصيف أو في الشتاء فإن كان أهل بلده لهم حساب متعارف فيهما حمل عليه، وإلا فالشتاء ما يلبس فيه اللباس الثخين كالفرو "والشال" ونحوهما، والصيف ما يستغنى فيه عن ذلك.
وإذا حلف لا يكلم فلاناً فإنه يحنث إذا كلمه أبداً حتى ولو نوى به يوماً أو يومين، أو لا يكلمه في مكان خاص فإن نيته هذه لا تنفعه لا ديانة ولا قضاء لأنه نوى تخصيص ما ليس بملفوظ، والنية لا تعمل في غير اللفظ كما تقدم.
وإذا حلف لا يكلمه فناداه وهو نائم فإن أيقظه من نومه حنث، وإن لم يوقظه لم يحنث على المختار، وإذا ناداه وهو مستيقظ فإن كان بعيداً عنه بحيث لا يسمعه فإنه لا يحنث، وإن كان قريباً بحيث يسمعه إذا أصغى إليه بأذنه ولو لم يسمعه لعارض كأن كان مشغولاً أو به صمم، أما إذا لم يسمع مع شدة الإصغاء للبعد فإنه لا يحنث، كما لا يحنث إذا كلمه بكلام موصول باليمين كما إذا قال لامرأته إن كلمتك فأنت طالق فاخرجي من هنا فإنه لا يحنث، لأنه كلمها بقوله: اخرجي من هنا موصولاً باليمين ما لم يرد استئناف الكلام فإنه يحنث، كذا يحنث إن قال لها: إن كلمتك فأنت طالق، اخرجي من هنا لأنه كلمها بقوله: اخرجي من هنا مفصولاً.
وإذا خاطب شيئاً وقصد إسماع المحلوف عليه فإنه لا يحنث، كما لو قال يا حائط اسمع أو أصغ إلا إذا قصد خطاب المحلوف عليه مع الحائط فإنه يحنث.
ولو سلم على قوم هو فيهم فإنه يحنث إلا إذا لم يقصده فيصدق ديانة لا قضاء.
وإذا سلم في الصلاة فإنه لا يحنث ولو كان المحلوف عليه على يساره، ولو سبح له سهواً وفتح عليه القراءة وهو مقتد فإنه لا يحنث؛ أما إذا فعل ذلك خارج الصلاة فإنه يحنث.
وإذا حلف لا يكلمه فكتب له كتاباً أو أرسل له رسولاً بكلام فإنه لا يحنث، لأن هذا ليس بكلام عرفاً والأيمان مبنية على العرف.
وكذا إذا حلف لا يحدثه فالتحديث والكلام لا يكون إلا باللسان، وأما إذا حلف لا يقول له كذا فكتب له به أو أرسل له رسولاً ففي حنثه وعدمه خلاف.
وإذا أشار إليه إشارة يفهمها فإنه لا يحنث فإنها ليست بكلام في العرف.
وإذا حلف لا يخبره بكذا، أو لا يقر له به، أو لا يبشره، فكتب له فإنه يحنث، كما يحنث إذا قال له بلسانه أما إذا أشار له بيده أو برأسه فإنه لا يحنث.
أما إذا حلف لا يفشي سر فلان أو لا يظهره. أو لا يعلم أحد بكذا فإنه يحنث فيه باللسان والكناية والإشارة.
وإذا حلف لا يكلمه شهراً فإنه يلزمه أن لا يكلمه ثلاثين يوماً من يوم حلفه، لأن دلالة حاله وهي غيظه توجب الفور، بخلاف ما إذا حلف ليصومن شهراً فإنه يلزمه أن يصوم شهراً غير معين إذ لا موجب للصرف بخلاف يمينه إلى الصوم في الحال.
أما إذا حلف لا يكلمه الشهر بالتعريف فإنه يلزمه أن لا يكلمه الأيام الباقية من الشهر، وكذلك السنة واليوم والليلة.
وإذا حلف بالليل لا يكلمه يوماً فإنه يلزمه أن لا يكلمه فيما بقي من الليلة وفي الغد. وإذا حلف بالنهار لا يكلمه يوماً فإنه يلزمه أن لا يكلمه من ساعة حلفه إلى مثلها من اليوم التالي، أعني أربعة وعشرون ساعة،
وإذا حلف لا يكلمه اليوم ولا غداً ولا بعد غد فله أن يكلمه ليلاً لأنها أيمان ثلاثة ولو لم يكرر النفي فهي واحدة.
وإذا حلف لا يتكلم فقرأ القرآن أو سبح فإن كان في الصلاة فإنه لا يحنث اتفاقاً، وإن كان خارج الصلاة فالتحقيق أن المعول عليه في ذلك العرف؛ فإن كانت قراءة القرآن والتسبيح ونحو ذلك يسمى كلاماً في العرف فإنه يحنث، وإلا فلا يحنث وهو في عرف مصر ليس بكلام.
وإذا حلف لا يكلم فلاناً فاقتدى الحالف بالمحلوف عليه فسها المحلوف عليه في الصلاة فسبح له الحالف فإنه لا يحنث. وكذا إذا كان الحالف مقتدياً والمحلوف عليه إماماً ففتح الحالف عليه "أرشده للقراءة بعد أن سدت طرقها فوقف" فإنه لا يحنث. وإذا صلى الحالف إماماً بجماعة فيهم المحلوف عليه فسلم في آخر الصلاة فإنه لا يحنث لا بالتسليمة ولا بالتسليمة الثانية على المختار. وكذا إذا صلى المحلوف عليه إماماً بجماعة فيهم الحالف، فإن الحالف لا يحنث بالتسليم من الصلاة رداً على المحلوف عليه، أما إذا سلم الحالف على قوم خارج الصلاة فيهم المحلوف عليه فإنه يحنث ولو لم يعلم به، وسواء سمعه المحلوف عليه أو لم يسمعه، وإذا استثناه بلسانه كأن قال إلا فلاناً فإنه لا يحنث، وإذا قال إلا واحداً فإنه لا يصدق إذا قال أردته، وكذا إذا نوى القوم دونه بقلبه فإنه يصدق ديانة لا قضاء.
وإذا حلف لا يقرأ كتاب فلان فنظر إليه وفهمه بدون قراءة فإنه لا يحنث، وقيل يحنث وهو الموافق للعرف.
ولو قال: يوم أكلم فلاناً فأنت طالق فيلزمه أن لا يكلمه الليل والنهار، وإن نوى النهار فقط صدق ديانة وقضاء. ولو قال: ليلة أكلم فلاناً فأنت طالق فيلزمه أن لا يكلمه الليل فقط.
وإذا قال: إن كلمت فلاناً إلا أن يقدم أبوه فامرأتي طالق فإنها تطلق إن كلمه قبل قدوم أبيه. لأنه جعل القدوم غاية لعدم الكلام، فإن كلمه بعد القدوم لا يحنث، أما إذا قال: امرأتي طالق إلا أن يقدم فلاناً فإنها لا تطلق بقدومه، وذلك لأن كلمة "إلا" إن جعلت في المثال الأول غاية لعدم الكلام فكأنه قال: لا أكلمه إلى أن يقدم وهي وإن كانت للاستثناء إلا أنه يصح أن تستعار للغاية وللشرط، بجامع أن حكم كل واحد منها يخالف ما بعده، ومتى كانت الغاية فإنه يحنث إن فعل المحلوف عليه قبلها، ولا يحنث إن فعله بعدها. أما في المثال الثاني فهي للشرط لا للغاية، وذلك لأنها جعلت قيداً للطلاق فكأنه قال: يقع الطلاق ويستمر إلى أن يقدم فلان فإنه يرتفع. والطلاق لا يحتمل التأقيت فلذا لا تطلق بقدومه بل تطلق بموته.
وإذا حلف لا يكلمه حتى يأذن له فلان فمات قبل الإذن فإن اليمين تسقط، والضابط في ذلك أنه إذا جعل الحالف ليمينه غاية ففاتت الغاية بموت ونحوه بطل اليمين، لما علمت من أن شرط بقاء اليمين المؤقتة أن يكون البر متصوراً.
وإذا حلف لا يكلم فلاناً وفلاناً أو قال: كلام فلان وفلان علي حرام فإنه لا يحنث في المسألتين إلا إذا كلم الاثنين، فإذا كلم واحداً فإنه لا يحنث إلا إذا نوى كلام أحدهما فإنه يحنث بكلامه لأنه شدد على نفسه، أما إذا قال: والله لا أكلم فلاناً ولا فلاناً بإعادة "لا" فإنه يحنث لكلام أحدهما، كما إذا حلف بالطلاق لا يذوق طعاماً ولا شراباً فذاق أحدهما فإنه يحنث لأنه مع تكرار لا يكون بمنزلة يمينين، فإذا لم يكررها لا يحنث إلا إذا ذاق الاثنين.
وإذا حلف لا يكلم إخوة فلان وهو يعتقد أن له إخوة متعددة وليس له إلا أخ واحد فإنه لا يحنث إذا كلمه، لأنه لم يرد الواحد فبقيت اليمين على الجمع، أما إذا كان يعلم أن له أخاً واحداً فإنه يحنث لكلامه، لأنه يكون قد ذكر الجمع واراد منه الواحد وهو يصح.
وكذا إذا حلف لا يأكل من هذا الخبز إلا ثلاثة أرغفة وليس منه سوى رغيف واحد فإنه لا يحنث.
وإذا حلف لا يكلم فلاناً ما دام في الدار وكان ساكناً فيها فخرج منها على وجه تبطل به السكنى ثم كلمه وعاد إليها ثانياً تنحل اليمين، فإذا كلمه بعد ذلك لا يحنث، وكذا إذا حلف لا يقرب امرأته ما دامت في دار كذا وكانت ساكنة فإنها إذا خرجت منها على وجه تبطل السكنى بأن نقلت متاعها ثم عادت إليها تنحل اليمين.
ومثل كلمة "ما دام" ما زال وما كان، في أنها غاية تنتهي اليمين بها، ويلحق بها قول العامة: "طول ما أنت ساكن في كذا" وكذا إذا حلف لا يأكل هذا الطعام ما دام في ملك فلان فباع فلان بعضه فلا يحنث إذا أكل من الباقي، لأن شرط الحنث بقاء الكل في ملكه ولم يوجد وكذا إذا حلف لا يكلم عرسه أو صديقه، أو لا يدخل داره، فطلقها أو زالت الصداقة أو باع الدار فإنه يحنث في العرس والصديق إن أشار إليهما بأن قال: صديق فلان هذا أو عرس فلان هذه، لأن الصفة تلغو مع الإشارة عند الحلف فزوالها كعدمه كما تقدم، وأما إذا لم يشر إليهما بهذا فإنه لا يحنث بكلامها إذا تبدلت الصداقة عداوة أو طلقت العرس.
وأما في الجار ونحوها من كل ما يملك كالدواب والثياب فإنه لا يحنث باستعمالها، سواء أشار إليها بهذه بأن قال: دار فلان هذه أو لم يشر بأن قال: دار فلان فإنه في حال الإشارة يكون قد عقد يمينه على أمر معين مضاف إلى فلان إضافة ملك، أي على عين مملوكة لفلان فلا تبقى اليمين إذا زال الملك.
وفي حالة عدم الإشارة والتعيين يكون قد عقد يمينه على فعل "وهو الدخول" واقع في محل وهي الدار مضاف إلى فلان فيحنث ما دامت الإضافة باقية، ولا يحنث بعد زوالها.
يتبع 2
##################
الحنفية قالوا:
إذا حلف لا يكلم فلاناً الحين أو الزمان كأن قال: والله لا أكلم فلاناً الحين أو الزمان "بالتعريف" أو حيناً أو زماناً بالتنكير فإنه يحنث إذا كلمه قبل مضي ستة أشهر من وقت اليمين فإذا مضت ستة أشهر وكلمه بعدها فإنه لا يحنث وهذا مثال النفي، ومثال الإثبات أن يقول: والله لأصومن الحين أو حيناً أو زماناً فإنه يحنث إذا صام أقل من ستة أشهر، ولا يشترط أن يكون ابتداؤها في المثال الثاني من وقت اليمين، بل له أن يعين ستة أشهر من أي وقت يريد، وإذا نوى بالحين والزمان معرفاً أو منكراً زمناً مخصوصاً فإنه يصدق لأنه نوى حقيقة كلامه، فإن الحين والزمان يطلق على قليل الزمن وكثيره.
وإذا حلف لا يكلمه الدهر "بالتعريف" فإنه يلزمه أن لا يكلمه أبداً طول عمره وإلا حنث وإذاحلف لا يكلمه دهراً بالتنكير فإنه يكون كالحين يلزمه أن لا يكلمه ستة أشهر من وقت اليمين وإذا حلف لا يكلمه الأبد أو أبداً بالتعريف أو النكير فإنه يحنث إذا كلمه طول عمره. وإذا حلف لا يكلمه العمر بالتعريف فيلزمه أن لا يكلمه طول حياته وإلا حنث. وإذا حلف لا يكلمه عمراً بالتنكير فإنه يحنث إذا كلمه قبل مضي ستة أشهر على الظاهر كالحين، وكل ذلك ما لم تكن له نية، فإن نوى زمناً مخصوصاً فإنه يعمل بنيته.
وإذا قال: والله لا أكلم فلاناً أياماً كثيرة أو قال: لا أكلمه الأيام أو الشهور أو السنين أو الجمع أو الأزمنة فإن يمينه تنصرف إلى عشرة من كل نوع، فيحنث إذا كلمه قبل مضي عشرة أيام أو عشرة شهور، أو عشر سنين، أو عشر جمع، بمعنى أنه يصوم يوم الجمعة من كل أسبوع حتى يتم صيام عشرة أيام من أيام الجمع، وكذا إذا قال: الأزمنة، فإنه يحنث إذا كلمه قبل مضي خمس سنين لما علمت من كل زمن ستة أشهر عند عدم النية.
ومثل الأزمنة الأحايين والدهور، فإن كل حين ستة أشهر، وكل دهر ستة أشهر كما تقدم.
وإذا قال: أياماً بالتنكير ولم يصفها بالكثرة. أو شهوراً أو سنيناً أو أزمنة بالتنكير كذلك، فإنها تقع على ثلاثة من كل صنف منها.
فإذا حلف لا يكلمه أياماً يحنث إذا كلمه لأقل من ثلاثة أيام. وإذا حلف لا يكلمه جمعاً فإنه يلزمه أن لا يكلمه ثلاثة أيام من أيام الجمع من وقت اليمين، وكذا إذا حلف لا يكلمه أشهراً فإنه يلزمه أن لا يكلمه مدة ثلاثة أشهر.
وإذا حلف لا يكلمه أزمنة فإنه يحنث إذا كلمه لأقل من ثمانية عشر شهراً وهكذا.
وهذا إذا لم تكن له نية وإلا عمل بنيته كما تقدم.
وإذا حلف لا يكلم الرجال أو النساء أو الفقراء أو المساكين ونحو ذلك من كل جمع معرف بالألف واللام، فإنه يحنث إذا كلم واحداً ما لم ينو الجمع، فإذا نوى أنه لا يكلم جميع الرجال أو جميع النساء يصدق ديانة وقضاء ولا يحنث أبداً، وإذا حلف لا يكلم رجالاً أو نساء أو فقراء أو مساكين وهكذا من كل جمع غير معرف بالألف واللام فإنه يحنث إذا كلم ما يصدق عليه أقل الجمع وهو ثلاثة. وإذا نوى بالزيادة على الثلاثة فإنه يصدق قضاء وله أن ينوي الواحد لجواز إرادته بلفظ الجمع. أما نية الاثنين فلا تجوز.
وإذا حلف لا يكلم أزواج فلان أو إخوته أو أصدقاءه أو لا يركب دوابه أو لا يلبس ثيابه وهكذا من كل جمع مضاف يمكن حصر ما بعده ونحوه فإنه ينقسم إلى قسمين:
قسم يكتفي فيه بأقل الجمع فيحنث بثلاثة، وهو ما إذا حلف لا يركب دوابه أو لا يلبس ثيابه فإنه يحنث إذا ركب ثلاث دواب أو لبس ثلاثة ثياب إن كان لفلان أكثر من ثلاثة فإن كان أقل لا يحنث.
وقسم لا بد فيه من الجميع وهو ما إذا حلف لا يكلم زوجات فلان أو أصدقاءه أو إخوته فإنه لا يحنث إلا إذا كلم الجميع.
والفرق بين القسمين:
أن الإضافة في الأول إضافة ملك. والدواب والثياب لا تقصد بالهجر، وإنما المقصود مالكها فتناولت اليمين أعياناً منسوبة للمالك وقد ذكرها بلفظ الجمع وأقله ثلاثة.
أما الإضافة في الثاني فهي إضافة تعريف فتعلقت اليمين بكل عين من الأعيان فلا يحنث إلا إذا كلم الجميع، والتحقيق أن هذا مخالف للعرف، وأن المعروف مقاطعة الجميع فيحنث إذا كلم واحداً من أصدقائه، أو واحدة من زوجاته أو ركب دابة من دوابه.
وإذا حلف لا يكلم بني آدم أو أهل مصر أو هؤلاء القوم، وهكذا من كل جمع مضاف غير محصور فإنه يحنث إذا كلم واحداً فهو كالجمع المعرف بالألف واللام.
وإذا حلف لا يكلمه غرة الشهر أو رأس فإنه يلزمه أن لا يكلمه أول ليلة من الشهر مع يومها، وأول الشهر ينصرف إلى ما دون النصف "أربعة عشر يوماً" وآخر الشهر ما فوق نصفه "من السادس عشر" فإذا حلف ليصومن آخر يوم من أول الشهر فإنه يلزمه أن يصوم الخامس عشر، وإذا حلف ليصومن أول يوم من آخر الشهر فإنه يلزمه أن يصوم السادس عشر.
وإذا حلف لا يكلمه في الصيف أو في الشتاء فإن كان أهل بلده لهم حساب متعارف فيهما حمل عليه، وإلا فالشتاء ما يلبس فيه اللباس الثخين كالفرو "والشال" ونحوهما، والصيف ما يستغنى فيه عن ذلك.
وإذا حلف لا يكلم فلاناً فإنه يحنث إذا كلمه أبداً حتى ولو نوى به يوماً أو يومين، أو لا يكلمه في مكان خاص فإن نيته هذه لا تنفعه لا ديانة ولا قضاء لأنه نوى تخصيص ما ليس بملفوظ، والنية لا تعمل في غير اللفظ كما تقدم.
وإذا حلف لا يكلمه فناداه وهو نائم فإن أيقظه من نومه حنث، وإن لم يوقظه لم يحنث على المختار، وإذا ناداه وهو مستيقظ فإن كان بعيداً عنه بحيث لا يسمعه فإنه لا يحنث، وإن كان قريباً بحيث يسمعه إذا أصغى إليه بأذنه ولو لم يسمعه لعارض كأن كان مشغولاً أو به صمم، أما إذا لم يسمع مع شدة الإصغاء للبعد فإنه لا يحنث، كما لا يحنث إذا كلمه بكلام موصول باليمين كما إذا قال لامرأته إن كلمتك فأنت طالق فاخرجي من هنا فإنه لا يحنث، لأنه كلمها بقوله: اخرجي من هنا موصولاً باليمين ما لم يرد استئناف الكلام فإنه يحنث، كذا يحنث إن قال لها: إن كلمتك فأنت طالق، اخرجي من هنا لأنه كلمها بقوله: اخرجي من هنا مفصولاً.
وإذا خاطب شيئاً وقصد إسماع المحلوف عليه فإنه لا يحنث، كما لو قال يا حائط اسمع أو أصغ إلا إذا قصد خطاب المحلوف عليه مع الحائط فإنه يحنث.
ولو سلم على قوم هو فيهم فإنه يحنث إلا إذا لم يقصده فيصدق ديانة لا قضاء.
وإذا سلم في الصلاة فإنه لا يحنث ولو كان المحلوف عليه على يساره، ولو سبح له سهواً وفتح عليه القراءة وهو مقتد فإنه لا يحنث؛ أما إذا فعل ذلك خارج الصلاة فإنه يحنث.
وإذا حلف لا يكلمه فكتب له كتاباً أو أرسل له رسولاً بكلام فإنه لا يحنث، لأن هذا ليس بكلام عرفاً والأيمان مبنية على العرف.
وكذا إذا حلف لا يحدثه فالتحديث والكلام لا يكون إلا باللسان، وأما إذا حلف لا يقول له كذا فكتب له به أو أرسل له رسولاً ففي حنثه وعدمه خلاف.
وإذا أشار إليه إشارة يفهمها فإنه لا يحنث فإنها ليست بكلام في العرف.
وإذا حلف لا يخبره بكذا، أو لا يقر له به، أو لا يبشره، فكتب له فإنه يحنث، كما يحنث إذا قال له بلسانه أما إذا أشار له بيده أو برأسه فإنه لا يحنث.
أما إذا حلف لا يفشي سر فلان أو لا يظهره. أو لا يعلم أحد بكذا فإنه يحنث فيه باللسان والكناية والإشارة.
وإذا حلف لا يكلمه شهراً فإنه يلزمه أن لا يكلمه ثلاثين يوماً من يوم حلفه، لأن دلالة حاله وهي غيظه توجب الفور، بخلاف ما إذا حلف ليصومن شهراً فإنه يلزمه أن يصوم شهراً غير معين إذ لا موجب للصرف بخلاف يمينه إلى الصوم في الحال.
أما إذا حلف لا يكلمه الشهر بالتعريف فإنه يلزمه أن لا يكلمه الأيام الباقية من الشهر، وكذلك السنة واليوم والليلة.
وإذا حلف بالليل لا يكلمه يوماً فإنه يلزمه أن لا يكلمه فيما بقي من الليلة وفي الغد. وإذا حلف بالنهار لا يكلمه يوماً فإنه يلزمه أن لا يكلمه من ساعة حلفه إلى مثلها من اليوم التالي، أعني أربعة وعشرون ساعة،
وإذا حلف لا يكلمه اليوم ولا غداً ولا بعد غد فله أن يكلمه ليلاً لأنها أيمان ثلاثة ولو لم يكرر النفي فهي واحدة.
وإذا حلف لا يتكلم فقرأ القرآن أو سبح فإن كان في الصلاة فإنه لا يحنث اتفاقاً، وإن كان خارج الصلاة فالتحقيق أن المعول عليه في ذلك العرف؛ فإن كانت قراءة القرآن والتسبيح ونحو ذلك يسمى كلاماً في العرف فإنه يحنث، وإلا فلا يحنث وهو في عرف مصر ليس بكلام.
وإذا حلف لا يكلم فلاناً فاقتدى الحالف بالمحلوف عليه فسها المحلوف عليه في الصلاة فسبح له الحالف فإنه لا يحنث. وكذا إذا كان الحالف مقتدياً والمحلوف عليه إماماً ففتح الحالف عليه "أرشده للقراءة بعد أن سدت طرقها فوقف" فإنه لا يحنث. وإذا صلى الحالف إماماً بجماعة فيهم المحلوف عليه فسلم في آخر الصلاة فإنه لا يحنث لا بالتسليمة ولا بالتسليمة الثانية على المختار. وكذا إذا صلى المحلوف عليه إماماً بجماعة فيهم الحالف، فإن الحالف لا يحنث بالتسليم من الصلاة رداً على المحلوف عليه، أما إذا سلم الحالف على قوم خارج الصلاة فيهم المحلوف عليه فإنه يحنث ولو لم يعلم به، وسواء سمعه المحلوف عليه أو لم يسمعه، وإذا استثناه بلسانه كأن قال إلا فلاناً فإنه لا يحنث، وإذا قال إلا واحداً فإنه لا يصدق إذا قال أردته، وكذا إذا نوى القوم دونه بقلبه فإنه يصدق ديانة لا قضاء.
وإذا حلف لا يقرأ كتاب فلان فنظر إليه وفهمه بدون قراءة فإنه لا يحنث، وقيل يحنث وهو الموافق للعرف.
ولو قال: يوم أكلم فلاناً فأنت طالق فيلزمه أن لا يكلمه الليل والنهار، وإن نوى النهار فقط صدق ديانة وقضاء. ولو قال: ليلة أكلم فلاناً فأنت طالق فيلزمه أن لا يكلمه الليل فقط.
وإذا قال: إن كلمت فلاناً إلا أن يقدم أبوه فامرأتي طالق فإنها تطلق إن كلمه قبل قدوم أبيه. لأنه جعل القدوم غاية لعدم الكلام، فإن كلمه بعد القدوم لا يحنث، أما إذا قال: امرأتي طالق إلا أن يقدم فلاناً فإنها لا تطلق بقدومه، وذلك لأن كلمة "إلا" إن جعلت في المثال الأول غاية لعدم الكلام فكأنه قال: لا أكلمه إلى أن يقدم وهي وإن كانت للاستثناء إلا أنه يصح أن تستعار للغاية وللشرط، بجامع أن حكم كل واحد منها يخالف ما بعده، ومتى كانت الغاية فإنه يحنث إن فعل المحلوف عليه قبلها، ولا يحنث إن فعله بعدها. أما في المثال الثاني فهي للشرط لا للغاية، وذلك لأنها جعلت قيداً للطلاق فكأنه قال: يقع الطلاق ويستمر إلى أن يقدم فلان فإنه يرتفع. والطلاق لا يحتمل التأقيت فلذا لا تطلق بقدومه بل تطلق بموته.
وإذا حلف لا يكلمه حتى يأذن له فلان فمات قبل الإذن فإن اليمين تسقط، والضابط في ذلك أنه إذا جعل الحالف ليمينه غاية ففاتت الغاية بموت ونحوه بطل اليمين، لما علمت من أن شرط بقاء اليمين المؤقتة أن يكون البر متصوراً.
وإذا حلف لا يكلم فلاناً وفلاناً أو قال: كلام فلان وفلان علي حرام فإنه لا يحنث في المسألتين إلا إذا كلم الاثنين، فإذا كلم واحداً فإنه لا يحنث إلا إذا نوى كلام أحدهما فإنه يحنث بكلامه لأنه شدد على نفسه، أما إذا قال: والله لا أكلم فلاناً ولا فلاناً بإعادة "لا" فإنه يحنث لكلام أحدهما، كما إذا حلف بالطلاق لا يذوق طعاماً ولا شراباً فذاق أحدهما فإنه يحنث لأنه مع تكرار لا يكون بمنزلة يمينين، فإذا لم يكررها لا يحنث إلا إذا ذاق الاثنين.
وإذا حلف لا يكلم إخوة فلان وهو يعتقد أن له إخوة متعددة وليس له إلا أخ واحد فإنه لا يحنث إذا كلمه، لأنه لم يرد الواحد فبقيت اليمين على الجمع، أما إذا كان يعلم أن له أخاً واحداً فإنه يحنث لكلامه، لأنه يكون قد ذكر الجمع واراد منه الواحد وهو يصح.
وكذا إذا حلف لا يأكل من هذا الخبز إلا ثلاثة أرغفة وليس منه سوى رغيف واحد فإنه لا يحنث.
وإذا حلف لا يكلم فلاناً ما دام في الدار وكان ساكناً فيها فخرج منها على وجه تبطل به السكنى ثم كلمه وعاد إليها ثانياً تنحل اليمين، فإذا كلمه بعد ذلك لا يحنث، وكذا إذا حلف لا يقرب امرأته ما دامت في دار كذا وكانت ساكنة فإنها إذا خرجت منها على وجه تبطل السكنى بأن نقلت متاعها ثم عادت إليها تنحل اليمين.
ومثل كلمة "ما دام" ما زال وما كان، في أنها غاية تنتهي اليمين بها، ويلحق بها قول العامة: "طول ما أنت ساكن في كذا" وكذا إذا حلف لا يأكل هذا الطعام ما دام في ملك فلان فباع فلان بعضه فلا يحنث إذا أكل من الباقي، لأن شرط الحنث بقاء الكل في ملكه ولم يوجد وكذا إذا حلف لا يكلم عرسه أو صديقه، أو لا يدخل داره، فطلقها أو زالت الصداقة أو باع الدار فإنه يحنث في العرس والصديق إن أشار إليهما بأن قال: صديق فلان هذا أو عرس فلان هذه، لأن الصفة تلغو مع الإشارة عند الحلف فزوالها كعدمه كما تقدم، وأما إذا لم يشر إليهما بهذا فإنه لا يحنث بكلامها إذا تبدلت الصداقة عداوة أو طلقت العرس.
وأما في الجار ونحوها من كل ما يملك كالدواب والثياب فإنه لا يحنث باستعمالها، سواء أشار إليها بهذه بأن قال: دار فلان هذه أو لم يشر بأن قال: دار فلان فإنه في حال الإشارة يكون قد عقد يمينه على أمر معين مضاف إلى فلان إضافة ملك، أي على عين مملوكة لفلان فلا تبقى اليمين إذا زال الملك.
وفي حالة عدم الإشارة والتعيين يكون قد عقد يمينه على فعل "وهو الدخول" واقع في محل وهي الدار مضاف إلى فلان فيحنث ما دامت الإضافة باقية، ولا يحنث بعد زوالها.
يتبع 2