تواصل معنا

Template errors

  • Template public:af_moods_message_postbit: [E_WARNING] Attempt to read property "af_moods_mood_id" on null (src/addons/AddonFlare/Moods/Template/TemplaterSetup.php:40)
  • Template public:af_moods_message_postbit: [E_WARNING] Attempt to read property "af_moods_mood_id" on null (src/addons/AddonFlare/Moods/Template/TemplaterSetup.php:40)
  • Template public:af_moods_message_postbit: [E_WARNING] Attempt to read property "af_moods_mood_id" on null (src/addons/AddonFlare/Moods/Template/TemplaterSetup.php:40)
  • Template public:af_moods_message_postbit: [E_WARNING] Attempt to read property "af_moods_mood_id" on null (src/addons/AddonFlare/Moods/Template/TemplaterSetup.php:40)
  • Template public:af_moods_message_postbit: [E_WARNING] Attempt to read property "af_moods_mood_id" on null (src/addons/AddonFlare/Moods/Template/TemplaterSetup.php:40)
  • Template public:af_moods_message_postbit: [E_WARNING] Attempt to read property "af_moods_mood_id" on null (src/addons/AddonFlare/Moods/Template/TemplaterSetup.php:40)
  • بادئ الموضوع °•أصُل العّرب•°
  • تاريخ البدء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مساء الخير حبيت انقل روايه الكتابه / مروة اغتيال قلب بقلم الكتابه مروه تحيتي

°

°•أصُل العّرب•°

Guest
روايه اغتيال قلب | للكاتبه مروه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مساء الخير

حبيت انقل روايه الكتابه / مروة

اغتيال قلب بقلم الكتابه مروه


تحيتي
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

LioN KinG

ملك الغابة
المدير العام
إنضم
5 مايو 2021
المشاركات
4,822
مستوى التفاعل
5,769
الإقامة
الكويت
مجموع اﻻوسمة
5
روايه اغتيال قلب | للكاتبه مروه
بالانتظار
 
Comment
°

°•أصُل العّرب•°

Guest
روايه اغتيال قلب | للكاتبه مروه

بسم الله الرحمن الرحيم.


( ملاحظة قبل البداية/ هذه الرواية منفردة، أي.. ليس لها صلة بالروايات السابقة، وليست تابعة لـ واريتُ عن القوم عورة قلبي وهزائم الروح.
ليست ضمن سلسلة ملامح الغياب )


__


قد تبدو حياتنا هادئة على الدوام، وقد تبدو أحداثنا اليومية كما لو أنها عادية.. وتحصل بشكل روتيني لا أكثر.
ولكن أحيانا.. إن جلسنا بمفردنا وأخذنا نفكر بكل هدوء، قد نجد بعض الأشياء حدثت بشكل مفاجئ وغريب، والأغرب أنها مرّت مرور الكرام رغم غرابتها وعدم توقعنا لتلك الأحداث.
قد نجد أن بعض تلك الأحداث الروتينية لها علاقة مجهولة بماضي شخص مقرب منا.
وقد نجد أننا صرنا وبشكل غير متوقع، ندفع ثمن أخطاء أولئك المقربين.
تلك الأفكار تجعلنا أمام خيارين لا ثالث لهما.
إما أن نترك هذه الحياة المملة تسير بتلك الطريقة، ونتجاهل كل ما يحصل حتى وإن كانت تلك الأشياء ضد رغباتنا، ولكنها غير مؤذية إلى ذلك الحد.
أو نختار الطريق الآخر، الأصعب.. الأكثر إيذاء للنفس والجسد.
فنخوض في الماضي، في محاولة إكتشاف ما حصل به حتى تتكون هذه الصورة البشعة للحاضر، صورة مليئة بأكثر أنواع الخيانات خبثا، وأكثر أنواع العلاقات تعقيدا.


أمي.. أطيب امرأة عاشت على وجه البسيطة، كانت تمتلك بصيرة جيدة، ربما كانت معجزة حقيقية ونادرة، حين أخبرتني قصة غريبة لم تستوعبها عقلي وأنا طفل صغير.. فاضطرت أن تأتي إليّ بورقة وقلم، رسمت لي فيها طريقين.
أحدهما كان مستقيما، رغم كل تلك العقبات الموجودة به.
والآخر كان منظره بشعا للغاية، غير مريحا على الإطلاق، بسبب الإعوجاجات ذات المنظر المؤذي للعين.
رسمت في نهاية الطريق الأول ورودا وأزهارا ملونة، منظرها يسر الناظرين.
ورسمت في نهاية الطريق الآخر، سكاكين مليئة بالدم.
التفتت إليّ بعد أن انتهت من رسم تلك اللوحة الواقعية، التي ربما أعيش عليها أنا في الوقت الحالي، وقالت لي ما سردتُ بالأعلى.
حقا.. لم أفهم منها شيئا، إلا أني هززت رأسي إيجابا، كي أتخلص من قبضتها وأذهب للعب مع أصحابي بالخارج.
فقط بعد مرور أكثر من 15 سنة على وفاتها، بدأت أفهم ما كانت تقصده بالضبط.
ولكن أظن أن الأوان قد فات، أنا أسير على الطريق الآخر بالفعل.. الذي أمرتني بالإبتعاد عنه قدر الإمكان!


_____


اللهم أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق.
لا تلهيكم روايتي عن الصلاة وذكر الله.
لا إله إلا الله.



الفصل الأول


____


خوف، قلق، رهبة.
الدموع تتجمع في عيونها من دون ما تحس.
هذه اللحظة الحاسمة، أو الفاصلة اللي راح تغير حياتها تماما.
قلبها اللي تسارعت دقاته وهي تطالع في بنتها الجالسة بهدوء في مكانها المعتاد.
آخر مقعد على يسار الفصل، وجنب الجدار بالضبط.
من كانت في الروضة وهذا مكانها اللي تحبه، دائما في المقدمة، ودائما في اليسار.
دائما(متحمسة)!
إلا الحين!
سكوتها مو غريب، لكن ملامحها الجامدة هي اللي صدمتها.
ليش ما تبين شيء؟ ليش ما توضح شعورها!
ولا قررت تتخلى عنها الحين أو تغير نظرتها لها للأسوأ؟
ما تدري كم مر من الوقت وهي تطالع في عهد، حتى نبهتها وحدة من الطالبات وهي تقول:
- أستاذة إيش كنتِ تبي تقولي لنا؟
ابتسمت لها وهي تزفر حتى تضبط نفسها، وتقول بنبرة حاولت قد ما تقدر إنها تكون ثابتة:
- طبعا الحين هذي السنة الثالثة معاكم، وانتم بعد لكم ثلاث سنين، يعني بتتخرجون وتتركون المدرسة اللي أكيد راح تصير كئيبة من بعدكم، وما يحتاج أقول السبب طبعا.
ضحكوا البنات من تلميحها اللي فهموه على طول، لأنهم معروفين ومشهورين عند الكل انهم أشغب دفعة مرت على المدرسة، كملت بعد ما ضحكت معاهم:
- وأنا مثل ما تعرفون ما أحب شيء اسمه أنانية، عشان كذا أنا بعد حابة أتخرج الحين.
استغرب الكل، وسألتها وحدة من البنات:
- كيف يعني بتنقلين لمدرسة ثانية بعد تخرجنا؟
ردت مشاعل بصعوبة وهي تبعد أنظارها عن عهد:
- للأسف يا بنات، مضطرة أنقل قبلكم، و….. هذا آخر يوم لي.
تعالت شهقات البنات اللي فعلا تفاجأوا وانصدموا، وبدأت كل واحدة منهم تعبر عن حزنها وصدمتها بطريقتها الخاصة.
اللي فعلا شوي وتبكي، واللي تترجاها واللي تكذبها، واللي تقول انه مقلب مو أكثر!
إلا هي، الوحيدة اللي بقت ساكنة وجالسة في مكانها بهدوء.
متكتفة وتناظر الطاولة من دون ما يتحرك فيها ساكن.
الشيء اللي أوجعها صدق.


سألت وحدة من البنات وهي تطالع في عهد:
- يعني حتى عهد بتنقل معك؟ حرام باقي لنا شهرين بس.
مشاعل بهدوء:
- لا عهد راح تقعد معاكم وتكمل إن شاء الله.
كملت بعد صمت قصير:
- هذا اللي حبيت أقوله لكم، هذي كانت آخر جلسة لي معاكم، من الأسبوع الجاي راح تجيكم مرشدة جديدة بإذن الله.
ابتسمت بحزن وهي تشوف ملامحهم اللي تغيرت.
وبدأت تنصحهم وتودعهم وهي تحاول انها ما تبكي.
ودها لو عهد تتكلم، تقول أي شيء.
حتى لو تصارخ وتخاصم ما عندها مشكلة، بس ما تقعد ساكتة كذا!
ما توجعها وتقتلها بسكوتها!
رن الجرس وأعلن انتهاء الحصة.

التفتت تطالع في عهد تعض شفتها بضيق، ثم تناديها أخيرا باسمها:
- عهد تعالي معي.
ظلت عهد زي ما هي وكأنها ما سمعت، إلا بعد ما وكزتها زميلتها اللي جالسة جنبها.
قامت أخيرا بعد ما بعدت عنها الطاولة، اتجهت ناحية أمها بصمت.
مشت وراها لين وصلوا لنص الممر الطويل، تكلمت أخيرا:
- وين بنروح؟
مشاعل من دون ما تلتفت لها:
- جايبة هدايا للبنات أبيك توزعينها عليهم.
كملت طريقها بعد ما غمضت عيونها لفترة حتى ما تبكي وتنهار من هالمشاعر اللي فعلا تعبتها.
لو كان بيدها حيلة ما سوت اللي سوته.
بعد ما ناولت لعهد أكياس الهدايا وشافتها تحاول انها ما تطالعها فيها، أوجعها قلبها كثير.
الحين تقدر تتأكد وتتيقن انها زعلانة منها!
وانها راح تكرهها مستقبلا، هذا إذا ما كرهتها من الحين أصلا.

_____


نزل من السيارة بسرعة وركض ناحية المطعم اللي شبت فيه النار حتى وصلت للواجهة.
وقف قدامه يناظر فيه بعيونه المتسعة على آخرها وهو ماسك رأسه بيدينه.
مستحيل! مستحيل اللي قاعد يصير!
بعد تعب خمس سنين، وخسارات كانت بتوديه للموت، يحترق فجأة؟
حس بصدره بينفجر من القهر والزعل.
وما قدر يسيطر على نفسه أكثر وهو يصرخ بأعلى صوته، ثم يطيح جالس على ركبه.
يطالع في المطعم بكل حسرة وقهر.
لين حس برجال الدفاع المدني يقومونه ويبعدونه عن هالمكان بقوة.
وقف بعيد شوي وعيونه ما تتحرك أبد من المطعم.
النار أكلت حتى اللوحة اللي كانت تخلي الحياة تدب في روحه كل ما شافها.
يتذكر انه كل يوم كان يمر من قدامه حتى لو ما عنده شيء يسويه.
أحيانا يدخل يسلم على موظفينه ويراقب الشغل بنفسه.
أو يروح يجلس مع الزباين اللي يجون لحالهم يسألهم عن أراءهم.
وإذا كان مستعجل مرة يمر بسرعة.
بس أهم شيء يناظر اللوحة اللي فعلا تصنع يومه.
الحين كل شيء راح، اختفى هالمطعم أو بالأصح تبدل وتغير لين تحول لرماد تقريبا.
غمض عيونه بقوة وخرجت آخر دمعة من دموعه اللي نزلت من الحزن والحسرة.
واللي حوالينه من أصحاب المحلات، أو الزباين اللي تعودوا يجونه حتى بهالوقت من الظهر يحاولون يواسونه.


رجع لسيارته وجلس بمكانه، رفع عيونه لحلم حياته اللي تدمر خلال نص ساعة، ثم صار يضحك فجأة وكأنه انجن وفقد عقله من الصدمة!
كانت هي تجلس وراه بهدوء من دون ما تتكلم.
محاضرتها الوحيدة لليوم خلصت بدري.
اتصلت بأبوها يرسل أحد يأخذها، وهو أمر آسر عشان يروح لها.
كعادتها جلست ورى، لأنه ما يحبها أبدا ولا يحب انها تجلس جنبه مهما كان الوضع.
عشان كذا ما حبت انها تزعجه.
كانوا ساكتين طول الطريق لين قربوا من البيت.
لما وصله اتصال من أحد، وانفعل فجأة وهو أساسا كان معصب.
الشيء اللي عرفته من جبينه المجعد.
صرخت بفزع لما لف السيارة فجأة، وساقها بسرعة متجاهل الإشارات والسيارات وكاميرات ساهر!
كانت بتموت وتعرف السبب اللي خلاه يسوق بهالسرعة ويطنش كل المخالفات اللي أخذها خلال أقل من عشر دقايق!
بس ما قدرت تسأل لأنها عارفة انها ان تكلمت راح يعصب أكثر، وقتها أكيد اثنينهم راح يكونون في عداد الموتى.
لين وقف السيارة قدام المحل، وعرفت!
شهقت وهي تشوف المنظر المخيف والمفجع.
نزل هو وراح قدام المطعم، ونزلت هي وراه تطالع فيه وتطالع الحريق بصدمة.
رجعت للسيارة بسرعة لما شافته يرجع.
توسعت عيونها بخوف لما صار يضحك فجأة، الا انها سرعان ما لانت ملامحها تطالع فيه بشفقة.
تعرف قد إيش تعب وجاهد لين وصل هالمرحلة!
أكيد قلبه قاعد يتقطع من الحزن!
ما سمح لها ضميرها انها تطالع فيه من دون ما تسوي شيء.
صحيح خايفة وشوي وقلبها بيطلع من مكانه، إلا انها ما قدرت تمسك نفسها.

لما جلست بنص المقاعد الخلفية وقربت منه، ومدت يدها تجاهه بتوتر تقول بنبرة مرتجفة:
- ما عليه آسر، إن شاء الله ربي يعوضك خير.
هدأ آسر وعمّ الصمت في السيارة، الشيء اللي خلاها تشيل يدها كأنها متكهربة وترجع لورى وهي تبلع ريقها بخوف.
رفع آسر عيونه للمرايا يطالع في عيونها، أشفق عليها للحظة وهو يشوف جفونها اللي ترتجف بوضوح.
إلا انه كعادته لما يكون معاها، دايم يصرخ فيها ويعصب عليها حتى من دون سبب.
بس الحين طبعا في سبب!
في لحظة حست بالسيارة تهتز من قوة صرخته:
- اسكتي انتِ ما أبي أسمع صوتك مفهوم؟
انحبست أنفاسها ودقات قلبها تتسارع، والدموع تتجمع بعيونها.
صحيح دايم يعصب عليها، بس هالمرة هو معذور.
لذلك ما راح تشيل بخاطرها.
أجفلت مرة ثانية لما التفت لها بقوة، وطالع فيها بعيونه المحمرة يقول بنبرة مهددة:
- والله يا بتول لو عرفت انه هذاك الحيوان له يد باللي صار انك ما راح تشوفين بحياتك يوم واحد حلو.
زمت شفتها بضيق وهي ترجع تجلس بمكانها وتضم نفسها بذراعينها.
للحظة تمنت لو انها ما اتصلت بأبوها وطلبت منه يرسل أحد!
كان ما اضطرت تقابل آسر اليوم، ولا انحطت بهالموقف.
صحيح كانت جنبه بالوقت الصعب، إلا أنه ما هو بحاجتها أبدا.
حتى لو كان بحاجتها ما راح يلجأ لها أكيد.
استعاذ آسر من الشيطان واستغفر وهو يمسك بمقود السيارة، يغمض عيونه ويهدي نفسه قبل لا يحركها.
ناظر في المطعم للمرة الأخيرة يهز رأسه بأسف.
هالمرة ساق السيارة على مهله، وهو يحس بتعب في كل جسمه.
إلا يحس به مكسر، وما هو قادر يسوق أكثر.
ضاق صدره تماما وضاقت أنفاسه، حس بشيء زي الضباب يغطي عيونه ويعميها.
وقف السيارة بقوة على جنب الطريق لما تمكن منه الصداع تماما.

بتول اللي رجعت لقدام تلقائيا من قوة الوقفة، شهقت بخوف ثم رفعت راسها بسرعة.
ناظرت فيه بقلق:
- آسر انت بخير؟
ما رد عليها آسر وهو منزل راسه وحاطه على الدركسون.
هالمرة صدق تجاهلت كل شيء وتخلت عن خوفها وهي تفتح الباب من جهة الرصيف وتنزل.
ثم تركب قدام وتطالع فيه بقوة:
- انسى اني بتول بهاللحظة يا آسر، واعترف بضعفك.
رفع آسر راسه وناظرها بقوة، حتى انها ارتجفت من الخوف ورجعت لورى.
مع ذلك حاولت تتجاهل هالشعور:
- أدري اني مو الشخص المناسب بهاللحظة، بس تقدر تعتبرني وحدة من خواتك اللي ترتاح لها يا آسر، أو واحد من أصحابك، بس الحين.
طالع فيها لثوانِ بهدوء، ثم ضحك مرة ثانية بسخرية:
- من وين جايبة هالثقة؟ كيف متوقعة اني ممكن بفضفض لك الحين أو اقول لك اللي فيني، هااه؟
تجهمت ملامحها من جديد وهي مو عارفة بإيش ترد عليه.
قالت أول شيء جا على لسانها:
- ما تقدر تسوق الحين.
لف رأسه يطالع من الشباك، فعلا ما عنده القدرة انه يكمل طريقه لبيتهم.
وش السواة الحين!
سألت بتردد:
- أكلم أبوي، أخليه يرسل أحد؟
آسر بحدة:
- إياك.
كمل بعد صمت قصير:
- أظن اني علمتك السواقة قبل فترة، وإن شاء الله انك ما نسيتِ!
توسعت عيناها بصدمة ونوت تعترض، إلا انه ما ترك لها أي مجال!

____


تنزل من الدرج بكل دلع وثقة، وصوت كعبها يصدح في الصالة.
مع انها في الشهور الأولى من حملها وحذرتها أمها من لبس الكعب ألف مرة، إلا انها ضربت بكل هالتحذيرات عرض الحائط.
الحين هي لازم تحتفل!
أو تبين منزلتها في عيون عيال زوجها.
بما انها صارت صاحبة البيت الوحيدة بعد ما راحت مشاعل.
رسمت ابتسامة واسعة على شفايفها لما انفتح الباب ودخل زوجها.
كملت نزولها بخطوات أكثر دلع وبطء.
حتى وصلت له ورفعت يدينها تحاوط رقبته بغنج:
- يعطيك العافية حبيبي، أكيد تعبت كثير من الشغل وتوصيل الأولاد.
وائل اللي فعلا ذاب من دلعها، وحركاتها اللي يشوفها كل يوم الا انه ما يمل أبد:
- تعب أولادي راحة يا بدور.
- أكيد يا روحي، الحين بخلي الشغالة تحط الأكل.
التفتت تناظر للباب لما دخلوا بنات وأولاد زوجها الأربعة.
بنتين وولدين.
ابتسمت لهم، بس هم ما ردوا الابتسامة.
خاصة عهد اللي كشرت بقوة ومسكت يد أختها الصغيرة وطلعت لغرفتها بصمت.
الحركة اللي ضايقتهم اثنينهم، ووائل أكثرهم أكيد.
باس جبين بدور لما طلعوا العيال:
- طيب أنا بروح أبدل ملابسي.


تركها وطلع لفوق، وقف عند باب غرفة البنات بارتباك.
عهد اللي كانت ساكتة طول الطريق، لكن عصبيتها كانت واضحة.
أكيد انها كاتمة الكثير في قلبها، واللي راح تفجره بوجهه هو وزوجته بأي لحظة!
التفت يطالع وراه لما خرجت عهد من غرفة اخوانها.
وناظرت فيه شوي ثم كملت طريقها لغرفتها وهي ساكتة.
طالع فيها بقلة حيلة ثم دخل الغرفة بعد ما منعها من انها تقفل الباب.
وقفت في مكانها:
- بغيت شيء يبه؟
دخل وائل ووقف بنص الغرفة يسألها بصراحة:
- إيش فيك اليوم بعد؟ ما عرفت ليش انتِ معصبة.
هزت عهد كتوفها:
- من قال لك اني معصبة؟
- ما في داعي تقولين شيء انتِ ولا غيرك، وجهك يتكلم.
مدت عهد شفايفها وحركت كتوفها:
- مدري، انت تشوف انه في شيء صار اليوم يستاهل عصبيتي؟
وائل بعد صمت قصير:
- أمك نقلت؟
رفعت عهد رأسها تناظر أبوها بعد ما لمت الأشياء اللي كانت على الأرض.
ثم ضحكت تحرك يدينها كأنها تعبر عن قلة حيلتها:
- يعني عارف؟ كنت عارف من زمان بس ما علمتني؟
سكتت شوي تحاول تضبط نفسها:
- وخليتني أنصدم كأني وحدة من الطالبات مو بنتها! لا انت ولا هي علمتوني، ليش لهالدرجة صرنا مهمشين؟ صرنا أشخاص ثانويين في حياتكم؟
قرب منها وائل وكلامها أوجعه:
- لا تقولين كذا عهد، انتِ………..
قاطعته عهد بقهر:
- بقول، بقول ألف مرة.. صرنا مجرد مكملات لحياتكم، وصرنا ضحايا بسبب خلافاتكم، لا تنكر يا ابوي، لو سمحت.
وائل اللي صار تأنيب الضمير يلازمه طول الوقت، وتزيد عليه عهد بحركاتها وكلامها الجارح، وقف قدامها بضعف:
- صدقيني يا بنتي أنا حاولت، حاولت قد ما أقدر اني أتمسك بأمك بس هي ما سمعت كلامي، ما تمنيت أبدا يجي مثل هاليوم اللي تلوميني فيه وتقولين اني أهملتكم.
جاتها رغبة قوية بالضحك وهي تسمع هالكلام، الا انها مسكت نفسها عشان تحافظ على الشيء اللي أمها ضحت بهم عشانه، وبعدت يدين أبوها بلطف:
- تمام يبه الحين أمي ما هي فيه، إذا فعلا ودك تثبت لنا انك مهتم فينا دور على وظيفة ثانية تليق فيك، وتليق فينا احنا كعيال مشاعل، لو سمحت.
طالع فيها وائل وهو حاس بالعجز، بالضعف اللي تمكن منه أكثر من لما تركته مشاعل وراها، وراحت بكل برود حتى من دون ما تلتفت ولا شوي.
انتبه من سرحانه على كلام عهد:
- والحين لو سمحت أبي أنام.
- ما تبين تتغدين؟
- لا، شبعانة.
فيها وائل برجاء انها تسامحه وتريحه من هالشعور اللي يحسسه ان السماء تنطبق عليه حتى يصير هو والحضيض واحد.
إلا انها وبكل قسوة أعطته ظهرها ودخلت لدورة المياه.
خرج من غرفتها وقفل الباب وراه.

أما هي فخرجت من الحمام بعد ما بدلت ملابسها وجهها محمر تماما.
دليل على انها حبست دموعها لوقت طويل.
غطت أختها الصغيرة بالبطانية ثم طفت النور وقفلت الباب بالمفتاح، قبل لا ترقد وتتلحف وتترك الحرية لدموعها.
غطت فمها تبكي بهدوء ومن دون ما تطلع أي صوت.
الشيء اللي قاعد يصير حاليا فوق طاقتها، فوق قدرتها على التحمل.
حتى اللي صار من شوي، كلامها لأبوها.
أوجعها قبل لا تنطقه.
بس كانت مضطرة، ما تقدر تسكت أكثر من كذا.​
 
Comment
°

°•أصُل العّرب•°

Guest
روايه اغتيال قلب | للكاتبه مروه
الشيء اللي قاعد يصير حاليا فوق طاقتها، فوق قدرتها على التحمل.
حتى اللي صار من شوي، كلامها لأبوها.
أوجعها قبل لا تنطقه.
بس كانت مضطرة، ما تقدر تسكت أكثر من كذا.
ما تقدر تسمح لأبوها يثبت في مكانه ولا يتحرك أو يحس بأي ذنب على اللي سواه بسبب بدور.
هي عارفة إيش راح يصير إذا سكتت.
وعارفة من هو أبوها من دون مشاعل.
وعارفة بعد كيف راح تصير العايلة إذا هي ما قوّت نفسها على الأقل.
عشان كذا ما سمحت لدموعها انها تنزل قدام أمها.
ما تدري إذا اللي سوته صح ولا لا، لما ما أبدت أي ردة فعل بعد اللي سمعته منها، وانها راح تنقل لمنطقة ثانية، مدرسة قريبة من بيت أمها.
بس كان كل همها تظهر لأمها وتبين لها انها قوية، وانها تقدر تتطمن على باقي عيالها.
صحيح حست بقلبها يتقطع من كثر الألم اللي حست فيه والحزن.
إلا انها ما تلوم أمها أبدا.
أساسا هذا الشيء اللي مفروض يصير من زمان.
أمها تأخرت كثير!

_______


تسند راسها على الشباك، تطالع السماء اللي كان منظره جميل جدا.
والجو بعد كان حلو بهالأيام، نهايات الشتاء وبدايات الربيع.
انتبهت على صوت أخوها اللي وطّى صوت المسجل وقال:
- إيه ما قلتِ لي، وش قالت لك عهد؟
ابتسمت بألم وهي تعتدل بجلستها:
- ما قالت شيء.
استغرب زيد:
- كيف يعني؟
تنهدت مشاعل بضيق:
- ما طالعت فيني حتى، ما ودعتني.. وما تنلام.
أوجعه قلبه وهو يسمع نبرتها الحزينة، وده لو يقدر يخنق وائل وينهي حياته.
بعد كل شيء سوته مشاعل طول هالسنين، تجرأ يجرحها بهالطريقة البشعة؟
مد يده ناحيتها وربت على كتفها بخفة:
- ما عليه يا قلبي، مع الأيام راح تفهم وتحس وراح تعذرك أكيد.
- عهد أكثر وحدة تتفهمني وتعذرني يا زيد، وهي ما هي زعلانة على تركي لهم بالعكس هي أكثر وحدة حاولت تقنعني، بس الظاهر انها كانت متطمنة من ناحية انها بتشوفني كل يوم بالمدرسة، لكن صدمتها يوم تركتها.
هز رأسه بإيجاب وما قدر يقول شيء ثاني.

وقف السيارة عشان الإشارة، أخذ جواله يتصفح مواقع التواصل.
دخل على الواتس أب لما وصلته رسالة في قروب أصحابه.
وانصدم وهو يقرأ المكتوب ويشوف الصورة اللي مع الكلام.
سألت مشاعل:
- إيش فيك؟
زيد والصدمة مسيطرة عليه:
- آسر.
- وش فيه؟
- مطعمه احترق.
شهقت مشاعل بصدمة وسحبت منه الجوال، وتوسعت عيونها وهي تشوف الواجهة المحترقة تماما.
والمطعم اللي كأنه فعلا تحول لرماد.
تنهدت بحزن وهي تلمس الصورة:
- المسكين قد إيش تعب عليه.
زيد بغيظ:
- ما هو مسكين أبد، يستاهل اللي جاه.
ضربته مشاعل على كتفه بعصبية:
- اسكت.
نوت ترجع له الجوال، الا انها انصدمت أكثر لما شافت اشعار لرسالة جديدة!
ومن مين؟
صرخت فيه بعصبية:
- انت لسه تتواصل معاها؟
زيد باستغراب:
- من هي؟
رمت عليه الجوال بعصبية:
- شوف مين.

وقف زيد السيارة على جنب وأخذ الجوال هو مستغرب من عصبية مشاعل المفاجئة، إلا انه لما شاف الرسالة بلع ريقه بتوتر وما عرف بإيش يرد عليها.
مشاعل:
- اترك البنت في حالها يا زيد، ما أبي لا آسر ولا بتول ينضرون بسبتك.
طالع فيها بجمود:
- ينضرون بسبتي؟ ولا هم اللي ضروني يا مشاعل.
هدأت مشاعل شوي وهي تشوف هالملامح على وجهه:
- تدري انه غصبا عنهم يا زيد، لو سمحت اتركها.
زيد بهدوء وهو يفتح الجوال:
- لا تشيلين هم أنا تركتها من زمان، وهي اللي أرسلت لي بنفسها الحين.
عقد حواجبه بغضب لما شاف محتوى الرسالة، نفس الصورة كتبت تحتها:
( لك يد باللي صار؟).
طالع في الرسالة لعدة ثواني، قبل ما يضحك بسخرية ثم يقفل الجوال ويحطه على جنب ويكمل طريقه.
طالعت فيه مشاعل بطرف عينها والفضول يقتلها، ودها تعرف وش أرسلت بالضبط عشان تخلي أخوها مجروح بهالشكل!
ما تدري مين دعا عليهم، هي وأخوها عشان يواجهون الخيانة بنفس الوقت، ومن أفراد عائلة وحدة!
 
Comment
°

°•أصُل العّرب•°

Guest
روايه اغتيال قلب | للكاتبه مروه
دخلت البيت بعد ما فتحت الباب بمفتاحها، وهي تحس بالصداع يزيد أكثر وأكثر.
اتجهت للمصعد على طول، وقبل لا تضغط الزر وقفتها أمها:
- تعالي يا بتول.
نزلت بتول طرحتها على كتفها والتفتت لأمها الجالسة في الصالة تشرب شاي:
- هلا يمه.
- وينك من الصباح؟ اللي أعرفه انه الخميس ما عندك غير محاضرة وحدة.
بتول اللي ما تحركت من مكانها:
- إيه مو انا اتصلت على أبوي يرسل أحد لأني ما أدري انتِ وين مرسلة السايق بوقت طلوعي، وهو الله يحفظه كلم ولد أخوك العزيز، العزيز هذا صارت معاه مصيبة واضطريت ألف الدنيا معاه، تونا خلصنا يا أمي.
وقفت أمها وقربت منها:
- سمعت عن اللي صار، وينه الحين؟
بتول بتعب:
- بيوقف السيارة ويجي الحين، عن اذنك بروح أنام تعبت مرة.
- ما تبين تتغدين؟
بتول وهي تضغط على زر المصعد:
- إذا قمت إن شاء الله، بس آسر بيأكل لأنه من الفجعة حتى المويا ما شربها.
اختفت عن عيونها في غضون ثوانِ وطلعت لجناحها.

التفتت هاجر ناحية الباب لما فتحه آسر ودخل.
ابتسم لها بتعب:
- سلام عليكم.
ردت هاجر السلام وهي تتفحص ملامحه:
- وعليكم السلام، معوض خير يا آسر.
اكتفى آسر بابتسامة وهو يدخل الصالة ويرمي نفسه على الكنب.
جلست هاجر بعد ما طلبت من العاملة تحضر الغدا بصوتها العالي:
- إيش اللي صار بالضبط؟
آسر اللي كان منهك تماما وما فيه حيل حتى يفتح فمه ويتكلم، رد بصوت واطي:
- يحتاجون وقت عشان يعرفون السبب.
طالعت فيه بحزن تهز راسها:
- ما عليه إن شاء الله خيرة، المطعم ولا روحك.
ضحك آسر:
- وإذا كان المطعم هذا روحي.
عجزت هاجر عن الرد، ما تدري كيف تواسيه ولا تخفف عليه.
واكتفت بدعوة بسيطة:
- الله يعوضك باللي أحسن منه إن شاء الله.

وقف آسر لما شاف العاملة خارجة من المطبخ بصينية الأكل:
- لا تشيلين همي، فكري في بنتك الحين وكيف بيصرف عليها زوجها المفلس بعد الزواج.
طالع في العاملة:
- على غرفتي.
وقفت هاجر تقول بكل ثقة:
- بنتي أوريدي راح تكون عندي يا آسر، يعني ما في داعي أشيل همها وأبوها موجود.
وقف آسر في مكانه، ثم التفت ببطء يقول بنبرة تحذيرية وهو يدخل يدينه بجيوب ثوبه:
- إذا صار هالشيء استعدي للي راح أسويه، وخلي بنتك تستعد للطلاق بعد.
قالها وخرج من الباب اللي يودي لساحة المنزل الخلفية، واللي فيها ملحق يسكن فيه هالفترة.
دخل غرفته وقفل الباب وراه، فسخ ثوبه ورماه على الأرض بعد ما خرج جواله والمفاتيح.
جلس على الأرض بتعب، وهو يحاول يستوعب كل شيء صار اليوم.
كيف انهدمت احلامه بهالطريقة؟
كيف انتهت بغمضة عين!
بعد ما تعب وكدّ لين قدر يبنيه ويفتتحه!
فعلا مثل ما قال لبتول، لو عرف إنه زيد له يد باللي صار ما راح يرحمه أبد.

بتول اللي دخلت غرفتها وهي كمان تعبانة ومصدعة.
إلى الآن مو مصدقة انه اجبرها تسوق السيارة لين البيت!
كيف وثق فيها وخلاها!
بعد ما خرج من السيارة ثم لف وجا وفتح الباب من جهتها، وقف يطالع فيها ينتظرها تنزل.
رفعت هي راسها تطالع فيه بخوف وتوتر:
- ما أقدر.
رد عليها بهدوء:
- تقدرين، ولا تفضلين اني أسوق بهالحالة ثم أسوي حادث؟ تكفيني الألف مخالفة اللي أخذتها من الصباح، يلا.
زفرت بعمق وهي تنزل من السيارة بتردد، وتركب من الجهة الثانية.
طالعت فيه مرة أخيرة برجاء، تتمنى لو يقول لها انه كان يمزح.
لكن لما شافته يرخي المقعد ويتكتف ويغمض عيونه مستسلم للنوم، مسكت الدركسون بيدين مرتجفة.
وظلت على هالحال عدة ثوان وهي مغمضة عيونها وتقرأ الأذكار.
لين نبهها هو بصوته اللي يخلي قلبها يرتجف كل مرة:
- بننام هنا؟
التفتت له تترجاه بنظراتها، إلا انه طنشها وغمض عيونه مرة ثانية.
سمت بالله وحركت السيارة بكل حذر وخوف.
لين وصلوا للبيت بعد ساعة إلا ربع بالتمام!
نزلت عبايتها وجلست على السرير، خرجت جوالها من الشنطة.
دخلت لمحادثتها مع زيد، واللي كانت فاضية أصلا.
ظلت تناظر الشاشة بتردد، قبل لا تكتب بأصابعها اللي ترتجف ( لك يد باللي صار؟)
أرفقت الصورة اللي أوجعت قلبها كثير.
واللي وصلتها من قريباتها يسألونها عن اللي حصل.
أرسلت الرسالة أول ما شافته متصل.
استغربت لما طول وما فتح الرسالة!
إلا خرج من دون ما يقرأها.
تأففت من دون ما تحرك عيونها من على الشاشة، فجأة قلبها صار يدق بسرعة لما تحولت الصحين للأزرق.
خرجت من المحادثة بسرعة وهي مرتبكة.
رقدت وهي تحضن الجوال، تنتظر رده.
غمضت عيونها بتعب، ونامت من دون ما تحس.

______
 
Comment
°

°•أصُل العّرب•°

Guest
روايه اغتيال قلب | للكاتبه مروه
فتحت عيونها على صوت الباب اللي نست تقفله بالمفتاح.
عقدت حواجبها من قوة النور ورجعت تقفل عيونها، لما فتحتها احمرّ وجهها وهي تشوفه يقرب منها ويرفع البطانية عشان يغطيها:
- ما أدري كيف ارتحتِ بنومتك وانتِ فاتحة الأنوار ومو متغطية.
كمل وهو يطالع فيها:
- والجوال بيدك، كنتِ تنتظرين أحد؟
جلست بسرعة لما تذكرت اللي سوته قبل لا تنام، حتى طاح الجوال على الأرض.
ارتبكت وهي تناظره وتهز رأسها بالنفي:
- لا.. كنت أقرأ.
نزلت رجولها على الأرض بشويش وأخذت الجوال.
لما رفعت راسها شافته يتأملها، رفعت يدها تلقائيا تعدل شعرها ولبسها، تقول بتلعثم:
- بغيت شيء؟
قرب منها أكثر وهو مدخل يدينه بجيوب بنطلونه، الحركة اللي تعود عليها من هو صغير.
رفع يده ومسك شعرها:
- متى صبغتِ شعرك من جديد؟
ارتبكت بتول من قربه منها لهالدرجة:
- أمس.
رجع يده لجيبه:
- ما تطفشين انتِ؟ أخاف أصحى بكرة وألقاك صابغته أخضر.
ضحكت بتول وهي تتخيل نفسها بالشعر الأخضر:
- لا مو لهالدرجة.
رفعت عيونها مرة ثانية مستغربة من سكوته، وهزت كتوفها بتساؤل.
- صلي فروضك والحقيني تحت بالحديقة، أنتظرك.

توترت بتول من نبرته الجادة.
ليش يباها تجلس معاه الحين؟
معقولة يبي يكلمها عن زيد من جديد؟
عضت شفتها وهي تتأفف، وتشتم نفسها على الحالة اللي تكون فيها عنده.
تتوتر وترتبك حتى لو ما كان في شيء يستاهل تتوتر عشانه.
يمكن وجوده لوحده يفرض عليها تكون ضعيفة، أو السبب اللي خلاه يرتبط فيها؟
فتحت شاشة جوالها وشهقت وهي تشوف الساعة، 7 ونص بعد المغرب!
معقولة نامت كل هالساعات؟
من بعد الظهر للحين؟
مشت بسرعة لباب الغرفة، خرجت واسرعت للدرج، رفعت صوتها لآسر اللي كان بيخرج:
- آسر بنزل لك بعد ما أصلي العشا، مو باقي شيء على الآذان.
هز راسه وخرج من دون ما يقول شيء.

اتجه للطاولة القريبة من غرفته وجلس على واحد من الكراسي.
صب لنفسه قهوة وبدأ يشرب وذهنه شارد.
يفكر بحل للمصيبة اللي طاحت عليه من دون سابق انذار.
إلى الآن ما خرج من البيت يرجع يشوف المكان، يعرف السبب اللي خلى الحريق يندلع.
يحس انه مخنوق وما يقدر يروح للمكان وهو بهالحالة!
انتبه على صوت رنين جواله، أخذه واستغرب من المتصلة:
- هلا مشاعل.
- أهلين آسر شخبارك؟
- بخير الحمد لله انتِ شلونك؟
- تمام، سمعت عن اللي صار، الله يعوضك خير.
آسر وهو يمسح وجهه بملل:
- هذي المرة المليون اللي أسمع فيها هالعبارة، صدقوني انتم تجرحوني أكثر ما تواسوني.
ضحكت مشاعل:
- ما عليه عاد احنا مصدومين ومتضايقين عشانك مو عارفين ايش نقول.
- الحمد لله.
- طيب وش سويت؟ أو ايش ناوي تسوي؟
- والله يا مشاعل الصدمة خلتني أقعد في مكاني، مو عارف كيف أتصرف.
- أنا بساعدك.
- شلون؟
- خلني أرممه لك، واذا مرة ما تبي اساعدك تقدر تعتبر اللي بعطيك إياه دين.
ابتسم آسر:
- ما في داعي لا تتعبين نفسك، قبلك عمي عرض علي مساعدته بعد بس أنا ما أبي، مشكورين.
مشاعل بحدة:
- أنا ما أدري انت كيف تفكر بالضبط، ليش ترفض أحد يساعدك؟
آسر باقتضاب:
- ما أبي أكون مدين لأحد، كفاية انحطيت بهالموقف لأني ساعدت أحد وظل ممتن لي لين صار اللي صار.
مشاعل بضيق:
- مو كل الناس زي بعض يا آسر، ولا الزمان هو نفس قبل.
آسر برفض تام:
- أرجوك مشاعل لا تحاولين تقنعين، ما أبي منك شيء.
تنهدت مشاعل بصوت مسموع وهي كانت متوقعة هالرد منه:
- تمام براحتك، بس اذا احتجت شيء لا يردك إلا لسانك.
- مشكورة.

قفل منها وهو معصب، يكره هالشيء.
يكره لما يشوف أحد يحزن عليه ويتضايق.
ويشيل همه ويراعي خاطره.
لأنه يدري ان كل هالمشاعر نابعة عن شفقة!
غمض عيونه وهو يستعيذ من الشيطان ويستغفر ربه لما سمع صوت الآذان.
قام وتوجه للمسجد يصلي صلاة العشاء.
لما رجع لقاها جالسة على الكرسي.
أنيقة زي العادة، جميلة وتاخذ العقل.
بس مو عقله أكيد!
كانت مشغولة بالجوال لدرجة انها ما انتبهت له لما دخل.
وقف جنبها:
- صاير شيء؟
فزت من الخوف وطيحت جوالها للمرة الثانية وهي تبلع ريقها:
- لا، خوفتني.
مشى من عندها وجلس على كرسيه:
- مو ذنبي انك ما انتبهتِ لي لما دخلت.
شالت جوالها من الأرض ووقفت تصب له القهوة.
سألته لما جلست:
- تبي تقول لي شيء؟
قطب جبينه:
- أبي أجلس وأسولف معك، فيها شيء؟ ولا ممنوع أجلس مع زوجتي؟
بتول بتوتر:
- لا طبعا.
استغرب لما صبت لنفسها قهوة:
- تشربين قهوة؟
بتول:
- هااه؟ لا أقصد اشتهيت الحين.
هز كتوفه بلا مبالاة، اللي يعرفه انها أبدا ما تحب القهوة.
طالع فيها بطرف عينه وكتم ضحكته من شكلها بعد ما شربت القهوة.
عرف انها مرتبكة، وما كانت متوقعة انه ممكن يطلب منها تجلس معاه لمجرد السوالف مثل ما قال!
حط الفنجال على الطاولة وطالع فيها بعد ما شبك أصابعه فوق الطاولة:
- تمام بقول لك اللي عندي على طول ومن غير لف ودوران.
حطت هي فنجالها تطالع فيه بتساؤل:
- قول.

آسر بنبرة خوفتها صدق وخلت أطرافها ترتجف:
- بعد الزواج وين بنسكن؟
ردت بارتباك وبصوت يا الله ينسمع:
- ما أدري.
قرب منها أكثر يطالع في عيونها:
- الجناح اللي قاعد يجهزه أبوك فوق لمين؟
ارتبكت أكثر وهي تطالع في عيونه، وتحس بأنفاسها تختنق.
ما قدرت ترد عليه.
فزت لما ضرب بيده على الطاولة يسأل بنبرة مخيفة أكثر:
- سألت الجناح لمين يا بتول.
لمعت عيونها من الدموع اللي تجمعت فيها، وعضت باطن شفتها السفلية:
- لنا، أنا وانت.
بعد كم ثانية رفعت عيونها تطالع فيه بخوف من سكوته، وارتجفت وهي تشوف وجهه القريب وعيونه المحمرة، وكأن الشرر تتطاير منها!
همس آسر وخلاها ترتجف أكثر:
- مين سمح؟
بلعت بتول ريقها وهي ماسكة دموعها بالقوة.
كرر آسر العبارة بحدة أكثر:
- مين سمح يا بتول؟
تكلمت أخيرا بنبرة غير ثابتة:
- أنا ما لي دخل آسر، أبوي هو اللي قرر.
صرخ آسر وهو يوقف بغضب ويضرب الطاولة بيدينه:
- مين سمح له يقرر في حياتي؟

صارت بتول تشهق وتبكي بصمت وهي تضم يدينها وتطالع فيها.
كمل آسر بنفس النبرة اللي تخليها ترتجف فعلا:
- إذا لهالدرجة ما يقدر يفارقك خلاص اقعدي عنده طول عمرك، وخليني أنا أطلع من هنا.
رفعت راسها بقوة تطالع فيه بضعف.
ما لها ذنب، وهو يدري هالشيء ليش يعاملها بهالطريقة؟
وليش جاب سيرة الفراق الحين؟
عض آسر شفته ومسك جبينه يستغفر لما شاف نظراتها وحزن عليها.
قرب منها وهو يحط يدينه على الطاولة:
- ليش ما علمتيني؟
مسحت بتول دموعها:
- هم قالوا لي ما أعلمك.
آسر بسخرية:
- واذا ما علمتيني وصار الجناح جاهز، بقبله بكل سرور يعني؟ هذا اللي كنتوا متوقعينه؟

غمضت بتول عيونها ومسكت بطرف الطاولة بقوة.
ما عاد تقدر تتحمله ونبرته اللي تخليها تحس انها ولا شيء قدامه.
وانها كانت مجرد شيء شكلي.. وجائزة استخدمها أبوها عشان يكافئ آسر حبيب قلبه!
وقفت بعصبية:
- يكفي آسر قلت لك أنا ما لي دخل ولا لي ذنب، إذا زعلان روح عاتب أو هاوش أصحاب القرار، لكن لا… انت دايم تحب تتقوى عليّ وتستفرد فيني لأنك تدري إني ضعيفة وما أقدر أرد عليك، أو لأني بالنسبة لك مو أكثر من مجرد مكافأة.
خلصت عبارتها وبعدت عنه تضرب الأرض برجلها، حتى وصلت غرفتها وهي حاسة إنه راسها بينفجر من الصداع.
تعبت منه، تعبت كثير بس مضطرة تتحمل.
وما تدري إلى متى راح تكون مجبورة تسكت على شخصيته السيئة جدا، ومزاجه الحاد اللي مستحيل أي أحد يتحمله، غيرها طبعا!

خرج آسر من البيت وهو ضايقة فيه الوسيعة.
ما يدري وين يروح ولا إيش يسوي.
كلام بتول اللي قالته تو صحاه شوي وخلاه ينتبه ويحس باللي قاعد يسويه في هالمسكينة.
إيه مثل ما قالت هي، ما لها ذنب باللي صار.
ليش دايم يعصب عليها هي؟
ليش ما يواجه أبوها على طول!
وبتول ما قد بينت انها فعلا ملّت من الوضع.
وان كانت ضعيفة على طول تبكي وترتجف وما تتجرأ ترفع عيونها إلا أحيانا.
كأنها بنت صغيرة في الإبتدائي مو شابة على وشك التخرج!
بس اليوم عبرت عن اللي تحس فيه للمرة الأولى.
اليوم تكلمت للمرة الأولى.
غمض عيونه ومنظرها ما يفارق خياله لما راحت من قدامه معصبة.
الحين أكيد انه المفروض يراضيها!
بس كيف؟
وهو اللي ما يبيها تتعلق فيه أو تتأمل منه خير؟

_______


يتبع
 
Comment
°

°•أصُل العّرب•°

Guest
روايه اغتيال قلب | للكاتبه مروه
رواية: اغتيال قلب - للكاتبة/ مروة | MeEm.M )



صباح اليوم الثاني..


وقفت قدام المرايا بعد ما لبست مريولها، فتحت شعرها المرفوع.
واللي انسدل على ظهرها حتى وصل لخصرها.
ضفرته بسرعة حتى ما يروح عليها الباص.
لبست عبايتها بعد ما خلصت وحطت شنطتها على ظهرها.
كانت مجهزة أختها الصغيرة قبل لا تتجهز هي.
واللي نزلت تحت عشان تفطر مع أبوها وزوجته.
نزلت بسرعة وهي تسمع صوت ضحكات زوجة أبوها، كشرت بضيق حتى وصلت لين عندهم:
- صباح الخير يبه، يلا أنا بطلع تأخرت.
وائل:
- اقعدي افطري قبل.
- أخذت فطوري معي، بتأخر.
تكلمت بدور وهي تطالع في وجهها:
- تراها أمس لا تغدت ولا تعشت، بتموت على هالحال.
طالعت فيها عهد بكره ثم قالت:
- تعشينا في غرفتي، طلبت من المطعم، عن اذنك يبه.
خرجت وهي تلف طرحتها وتسمع صوت بدور اللي تكرهه من دون أي سبب:
- البنت طالعة على أمها ما شاء الله.
أول ما طلعت انصدمت وهي تشوف الواقف قدام الباب، مستند على سيارته ولابس نظارته الشمسية.
ضحكت وهي تقرب منه وتوقف قدامه وتشيل النظارة من عينه:
- يا شيخ ما في حتى نص أشعة للشمس وراك لابسها؟
أخذها منها ورجع لبسها:
- خفت على عيوني من نورك الساطع، يلا اركبي بسرعة.
ضحكت عهد وهي تفتح الباب وتركب، ثم تسأله:
- وش جابك؟
طالع فيها زيد يمثل الصدمة:
- يعني وش قاعد أسوي الحين؟ بوصلك أكيد.
- ما عندك شغل؟
- إلا بس عندي كم سؤال وأبي أجوبة.
رفعت عهد حاجبها وهي تريح ظهرها على الكرسي:
- تمام، اسأل.
- أول شيء قولي لي كيف الأحوال في بيتكم؟ كيفكم مع هاللي ما تتسمى، تمام ولا أجي أنتف شعرها؟
ضحكت عهد:
- يا ليت والله لو أحد يقدر ينتف لها شعرها ويشفى غليلي، بس ماشي، ما دام أبوي مرتاح معاها احنا ما لنا دخل.
زيد بحدة:
- أنا ما لي دخل في أبوكم، أسأل عنكم.
عهد بصراحة:
- إلى الآن ما صار شيء، كافيتنا خيرها وشرها ولا تحتك فينا ولا نحتك فيها إلا قليل.
- طيب زعلانة من أمك انتِ؟
التفتت له عهد باستغراب:
- لا، ليش تسأل؟
- عهد أمك خايفة ترى، تقول انها تحسك معصبة منها ولا زعلانة، يعني شوي وتقرر ترجع لأبوك وانتي تدرين اني مستحيل أرضى بهالشيء.
عضت عهد شفتها بحيرة:
- ما ني زعلانة، بس.. المفروض تعلمني من قبل انها بتنقل ما تصدمني كذا!
زيد بحزن على مشاعل:
- يا عهد الموضوع صعب عليها ترى مو مثل ما تتخيلين.
تنهدت عهد بصوت مسموع:
- أدري يا خالي، عشان كذا حبيت أبين لها اني أقدر أتعامل مع الموقف، وانه عادي حتى لو بعدت راح نكون بخير، واذا فعلا فهمتني غلط وتوقعت اني زعلانة فطمنها انت لو سمحت.
زيد بعد صمت قصير:
- ليش ما تكلمينها انتِ؟
عهد اللي خنقتها العبرة من شوقها لأمها، مع انها شافتها أمس:
- ما أقدر يا خالي، أدري اني راح أضعف، أمي لازم ترتاح الحين.
هز زيد راسه بتفهم وسكت.

عمّ السكوت للحظات، وهي مريحة راسها على المقعد تطالع من الشباك.
وهو يسوق بذهن شارد يفكر في رسالة بتول أمس.
لما وقف السيارة فجأة وبقوة ارتدّ لقدام إلا انه ما صار له شيء كونه رابط الحزام.
أما عهد فضرب راسها بقوة باللي قدامها وصرخت من الفجعة.
رفع زيد رأسه بصدمة والتفت لها على طول:
- انتِ بخير؟
حطت يدها على راسها:
- لا، بس تعورت شوي، إيش صار؟
قبل لا يرد انتبه للي نزل من السيارة وتوجه ناحية سيارته.
احمرت عيونه وهو يفتح باب سيارته وينزل ومو شايف شيء من العصبية.
تفاجأ بصاحب السيارة الثانية يقرب منه ويمسك ياقة ثوبه، ويدفه حتى لصق جسمه بالسيارة:
- انت قدها؟ قد اللي سويته أمس؟
دفه زيد بقوة وبعده عنه وهو يصرخ:
- يا مجنون وش تقصد؟
صرخ آسر وكأنه فاقد للوعي:
- وش أقصد؟ انت عارف وش أقصد، حرقت مطعمي عشان تنتقم؟
توسعت عيون زيد قبل لا يضحك فجأة بسخرية وهو يأشر لنفسه:
- أنا؟ حرقت مطعمك؟
آسر اللي كان فعلا تعبان بسبب سهره وتفكيره الطويل:
- طبعا انت، مين غيرك ممكن يحقد عليّ؟
قرب منه زيد حتى وقف قدامه، وقال بهمس:
- وليش ممكن أحقد عليك يا صاحبي؟
ارتبك آسر من السؤال، إلا انه ما سمح له يضعفه:
- ما علي من السبب يا زيد، لكن صدقني ما في أحد غيرك ممكن يحقد علي ويتسبب بهالحريق.
دفه زيد بعصبية:
- حتى لو حقدت عليك ما راح أقطع رزقك يا غبي، والحين روح عني وخلني أكمل الطريق لا يصلون عليك الظهر.
ضحك آسر بقهر وهو فعلا مو قادر يفكر بأي أحد ممكن يسبب بالحادث غير زيد!
- ما راح تروح لأي مكان قبل لا تعترف وتتعاقب يا زيد.

عهد اللي صدعت من قوة الضربة وطفشت وهي تنتظر، نزلت من السيارة معصبة حتى وقفت جنب خالها:
- وبعدين يعني بتطولون وانتم تتهاوشون عشان بنت؟
توسعت عيونهم بصدمة من كلامها، وعصب زيد:
- عهد وش هالكلام؟
التفتت له تقول بحدة:
- إيش اللي وش هالكلام؟ تتوقعون اني ما اعرف سبب خلافكم؟ السبب التافه اللي كل العالم تعرفه إلا انتوا؟
رجعت تطالع في آسر اللي صنم في مكانه، بما انه ما كان متوقع يكون في أحد مع زيد بهالوقت:
- ممكن تـأجل هالهوشة لبعدين؟ لو سمحت يعني بتأخر على المدرسة.
وقف يطالع فيها لعدة ثوان قبل لا يقول:
- انتِ بنت مشاعل؟
ناظرته بقهر وركبت السيارة من دون ما ترد عليه.
لحقها خالها بعد ما طالع في آسر بحدة وكأنه يتوعده.
حرك السيارة ومشى من الجهة الثانية.
التفت لعهد لما قالت وهي تكشف وجهها وتأخذ منديل تمسح وجهها:
- يعني الحمد لله انه ما كان طريق عام ولا كنتوا فرجة للرايح والجاي.
طالع فيها بغموض وهو يقول بعصبية وبهمس:
- مرة ثانية ما تطلعين وتتكلمين بهالشكل عند ناس غريبة يا بنت مشاعل.
التفتت له باستغراب ثم تكتفت وسكتت.
باين انه معصب مرة، وممكن يقط عليها أي كلمة من دون ما يحسب حسابه.
بما ان الموضوع فيه بتول من جهة، وآسر من جهة!

رجع آسر لسيارته وجلس في مكانه.
مسك الدركسون بقوة وحط راسه عليه وهو مغمض عيونه بقوة.
يحس انه مو بخير أبد.
وانه في شيء صار بداخله من شافها، شاف بنت مشاعل!


__________


في جهة ثانية.

كانت راقدة على سريرها تطالع السقف بعيون واسعة وفارغة.
وجهها ما فيه حياة.
إلا تحس كل شيء حولها خالي من الحياة!
ما هي ندمانة ولا تحس بالشوق لوائل، بالعكس.. تحس انها فعلا فكّت نفسها من شيء ثقيل مرة.
بالرغم من العشرة الطويلة اللي كانت بينهم.
تقريبا 20 سنة إذا مو أكثر!
تزوجته وهي ببدايات الـ٢٠، والحين بمنتصف الـ 40.
إلا انه قلبها خالي تماما، من حبه أو حب أي أحد ثاني غير عيالها وأهلها أكيد.
هي بنفسها مستغربة من هالشيء.
كيف طلعت من هذيك العلاقة فارغة وخالية؟
صحيح توجعت من اللي صار، بس لأنها ذاقت طعم الخيانة والخداع، بس الموضوع كعلاقة زوجية انهدمت!
أبدا تحسه عادي.
وهالشيء غريب مرة.
يمكن لأنه ما مر وقت طويل على طلاقها من وائل؟
تحس انها ما خسرت غير عيالها، ولا كل شيء ثاني غيره باقي مثل ما هو.
تتذكر ذاك اليوم قبل خمس شهور تقريبا، رجعت البيت من المدرسة وهي متوقعة انها بتلقى زوجها موجود كالعادة.
لكن تفاجأت كثير، خاصة لما اتصلت كم مرة وما رد.
وهي تعرف انه مو مشغول، أو بتعبير أصح، ما عنده وظيفة!
وظيفة تشغله وتأخره عن البيت.
رجع مع آذان العصر، يوم سألته قال انه كان مع أصحابه.
وهي تدري بعد ان أصحابه قليلين جدا، ومستحيل يكونوا فاضيين بهالوقت!
إلا انها مشت الموضوع، بالنهاية هو رجال وما تقدر تقيده كأنه ولد صغير.

كرر الموضوع اليوم الثاني، واللي بعده.. واللي بعده لين صارت تشك فيه وغصبا عنها.
لما صارت تلقاه يسرح في أغلب الأوقات، ما يقعد مع أولاده كثير زي دايم، ما يفز لحضورها مثل المعتاد.
حست انه في شيء غلط، في شيء قاعد يصير.
بس كيف تتأكد!
بعد أسبوعين تماما، فضلت انها تغيب عن المدرسة وتشوف بالضبط إيش اللي قاعد يصير.
تظاهرت انها خارجة ورايحة للدوام، ركبت سيارتها وبعدتها عن البيت بمسافة بعيدة نوعا ما.
فعلا خرج وائل بعد خروجها بربع ساعة.
لحقته وقلبها يدق بعنف من الخوف.
كل ما بعد عن البيت واتجه لطريق ما يودي لأي شيء يخصها من محلات وعقارات، كل ما زاد الخوف في قلبها.
في لحظة تطمنت وارتاح قلبها وهي تشوفه يوقف السيارة تحت واحدة من عمايرها، واللي كانت أبعد شيء عن بيتها.
قالت يمكن جا يشوف الأوضاع!
ما قدرت ترجع، حدسها يقول انه في شيء!
وقفت سيارتها ونزلت، اتجهت لحارس العمارة اللي رحب بها وهو متوتر ومرتبك.
مظهره وحركاته خلى الخوف يزيد في قلبها، وسألت:
- وائل إيش يسوي هنا؟
ما رد عليها الحارس على طول، وهو يطالع فيها بخوف وحذر.
كررت سؤالها:
- سألت وائل إيش عنده هنا يا عم حمدي.
رد عليها الحارس بارتباك يحرك يدينه بقلة حيلة:
- والله ما اعرفش، تقدري تشوفيه بنفسك يا ست مشاعل.
هنا حست بقلبها يتوقف عن النبض، بلعت ريقها بخوف وهي تمد يدها ناحيته:
- وينه؟ بأي دور ولا أي شقة؟
علمها برقم الدور والشقة، وركبت هي المصعد بعد ما مشت ببطء.
كأنها تجبر نفسها.
وكأنه قلبها يمنعها من انها تروح ولا تنصدم.
كانت دموعها عالقة بعيونها وهي واقفة في المصعد متكتفة، لين وقف ونزلت منه.
واتجهت للشقة وهي حاسة بالصداع.


وقفت عند الباب للحظات مغمضة عيونها، قبل لا تمد الكرت وتفتح الباب.
صنمت في مكانها لما وصلها صوت وائل وهو يضحك، معاه صوت بنت!
حست بالنار تشتعل بقلبها، ووجهها يحمر من الغيظ والقهر والشعور بالخيانة.
قادتها رجولها للغرفة اللي جاية منها الأصوات، واللي كان بابها مفتوح.
أول ما وصلت له صدم جسمها بجسم اللي خرجت منها.
واللي كانت تكلم وائل وهي خارجة، بس اصطدمت بمشاعل التفتت لها وشهقت وهي ترجع لورى وتطيح الكاسة اللي بيدها.
وائل اللي استغرب من حركة بدور، قام من مكانه وراح لها.
نشف الدم بعروقه وتوسعت عيونه، جسمه ثبت في مكانه.
ما قدر لا يتكلم ولا يتحرك ولا يسوي شيء.
مثله مثل بدور!
وفي خلال ثانية وحدة اختفت مشاعل عن عيونهم.
الشيء خلى بدور تنقهر، وتصرخ على وائل اللي نوى يلحق مشاعل:
- وين رايح أحسن انها عرفت من دون ما تزعج نفسك عشان تعلمها.

ما تدري إيش صابها بالضبط ذاك اليوم.
حالة من الجمود والبرود واللامبالاة!
رجعت للبيت وصارت تنظفه وترتبه وتطبخ الغدا.
خلت العاملات اللي عندها ينامون ويرتاحون، وهي قامت بكل شيء من البداية للنهاية.
ما تتذكر انها نزلت دمعة وحدة من القهر أو الحزن.
إلا لما ودعت عيالها أكيد.


الآن..
انتبهت على صوت تلفونها لما رن.
ابتسمت وهي تشوف اسم المتصل، وردت على طول:
- هلا آسر.
فاجأها باللي قاله:
- عطيني واحد من مشاريعك، بأديره بنفسي، إذا للحين ودك تساعديني.
سألتها باستغراب:
- ليش فجأة غيرت رايك؟
- بس كذا، ودك ولا ما ودك؟
هزت كتوفها بحيرة:
- تمام، بشوف إيش اللي يناسبك وبعطيك خبر.
قفلت منه وهي مستغربة تماما، نبرته وطريقته في الطلب!

_______

عند بتول..


اللي قامت متأخرة من نومها، بما انها نامت في وقت متأخر أصلا.
وما عندها محاضرات اليوم.
نزلت تحت ووجهها منتفخ ومحمر من البكاء والنوم.
دايم تختلف مع آسر، وتكون هي الطرف الأضعف كل مرة.
وتكون راضية وتعذره.
إلا هالمرة.
صحيح مر بموقف صعب، بس هذا ما يسمح له انه يستغل ضعفها كل مرة ويعاملها بهالطريقة.
تدري انها المرة الأولى والأخيرة اللي وقفت فيها بوجهه، مع ذلك تحس بشيء من الإنتصار لكرامتها اللي يهدرها هو يوميا من دون ما يحس بأدنى شعور من الذنب وتأنيب الضمير.
جلست على طاولة المطبخ بعد ما طلبت من العاملة تحط لها الفطور.
طالعت في جوالها بتردد، إلى الآن ما فتحت رسالة زيد.
اللي رد عليها أمس، وشافت الاشعار قبل لا تنزل لآسر.
بس خايفة تفتحها، خايفة تضعف وتهون الموضوع.. وتخون آسر!
حتى لو كانت بينهم مليون مشكلة، يظل هو زوجها.
فتحتها بتردد وهي تبلع ريقها، كان الرد قصير جدا وحيرها زيادة ( واذا كان لي يد وش بتسوين؟).
ادمعت عينها وصار صدرها يعلو ويهبط مع انه رد عادي جدا.
إلا انه نقل لها الألم الكبير اللي هو يحس فيه، والوجع اللي سببته له.
ردت هي بعد تردد ( جاوب على قد سؤالي أرجوك).
شهقت بصدمة لما وصلها الرد.
صورة سيارته المعدومة شوي من قدام، مع ( ما عليك أنا وياه نتفاهم بطريقتنا).
معقولة؟ آسر وصل فيه انه يروح يخرب سيارة زيد؟
ليش ما فكر بمنطقية؟
وليش سوى كذا أصلا؟ يعني زيد فعلا تسبب بالحادثة؟
كانت هي الأسئلة التالية لأول سؤال بادر في ذهنها وخلى قلبها يخفق بسرعة، وكتبته من دون ما تحس (صار لك شيء؟ تأذيت؟).
الرد الأخير منه صحاها وخلاها تنتبه لنفسها (اعذريني ما أبي أخون صاحبي يا بتول، بحظرك).
ادمعت عيونها وهي تعض شفتها بضعف وتقفل شاشة الجوال.
زفرت تحاول تخرج الضيقة اللي كاتمتها فعلا.
نقزت في مكانها لما سمعت صوته من ورى:
- كويس مثل ما توقعت، ما أفطرتِ لسه.
مسحت دموعها ووجهها بقوة وهي توقف وتواجهه.
طالع فيها وتأمل وجهها شوي ثم قال:
- روحي البسي عبايتك.
سألته مستغربة:
- وين بنروح؟
- نفطر برة، يلا لا تطولين.
مسكته من ذراعه وهو خارج من المطبخ ووقفته:
- على ايش تبي تعاتبني الحين ولا توبخني؟ أمس موضوع الجناح واليوم إيش؟
التفت لها آسر بهدوء وطالع في عيونها، لين ارتبكت هي ونزلت يدها:
- تمام بروح ألبس عبايتي.
راقبها آسر بغموض حتى اختفت عن عيونه.
ثم تنهد بضيق واتجه لغرفته، هذي البنت تعبته.. وراح تتعبه أكثر!

وصلوا للمقهى بعد أقل من نص ساعة.
واللي كان راقي وهادئ لأبعد حد، جميل يبين ذوقه صاحبه الفخم جدا.
وباين انه جديد.
كان كل شيء جاهز لما وصلوا.
كانت بتول منحرجة وهي تجلس، وتشوف مثل هالمبادرة الحلوة من آسر للمرة الأولى.
دايم كانت هي اللي تعزمه.
أحيانا يحضر، وأحيانا يرفض ويحرجها.
سألته وهي تنزل الطرحة على كتفها:
- إيش المناسبة؟
ابتسم آسر وهو يحط مرفقه على الطاولة ويحط قبضته تحت ذقنه:
- حبيت أعتذر لزوجتي الحلوة، ولا ما تستاهل؟
حست بوجهها يحمر فجأة ويصير حار كأنه البخار حولها.
والدم يتجمع في خدودها اللي فعلا صارت حمرا.
نزلت راسها بخجل وما عرفت بإيش ترد.
ضحك آسر ومد يده ناحيتها، حطها تحت ذقنها ورفعه:
- طالعي فيني.
حطت عينها بعينه ويدها ترجف من الحيا، خاصة لما سحب يمينها وباسها:
- أنا آسف، أمس خليتك تمرين بوقت صعب معي، غير كذا رفعت صوتي عليك وعصبت، أنا صدق آسف.
بهاللحظة نست بتول كل شيء سواه فيها من يوم عقد قرانه عليها.
كل مرة صرخ فيها عليها.
وكل مرة عصب وغلط عليها.
كل مرة زعلها وخلاها تنام وهي تبكي!
فتنها بأسلوبه، ومظهره الرسمي اللي خلاه وسيم جدا.
ابتسمت بخجل:
- ما كان في داعي تكلف على نفسك آسر، وأنا مو زعلانة منك.
اتسعت ابتسامته:
- أدري انك مو زعلانة، لأنك لو كنتِ من النوع اللي يزعل على طول كنت أنام برة البيت الحين.
ضحكت بتول من دون ما تقول شيء.
بدأت تأكل بصمت، وهو بعد كان ياكل وهو يطالع فيها وسرحان.
مو فيها، لا بأمور كثيرة.
قطع الصمت فجأة بسؤاله:
- تدرين هالمكان لمين؟
هزت راسها بالنفي تطالع فيه بفضول:
- لا.
ابتسم:
- لي، أنا صاحب المقهى الحين.
رفعت حاجبها بدهشة:
- شلون؟
- مشاعل قررت تساعدني لين أوقف على رجولي من جديد.
توترت وارتبكت من تأثير اسم مشاعل.
الشيء اللي ما غاب عن آسر.
رفعت كوبها بيد مرتجفة:
- مبروك، وإن شاء الله تكون بداية خير عليك.
- آمين.
ضحكت تحاول تخفي توترها:
- أعجبني المكان، مرة رايق.
- تقدرين تجين على طول لو تبين.
هزت راسها بالإيجاب وهي تبعد أنظارها عنه.

_____


في غرفة اخوانها..


كانت تساعد الصغير ( إياد) يختار لبسه، بعد ما جهزت أختها كالعادة.
وأخوها الثاني جالس يلعب بجواله بعد ما تجهز.
كشرت بضيق وهي تسمع صوت كعب بدور يقرب منهم.
حست فيها وهي توقف عند الباب، إلا انها تجاهلتها وكملت تشوف الملابس تختار اللي يناسب إياد، اللي صرخ فجأة بحماس:
- هذا هذا، بلبس هذا لأنه أمي تحب هاللون.
ابتسمت عهد وهي تنزل اللي أشر عليه، لما سمعت صوت بدور تقول بسخرية:
- عجيب يا إياد، إلى الحين تشوف إيش تحب أمك وإيش ما تحب وهي تركتكم وراحت؟
طالعوا فيها كلهم بحقد وعصبية، وصاح فيها إياد:
- ما لك دخل انتي يا ملقوفة، ليل نهار تحطين 10 كيلوات مكياج تسوين نفسك حلوة.
كتمت عهد ضحكتها، لكن الصغيرة ميس وأخوها الأصغر منها سامر ضحكوا بصوت عالي، تلون وجه بدور من العصبية والاحراج:
- إيش قلة الأدب هذي؟ أمك علمتك تكلم اللي أكبر منك بهالطريقة؟
سامر وهو مشغول بجواله:
- لا تجيبين طاري أمي كل شوي تحاولين تكرهينا فيها، فعلا انتِ تحطين مليون كيلو مكياج عشان أبوي لا ينفجع من بشاعتك ويطلعك برة.
رفعت بدور حواجبها بصدمة:
- اسكت انت الثاني، ما تشوفين اخوانك يا عهد؟ يقلون أدبهم وانتِ ساكتة ومبسوطة؟
عهد بهدوء:
- حقك علينا يا شمس الشموس، بأدبهم ما عليك.
ارتفعت ضحكاتهم من جديد وهم يطالعون في بدور اللي كانت لابسة فستان أصفر.
ناظرتهم بغيظ وهي تتكتف وتتوعدهم:
- هين، أنا بوريكم، بس خلوا أبوكم يرجع وشوفوا وش راح يصير.
نوت تروح لكن عهد وقفتها:
- لحظة.
قربت منها بكل جرأة ووقفت قدامها:
- ما تعلمين أحد ولا تقولين شيء لأحد، أمي ربتني أنا وأخواني أحسن تربية، لكن بس تجيبي طاريها على لسانك بخير أو شر ما تشوفين شيء طيب تمام؟ ثاني شيء انتي اللي بدأتِ، جيتِ تحارشين على الفاضي وتدورين مشاكل، ما توقعتِ نرد عليك صحيح؟ تحترمين نفسك نحترمك، ولا بتشوفين اللي ما يعجبك.
بدور بقهر:
- تهدديني يا عهد؟
عهد بكل هدوء وبملامحها الجامدة اللي ما تتبدل ولا تتغير أبد:
- لا، بس أنصحك تحترمين نفسك، لأنه هذا مو بيتك.
قاطعتها قبل لا تتكلم:
- ولا بيت زوجك، هذا بيت مشاعل، وبيت عيالها.

طالعت فيها بدور من فوق لتحت بقهر ثم راحت تضرب الأرض بكعبها العالي.
الشيء اللي تتعجب منه عهد صدق.
كيف تقدر تقعد بالمكياج طول اليوم؟ وكيف تقدر تلبس الكعب طول اليوم كمان؟
رجعت لغرفة اخوانها وسكرت الباب بعصبية:
- إيش اللي سويتوه تو؟ سامر وإياد؟
طالعوا في بعض باستغراب ثم التفتوا لها:
- إيش سوينا؟
عهد بحدة:
- صح هي غلطانة بس ما ترفعون صوتكم عليها ولا تضحكون قدامها بهالشكل، نسيتوا وش قالت أمي؟ ما نزعج أبوي ولا نزعله؟
سامر ببرود:
- قالت أبوي ما قالت بدور.
- واللي يزعل بدور يزعل أبوي.
طالعوا فيها بصدمة، وهي بنفسها انصدمت من اللي قالته.
لما وقف سامر بعصبية:
- انتِ شكلك مبسوطة منها وحابتها؟ جاية تدافعين عنها وهي السبب في الحال اللي احنا فيه؟ ومو راضية من اللي سويناه.
زفرت عهد أنفاسها بضيق:
- معليش مو قصدي، بس فعلا لا تعطونها فرصة تنتقدكم ولا تنتقد تربية أمي لأنه ما لها حق ولا نبي نعطيها مجال، أصلا هي هذا اللي تبيه، تبانا نغلط عليها وتروح تعلم أبوي وتفرقنا عن بعض أو تدخل المشاكل بيننا، عشان كذا أقول لكم تصرفوا على طبيعتكم، مثل ما ربتنا أمي يا سامر وإياد وميس، لا نخلي الحقد والعصبية تسيطر علينا ونضيع كل شيء، مفهوم؟
ابتسم سامر بسخرية وحزن بنفس الوقت، وهو يحس بالضغط حتى بدال أخته.
اللي يشوف كيف تحاول تتحمل المسؤولية حتى وهي مو قدها!
الصغار هزوا رؤوسهم بإيجاب، أما هو فالتزم الصمت.
ورجع يلعب بجواله.
تنهدت بضيق بعد ما طالعت فيه، وخرجت بعد ما قالت:
- يلا يا إياد، بلبس عبايتي وأجيك، ألقاك جاهز؟
خرجت وتوجهت لغرفتها وهي بتموت من القهر من بدور.
بس ما تقدر تسوي شيء.
دخلت الغرفة وأخذت عبايتها من الشماعة، لبستها وهي ترد على خالها اللي اتصل.

خلال نص ساعة كانوا يجلسون في أحد المطاعم، مع أمهم وخالهم زيد.
مشاعل اللي أول ما شافت عيالها بكت زي كل مرة وهي تحضنهم.
مع انها تشوفهم في كل خميس وجمعة، إلا انها تظل تشتاق لهم وتفتقدهم كل يوم وكل ساعة.
ارتاحت وهي تشوفهم مبسوطين والابتسامة على وجيههم.
الا عهد اللي كانت عيونها تقول شيء ووجهها يقول شيء ثاني.
شهقت وهي تشوف أثر ضربة على جبينها:
- يمه عهد وين طحتِ وش فيها جبهتك؟
حطت عهد يدها على جبينها وهي تطالع في زيد، اللي كان يهز رأسه ويأشر لها تسكت، إلا انها طالعت فيه بزعل:
- اسأليه، اسألي أخوك المدلل أمس وش مسوي، قال جاي يأخذني ويوصلني للمدرسة، سوى حادث.
كان زيد يطالع فيها بتهديد وبعيون واسعة.
أول ما التفتت له مشاعل وهي مصدومة أخذ جواله وسوى نفسه مشغول.
حتى ضربته على يده:
- وأسأل وين سيارتك تقول واحد من أصحابي مأخذها.
رفع زيد راسه وابتسم لها بغباء:
- حادث بسيط والله يا سيدتي، يعني بخوفك على الفاضي؟ على شيء ما يستاهل؟
مشاعل بجدية:
- حتى لو كان بسيط ما تخبي عليّ شيء يا زيد.
زيد بأدب:
- أبشري.

سرحت عهد على هالطاري، وهي تتذكر الموقف.
ونظرات آسر لما خرجت من السيارة، كيف انصدم وكيف سألها إذا كانت بنت مشاعل أو لا.
دايم تسمع عنه، سواء من خالها ولا من أمها.
إلا انها المرة الوحيدة اللي شافته فيه قدامها.
فعلا.. آسر كان آسر صدق.
ما تدري إذا هي مشاعر المراهقة ولا شيء ثاني، بس فعلا شيء غريب اللي يحصل معاها.
مو قادرة تنسى الموقف، ولا راضي يغيب عن بالها دقيقة وحدة.
صدقا، ممكن يكون هو الشخص اللي كل بنت تتمناه مثل ما يقولون!
يا حظ خطيبته!
بس معقولة هي خانت خالي زيد عشانه؟
لأنه أوسم وأجمل من خالها؟
جذاب أكثر منه؟ لأنه فعلا آسر!
أكيد، ولا إيش السبب اللي يخليها تترك الغني والتاجر واللي سمعته معروفة وتأخذ الحافي المنتف اللي ما عنده ريال واحد، حتى المطعم اللي كان عنده خسره؟
هل ممكن المظهر الخارجي للشخص أو جماله يطغى على الحب؟
معقول؟ لا مستحيل.
فزت في مكانها مفجوعة لما صرخ فيها إياد:
- يا صمخا أمي تناديك من ساعة ما تسمعين؟
التفتت له بعصبية:
- اسكت فجعتني.
وناظرت أمها بإحراج:
- آسفة يمه ما سمعتك، آمريني.
مشاعل:
- سرحانة بإيش يا قلبي؟ في شيء مضايقك؟
هزت راسها بالنفي وهي تبتسم:
- لا أبد.
- متأكدة؟
ابتسمت أكثر عشان تطمن أمها:
- والله ما فيني شيء.
تأملتها مشاعل لعدة ثوانِ قبل ما تتنهد بضيق وتكمل أكلها، انتبهت عليها عهد، اللي مسكت يد أمها وباستها:
- حياتي أمي والله اننا بخير الحمد لله، وبالنسبة للي صار بالمدرسة أنا بس كنت مصدومة مو أكثر، لا تشيلين همنا، تمام؟
هزت مشاعل راسها ثم قالت:
- أنا آسفة إني خليتك تتحملين مسؤولية اخوانك والبيت وانتِ بهالعمر.
ضحكت عهد:
- وش هالكلام يمه؟ عادي ما فيها شيء هذول أخواني.
كمل عنها سامر يبي يخفف على أمه:
- إيه يمه لا تشيلين هم، تركتِ وراك أم ثانية لنا واللي ما تقصر معانا أبد.
طالعت فيه عهد بغيظ:
- يعني قصدك اني مقصرة صح؟
رفع حواجبه بصدمة:
- إيش فيها هذي شبكة اللغة عندها معكوسة؟
ضحكت مشاعل وهي تطالع فيهم بفخر.
تحمد الله مليون مرة انه عيالها كلهم يحبون بعض، وعلى قلب واحد.
سامر أصغر من عهد، لكن فعلا تقدر تعتمد عليه.
ذكي وواعي وعاقل، ما راح يسمح لأحد يغلط على اخوانه أكيد.
وعهد بعد بنت ذكية وقد المسؤولية.
لو انها ما تثق فيهم ما تركتهم ولا خلفتها وراهم يهتمون بإخوانهم الصغار!

______


وقف سيارته قدام المبنى الصغير نوعا ما، أو بيت صغير من دورين.
وجلس فيها متردد قرابة الربع ساعة.
يحس بروحه مهزومة، وهي تعرفه.. تعرفه أكثر من أي شخص بالدنيا.
تقدر تقرأه وتفهمه من حركة رمشه الخفيفة.
كان وده لو يختفي كم يوم ولا يجيها، لين يروح الهم من قلبه ويحس انه مرتاح.
لكن ما قدر، ما يقدر يغيب عنها أكثر من يوم واحد.
نزل من السيارة أخيرا، وشال الأكياس من المرتبة الخلفية.
اتجه للباب بتردد، حتى صار قدامه.
فتح الباب بمفتاحه، وابتسم وهو يسمع صوتها.
رزان اللي بس سمعت صوت المفتاح فز قلبها وصرخت بسعادة:
- آسر.
دخل وقفل الباب وراه، ضحك وهو يشوفها جاية عنده وفاتحة يدينها:
- يا عيون آسر.
ضمته رزان بقوة، ثم صارت تبكي فجأة.
انفجع آسر وهو يبعدها عنه بلطف ويطالع بوجهها:
- بسم الله عليك يا قلبي، مين مزعلك؟
رزان بزعل:
- أمس ما جيتني ولا اتصلت فيني حتى، صاير تحب بتول أكثر مني.
ضحك آسر وهو يمسح دموعها:
- عمري اللي يغارون، الحين هذا اللي مزعلك؟
اتسعت ابتسامة آسر لما أومأت رأسها بالإيجاب كأنها طفلة.
قبل جبينها بحنان:
- خلاص يا روحي ولا يهمك أنا آسف، اليوم طول اليوم بقعد معك.
رفعت رأسها تشهق بفرح:
- صدق؟ آسر بتقعد معي اليوم كله؟
عوره قلبه وهو يشوف تعابير وجهها، ويسمع هالنبرة منها.
قد إيش انتظرته؟ وكم مرة حست بالغيرة من بتول أو زعلت من تأخيره؟
كتم تنهيدته بصدره وهو يرفع الأكياس قدام وجهها:
- شوفي إيش جايب لك.
نطت رزان بفرح:
- الله آسر، أنا مرة أحبها.. شكرا.

مسح على شعرها بحنان لما جلست على الأرض تفرغ الأكياس وتطالع فيها بسعادة ما لها مثيل.
مسكينة، قد إيش تفرحها هالأشياء البسيطة مثل الشيبسات والحلويات؟ كأنها طفلة صغيرة.
جلس جنبها على الأرض وريح ظهره على الكنب.
وهي مشغولة تماما ولا هي حوله.
وسرح بعقله لموقف أمس، لما نزلت بنت مشاعل من السيارة بكل قوة وجرأة.
الجرأة اللي ما قد شافها إلا في مشاعل!
يحس بالقهر، يحس بالحقد.
النار تشب فيه.
مشاعره مختلطة.
كيف مبسوطة ومرتاحة وعايشة ولا كأنه في شيء صاير حولها؟
ما في شيء مضايقها؟
كيف لا؟ وهي عندها هالبنت اللي ما يدري حتى متى كبرت!
عمره ما قدر يخليها ضعيفة، يشوف نظرة الضعف والخسارة بعينها.
ولا يعتقد انه راح يقدر بسهولة.
انتبه من شروده على صوت رزان لما قالت بحزن:
- انت حزين، مانت مرتاح يا آسر.
بلع آسر ريقه من وجهها القريب من وجهه، هذي طريقتها لما تبي تعرف إيش فيه، وهل هو مبسوط ومرتاح ولا لا:
- ماني حزين يا رزان، أنا مبسوط الحمد لله.
هزت رأسها بالنفي:
- لا، حركة جفونك والتجاعيد اللي حول عينك، هذي كلها تقول انك مو بخير.

طالع فيها بضيق، وده يفضفض لها ويطلع اللي بخاطره.
لكن هي ما تحس نفس احساسه، ما راح تقدر تشاركه حزنه.
غير انها راح تنسى كل شيء خلال دقايق!
ابتسم وهو يمسح على شعرها:
- يتهيأ لك يا روحي، أنا بأفضل حالاتي الحين بما إني معك.
احمرّ وجهها من الإحراج وهي تطالع في يدها.
رفع رأسه لما طلعت غزل من غرفتها وبيدها المشط وربطات شعر، ناظرت آسر بجمود ثم قربت وجلست على الكنب:
- وأخيرا شرفت! أطلقت سراحك الست بتول؟
طالع فيها بحدة:
- وش دخل بتول الحين؟
غزل بنفس نبرتها:
- إذا تبي تمدحها وتطلعها الواو تقدر تطلع.
تنهد آسر:
- وش فيك زعلانة إنتِ؟
رفعت يدها بعد ما بعدت الكم عن ذراعها، وشهق وهو يشوف آثار عض عليها.
واحمرار غير طبيعي.
وقف بسرعة وقرب منها، مسك يدها وسأل بصدمة:
- وش صار؟
سحبت يدها ورجعت غطتها بالكم:
- زعلت لأنك ما جيت.
غمض عيونه بقلة حيلة ثم مسك يدها ووقفها:
- تعالي.
دخل الغرفة قفل الباب وراه ثم التفت يطالع فيها بضيق، حط يده على خصره ثم قال:
- أدري اتصلتِ فيني كثير وما رديت عليك، ما كنت أدري إنه في شيء مهم، حسبت انه رزان هي اللي كانت تتصل.
تكتفت تطالعه بقهر:
- وإذا رزان؟ مو رزان هي اللي تحتاجك أكثر مني يا آسر.
- أقصد يمكن كانت تلعب.
- آسر! ممكن تأخذ وضعنا بجدية أكثر شوي؟
آسر بهدوء:
- وأنا أسوي كل شيء عشانكم أصلا، اصبري يا غزل كلها كم يوم وراح ترجع حياتنا مثل قبل.
- بترجع مثل قبل وانت رايح تسكن في بيت زوجتك بدال ما تجيبها هنا؟

آسر اللي حاول يكبت انفعاله قد ما يقدر، لأنه غزل ما هي غلطانة أبد ومعها حق، بس ما تدري عن الحقيقة:
- غزل أنا ما جيتكم أمس ولا رديت لأني كنت في مصيبة، وكنت تعبان حيل، ما قدرت أجيكم وأنا ضعيف.
غزل باهتمام:
- إيش صار آسر؟
غمض عيونه وهو كاره يقول لها عشان ما يضيق صدرها:
- مطعمي احترق، تحول لرماد.
شهقت غزل وهي تغطي فمها بصدمة:
- احلف.
حرك يدينه بقلة حيلة:
- للأسف يا غزل.
ناظرته بحزن:
- يا عمري ياخوي، أنا آسفة والله آسفة ما كنت أدري.
ابتسم لها بحنان ومسح على شعرها:
- ما عليك.
ضمته بقوة تقول بحزن:
- ليتك علمتني جيت أوقف معاك، ما تكون وحيد بهالمحنة.
وبعدت عنه تقول بشقاوة:
- ولا بتول أغنتك عنا؟
قرص أنفها بمزح:
- تدرين وش تعني لي بتول يا غزل.
زمت شفتها:
- ترى كاسرة خاطري البنت، تستاهل من يحبها ويقدرها مو مثلك.
ضحك آسر:
- كنتِ بتذبحيني قبل شوي تقولين أطلقت سراحي.
غزل:
- معليش كنت مقهورة والله إلى الآن تحرقني يدي.
مسك آسر يدها وباس مكان العضة:
- آسف يا روحي، وإن شاء الله ما تنعاد.
- إن شاء الله.

فتحت الباب وخرجت قبله، شهقت بصوت عالٍ وهي ترفع يدينها وتمسك راسها:
- آسر لا عاد تجيب لها هالأشياء.
ضحك آسر وهو يشوف الحلويات منتشرة على الأرض بطريقة فظيعة.
أخذ المشط من يدها:
- أنا بمشط لها شعرها انتِ لمي الأشياء هذي.
غزل اللي شوي وتبكي:
- بلمها ومين يلمها غيري يعني؟
ضحك آسر وهو يمسك يد رزان ويوقفها:
- تعالي يا قلبي بضفر شعرك الحلو.
ضحكت رزان بسعادة وهي تقرب منه وتجلس جنبه.
فتح ربطتها ونزل شعرها الطويل على ظهرها، بدأ يضفره بصمت وهي مسترخية.
وقفت لما خلص وقربت من المرايا تطالع في نفسها وتضحك، تمسك خدودها وتقول:
- أنا حلوة صح؟

وقف آسر جنبها وأدمعت عيونه فجأة:
- أكيد، ما في أحد أجمل منك بهالدنيا كلها.
غزل اللي انتهت من تنظيف الصالة، وقفت تطالع فيهم.
لاحظت إنه حالة آسر تغيرت، ما غابت عنها لمعة عيونه.
تنهدت هي بضيق، تأمن على دعوات آسر اللي ماحد يسمعها غير الله.
لكن هي تعرف إنه دائما وأبدا يدعي لرزان عشان ترجع طبيعية مثل ما كانت قبل!
نفس أمنيتها أكيد.


____


انتهى.


____


اللهم ارحم مارية وأعمامي وأجدادي وجميع أموات المسلمين، اغفر لهم وعافهم واعفُ عنهم، برد قبورهم وأرِهم مقاعدهم في الجنة يارب العالمين، اللهم آمين.
اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 
Comment

امل مفقود

نجوم المنتدي
إنضم
5 مايو 2021
المشاركات
12,574
مستوى التفاعل
4,286
مجموع اﻻوسمة
2
روايه اغتيال قلب | للكاتبه مروه
كل الشكـــر لك على هالطرح الأكثــر من رااائــــع ..
لا عدمنا هالتمييز و الابدااع ,,
بأنتظااار جديدك بكل شوق
تقــــديري و آحتــرآمي
 
Comment
أعلى