تواصل معنا

مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة ################## الحنفية قالوا: إذا حلف لا يكلم فلاناً الحين أو الزمان كأن قال: والله لا أكلم فلاناً...

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,700
مستوى التفاعل
8,767
مجموع اﻻوسمة
8
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
##################

الحنفية قالوا:
إذا حلف لا يكلم فلاناً الحين أو الزمان كأن قال: والله لا أكلم فلاناً الحين أو الزمان "بالتعريف" أو حيناً أو زماناً بالتنكير فإنه يحنث إذا كلمه قبل مضي ستة أشهر من وقت اليمين فإذا مضت ستة أشهر وكلمه بعدها فإنه لا يحنث وهذا مثال النفي، ومثال الإثبات أن يقول: والله لأصومن الحين أو حيناً أو زماناً فإنه يحنث إذا صام أقل من ستة أشهر، ولا يشترط أن يكون ابتداؤها في المثال الثاني من وقت اليمين، بل له أن يعين ستة أشهر من أي وقت يريد، وإذا نوى بالحين والزمان معرفاً أو منكراً زمناً مخصوصاً فإنه يصدق لأنه نوى حقيقة كلامه، فإن الحين والزمان يطلق على قليل الزمن وكثيره.
وإذا حلف لا يكلمه الدهر "بالتعريف" فإنه يلزمه أن لا يكلمه أبداً طول عمره وإلا حنث وإذاحلف لا يكلمه دهراً بالتنكير فإنه يكون كالحين يلزمه أن لا يكلمه ستة أشهر من وقت اليمين وإذا حلف لا يكلمه الأبد أو أبداً بالتعريف أو النكير فإنه يحنث إذا كلمه طول عمره. وإذا حلف لا يكلمه العمر بالتعريف فيلزمه أن لا يكلمه طول حياته وإلا حنث. وإذا حلف لا يكلمه عمراً بالتنكير فإنه يحنث إذا كلمه قبل مضي ستة أشهر على الظاهر كالحين، وكل ذلك ما لم تكن له نية، فإن نوى زمناً مخصوصاً فإنه يعمل بنيته.
وإذا قال: والله لا أكلم فلاناً أياماً كثيرة أو قال: لا أكلمه الأيام أو الشهور أو السنين أو الجمع أو الأزمنة فإن يمينه تنصرف إلى عشرة من كل نوع، فيحنث إذا كلمه قبل مضي عشرة أيام أو عشرة شهور، أو عشر سنين، أو عشر جمع، بمعنى أنه يصوم يوم الجمعة من كل أسبوع حتى يتم صيام عشرة أيام من أيام الجمع، وكذا إذا قال: الأزمنة، فإنه يحنث إذا كلمه قبل مضي خمس سنين لما علمت من كل زمن ستة أشهر عند عدم النية.
ومثل الأزمنة الأحايين والدهور، فإن كل حين ستة أشهر، وكل دهر ستة أشهر كما تقدم.
وإذا قال: أياماً بالتنكير ولم يصفها بالكثرة. أو شهوراً أو سنيناً أو أزمنة بالتنكير كذلك، فإنها تقع على ثلاثة من كل صنف منها.
فإذا حلف لا يكلمه أياماً يحنث إذا كلمه لأقل من ثلاثة أيام. وإذا حلف لا يكلمه جمعاً فإنه يلزمه أن لا يكلمه ثلاثة أيام من أيام الجمع من وقت اليمين، وكذا إذا حلف لا يكلمه أشهراً فإنه يلزمه أن لا يكلمه مدة ثلاثة أشهر.
وإذا حلف لا يكلمه أزمنة فإنه يحنث إذا كلمه لأقل من ثمانية عشر شهراً وهكذا.
وهذا إذا لم تكن له نية وإلا عمل بنيته كما تقدم.
وإذا حلف لا يكلم الرجال أو النساء أو الفقراء أو المساكين ونحو ذلك من كل جمع معرف بالألف واللام، فإنه يحنث إذا كلم واحداً ما لم ينو الجمع، فإذا نوى أنه لا يكلم جميع الرجال أو جميع النساء يصدق ديانة وقضاء ولا يحنث أبداً، وإذا حلف لا يكلم رجالاً أو نساء أو فقراء أو مساكين وهكذا من كل جمع غير معرف بالألف واللام فإنه يحنث إذا كلم ما يصدق عليه أقل الجمع وهو ثلاثة. وإذا نوى بالزيادة على الثلاثة فإنه يصدق قضاء وله أن ينوي الواحد لجواز إرادته بلفظ الجمع. أما نية الاثنين فلا تجوز.
وإذا حلف لا يكلم أزواج فلان أو إخوته أو أصدقاءه أو لا يركب دوابه أو لا يلبس ثيابه وهكذا من كل جمع مضاف يمكن حصر ما بعده ونحوه فإنه ينقسم إلى قسمين:
قسم يكتفي فيه بأقل الجمع فيحنث بثلاثة، وهو ما إذا حلف لا يركب دوابه أو لا يلبس ثيابه فإنه يحنث إذا ركب ثلاث دواب أو لبس ثلاثة ثياب إن كان لفلان أكثر من ثلاثة فإن كان أقل لا يحنث.
وقسم لا بد فيه من الجميع وهو ما إذا حلف لا يكلم زوجات فلان أو أصدقاءه أو إخوته فإنه لا يحنث إلا إذا كلم الجميع.
والفرق بين القسمين:
أن الإضافة في الأول إضافة ملك. والدواب والثياب لا تقصد بالهجر، وإنما المقصود مالكها فتناولت اليمين أعياناً منسوبة للمالك وقد ذكرها بلفظ الجمع وأقله ثلاثة.
أما الإضافة في الثاني فهي إضافة تعريف فتعلقت اليمين بكل عين من الأعيان فلا يحنث إلا إذا كلم الجميع، والتحقيق أن هذا مخالف للعرف، وأن المعروف مقاطعة الجميع فيحنث إذا كلم واحداً من أصدقائه، أو واحدة من زوجاته أو ركب دابة من دوابه.
وإذا حلف لا يكلم بني آدم أو أهل مصر أو هؤلاء القوم، وهكذا من كل جمع مضاف غير محصور فإنه يحنث إذا كلم واحداً فهو كالجمع المعرف بالألف واللام.
وإذا حلف لا يكلمه غرة الشهر أو رأس فإنه يلزمه أن لا يكلمه أول ليلة من الشهر مع يومها، وأول الشهر ينصرف إلى ما دون النصف "أربعة عشر يوماً" وآخر الشهر ما فوق نصفه "من السادس عشر" فإذا حلف ليصومن آخر يوم من أول الشهر فإنه يلزمه أن يصوم الخامس عشر، وإذا حلف ليصومن أول يوم من آخر الشهر فإنه يلزمه أن يصوم السادس عشر.
وإذا حلف لا يكلمه في الصيف أو في الشتاء فإن كان أهل بلده لهم حساب متعارف فيهما حمل عليه، وإلا فالشتاء ما يلبس فيه اللباس الثخين كالفرو "والشال" ونحوهما، والصيف ما يستغنى فيه عن ذلك.
وإذا حلف لا يكلم فلاناً فإنه يحنث إذا كلمه أبداً حتى ولو نوى به يوماً أو يومين، أو لا يكلمه في مكان خاص فإن نيته هذه لا تنفعه لا ديانة ولا قضاء لأنه نوى تخصيص ما ليس بملفوظ، والنية لا تعمل في غير اللفظ كما تقدم.
وإذا حلف لا يكلمه فناداه وهو نائم فإن أيقظه من نومه حنث، وإن لم يوقظه لم يحنث على المختار، وإذا ناداه وهو مستيقظ فإن كان بعيداً عنه بحيث لا يسمعه فإنه لا يحنث، وإن كان قريباً بحيث يسمعه إذا أصغى إليه بأذنه ولو لم يسمعه لعارض كأن كان مشغولاً أو به صمم، أما إذا لم يسمع مع شدة الإصغاء للبعد فإنه لا يحنث، كما لا يحنث إذا كلمه بكلام موصول باليمين كما إذا قال لامرأته إن كلمتك فأنت طالق فاخرجي من هنا فإنه لا يحنث، لأنه كلمها بقوله: اخرجي من هنا موصولاً باليمين ما لم يرد استئناف الكلام فإنه يحنث، كذا يحنث إن قال لها: إن كلمتك فأنت طالق، اخرجي من هنا لأنه كلمها بقوله: اخرجي من هنا مفصولاً.
وإذا خاطب شيئاً وقصد إسماع المحلوف عليه فإنه لا يحنث، كما لو قال يا حائط اسمع أو أصغ إلا إذا قصد خطاب المحلوف عليه مع الحائط فإنه يحنث.
ولو سلم على قوم هو فيهم فإنه يحنث إلا إذا لم يقصده فيصدق ديانة لا قضاء.
وإذا سلم في الصلاة فإنه لا يحنث ولو كان المحلوف عليه على يساره، ولو سبح له سهواً وفتح عليه القراءة وهو مقتد فإنه لا يحنث؛ أما إذا فعل ذلك خارج الصلاة فإنه يحنث.
وإذا حلف لا يكلمه فكتب له كتاباً أو أرسل له رسولاً بكلام فإنه لا يحنث، لأن هذا ليس بكلام عرفاً والأيمان مبنية على العرف.
وكذا إذا حلف لا يحدثه فالتحديث والكلام لا يكون إلا باللسان، وأما إذا حلف لا يقول له كذا فكتب له به أو أرسل له رسولاً ففي حنثه وعدمه خلاف.
وإذا أشار إليه إشارة يفهمها فإنه لا يحنث فإنها ليست بكلام في العرف.
وإذا حلف لا يخبره بكذا، أو لا يقر له به، أو لا يبشره، فكتب له فإنه يحنث، كما يحنث إذا قال له بلسانه أما إذا أشار له بيده أو برأسه فإنه لا يحنث.
أما إذا حلف لا يفشي سر فلان أو لا يظهره. أو لا يعلم أحد بكذا فإنه يحنث فيه باللسان والكناية والإشارة.
وإذا حلف لا يكلمه شهراً فإنه يلزمه أن لا يكلمه ثلاثين يوماً من يوم حلفه، لأن دلالة حاله وهي غيظه توجب الفور، بخلاف ما إذا حلف ليصومن شهراً فإنه يلزمه أن يصوم شهراً غير معين إذ لا موجب للصرف بخلاف يمينه إلى الصوم في الحال.
أما إذا حلف لا يكلمه الشهر بالتعريف فإنه يلزمه أن لا يكلمه الأيام الباقية من الشهر، وكذلك السنة واليوم والليلة.
وإذا حلف بالليل لا يكلمه يوماً فإنه يلزمه أن لا يكلمه فيما بقي من الليلة وفي الغد. وإذا حلف بالنهار لا يكلمه يوماً فإنه يلزمه أن لا يكلمه من ساعة حلفه إلى مثلها من اليوم التالي، أعني أربعة وعشرون ساعة،
وإذا حلف لا يكلمه اليوم ولا غداً ولا بعد غد فله أن يكلمه ليلاً لأنها أيمان ثلاثة ولو لم يكرر النفي فهي واحدة.
وإذا حلف لا يتكلم فقرأ القرآن أو سبح فإن كان في الصلاة فإنه لا يحنث اتفاقاً، وإن كان خارج الصلاة فالتحقيق أن المعول عليه في ذلك العرف؛ فإن كانت قراءة القرآن والتسبيح ونحو ذلك يسمى كلاماً في العرف فإنه يحنث، وإلا فلا يحنث وهو في عرف مصر ليس بكلام.
وإذا حلف لا يكلم فلاناً فاقتدى الحالف بالمحلوف عليه فسها المحلوف عليه في الصلاة فسبح له الحالف فإنه لا يحنث. وكذا إذا كان الحالف مقتدياً والمحلوف عليه إماماً ففتح الحالف عليه "أرشده للقراءة بعد أن سدت طرقها فوقف" فإنه لا يحنث. وإذا صلى الحالف إماماً بجماعة فيهم المحلوف عليه فسلم في آخر الصلاة فإنه لا يحنث لا بالتسليمة ولا بالتسليمة الثانية على المختار. وكذا إذا صلى المحلوف عليه إماماً بجماعة فيهم الحالف، فإن الحالف لا يحنث بالتسليم من الصلاة رداً على المحلوف عليه، أما إذا سلم الحالف على قوم خارج الصلاة فيهم المحلوف عليه فإنه يحنث ولو لم يعلم به، وسواء سمعه المحلوف عليه أو لم يسمعه، وإذا استثناه بلسانه كأن قال إلا فلاناً فإنه لا يحنث، وإذا قال إلا واحداً فإنه لا يصدق إذا قال أردته، وكذا إذا نوى القوم دونه بقلبه فإنه يصدق ديانة لا قضاء.
وإذا حلف لا يقرأ كتاب فلان فنظر إليه وفهمه بدون قراءة فإنه لا يحنث، وقيل يحنث وهو الموافق للعرف.
ولو قال: يوم أكلم فلاناً فأنت طالق فيلزمه أن لا يكلمه الليل والنهار، وإن نوى النهار فقط صدق ديانة وقضاء. ولو قال: ليلة أكلم فلاناً فأنت طالق فيلزمه أن لا يكلمه الليل فقط.
وإذا قال: إن كلمت فلاناً إلا أن يقدم أبوه فامرأتي طالق فإنها تطلق إن كلمه قبل قدوم أبيه. لأنه جعل القدوم غاية لعدم الكلام، فإن كلمه بعد القدوم لا يحنث، أما إذا قال: امرأتي طالق إلا أن يقدم فلاناً فإنها لا تطلق بقدومه، وذلك لأن كلمة "إلا" إن جعلت في المثال الأول غاية لعدم الكلام فكأنه قال: لا أكلمه إلى أن يقدم وهي وإن كانت للاستثناء إلا أنه يصح أن تستعار للغاية وللشرط، بجامع أن حكم كل واحد منها يخالف ما بعده، ومتى كانت الغاية فإنه يحنث إن فعل المحلوف عليه قبلها، ولا يحنث إن فعله بعدها. أما في المثال الثاني فهي للشرط لا للغاية، وذلك لأنها جعلت قيداً للطلاق فكأنه قال: يقع الطلاق ويستمر إلى أن يقدم فلان فإنه يرتفع. والطلاق لا يحتمل التأقيت فلذا لا تطلق بقدومه بل تطلق بموته.
وإذا حلف لا يكلمه حتى يأذن له فلان فمات قبل الإذن فإن اليمين تسقط، والضابط في ذلك أنه إذا جعل الحالف ليمينه غاية ففاتت الغاية بموت ونحوه بطل اليمين، لما علمت من أن شرط بقاء اليمين المؤقتة أن يكون البر متصوراً.
وإذا حلف لا يكلم فلاناً وفلاناً أو قال: كلام فلان وفلان علي حرام فإنه لا يحنث في المسألتين إلا إذا كلم الاثنين، فإذا كلم واحداً فإنه لا يحنث إلا إذا نوى كلام أحدهما فإنه يحنث بكلامه لأنه شدد على نفسه، أما إذا قال: والله لا أكلم فلاناً ولا فلاناً بإعادة "لا" فإنه يحنث لكلام أحدهما، كما إذا حلف بالطلاق لا يذوق طعاماً ولا شراباً فذاق أحدهما فإنه يحنث لأنه مع تكرار لا يكون بمنزلة يمينين، فإذا لم يكررها لا يحنث إلا إذا ذاق الاثنين.
وإذا حلف لا يكلم إخوة فلان وهو يعتقد أن له إخوة متعددة وليس له إلا أخ واحد فإنه لا يحنث إذا كلمه، لأنه لم يرد الواحد فبقيت اليمين على الجمع، أما إذا كان يعلم أن له أخاً واحداً فإنه يحنث لكلامه، لأنه يكون قد ذكر الجمع واراد منه الواحد وهو يصح.
وكذا إذا حلف لا يأكل من هذا الخبز إلا ثلاثة أرغفة وليس منه سوى رغيف واحد فإنه لا يحنث.
وإذا حلف لا يكلم فلاناً ما دام في الدار وكان ساكناً فيها فخرج منها على وجه تبطل به السكنى ثم كلمه وعاد إليها ثانياً تنحل اليمين، فإذا كلمه بعد ذلك لا يحنث، وكذا إذا حلف لا يقرب امرأته ما دامت في دار كذا وكانت ساكنة فإنها إذا خرجت منها على وجه تبطل السكنى بأن نقلت متاعها ثم عادت إليها تنحل اليمين.
ومثل كلمة "ما دام" ما زال وما كان، في أنها غاية تنتهي اليمين بها، ويلحق بها قول العامة: "طول ما أنت ساكن في كذا" وكذا إذا حلف لا يأكل هذا الطعام ما دام في ملك فلان فباع فلان بعضه فلا يحنث إذا أكل من الباقي، لأن شرط الحنث بقاء الكل في ملكه ولم يوجد وكذا إذا حلف لا يكلم عرسه أو صديقه، أو لا يدخل داره، فطلقها أو زالت الصداقة أو باع الدار فإنه يحنث في العرس والصديق إن أشار إليهما بأن قال: صديق فلان هذا أو عرس فلان هذه، لأن الصفة تلغو مع الإشارة عند الحلف فزوالها كعدمه كما تقدم، وأما إذا لم يشر إليهما بهذا فإنه لا يحنث بكلامها إذا تبدلت الصداقة عداوة أو طلقت العرس.
وأما في الجار ونحوها من كل ما يملك كالدواب والثياب فإنه لا يحنث باستعمالها، سواء أشار إليها بهذه بأن قال: دار فلان هذه أو لم يشر بأن قال: دار فلان فإنه في حال الإشارة يكون قد عقد يمينه على أمر معين مضاف إلى فلان إضافة ملك، أي على عين مملوكة لفلان فلا تبقى اليمين إذا زال الملك.
وفي حالة عدم الإشارة والتعيين يكون قد عقد يمينه على فعل "وهو الدخول" واقع في محل وهي الدار مضاف إلى فلان فيحنث ما دامت الإضافة باقية، ولا يحنث بعد زوالها.
يتبع 2
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,700
مستوى التفاعل
8,767
مجموع اﻻوسمة
8
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
###################

الحنفية قالوا:
إذا حلف لا يكلم فلاناً فكتب له كتاباً أو أرسل له رسولاً، فإن نوى بقوله لا يكلمه مشافهة بالكلام فإنه لا يحنث بالكتاب والرسول بلا خلاف، وإن لم ينو ذلك ففيه خلاف؛ فبعضهم يقول: إنه يحنث، وصحح بعضهم عدم الحنث بشرط أن لا ينوي ترك مراسلته أيضاً، أو كان ليمينه سبب يقتضي هجرة فإنه يحنث في هذه الحالة بالكتاب والرسول، أما الإشارة فقيل يحنث بها وقيل لا يحنث.
وإذا حلف لا يكلم إنساناً حنث بكلام كل إنسان من ذكر وأنثى، وصغير وكبير، وعاقل ومجنون وإذا حلف لا يكلم زيداً أو لا يسلم عليه فإن زجره فقال له: تنح أو اسكت حنث إلا إذا نوى كلاماً غير هذا فلا يحنث به، وإن صلى الحالف بالمحلوف عليه إماماً ثم سلم الحالف من الصلاة فإنه لا يحنث وكذا إذا فتح الحالف عليه في الصلاة فإنه لا يحنث.
وإذا حلف لا يكلم فلاناً فناداه فإن كان منه بمكان يمكنه أن يسمعه حنث ولو لم لعارض كشغل أو غفلة، وإن كان بعيداً عنه بحيث لا يسمعه لم يحنث.
وإذا حلف لا يكلمه فسلم عليه فإنه يحنث، وإذا سلم على قوم فيهم ولم يعلم به، فإن كان يمينه بالطلاق أو العتق يحنث، وإن كان بغيره لا يحنث فهو في هذا كالناسي، أما إن كان عالماً به ولم ينو إخراجه بقوله أو يستثنه بلسانه كأن يقول: السلام عليكم إلا فلاناً فإنه يحنث، سواء كان اليمين. بالطلاق أو بغيره.
وإذا حلف لا يبتدئه بكلام فتكلما معاً لم يحنث، وإذا حلف لا يكلمه حيناً فإنه يلزمه أن لا يكلمه ستة أشهر إذا لم ينو غير ذلك وإلا عومل بنيته. وكذا إذا حلف لا يكلمه الزمان بالتعريف فإنه يلزمه أن لا يكلمه ستة أشهر كالحين؛ أما إن قال زمناً أو دهراً أو بعيداً أو ملياً أو طويلاً أو وقتاً أو عمراً أو حقباً بالتنكير في الجميع فإنه ينصرف إلى أقل زمان. وإن قال لا أكلمه الأبد أو الدهر أو العمر "بالتعريف" فإنه يلزمه أن لا يكلمه في جميع الأزمنة لأن الألف واللام للاستغراق فشمل الزمان كله.
وإذا حلف لا يكلمه أشهراً لزمه أن لا يكلمه ثلاثة أشهر، وكذلك الأيام، وإذا قال لا أكلمه إلى الحول يلزمه أن لا يكلمه مدة حول كامل من ابتداء اليمين حتى ولو حلف في أثناء الحول.
وإذا حلف لا يتكلم ثلاثة أيام شملت الليالي فيلزمه أن لا يتكلم ثلاثة أيام بلياليها، كما إذا حلف لا يتكلم ثلاث ليال فإنها تشمل الأيام التي بين الليالي.

الشافعية قالوا:
إذا حلف لا يتكلم فإنه لا يحنث بما لا تبطل به الصلاة، كقراءة قرآن وذكر ودعاء غير محرم بشرط أن لا يشتمل على خطاب لغير الله ورسوله وإلا حنث، وإذا نطق بحرف غير مفهم فإنه لا يحنث لأنه لا تبطل به الصلاة، أما إذا نطق بحرف مفهوم فإنه يحنث بشرط أن يسمع نفسه أو كان بحيث يسمع ولكنه لم يسمع لعارض، فإن لم يكن كذلك فإنه لا يحنث. وكذا يحنث إذا فتح على المصلي إذا قصد الفتح فقط أو لم يقصد شيئاً، فإن قصد التلاوة فقط أو قصد التلاوة مع الفتح فإنه لا يحنث.
وإذا حلف لا يكلم فلاناً فسلم عليه فإنه يحنث بشرط أن يسمعه السلام، أو يكون منه بمكان يمكن أن يسمعه ولكن لم يسمعه لعارض، وبشرط أن يفهم ما يسمع ولو بوجه، وإذا سلم عليه من صلاة فإن قصده بالسلام حنث، أما إذا لم يقصده بل قصد الخروج من الصلاة أو لم يقصد شيئاً فإنه لا يحنث، كما لا يحنث إذا كتب له كتاباً أو أرسل له رسولاً أو أشار إليه بيد أو غيرها وإذا أفهمه مراده بقراءة آية فإنه لا يحنث إذا نوى القراءة وحدها، أو نوى القراءة مع الإعلام.
وإذا حلف لا يكلم زوج فلان أو عبده فطلقت أو عتق فكلمه لا يحنث، وكذا إذا حلف لا يدخل داره فباعها كلها أو بعضها فدخلها فإنه لا يحنث، أما إذا نطق باسم الإشارة كأن قال: لا يكلم زوج فلان هذه أو لا يدخل دار فلان هذه، فإن نوى ما دام في ملكه أو ما دامت زوجه ثم طلقت الزوج طلاقاً بائناً لا رجعياً وبيعت الدار لازم بدون خيار فإنه لا يحنث، أما إذا لم ينو ذلك فإنه يحنث.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,700
مستوى التفاعل
8,767
مجموع اﻻوسمة
8
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة

مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
#############

مبحث إذا حلف ليضربن غلامه أو لا يبيع أو لا يشتري ونحو ذلك من العقود

في هذا المبحث مسائل مختلفة في المذاهب
(1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المالكية قالوا:
إذا حلف ليضربن غلامه عشرين سوطاً مثلاً ثم جمع السواط وضربه بها مرة واحدة فإنه لا يبر بذلك، بل لا بد في البر من ضربه بالسوط العدد متفرقاً على العادة؛ ثم إن الضربة التي حصلت بها إن حصل منها إيلام المنفردة حسبت واحد، وإن لم يحصل منها إيلام كإيلام المنفردة فلا تحسب.
وإذاحلف لا يقبل زوجه فقبلته هي فإن استرخى لها حنث، وإنما يحنث إذا قبلته في فمه، أما إذا قبلته في خده فإنه لا يحنث، وإذا حلف عليها أن لا تقبله فقبلته حنث مطلقاً سواء استرخى لها أو لا، وسواء قبلته في الفم أو غيره، وإذا حلف لا يقبلها فقبلها حنث، سواء قبلها في الفم أو في غيره.
وإذا كان له عند آخر حق فحلف أنه لا يفارقه أو قال: لا تفارقني حتى آخذ منك حقي، أو حتى أستوفي حقي أو أقبض حقي ففر منه قبل أخذ حقه منه فإنه يحنث، سواء فرط بأن لم يقبض عليه حتى فر، أو لم يفرط بأن فر منه كرهاً أو استغفالاً.
وإذا أحاله على شخص آخر وقبل الحوالة فقيل إنه لا يجزئه بل يحنث حتى ولو قبض الحق بحضرة الغريم، ولكن هذا إذا لم يكن العرف على خلافه، والعرف في مصر على الاكتفاء بالحوالة في مثل هذا، ومعلوم أن الأيمان مبنية على العرف.
وإن حلف أنه علم بالأمر الفلاني فإنه يخبر به فلاناً أو يعلمه به، فعلم به، ولم يعلم فلاناً حتى علمه فلان من غير الحالف، فإن الحالف يطلب منه أن يعلمه ولم يبر بإعلامه مشافهة أو برسول، أو كتاب، فإن فعل بر في يمينه، فإذا علم الحالف أن المحلوف له علم بالخبر من غيره فقيل: يكفي هذا في بره ولا يطلب بإعلامه لحصول المقصود، وقيل: لا يكفي.
وإذا كان لشخص ثوب مرهون فطلب شخص استعارته منه فحلف له أن ليس لي ثوب؛ فإن كان لا يقدر على فك الرهن لعسره، أو لكون الدين مما لا يجعل فلا يحنث اتفاقاً، وإن كان يقدر على فك الرهن فإن نوى أنه لا ثوب له غير المرهون فإنه لا يحنث اتفاقاً أيضاً، وإن برق لا ثوب له تمكن إعارته فإن كانت قيمته قدر الدين فإنه لا يحنث أيضاً، وكذا إن كانت قيمته تريد على الدين فإنه لا يحنث على المعتمد.
وإذا حلف لا يعير فلاناً ثوبه أو داره فإنه يحنث بالصدقة عله بهما وبكل ما ينفعه من إسكان أو وقف أو غير ذلك. وإذا نوى بيمينه خصوص العارية فإنه يقبل قوله عند المفتي مطلقاً ولا يقبل قوله قضاء في الطلاق والعتق المعين.
وإذا كان الأمر بالعكس بأن حلف لا يتصدق على فلان أو لا يهبه شيئاً فأعاره وادعى أنه قصد الهبة والصدقة حقيقة لا عدم نفعه مطلقاً فإنه لا يحنث بالعارية، ويصدق عند القاضي حتى في الطلاق والعتق المعين، وكذا إذا حلف لا يتصدق عليه بكذا فوهبه إياه وادعى أنه قصد حقيقة الصدقة لا عدم نفعه، فإنه يصدق عليه بكذا فوهبه إياه وادعى أنه قصد حقيقة الصدقة لا عدم نفعه فإنه يصدق عند القاضي أيضاً حتى في الطلاق والعتق المعين.
وإذا كان الأمر بالعكس بأن حلف لا يهبه شيئاً فتصدق عليه به وادعى أنه قصد خصوص الهبة فإنه لا يصدق عند القاضي في الطلاق والعتق المعين، أما عند المفتي فإنه يصدق في الجميع.
وإذا حلف ليسافرن ولم يكن له نية ولا ليمينه بساط فإنه يلزمه أن يسافر مسافة القصر حملاً له على المعنى الشرعي، لأنه يقدم على الراجح كما تقدم. ويلزمه أن يمكث في المعنى اللغوي على المحل الذي انتهى سفره إليه نصف شهر بمعنى أنه لا يرجع إلى بلده الذي سافر منه أو إلى غيره مما ليس بينه مسافة القصر، فإن رجع قبل نصف شهر فإنه لا يبر، أما إذا استمر مسافراً نصف شهر بعد مسافة القصر فإنه يبر إذ لا تلزمه الإقامة ويندب له أن يكمل الشهر وكذا إذا حلف لينتقلن من هذه البلدة فإنه يلزمه أن ينتقل إلى بلد أخرى بشرط أن يكون بينهما مسافة القصر، فإذا انتقل إلى بلد دون مسافة القصر فإنه لا يبر، ويلزمه أن يمكث نصف شهر بعد الانتقال ويندب كمال الشهر. أما إذا حلف لينتقلن من هذه الدار أو من هذه الحارة، فإنه يكفي أن ينتقل إلى دار أخرى أو إلى حارة أخرى، ولا يشترط أن يكون بينهما مسافة قصر ويمكث نصف شهر ويندب أن يكمل الشهر. هذا إذا قصد إرهاب جاره أما إذا كره جواره فحلف فإنه يحنث إذا رجع في أي وقت.
وإذا أطلق اليمين كأن حلف لينتقلن ولم يقل من البلد أو الحارة أو الدار ولم ينو واحداً منها ولم يكن ليمينه بساط يعين مراده، فإنه يلزمه أن يسافر مسافة القصر ولا يعود "بعد أن ينتهي في سفره إلى تلك المسافة" إلا بعد نصف شهر كما تقدم في المثال الأول وإلا فلا يبر.
وإذا حلف ليقضين فلاناً حقه بعد عشرة أيام فلما مضت تسعة منها عمد الحالف إلى مال غيره فأخذه بدون عمله وأعطاه المحلوف به قضاء لحقه. فإن في هذه المسألة تفصيلاً:
وذلك لأنه إما أن يعلم صاحب المال بذلك قبل انقضاء الأجل أو بعده، فإن علم قبل انتقضاء الأجل فإن الحالف لا يحنث، أما إن علم صاحب المال بعد العشرة الأيام ففيها أقوال أقربها إلى الصواب أنه يحنث مطلقاً سواء أجاز رب المال فعله أو لم يجزه وأخذ ماله.
وكذا إذا عمد الحالف إلى سلعة من غير جنس الدين يستحق بعضها والبعض الآخر مستحق لغيره فقضى بها دينه فإنه يحنث، ولو كان البعض الذي يستحقه يفي بالدين، لأن المحلوف له ما رضي إلا بالكل، فلما ذهب البعض انفض الرضا. وكذا إذا قضاه بشيء وجد فيه عيباً كأن أعطاه فضة فوجد فيها نحاساً أو رصاصاً ولم يرض صاحب الحق به، أما إن رضي فإنه لا يحنث ما لم ينقص في العداد أو في الوزن في المتعامل به مكيلاً كان أو موزناً فإنه في هذه الحالة يحنث ولو رضي صاحب الدين.
وإذا حلف لا يضمنه فضمن وكيله ففي المسألة تفصيل، وذلك لأنه لا يخلو:
إما أن يعلم بأنه وكيله أو لا، فإن علم بأنه وكيله فإنه يحنث إذا ضمنه في شيء اشتراه أو اقترضه للمحلوف عليه مطلقاً، سواء كان ذلك الوكيل قريب المحلوف عليه أو نسيبه أو صديقه أو لم يكن كذلك، وسواء علم الضامن بقرابته أو لم يعلم. أما إذا ضمن الوكيل في شيء اشتراه أو اقترضه لنفسه فإنه لا يحنث ولو علم بأنه وكيل وقت الضمان، وإذا لم يعلم بأنه وكيله وضمنه في شيء اشتراه للمحلوف عليه فإنه يحنث إذا كان الوكيل قريب المحلوف عليه أو نسيبه أو صديقه، فإذا لم يعلم بقرابته أو نسبه أو صداقته أيضاً فقيل يحنث وقيل لا يحنث. فإذا كانت يمينه بالطلاق ونحوه وادعى أنه لا يعلم صلته بالمحلوف عليه فإنه يصدق قضاء إن كانت تلك الصلة غير مشهورة على القول الثاني، فإن كانت مشهورة فلا يقبل قوله قضاء، أما في الفتوى فإنه يقبل قوله، سواء كانت الصلة مشهورة أو غير مشهورة.
وإذا حلف لا ببيع من زيد شيئاً أو لا يتولى له بيعاً بسمسرة ونحوها فإنه يحنث إذا باع لوكيله أو تولى لوكيله بيعاً إن كان ذلك الوكيل قريباً أو صديقاً لزيد ولو لم يعلم بأنه وكيل؛ وفي علمه بالقرابة الخلاف المتقدم في المسألة الأولى، أما إن علم بأنه وكيله فإنه يحنث، سواء كان الوكيل قريباً أو لا.
وإذا قال البائع للوكيل: حلفت أن لا يبيع من زيد شيئاً وأخاف أن تكون وكيله فقال الوكيل: البيع لي لا له، ثم ثبت بالبينة أنه لزيد فإنه يلزم البيع ويحنث الحالف ما لم يقل الحالف إن كنت تشتري له فلا بيع بيني وبينك، فإنه لا يحنث ولا يلزم البيع على المعتمد.
وإذا أسر محمد حديثاً لعلي ثم استحلفه على كتمانه بحيث لا يخبر به أحداً ثم إن محمداً أسر حديثه لخالد أيضاً فذهب خالد لعلي وقال له الحديث فقال على ما أظن أن محمداً يسر هذا الحديث لغيري فإنه يحنث بهذه الكلمة، لأنها تكون كالإخبار ولو لم يقصد بها ذلك.
وإذا حلف لا يكلم زوجه حتى تفعل كذا ثم قال لها عقب يمينه: اذهبي أو انصرفي فإنه يحنث ولا يتوقف الحنث على كلام آخر. أما إذا حلف لا يكلم فلاناً حتى يبدأه بالكلام فقال له: فلان لا أبالي بك فإنه لا يعتبر بهذه العبارة بادئاً بالكلام فيحنث إذا كلمه عقبها أن يبدأه بكلام آخر.
وإذا حلف ليقضين فلاناً حقه في وقت كذا فباع له سلعة بيعاً فاسداً "متفق على فساده" وجعل الثمن في نظير الحق الذي عليه، ففي هذه المسألة تفصيل:
وذلك لأنه إما أن يسلم السلعة لصاحب الدين ويفوتها في يده قبل حلول الأجل المحلوف إليه أو لا يفوتها، فإن فاتها قبل الأجل فإنه لا يحنث بشرط أن تكون قيمتها تفي بالدين، فإن كانت أقل يحنث إلا إذا كمل له بقية الأجل، وإن لم يتركها في يده قبل الأجل بأن لا يفوتها له أصلاً أو يفوتها بعد الأجل ففي هذا الخلاف.
والذي اختاره بعضهم أنه يحنث إن كانت القيمة لا تفي بالدين، ولا يحنث إن كانت تفي به.
وإذا حلف ليقضينه حقه في وقت كذا فوهبه رب الدين له وقبل الحالف الهبة، فإنه يحنث إذا مضى الأجل ولم يقض الدين. أما إذا دفع الدين قبل مضي الأجل فإنه لا يحنث على التحقيق، لأن مجرد قبول الهبة لا يوجب الحنث.
وإذا حلف ليقضينه حقه في وقت كذا فقضاه عنه قريب له بدون إذنه، فإن علم بذلك قبل حلول الأجل ورضي به فإنه يبر، أما إذا لم يعمل قبل حلول الأجل حتى مضى الأجل ولم يقض فإنه يحنث، سواء دفع قريبه من مال الحالف أو من ماله ما لم يكن الدافع وكيلاً مفوضاً للحالف أو وكيلاً في قضاء الدين فإنه في هذه الحالة لا يحنث، أما إذا دفعه عن وكيل له في بيع أو شراء أو وكيل ضيعة وهو الذي يوكله في قبض خراج العقار أو في شراء نفقات المنزل من لحم وخضار وصابون ونحو ذلك، أو وكيل تقاضي "أي وكيل في خصومات القضاء" فإنه يحنث. وكذلك إذا تذكر أنه دفع الحق لصاحبه وأبرأه، أو شهدت الشهود عند القاضي بأن صاحب الحق قد أخذ حقه، فإنه يلزمه أن يدفعه قبل حلول الأجل ثم يأخذه ثانياً.
وإذا حلف ليتزوجن فإنه لا يبر إذا تزوج امرأة لا تليق لمثله لدناءتها. كما إذا تزوج مومساً أو فقيرة وكان موسراً ولو دخل بها. وكذا إذا تزوجها بعقد نكاح فاسد يفسخ قبل الدخول بها أو بعده كنكاح الشغار والمتعة ونكاح المحرم، فإن قيد يمينه بأجل كأن قال: لأتزوجن في شهر كذا فإنه يحنث إذا فات الأجل ولم يتزوج بعقد صحيح على امرأة يشبه التي حلف ليتزوجن عليها قدراً ورفعة، ولا يشترط في بر اليمين أن يكون الزواج لرغبة فيه ونسب، بل يكفي ولو قصد مجرد إبراز اليمين.
ومن حلف لا يكفل أحداً في مال فضمن شخصاً ضمان وجه "أي ذات الشخص" فإنه يحنث، وذلك لأنه يؤول إلى ضمانه في المال عند العجز عن إحضار شخصه، إلا إذا اشترط في الضمان عدم الغرم للمال إذا عجز عن إحضاره. فإنه في هذه الحالة لا يحنث، لأن هذا يكون ضمان طلب حينئذ وهو لا يحنث به في حلفه لا يكفل في مال. وإذا حلف لا أتكفل وأطلق أي لم يقل في مال أو غيره، فإنه يحنث بجميع أنواع الضمان وهي ضمان الغرم للمال، وضمان الوجه، وضمان الطلب، وإذا حلف لا يضمن زيداً فضمن وكيل زيد في شيء اشتراه الوكيل لزيد لا لنفسه فإنه يحنث.
وإذا باع شخص سلعة لآخر ولم يقبض البائع الثمن من المشتري. ثم إن المشتري طلب من البائع أن يحط عنه شيئاً من الثمن فحلف البائع أن لا يترك من حقه شيئاً فأعاد له السلعة المبيعة ثانياً فقبلها المشتري واقاله من البيع، فعلى القول بأن الإقالة رد للبيع الأول فإنه لا يحنث مطلقاً، سواء كانت قيمة السلعة حين الإقالة تساوي قيمتها حين البيع، أو كانت أقل من الثمن الذي باع به، لأن بساط يمينه إن ثبت لي حق فلا أضع شيئاً منه، وحيث انحل البيع وردت السلعة فلم يثبت للبائع حق عند المشتري فلا يحنث.
أما على القول بأن الإقالة بيع فإنه لا يحنث إذا كانت قيمة السلعة حين الإقالة تساوي الثمن الذي بيعت به فأكثر تحقيقاً. أما إذا كانت أقل منه فإنه يحنث إلا أن يدفع له المشتري ما نقصه فإنه لا يحنث، لأنه ما ترك شيئاً من حقه حينئذ. ويشترط في عدم الحنث أن لا يدفع له الناقص على سبيل الهبة، فإن وهبه إياه فإنه يحنث.
وإذا حلف بطلاق أو غيره ليقضينه حقه في وقت كذا إلا إذا أخر له إلى وقت آخر فمات صاحب الحق قبل أن يؤخر له، فإذا كان له وارث رشيد وأخره أجلاً ثانياً فإنه لا يحنث إذا لم يدفع عند الأجل الأول. أما إذا لم يؤخره الوارث الرشيد أجلاً آخر فإنه إذا لم يدفع في الموعد الذي ضربه للقضاء فإنه يحنث، ولا ينفع تأخيره الوارث إذا كان على الميت دين يستغرق التركة.
وإذا حلف ليقضينه حقه في وقت كذا إلا إذا أخره مدة أخرى فمات صاحب الحق قبل أن يؤخره وترك ورثة صغاراً أو محجوراً عليهم لسفه أو جنون فأخره الوصي مدة أخرى فإنه لا يحنث، سواء أخره لمصلحة الصبي أو المحجور عليه، كأن خاف إنكار الدين، أو خاف خصام الحالف، أو أخره لغير ذلك. إلا أنه يحرم على الوصي أن يؤخره مدة أخرى من غير نظر إلى مصلحة الصغير أو المحجور عليه.
ويشترط لعدم الحنث بتأخير الوصي أن لا يكون على الميت دين يستغرق التركة فإن كان عليه دين يستغرق التركة فالكلام لأصحاب الدين فيجوز لهم أن يؤخروا الدين عند الحالف مدة أخرى بشرط أن يبرئوا ذمة الميت من القدر الذي تأخر قبضه عند الحالف. فإن لم يفعلوا ذلك فإن تأخيرهم الدين عند الحالف لا يجزئه. ولو تركوا له المبلغ، ويشترط أيضاً أن يقع التأخير من جميع الغرماء؛ فإن أخر بعضهم دون بعض فإنه يجب التعجيل لمن لم يؤخره.
يتبع
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,700
مستوى التفاعل
8,767
مجموع اﻻوسمة
8
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
#####################

الحنفية قالوا:
إذا حلف ليضربن غلامه مائة سوط ولا نية له فضربه ضرباً خفيفاً فإنه يبر بشرط أن يتألم المضروب، أما إذا لم يتألم فإن الحالف لا يبر، وإذا ضربه بسوط واحد له شعبتان خمسين مرة فإنه يجزئه في المائة ويبر في يمينه بشرط أن تقع الشعبتان على بدن المضروب في كل مرة. وإذا جمع المائة سوط وسوى رؤوسها قبل الضرب وضربه بها ضربة واحدة بحيث يصيب بكل رأس منها بدن المضروب فإنه يبر.
أما إذا ضربه بعرض الأسواط أو لم يسو الرؤوس فاندس بعضها في بعض فلم تصب الرؤوس جميعها بدنه فإنه لا يحسب إلا ما أصاب بدنه.
وإذا حلف ليضربن بنته الصغيرة عشرين سوطاً فإنه يبر إذا جمع عشرين شمراخاً من "شماريخ" النخل وضربها بها مرة واحدة.
وإذا حلف لا يضرب امرأته فقرصها أو عضها أو خنقها أو نتف شيئاً من شعرها فآلمها ذلك؛ فإن كان قد فعله على وجه الغضب فإنه يحنث، أما إن كان قد فعله على وجه الملاعبة فإنه لا يحنث.
وإذا حلف لا يضرب امرأته فضرب بنته فأصابت الضربة امرأته فإنه لا يحنث على المعتمد. وكذا إذا حلف لا يضربها فنفض ثوبه فأصاب وجهها فأوجعها فإنه لا يحنث.
وإذا حلف ليضربن غلامه حتى يموت فإنه يبر إذا ضربه ضرباً شديداً، لأن مثل هذه اليمين تنصرف إلى المبالغة.
وإذا أراد أن يضرب ولده فحلف أن لا يمنعه أحد فضربه خشبة أو خشبتين ثم منعه إنسان عن ضربه وهو يريد أن يضربه أكثر من ذلك فإنه يحنث.
وإذا كان له عند شخص حق فحلف أن لا يفارقه حتى يقضيه حقه أو يستوفي ما عليه فلزمه بأن قعد منه مقعداً بحيث يراه ويحفظه ولو حال بينهما سترة أو عموداً من أعمدة المسجد، أو جلس أحدهما خارج الحانوت والآخر داخلها بحيث ينظر إليه ويراه فإنه يكون غير مفارق له، وإذا نام الطالب أو غفل أو شغله إنسان فهرب المطلوب فإنه لا يحنث. أما إذا فر منه ولم يمنعه مع القدرة عليه فإنه يحنث.
وإذا حلف ليقبضن أو ليأخذن من فلان حقه فأخذه بنفسه أو قبضه وكيله بدلاً منه فإنه يبر، وإن نوى أن يقبض بنفسه فإن يعامل بنيته ويصدق في قوله ديانة وقضاء، وكذلك يبر إذا قبض حقه من وكيل المحلوف عليه، أو قبض من كفيل بالمال إذا قبضه بأمر المديون، وكذا إذا أحاله المديون على رجل فقبض منه حقه فإنه يبر في يمينه، أما إذا قبض من شخص غير المحلوف عليه، أو كانت الكفالة أو الحوالة بغير أمره فإنه يحنث وإذا غضب شيئاً يساوي حقه فإنه يبر.
وإذا حلف ليقبضن حقه ولم يوقت بوقت ثم أبرأ المدين من المال أو وهبه إياه فإنه يحنث وإذا حلف ليقبضن حقه في وقت كذا ثم أبرأه قبل حلول الوقت، فإن اليمين تسقط ولا يحنث إذا جاء ذلك الوقت.
وإذا حلف ليقضين حقه من فلان في وقت كذا ففعل فإنه لا يحنث ولو كان به عيب كأن أعطاه نقوداً مغشوشة غشاً لا يمنع التعامل بها فيقبلها التجار تساهلاً وتسمى "زيوفاً"، أو أعطاه نقوداً مغشوشة غشاً أكثر من الأولى بحيث لا يقبلها إلا المتساهلون من التجار وتسمى "بنهرجة" أما إذا أعطاه نقوداً مغشوشة غشاً شديداً وتسمى "ستوقة" أي ثلاث طبقات، الوجهان فضة، والوسط نحاس أو رصاص، فإنه يحنث لأنها ليست من جنس الدراهم.
وكذا لا يحنث إذا أعطاه مالاً مستحقاً للغير بأن أثبت حقه، ومتى ثبت البر في الأحوال الثلاثة، وهي ما إذا قضاه بنهرجة، أو زيوفاً. وأعطاه مالاً مستحقاً للغير، فإن البر لا يرتفع برد النقود للمحلوف عليه ثانياً.
وإذا حلف ليقضينه حقه في وقت كذا فباعه سلعة واحتسب له ثمنها في مقابلة حقه فإنه لا يحنث، سواء استلم الحالف السلعة أو لم يستلمها، وإذا هلكت قبل أن يستلمها الحالف انفسخ البيع وعاد الدين ولكن لا ينتقض بر اليمين. وإذا باع المحلوف عليه السلعة للحالف بيعاً فاسداً واستلمها الحالف، فإن كانت قيمتها تساوي الدين فإنه لا يحنث، وإلا حنث.
وإذا حلف ليقضين دين فلان بدون أن يوقت فوهب له الدائن دينه فإنه لا يبر، لأن القضاء فعل المديون، والهبة فعل الدائن؛ فلم يقع منه القضاء.
أما إذا حلف ليقضين دينه غداً فوهب له الدائن الدين قبل الغد فإنه لا يحنث، لأن الدين المحلوف على سداده سقط بالهبة فسقطت اليمين، لأن فعل المحلوف عليه أصبح غير ممكن، وقد تقدم أن إمكان فعل المحلوف عليه شرط في بقاء اليمين منعقدة كما هو شرط في انعقادها ابتداء.
وإذا حلف لا يبيع كذا أو لا يشتريه فأمر غيره ببيعه أو شرائه لا يحنث، سواء كان المأمور وكيلاً، أو قريباً، أو صديقاً. أو لم يكن كذلك، ويشمل البيع والشراء السلم، فإذا حلف لا يبيع حنطة فأسلم غليه شخص عشرين جنيهاً ثم عشرة "أرادب" من القمح، بمعنى أنه يعطيه العشرين جنيهاً عاجلاً على أن يستلم منه القمح بعد حصاده آجلا فإنه يحنث، لأنه قد باع القمح وإن لم يقبضه المشتري. وكذلك إذا حلف لا يشتري فأسلم في ثوب أو غلة بأن دفع ثمنها عاجلاً على أن يقبضها آجلاً فإنه يحنث. لأنه لا يصدق عليه أنه اشترى غايته أنه أجل القبض. أما الإقالة فإنها إن كانت بلفظ البيع فإنه يحنث، بها اتفاقاً فإذا حلف لا يشتري السلعة التي باعها فأقال المشتري منها بلفظ البيع بأن قال له: بعني تلك السلعة فإنه يحنث اتفاقاً. أما إذا كانت لفظ المفاسخة بأن يتفقا على فسخ البيع، أو بلفظ المشاركة بأن يترك المشتري السلعة للبائع وهذا يترك له ثمنها، أو تراد بأن يرد المشتري السلعة والبائع الثمن فإنها لا تدخل في البيع والشراء اتفاقاً. أما إذا كانت بلفظ الإقالة بأن قال له: أقلني بيع هذه السلعة، فقال: أقلتك، فقال: قبلت، فإن كانت السلعة لم تقل عن ثمنها الأول فإنه لا يحنث، أما إن نقصت عن ثمنها الأول قدراً أو جنساً فإنه يحنث وقيل: لا يحنث لأنها إقالة على كل حال.
وإذا حلف لا يبيع أو لا يشتري فإنه يحنث بالفاسد منهما ولو لم يقبضه، كما يحنث بالبيع الذي فيه هذا الخيار للبائع أو للمشتري، وبالبيع بطريق الفضول، ولا يحنث بالبيع الباطل.
هذا وقد ذكروا ضابطاً لما يحنث فيه بفعل وكيله وما لا يحنث.
وهو أن كل عقد ترجع حقوقه المترتبة عليه على من يباشره ويستغني الوكيل فيه عن نسبته للموكل، فإن الحالف لا يحنث فيه بفعل مأموره، وذلك كالبيع والشراء، والإيجار والاستئجار والصلح عن مال، والقسمة، وقد اختلف في المخاصمة أو الجواب على الدعوى فإنها من العقود التي لا يحنث الأمر فيها بفعل مأموره كالبيع ونحوه، وقيل: إنه يحنث لأنها من العقود التي لا يستغني فيها عن ذكر الموكل، لأن الوكيل يقول: أدعي لموكلي. ولكن المفتى به أن الآمر لا يحنث بفعل مأموره في المخاصمة. ومثل هذه العقود الفعل الذي تقتصر أصل الفائدة فيه على محله، كما إذا حلف لا يضرب ولده فأمر وكيله بضربه فإنه لا يحنث، لأنه فائدة الضرب مقصورة على فائدة الولد وهي تأديبه، ولكنه لا يحنث في مثل هذا إذا لم يكن العرف على خلافه، فإن كان العرف على أن ضرب المأمور ينسب إلى الآمر كما يقول الأب لابنه: غداً أعطيك "علقة" ثم يذهب لمؤدبه فيضربه بأمره فينسب الضرب للأب، ويقال: إن الأب ضرب ابنه، فإنه في هذه الحالة إذا حلف لا يضرب ابنه فأمر مؤدبه بضربه فإنه يحنث، لأن ضرب المؤدب منسوب إليه، وكذلك سائر العقود المذكورة إن كان الحالف بها ذا سلطان لا يباشر بنفسه فإنه يحنث إذا فعلها بنفسه أو بوكيله عملاً بالعرف.
فهذه هي العقود التي لا يحنث فيها الآمر بفعل المأمور.
أما العقود التي لا ترجع حقوقها المترتبة عليها على من يباشرها بل ترجع على الآمر بها يحنث بفعل وكيله كما يحنث بفعل نفسه، وهي ما عدا العقود التي ذكرت آنفاً. ومنها النكاح فإن الحقوق المترتبة عليه ترجع للآمر، فهو الذي يطالب بالمهر والنفقة والقسم وكل حقوق الزوجية المترتبة على العقد، ولهذا ينسب الشخص المباشر إلى الآمر به فيقول: زوجت موكلي من فلانة ولا يحنث إلا بالعقد "الصحيح" أما الفساد فلا يحنث به مطلقاً.
ومنها الاستقراض "وهو أن يطلب شخص من آخر قرضاً" فإذا حلف لا يستقرض شيئاً ثم أرسل إلى رجل رسولاً يستقرض له منه كذا من الدراهم فقال له: إن فلاناً يشتقرض منك كذا فإنه يحنث ولو لم يقرضه. أما إذا قال له الرسول: أقرضني كذا فإنه لا يكون استقراضاً بل يكون قرضاً للرسول، ولهذا يصح التوكيل في القرض وفي قبضه كأن يقول له: أقرضني كذا ثم يوكل عنه من يقضيه. أما الاستقراض فإنه لا يصح التوكيل فيه، بل يكون الرسول معبراً فقط، لأنه يقول للمرسل إليه: إن فلاناً يستقرض منك كذا فلا بد في الاستقراض من نسبته إلى الآمر. وإذا أقرضه يكون المال للمرسل، فإذا ضاع من الرسول كان المرسل ضامناً له بخلاف القرض، فإنه يكون ملكاً للوكيل وله أن يمنعه عن الأمر فلهذا يحنث في صورة الاستقراض لا في صورة القرض.
ومنها الهبة، فإنه إذا حلف لا يهب لفلان كذا، أو حلف لا يهب هذا الشي بخصوصه، أو حلف لا يهب وأطلق فإنه يحنث إذا وهب بنفسه. أو وكل عنه من يهب. سواء قبل الموهوب له أو لم يقبل، قبض أو لم يقبض، وسواء كانت الهبة صحيحة أو لا، وكذا إذا حلف ليهبن لفلان كذا فوهبه إياه فإنه يبر وإن لم يقبل الموهوب. ويشترط في الحنث في المثال الأول والبر في المثال الثاني: أن يكون الموهوب له حاضراً، فلو وهب الحالف لغائب لا يحنث على أي حال. وإذا حلف لا يهب هذا الشيء لفلان ثم وهبه له على عوض فإنه يحنث، أما إذا وكل أحداً فوهبه له على عوض فإنه لا يحنث.
وإذا حلف إن وهب لفلان كذا فعليه طلاق فوهب له فإنه يحنث وإن لم يقبل، لما علمت من أن قبول الموهوب ليس شرطاً في بر الحالف أو حنثه، بخلاف ما إذا حلف لا يبيع لفلان كذا فباعه فلم يقبل فإنه لا يحنث. وكذا إذا حلف ليبيعنه كذا فلم يقبل فإنه لا يحنث. والفرق أن الهبة عقد تبرع يتم بالمتبرع به فيكفي فيها الإيجاب، بخلاف البيع فإنه عقد معاوضة لا بد فيه من فعل الجانبين البائع والمشتري، فلا بد فيه من الإيجاب والقبول.
ومنها الصدقة، فإنه إذا حلف لا يتصدق فإنه يحنث إذا تصدق بنفسه أو بوكيله، سواء قبل المتصدق عليه أو لم يقبل، قبض أو لم يقبض، وكذا إذا حلف لا يقبل صدقة فوكل من يقبضها له فإنه يحنث. وإذا حلف لا يتصدق فوهب لفقير فإنه يحنث؛ لأن العبرة بالمعنى ما لم ينو خصوص الهبة فإنه لا يحنث. وإذا حلف لا يهب فتصدق على غني فإنه لا يحنث، لأن الصدقة على الغني ليست هبة إذ لا يملك الرجوع.
ومنها الطلاق، فلو حلف أن لا يطلق ثم وكل رجلاً بأن يطلق عنه فإنه يحنث، وإذا قال لامرأته: إن دخلت الدار فأنت طالق. ثم حلف بعد ذلك أنه لا يحلف بالطلاق، ثم دخلت امرأته الدار فإنه يحنث في اليمين الأولى دون الثانية، أما إذا حلف أولاً أنه لا يحلف بالطلاق ثم قال لامرأته: إن دخلت الدار فأنت طالق فدخلت الدار فإنه يحنث في اليمينين.
ومنها قضاء الدين وقبضه، فلو حلف لا يقبض الدين من غريمه اليوم حنث بقبض وكيله، أما إذا وكله بقبضه قبل اليمين ثم حلف فقبضها الوكيل بعد اليمين فقيل يحنث، وقيل لا يحنث.
ومنها الذيح، فلو حلف لا يذبح شاة في ملكه فأمر وكيله بذبحها فإنه يحنث.
ومنها الإيداع والإعارة، فلو حلف لا يودع عند فلان شيئاً أو يعيره ففعل وكيله فإنه يحنث.
ومنها الاستعارة، فإذا حلف لا يستعير من فلا ثم أرسل له رسولاً يستعير منه فقال له: إن فلاناً يستعير منك كذا فإنه يحنث. أما إذا قال: أعرني فإنه لا يحنث، لأن ملك المنفعة يقع له لا للآمر، فلا يحنث كما تقدم في الاستقراض.
ومنها الكسوة، فإذا حلف لا يلبس شيئاً أو لا يكسوه، سواء ذكر معيناً أو أطلق فإنه يحنث بفعل وكيله، وليس التكفين من الكسوة، فإذا حلف لا يكسوه فكفنه فإنه لا يحنث.
ومنها الحمل، فإذا حلف لا يحمل لزيد متاعاً أو غيره فإنه يحنث إذا حمله وكيله. ومثل العقود والأفعال التي لا يباشرها الإنسان بنفسه. بل يأمر غيره بفعلها كالبناء والخياطة ونحوهما، فإذا حلف لا يبني هذا الحائط، أو لا يخيطن هذا الثوب، أو لا يختتن، أو لا يحلق رأسه، أو لا يقلع ضرسه فأمر غيره بفعلها فإنه يحنث.

يتبع 2
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,700
مستوى التفاعل
8,767
مجموع اﻻوسمة
8
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
###############

الشافعية قالوا:
إذا حلف ليضربنه فإنه يبر إذا ضربه بيده، سواء كانت مفتوحة أو مضمومة، أو دفعه ولو بغير اليد ونحو ذلك مما يسمى ضرباً، أما إذا عضه أو خنقه أو قرصه أو نتف شعره أو وضع سوطاً عليه بدون ضرب فإنه لا يبر، ولا يشترط الإيلام بالفعل، بل الشرط أن يكون الضرب شديداً في نفسه وإن لم يتألم المضروب لمانع كحائل ثخين فوق جسمه، أما الضرب الخفيف فإنه لا يؤلم لا بالفعل ولا بالقوة، فلا يبر به بخلاف الحد والتعزير فإنه يشترط فيهما الإيلام بالفعل وإذا حلف ليضربنه ضرباَ شديداً ونحوه فإنه لا يبر إلا إذا آلمه بالفعل، وكذلك إذا نوى الضرب الشديد فإنه لا يبر إلا إذا ضربه ضرباً مؤلماً بالفعل.
وإذا حلف ليضربنه "علقة" فإنه يبر إذا ضربه ضرباً يسمى علقة في العرف على الظاهر، لأن الأيمان بغير الطلاق مبنية على العرف كما تقدم.
وإذا حلف ليضربنه مائة سوط أو خشبة فجمع مائة سوط أو خشبة وشدها وضربه بها ضربة واحدة فإنه يبر. وإذا حلف ليضربن مائة خشبة فضربه بعرجون عليه مائة غصن فإنه يبر أما إذا حلف ليضربنه مائة سوط فضربه بعرجون عليه مائة غصن فإنه لا يبر، لأن العرجون ليس من جنس السوط. وإذا شك في إصابة الكل لبدنه فإنه يعمل بالظاهر وهو إصابة الكل ويبر كذا إذا ترجح عدم إصابة الكل فإنه يبر أيضاً على المعتمد. لأن الأصل براءة الذمة من الكفارة والإحالة على السبب الظاهر وهو الضرب، فإنه سبب ظاهر في انكباس الأسواط على البدن، والانكباس أمارة على إصابة الكل فيبر، ولو ترجح عدم إصابة الكل، أما إذا حلف ليضربنه مائة مرة فجمع مائة سوط وضربه بها مرة واحدة فإنه لا يبر لأنه في هذه الحالة لم يضربه إلا مرة وقد حلف ليضربنه مائة مرة فلا يبر.
وإذا حلف لا يفارق غريمه حتى يستوفي حقه منه ثم فارقه الحالف فإنه يحنث بشرطين:
الأول: أن يكون مختاراً، فإنه أكره على مفارقته فإنه لا يحنث.
الثاني: أن يكون ذاكراً لليمين، فإذا نسي فإنه لا يحنث.
أما إذا فارقه غريمه فإنه لا يحنث، وإن أذن له أو تمكن من اتباعه لأنه إنما حلف على فعل نفسه فلا يحنث بفعل غيره، ويحنث الحالف بمفارقته لغريمه على أي حال، فلو كان ماشيين ووقف الغريم وتركه الحالف وذهب فإنه يحنث، أو وقف الحالف فتركه الغريم وذهب فلم يتبعه فإنه يحنث. وكذا إذا فارقه بسبب ظهور فلسه أو فارقه بعد أن أحاله على من يسد عنه، وكذا يحنث إذا أبرأه من الحق ولو لم يفارقه. وكذا يحنث إذا عوضه عن حقه شيئاً أو ضمنه ضامن إذا كان عالماً بأن هذا لا يصح، أما إذا ضمنه ضامن أو عوضه عن حقه فظن صحة ذلك جهلاً منه فإنه لا يحنث، وإذا استوفى حقه وفارقه فوجده غير جنسه، كأن وجده مغشوشاً أو نحاساً ولم يعلم به فإنه لا يحنث لعذره، أما إذا علم به فإنه يحنث وكذا لا يحنث إذا وجده رديئاً لأن الرداءة لا تمنع استيفاء الحق.
وإذا حلف لا يفعل كذا كأن حلف لا يبيع أو لا يشتري أو لا يرهن أو لا يتصدق إلى غير ذلك فوكل غيره ففعله فإن الحالف لا يحنث، لأنه إنما حلف على فعل نفسه لا فعل وكيله ما لم ينو أنه لا يفعله لا بنفسه ولا يفعل وكيل عنه فإنه يحنث إذا فعله وكيله حينئذ. ويستثنى من ذلك ما إذا حلف لا بتزوج، فإنه يحنث إذا قبل الزواج لنفسه أو قبله له وكيله، لأن الوكيل في الزواج لا لنفسه ولا لغيره فإنه يحنث إذا قبله لغيره، وكذا إذا حلف لا يراجع مطلقته فوكل من راجعها فإنه يحنث على المعتمد. وكذا إذا حلفت المرأة لا تتزوج فأذنت لوليها في زواجها فزوجها فإنها تحنث، أما لو زوجها مجبرها بدون إذنها فإنها لا تحنث.
وإذا حلف لا يهب فإنه يحنث بالهدية وصدقة التطوع، وذلك لأن الهبة تطلق على معنيين:
أحدهما: عام يشمل الصدقة والهدية والهبة ذات الأركان "وهو تمليك عين تطوعاً حال الحياة.
ثانيهما: خاص بالهبة ذات الأركان، فلا يشمل الهدية والصدقة وهو "تمليك تطوع في حياة لا من أجل إكرام ولا من أجل ثواب أو احتياج بإيجاب وقبول" وهذا هو معنى الهبة ذات الأركان فإذا حلف لا يهب فتصدق أو أهدى فإنه يحنث نظراً لكون الهبة تطلق على الصدقة، أما إذا حلف لا يتصدق فوهب أو أهدى فإنه لا يحنث، لأن الصدقة لا تطلق على الهبة ذات الأركان ولا على الهدية، ولهذا حلتا للنبي صلى الله عليه وسلم دون الصدقة.
وإذا حلف لا يهب له فأعاره، أو وقف عليه فإنه لا يحنث، لأن الإعارة والوقف لا تمليك فيهما وكذلك الضيافة فإنه لا تمليك فيها فلا يحنث بها. وكذلك لا يحنث إذا وهب له عيناً ولم يقبضه الموهوب له لأنه وإن ملكه لكن الملك لم يكن تاماً وهو شرط في الحنث. وكذلك لا يحنث إذا ملكه ملكاً تاماً ولكن لم يكن تطوعاً، كما إذا ملكه زكاة ماله أو النذر أو الكفارة. وكذلك لا يحنث إذا أوصى له، لأنه وإن ملكه ملكاً تاماً ولكنه لم يكن حال الحياة بل بعد الموت.
وإذا حلف لا يشتري أو لا يأكل طعاماً اشتراه زيد فإنه يحنث بما اشتراه زيد وحده. أما إذا اشتراه مع شريك له فإنه لا يحنث بالأكل منه، ولا فرق بين أن يشتريه سلماً بأن يدفع الثمن عاجلاً ويؤخر قبض الطعام، وبين أن يشتريه تولية بأن يأخذه برأس ماله بدون زيادة ربح، أو أن يشتريه مرابحة بأن يأخذه بربح معين لأنها من أنواع الشراء. وكذلك لا يحنث بالأكل مما اشتراه وكيله.
وإذا حلف لا يدخل داراً اشتراها زيد فإنه لا يحنث إذا دخل داراً أخذها بشفعة الجوار بعد حكم الحنفي له بها، أو أخذ بعضها بشفعة وباقيها بشراء، لأن ذلك لا يسمى شراء عرفاً.
يتبع 3
.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,700
مستوى التفاعل
8,767
مجموع اﻻوسمة
8
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
##################

الحنابلة قالوا:
إذا حلف ليضربنه مائة سوط أو مائة عصا، أو حلف ليضربنه مائة ضربة أو مائة مرة فجمع المائة وضربه بها ضربة واحدة لم يبر، وإنما يبر إذا ضربه مائة ضربة مؤلمة.
أما إذا قال: لأضربنه بمائة سوط وأتى بالباء ثم جمع المائة وضربه بها مرة واحدة فإنه يبر لأنه يكون ضربه بمائة سوط في هذه الحالة.
وإذا حلف ليضربن امرأته فخنقها أو عضها أو قرصها أو نتف شعرها، فإن فعل ذلك مداعبة وتلذذاً فإنه لا يحنث وأما إذا فعله تأليماً فإنه يحنث.
وإذا حلف لا يكفل فلاناً في مال فكفله ببدنه، فإن شرط البراءة عن المال إن عجز عن إحضاره فإنه لا يحنث. أما إذا لم يشترط البراءة عند العجز عن إحضاره فإنه يحنث، لأنه يضمن ما عليه إذا عجز عن إحضاره فترجع المسألة إلى الكفالة في المال، وقد حلف أن لا يكفل في المال.
وإذا حلف من عليه حق لزيد ليقضينه حقه فأبرأه زيد فإنه يبر. وإذا مات زيد فقضى الحالف ورثته فإنه يبر، لأن قضاء ورثته يقوم مقام قضائه.
وإذا حلف ليقضينه غداً فأبرأه اليوم أو أبرأه قبل مضي الغد فإنه لا يحنث. وكذا إذا مات صاحب الحق فقضاه الحالف لورثته فإنه لا يحنث.
وإذا حلف لا يفارق زيداً حتى يستوفي حقه منه فهرب زيد من الحالف بغير اختياره أو فارقه الحالف مكرهاً كأن هدد بالضرب ونحوه فإنه لا يحنث. وكذا إذا قضاه بدل حقه عرض تجارة ونحوه فإنه لا يحنث أما إذا فارقه باختياره كأن هرب منه وهو متمكن من ملازمته والمشي معه فإنه يحنث، سواء أبرأه من الحق أو لا. وكذا إذا أذن له في مفارقته فإنه يحنث. وإذا أحاله المدين على حكمه كحكم الناسي، فيحنث في الحلف بالطلاق والعتاق. ولا يحنث في اليمين بالله والنذر.
وإذا وكل الحالف أحداً عنه أن لا يفارق زيداً حتى يستوفي حقه ففارقه المدين قبل أن يستوفي الوكيل منه حقه حنث. وإذا حلف لا افترقنا حتى أستوفي حقي فأكرههما غيرهما على الافتراق، أو أكره أحدهما فإنه لا يحنث، أما إذا افترقا باختيار الحالف فإنه يحنث.
وإذا حلف لا يشتري هذا الجمل فشارك فيه بأن اشترى بعضه بقسط من الثمن فإنه يحنث، وكذلك إذا اشتراه بثمنه الأصلي بدون أن يعطي البائع ربحاً، واشتراه سلماً بأن دفع الثمن عاجلاً على أن يقبض المبيع فإنه يحنث وإذا حلف لا يبيع فباع بيعاً فاسداً فإنه لا يحنث. أما إذا حلف لا يبيع ما لا يصح بيعه، كما إذا حلف لا يبيع الخمر فباعها فإنه يحنث. وكذا إذا حلف لا يزوج فلاناً فزوجه زواجاً فاسداً فإنه لا يحنث، أما إذا حلف لا يحج فحج حجاً فاسداً فإنه يحنث كما تقدم.
وإذا حلف لا يبيع فباع بيعاً فيه الخيار فإنه يحنث لأنه بيع شرعي، وإذا حلف لا أبيع كذا فباعه لرجل فلم يقبل فإنه لا يحنث، وكذا إذا حلف لا أزوج فلاناً فزوجه فلم يقبل فإنه لا يحنث.
وكذا إذا حلف لا أؤجر هذا المنزل فأوجره لآخر فلم يقبل فإنه لا يحنث.
أما إذا حلف لا يهب لزيد شيئاً ولا يوصي له ولا يتصدق عليه، أو حلف لا يعيره شيئاً ثم وهب له، أو أوصى أو تصدق أو أهدى أو أعاره ولم يقبل زيد فإن الحالف يحنث.
وإذا حلف لا يتصدق عليه فوهبه لم يحنث، وإذا حلف لا يهبه شيئاً فأسقط عنه ديناً أو أعطاه من نذره أو كفارته أو صدقته الواجبة، أو أعاره أو أوصى له فإنه لا يحنث. أما إذا تصدق عليه صدقة تطوع فإنه يحنث، لأن صدقة التطوع من أنواع الهبة، وكذا إذا أهدى له أو وقف عليه فإنه يحنث. وكذلك إذا باع له شيئاً وحاباه في ثمنه، أو وهب له بعض الثمن فإنه يحنث، وإذا حلف لا يتصدق فأطعم عياله فإنه لا يحنث.
وإذا حلف ليتزوجن فإنه يبر بعقد نكاح صحيح لا فاسد. وإذا حلف ليتزوجن على امرأته "ولا نية له ولا سبب ليمينه" فإنه لا يبر إلا بدخوله بنظيرتها أو بمن تتأذى بها وتغمها، فإن تزوج عجوزاً زنجية فإنه لم يبر.
وإذا حلف لا أفارقك حتى أوفيك حقك وكان الحق ديناً فأبرأه صاحب الدين فإنه لا يحنث، أما إذا كان الحق عيناً من وديعة وعارية ونحوها فإنه إذا وهبها له مالكها منه فقبلها يحنث، لأن البر فاته باختياره لتوقفه على قبوله، لأنه إذا لم يقبل لا يحنث. وإذا قبضها مالكها منه ثم وهبها إياه فإنه لا يحنث.
وإذا كانت يمينه لا أفارقك ولك في قبلي حق فأبرأه صاحب الدين أو وهب له العين، أو أحاله المدين بدينه فإنه لا يحنث، وما نواه بيمينه في ذلك مما يحتمله لفظه فهو على ما نواه.
وإذا حلف لا يباشر لزيد بيع شيء فوكل زيد رجلاً غير الحالف في أن يباشر له بيع فرسه فأعطاها الوكيل للحالف ليباشر بيعها بدون أن يعلمه بأنها لزيد فباعها فإنه لا يحنث إلا في اليمين بالطلاق والعتاق. وإذا حلف لا يشتري شيئاً اشتراه زيد، فاشترى زيد سلعة بالشركة مع عمرو فإن الحالف يحنث بشرائها إلا إذا نوى أن لا يشتري ما انفرد زيد بشرائه فإنه يعمل بنيته وإذا حلف لا يأكل شيئاً مما اشتراه زيد فاشترى غير زيد وخلطه به ثم أكل الحالف منه، فإن كان القدر الذي أكله قدر ما اشتراه الآخر أو أقل منه فإنه لا يحنث. أما إذا كان أكثر فإنه يحنث. وإذا حلف لا يأكل مما اشتراه زيد فاشترى زيد من الحالف شيئاً مأكولاً كتمر أو زبيب ونحوهما ثم اقاله الحالف من الشراء وأكل منه لا يحنث، لأن الإقالة فسخ يبطل بها الشراء وإذا اشتراه زيد لغيره بوكالة ونحوها ثم أكل منه الحالف فإنه يحنث. وكذا إذا اشتراه زيد ثم باعه لغير الحالف فأكل منه الحالف بعد بيعه فإنه يحنث.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,700
مستوى التفاعل
8,767
مجموع اﻻوسمة
8
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
##############

مباحث النذر

تعريفه:
النذر هو أن يوجب المكلف على نفسه أمراً لم يلزمه به الشارع.

حكمه ودليله:
وحكمه وجوب الوفاء به متى كان صحيحاً مستكملاً للشرائط الآتي بيانها لقول الله تعالى:
{وليوفوا نذورهم}
وقوله صلى الله عليه وسلم:
"من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه"
وهذا الحكم إنما هو بعد وقوعه، لأن الناذر قد أوجبه على نفسه، أما الإقدام عليه قبل وقوعه ففي جوازه تفصيل في المذاهب (1) .
ولا بد للناذر من أن ينذر لله تعالى، فلا يحل النذر لولي ولا لمقرب وإن وقع يكون باطلاً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحنابلة قالوا:
النذر مكروه ولو عبادة لنهيه عليه الصلاة والسلام عنه وقال:
"إنه لم يأت بخير".
وإنما يستخرد به من البخيل، والنذر لا يرد قضاء ولا يملك الناذر به شيئاً جديداً ولا يرفع واقعاً، فإذا وقع منه وجب الوفاء به على التفصيل الآتي.

المالكية قالوا:
النذر المطلق مندوب وهو ما أوجبه على نفسه شكراً لله تعالى على ما حصل ووقع فعلاً من نعمة أو دفع نقمة كمن نجاه الله من كربة أو شفى مريضه أو رزقه مالاً أو علماً فنذر لله قربة يفعلها شكراً، فالإقدام على مثل هذا النذر مندوب والوفاء به فرض لازم. أما النذر المعلق وهو أن ينذر قربة معلقاً على شيء في المستقبل محبوب وليس للعبد فيه مدخل كقوله:
إن شفى الله مريضي فعلي كذا فاختلف فيه؛ فبعضهم يقول بالكراهة وبعضهم يقول بالجواز، ومحل هذا فيمن لا يعتقد أن مثل هذا النذر نافع في حصول غرضه، وإلا كان محرماً لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قضاء الله شيئاً" ورواه مسلم.
والناذر الذي يعتقد أن نذره ينفع يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا ينفع فإذا وقع يجب الوفاء به وإذا علق النظر على أمر من فعل العبد كقوله:
إن فعلت كذا فعلي كذا فإنه مكروه بلا خلاف وكذا إذا نذر نذراً مكروهاً كأن نذر أن يصوم كل يوم فإنه يثقل على النفس فعله فيكره ويجب الوفاء بهما بعد وقوعهما على أي حال.
أما نذر ما لا طاقة له به فهو حرام.

الحنفية قالوا:
النذر الصحيح المستكمل للشروط الآتية قربة مشروعة، أما كونه قربة فلما يلازمه من القرب كالصلاة والصوم والحج ونحوهما، وأما كونه مشروعاً فللأوامر الواردة بإيفائه.

الشافعية قالوا:
الإقدام على النذر قربة في نذر التبرر، لأنه مناجاه لله تعالى، ولذلك لا يصح من الكافر. مكروه في نذر اللجاج لورود النهي عنه في قوله النبيّ صلى الله عليه وسلم: "ولا تنذروا فإن النذر لا يرد قضاء"
وسيأتي بيان نذر التبرر واللجاج في الأقسام الآتية.
 
Comment

نغــم

توليبيـّة 🌷
نجوم المنتدي
إنضم
17 يونيو 2021
المشاركات
12,225
مستوى التفاعل
18,446
مجموع اﻻوسمة
8
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
أستاذنا القدير
مرجع شامل متكامل
نشكرك على مشاركاتنا اياه
ربي يجعله بميزان حسناتك

,
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,700
مستوى التفاعل
8,767
مجموع اﻻوسمة
8
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
أستاذنا القدير
مرجع شامل متكامل
نشكرك على مشاركاتنا اياه
ربي يجعله بميزان حسناتك

,

تسلم عزيزي الغالي
نعم إنه مرجع شامل و مهم لكل مسلم، لذلك احببت أن انقل ما استطعت منه بالتجزئة عسى أن ننتفع بما فيه
🌺🌺🌺🌺🌺
ودي و احترامي
حفظك الله ♥
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,700
مستوى التفاعل
8,767
مجموع اﻻوسمة
8
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
################

أقسام النذر
ينقسم النذر إلى أقسام في المذاهب
(1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشافعية قالوا:
ينقسم النذر إلى قسمين:
الأول نذر التبرر وهو ما يقصد الناذر به فعل قربة من صلاة أو صيام ونحو ذلك، فالتبرر مأخوذ من البر، لأن الناذر يطلب به البر والتقرب إلى الله تعالى وينقسم نذر التبرر إلى قسمين:
أحدهما: أن يعلق النذر على حصول شيء مرغوب فيه كقوله: إن شفى الله مرضي فلله عليّ أن أصوم أو أصلّي، ويسمى هذا القسم نذر المجازاة لأنه وقع في نظير جزاء.
ثانيهما: أن لا يعلق النذر على شيء كأن يقول ابتداء: فلله عليّ أن أصوم أو أصلي.

الثاني: نذر اللجاج:
فأما نذر اللجاج "وهو الخصام" فإنه يقع غالباً حال المخاصمة والغضب، فينقسم إلى ثلاثة أقسام:
أحدها : أن يقصد به المنع عن شيء كقوله: إن كلمت فلاناً فلله علي كذا. يريد بذلك منع نفسه من كلام فلان، ومثله ما أراد منع غيره كقوله: إن فعل فلان كذا فلله علي كذا يريد بذلك منعه عن عمل.
ثانيهما: أن يقصد به الحنث على فعل أمر كقوله لنفسه: إن لم أدخل الدار فللَّه عليّ كذا أو حث غيره كقوله: إن لم يفعل فلان كذا فلله علي كذا.
ثالثها أن يقصد به تحقيق خبر من الأخبار كقوله: إن لم يكن الأمر كما قلت أو قال فلان فللَّه عليّ كذا.
فأقسام النذر خمسة: اثنان في نذر التبرر، وثلاثة في نذر اللجاج.
فأما نذر التبرر فيفترض وفاءه بقسميه، وعلى الناذر أن يفعل ما التزمه عيناً لكن على التراخي إن لم يقيده بوقت معين في النذر غير المعلق، وأما في النذر المعلق فإنه يجب الوفاء به عند وجود المعلق عليه على التراخي لا على الفور أيضاً، ويشترط لصحة نذر التبرر شروط:
منها ما يتعلق بالناذر وهي الإسلام فلا يصح من الكافر، لأنه مناجاة لله فأشبه العبادة، بخلاف نذر اللجاج فإنه لا يشترط فيه الإسلام والاختيار فلا يصح من المكره، وأن يكون نافذ التصرف فيما ينذر، فلا يصح من غيره كالصبي والمجنون بخلاف السكران فإنه نذره صحيح، ومثل الصبي والمجنون المحجور عليه لسفه، فإنه إذا نذر مالاً فإنه لا يصح.
أما إذا نذر قربة بدنية كصلاة وصوم فإنها تصح، وكذلك المحجور عليه بفلس فإنه لا يصح نذره في القرب المالية العينية، أما القرب المالية التي في الذمة فإنه يصح نذره فيها.
ومنها ما يتعلق بالمنذور فيشترط فيه كونه قربة لم تتعين بأصل الشرع، سواء كانت نفلاً أو فرض كفاية، فالأولى كقراءة سورة معينة وطول قراءة صلاة، والثانية كصلاة جنازة وجماعة في الفرائض.. . . .
وكذا في النوافل التي تسن فيها الجماعة، فإن نذر هذه الأشياء صحيح، فخرج ما ليس قربة أصلاً كالحرام والمكروه والمباح.
أما الحرام فإنه لا يصح نذره لكونه معصية، وفي الحديث الصحيح:
"لا نذر في معصية الله. ولا فيما لا يملكه ابن آدم".
ولا فرق في نذر المعصية بين أن يعلق النذر على المعصية وإن كان هو في ذاته طاعة كقوله: علي نذر كذا من الصلاة إن قتلت فلاناً، أو يكون المنذور نفسه معصية كقوله: لله علي أن أشرب الخمر، وكذا لا فرق المعصية بين أن تكون فعلاً كما ذكر، أو تكون تركاً كنذر ترك الصلوات الخمس، أو الزكاة ونحو ذلك. فإن النذر في كل ذلك لا ينعقد، وتشمل المعصية ما كانت لذاتها، أو كانت لعارض كالصلاة في الأرض المغصوبة فإنها تحرم، ونذرها لا ينعقد على الصحيح، وكذا نذر الصلاة في الأوقات المكروهة.
وأما المكروه فإنه ينقسم إلى قسمين أيضاً:
مكروه لذاته كالالتفات في الصلاة، ومكروه لعارض كصوم يوم السبت أو الجمعة أو الأحد، فالمكروه لعارض يصح نذره، وينعقد، أما المكروه لذاته، فقيل ينعقد نذره ويلزم الوفاء به، وقيل لا ينعقد نذره إلا إذا كان قادراً عليه، بحيث لا يخشى منه ضرراً أو فوت حق وإلا كان مكروهاً، فلا ينعقد، ولا يلزم الوفاء به.
وأما المباح فإنه ينقسم إلى قسمين:
الأول أن يقول: لا آكل لحماً أو أمشي ميلاً، أو أشرب لبناً، واختلف في هذا فقيل تلزمه كفارة يمين إن لم يفعل المنذور. وقيل لا يلزمه شيء وهو الراجح لأنه لم ينعقد نذره.
الثاني: أن يكون نذره مشتملاً على حث، أو منع، أو تحقيق خبر، أو كان فيه إضافة إلى الله تعالى كأن قال: إن لم أدخل الدار، أو إن كلمت زيداً، أو إن لم يكن الأمر كما قلت، فلله علي كذا، ويقول ابتداء: لله علي أن آكل الفطير مثلاً فإنه في هذه الحالة تلزمه كفارة يمين، أو فعل المنذور عليه بلا خلاف، أما نذر الفرض العيني فلا ينعقد كنذر صلاة الظهر مثلاً لأنه لازم بأصل الشرع.
أما حكم نذر اللجاج فالناذر فيه مخير بين أن يفعل المنذور أو يفعل كفارة يمين.

🌹 يتبع
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,700
مستوى التفاعل
8,767
مجموع اﻻوسمة
8
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة

مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
###############

الحنابلة قالوا:
ينقسم النذر المنعقد إلى ستة أقسام:
الأول: النذر المطلق وهو أن يقول: علي نذر، أو لله علي نذر ولم ينو بنذره شيئاً معيناً سواء قال: إن فعلت كذا، أو لم يقل، فيلزمه بهذا كفارة يمين لحديث:
"كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين" رواه ابن ماجة والترمذي.
الثاني: نذر اللجاج والغضب، وهو تعليق النذر بشرط يقصد منه الناذر المنع من المعلق عليه، أو الحث عليه، أو التصديق عليه إن كان خبراً كقول: إن كلمتك فعلي صوم كذا، يريد منع نفسه من كلامه وكقول: إن لم أضربك فعلي صلاة كذا، يريد حث نفسه على ضربه. وكقول: إن لم أكن صادقا فعلي صوم كذا يريد تحقيق الخبر وحكم هذا النذر أن الناذر مخير بين كفارة اليمين إذا وجد الشرط وبين فعل المنذور.
والثالث: نذر المباح كقوله: لله علي أن ألبس ثوبي أو أركب دابتي، وحكم هذا أن الناذر مخير أيضاً بين فعل المنذور وكفارة اليمين. فنذر المباح كالحلف بفعله، فإنه إذا حلف أنه يأكل أو يشرب فإنه يكفر أو
يفعل.
الرابع: نذر المكروه كالطلاق وأكل الثوم والبصل وترك السنة ونحو ذلك، وحكم هذا أنه يستحب للناذر أن يكفر كفارة اليمين، فإذا فعل المكروه فلا كفارة عليه لأنه وفى بنذره.
الخامس: نذر المعصية كشرب الخمر، وصوم يوم الحيض والنفاس، ويوم العيد، وأيام التشريق، وحكم هذا أنه لا يجوز الوفاء به ويقضي الصوم في ايام أخرى وعليه كفارة فإن وفى أثم ولا كفارة بنذره عليه.
السادس: نذر التبرر "التقرب" يقال: تبرر "تقرب" وهو نذر القرب كالصلاة، والصيام والصدقة، والاعتكاف، وعيادة المريض، والحج، والعمرة، وتجديد الوضوء، وغسل الجمعة، والعيدين ونحو ذلك، سواء كان فرضاً أو نفلاً، فإن كانت نفلاً فلا خلاف في صحة نذرها وانعقاده، سواء نذرت مطلقة كأن تقول ابتداء: لله علي أن أصوم كذا، أو نذرت معلقة على شيء كأن يقول: إن شفى الله مريضي، أو سلم مالي فللًّه علي كذا. فنذر التبرر على ثلاثة أقسام:
أحدها : ما كان في مقابلة نعمة يريد الحصول عليها أو نقمة يريد دفعها.
ثانيها: التزام طاعة من غير شرط كقوله ابتداء: لله علي صوم أو صلاة كذا.
ثالثها: نذر طاعة لا أصل لها في الوجوب كعيادة المريض والإعتاق، كلها يلزم الوفاء بها.
أما إذا كانت فرضاً كصلاة الظهر مثلاً، أو حجة العمر، أو صوم رمضان، فقد اختلف في صحة نذره، فقال قوم: لا ينعقد النذر في الواجب، لأن النذر التزام، ولا يصح التزام ما هو لازم، ومثل هذا ما لو نذر محالاً كقوله: لله عليّ أن أصوم أمس فإنه لا ينعقد أيضاً. وقال قوم: بل ينعقد نذرهما الواجب، فإن فعله فذاك، وإن تركه فعليه كفارة اليمين. وكفارة النذر واجبة على الفور.
ويشترط لصحة النذر بأنواه شروط:
أن يكون الناذر مكلفاً فلا يصح من الصبي. وأن يكون مختاراً فلا يصح من المكره. وأن يكون بالقول فلا تنفع فيه الإشارة إلا من الأخرس إذا كانت إشارته مفهومة.

🌹 يتبع 1
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,700
مستوى التفاعل
8,767
مجموع اﻻوسمة
8
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة

مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
#################

المالكية قالوا:
ينقسم النذر إلى أقسام:
الأول: نذر في معصية الله كأن ينذر فعل محرم من شرب خمر وأكل لحم خنزير، أو ينذر فعل طاعة نهى الشارع عن فعلها في وقت معين، كصيام يوم عيد الفطر، أو الأضحى، أو ينذر فعل مكروه.
الثاني: نذر في مباح.
الثالث: نذر في طاعة الله كنذر القرب من صيام وصلاة الخ.
فأما نذر المعصية فهو حرام في المحرم، ومكروه في المكروه، ولا يفعل المنذور فيه إلا صوم رابع النحر والإحرام بالحج قبل زمانه أو مكانه فإنهما مكروهان، ولكن يلزمان بنذرهما، وتلغى الكراهة احتياطاً للنذر، إلا أن النذر المحرم لعارض كصيام يوم عيد الفطر أو الأضحى ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يكون الناذر عالماً بتحريم ذلك، وفي هذه الحالة يستحب له أن يأتي بطاعة من جنس المنذور.
ثانيها: أن يكون جاهلاً بالتحريم فيظن أن في صوم هذا اليوم فضلاً على غيره لقهر نفسه ومنعها عن اللذات. وفي هذه الحالة لا يجب عليه القضاء ولا يستحب.
ثالثها: أن يظن أنه كغيره من الأيام في جواز الصيام. وفي هذه الحالة خلاف قيل يقضي وقيل لا يقضي.
وأما نذر المباح فإنه مباح كنذر الأكل والشرب ونحوهما. ولا يلزم فيه فعل المنذور. أما نذر الطاعة فهو ينقسم إلى قسمين:
الأول: نذر في حالة الغضب، سواء كان الغرض منه فعل قربة، أو كان الغرض منه منع النفس من فعل شيء ومعاقبتها وإلزامها بالنذر، ويسمى نذر اللجاج كقوله: لله علي نذر إن كلمت فلاناً وهذا يجب الوفاء به، وبعضهم يرى في نذر اللجاج التخيير بين كفارة اليمين وفعل المنذور، والمشهور أنه يجب الوفاء به، وهذا النوع من النذر مكروه كما تقدم.
الثاني: النذر في حال الرضا، ولا يلزم به إلا ما كان طلب فعله غير جازم كالسنة والرغيبة والمندوب بشرط أن يقع قربة دائماً كالصلاة والصيام والصدقة ونحوها. أما ما يكون في قربة تارة، وغير قربة تارة أخرى، كالنكاح والهبة فإنه لا يلزم بالنذر. وكذلك الفرض لا يلزم بالنذر لأنه لازم في ذاته، ويستحب من هذا النوع النذر المطلق كما تقدم.
وأما التزام النذر ابتداء من غير أن يكون شكراً على شيء وقع، كأن ينذر صوم كذا أو صدقة كذا فإنه يباح الإقدام عليه ويجب الوفاء به.
وأما النذر المعلق على شيء لم يحصل كقوله: إن شفى الله مريضي، أو رزقني كذا: أو نجاني من كذا: فعلي صدقة كذا، فإنه يجب الوفاء به. واختلف في جواز الإقدام عليه كما تقدم.
ويشترط لصحة النذر أن يكون الناذر مسلماً، ويندب للكافر فعله بعد إسلامه.
وأن يكون مكلفاً فإذا نذر الصبي فإنه يستحب له الوفاء به بعد بلوغه.
وأن يكون المنذور قربة غير واجبة بغير النذر، فلا يصح بالمحرم أو المكروه أو المباح كما تقدم.
ولا يشترط للنذر صيغة خاصة، فيلزم بكل لفظ دال على الالتزام ولو لم يذكر فيه لفظ النذر وقد اختلفوا في أنه يلزم بالنية ولو لم يذكر لفظ أو لا يلزم، والمعتمد أنه لا يلزم إلا بلفظ فلا يلزم بالنية وحدها.

🌹 يتبع 2
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,700
مستوى التفاعل
8,767
مجموع اﻻوسمة
8
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
###############

الحنفية قالوا:
ينقسم النذر إلى قسمين:
نذر معلق على شرط، ونذر مطلق.
والنذر المعلق ينقسم إلى قسمين:
الأول: معلق على شيء يراد وقوعه كقوله: إن شفى الله مريضي فللَّه علي كذا فإنه معلق على شفاء المريض وهو مرغوب في حصوله للناذر، وحكم هذا لزوم الوفاء به عند تحقيق المعلق عليه متى استوفى الشروط الآتي بيانها.
الثاني: معلق على شيء لا يراد حصوله كقوله إذا دخلت الدار فعلي كذا نذر، أو إن كلمت فلاناً. وهذا القسم هو يسمى نذر اللجاج عند الشافعية، لأن المقصود منه المنع عن الفعل. وحكمه أن ناذره مخير بين فعل المنذور وبين كفارة اليمين، وهذا هو الصحيح. وبعضهم يقول: إنه يجب فيه فعل المنذور كغيره. ولا فرق فيه بين أن يكون المعلق عليه طاعة أو معصية كقوله: علي كذا إن زنيت أو شربت الخمر.
ويشترط لصحة النذر سبعة شروط:
الأول: أن يكون من جنس المنذور فرض أو واجب اصطلاحي على الأصح كالصوم والصلاة والصدقة، فإذا نذر أن يصوم تطوعاً فإنه يجب عليه الوفاء لأن الصوم من جنسه فرض وهو صوم رمضان. وكذا إذا نذر أن يصلي نافلة فإنه يجب عليه الوفاء، لأن الصلاة من جنسها واجب وهو الصلوات الخمس. وكذا إذا نذر أن يتصدق فإن الصدقة من جنسها واجب وهو الزكاة إلا الاعتكاف فإنه يجب عليه الوفاء بنذره، مع أنه ليس من جنسه واجب على التحقيق، لأن الإجماع منعقد على وجوب الوفاء بنذره.
وإذا لم يكن من جنس المنذور فرض أو واجب اصطلاحي فإنه لا يجب على الناذر الوفاء به. كعيادة المريض، ودخول المسجد ولو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، أو المسجد الأقصى، أو الحرم المكي، لأنه ليس من جنسه فرض؛ أما إذا نذر تكبيراً فإنه يجب الوفاء به، لأن التكبير من جنسه فرض وهي تكبيرة الإحرام. وكذا إذا نذر الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم فإنه يجب الوفاء به على الصحيح، لأنه من جنسها فرضاً وهو الصلاة عليه في العمر مرة.
الثاني: أن يكون المنذور عبادة مقصودة، فلا يصح النذر بما هو وسيلة كالوضوء، والاغتسال، ومس المصحف، والأذان، وتشييع الجنازة وعيادة المريض، وبناء المساجد وغير ذلك، فهذه الأمور وإن كانت قربة إلا أنها غير مقصودة لذاتها، بل المقصود هو ما يترتب عليها، فالضابط الكلي في صحة النذر: أن يكون المنذور عبادة مقصودة من جنسها فرض.
الثالث: أن لا يكون المنذور معصية لذاته، فإذا نذر أن يقتل فلاناً أو يشرب الخمر أو يزني كان يميناً ولزمته الكفارة بالحنث. أما إذا نذر أن يصوم يوم عيد الفطر أو الأضحى فإنه يكون قد نذر محرماً لعارض لا لذاتها، فإن الصيام في ذاته طاعة، وتحريمه في هذا اليوم عارض بنهي الشارع، فيصح نذره ويلغو لأنه يوم العيد فيجب قضاءه في يوم آخر. ومثله ما إذا نذر أن يصلي ركعتين من غير وضوء، فإنه يصح نذره، لأن نذر الصلاة صحيح ويلغو قيد من غير وضوء، فيجب أن يصلي ركعتين بوضوء، لأن التزام المشروط وهو الصلاة التزام الشرط وهو الوضوء. وكذا إذا نذر أن يصلي ركعة واحدة فإنه يلزمه أن يصلي ركعتين. وكذا نذر أن يصلي ثلاثة فإنه يلزم بأربعة.
الرابع: أن لا يكون فرضاً عليه قبل النذر، فلو نذر حجة الإسلام لم يلزمه شيء غيرها.
الخامس: أن لا يكون ما التزمه أكثر مما يملكه، فلو نذر الفاً وهو لا يملك إلا مائة يلزم بالمائة فقط.
السادس: أن يكون ممكن الوقوع، فلو نذر مستحيلاً كأن يصوم أمس فإنه لا يصح نذره. وكذا إذا نذرت الحائض أن تصوم أيام حيضها فهو باطل، لأن صوم أيام الحيض مستحيل شرعاً، وكذا إذا نذرت أن تصوم غداً ثم أصبحت حائضاً فإن نذرها باطل، وهذا عند محمد، وقال أبو يوسف: يجب عليها القضاء في الصورة الثانية.
سابعاً: أن لا يكون ملكاً للغير.
واعلم أن النذر المطلق لا يتقيد بزمان ولا مكان ولا دراهم ولا فقير. فإذا نذر أن يتصدق يوم الجمعة بهذا الدرهم على فلان فتصدق يوم الخميس أو يوم السبت بغير هذا الدرهم على شخص آخر
جاز. وكذا لو عين شهراً للاعتكاف أو للصوم فعجل صح، وكذا إذا نذر أن يحج سنة كذا فج سنة قبلها وصح، أما النذر المعلق فإنه يتعين فيه الوقت فقط: إذ لا يصح تقديمه على وقوع المعلق عليه بخلاف تأخيره عنه فإنه جائز. أما تعيين الفقير والدرهم والمكان فيه فليس بلازم، فيصح أن يدفع غير الدرهم المنذور لفقير آخر غير الذي ذكره، فلو نذر لفقراء مكة جاز الصرف لفقراء غيرها، سواء كان النذر مطلقاً أو معلقاً.
والنذر عمل اللسان، والقياس يقتضي أنه لا ينعقد إلا بلفظ: لله عليّ كذا، أو عليّ كذا، أما إذا قال: "إن عوفيت صمت كذا" فإنه لا ينعقد به النذر قياساً، وينعقد استحساناً.
 
Comment

عـٓـذار

جبل أحد
نجوم المنتدي
إنضم
16 أغسطس 2023
المشاركات
1,272
مستوى التفاعل
3,679
مجموع اﻻوسمة
2
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
ولله العلم الأول والآخر
جزاكم الله كل الخير
موضوع عظيم الفايدة
ورفيع الطرح
مجهود موثق
بورك المسعى
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,700
مستوى التفاعل
8,767
مجموع اﻻوسمة
8
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
ولله العلم الأول والآخر
جزاكم الله كل الخير
موضوع عظيم الفايدة
ورفيع الطرح
مجهود موثق
بورك المسعى
ربنا يعلمك علما نافعا و يزدك من فضله
🌹🌹🌹
ودي و احترامي
حفظك الله ♥
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,700
مستوى التفاعل
8,767
مجموع اﻻوسمة
8
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
##############

كتاب أحكام البيع وما يتعلق به
[البيع]
تعريفه:
هو في اللغة مقابلة شيء بشيء فمقابلة السلعة بالسلعة تسمى بيعاً لغة كمقابلتها بالنقد، ويقال لأحد المتقابلين مبيع وللآخر ثمن، ولا فرق في اللغة بين أن يكون المبيع والثمن طاهرين أو نجسين يباح الانتفاع بهما شرعاً أو لا، كالخمر فإنه يصح أن يكون مبيعاً وثمناً في اللغة، أما في الشرع فإنه لا يصح كما ستعرفه، ثم إن مقابلة الشيء بالشيء تتناول نحو مقابلة السلام بالرد عليه، ومقابلة الزيادة بمثلها، ومقابلة الإحسان بمثله، فإن ذلك يسمى بيعاً وشراء على هذا التعريف، والظاهر أنه كذلك على طريق المجاز.
وقال بعض الفقهاء:
إن معناه في اللغة تمليك المال بالمال وهو بمعنى التعريف الأول، إلا أنه مقصور على المعنى الحقيقي، فلا يشمل رد الزيادة ونحوها بمثلها ونقل بعضهم أنه في اللغة إخراج ذات عن الملك بعوض وهو بمعنى التعريف الثاني، لأن إخراج الذات عن الملك هو معنى تمليك الغير للمال، فتمليك المنفعة بالإجارة ونحوها كما يأتي لا يسمى بيعاً لغة.
أما الشراء فإنه إدخال ذات في الملك بعوض. أو تملك المال بالمال، على أن اللغة تطلق كلاً من البيع والشراء على معنى الآخر، فيقال لفعل البائع: بيع وشراء، كما يقال ذلك لفعل المشتري ومنه قوله تعالى:
{وشروه بثمن}
فإن معنى شروه في الآية باعوه، وكذلك الاشتراء والابتياع فإنهما يطلقان على فعل البائع والمشتري لغة، إلا أن العرف قد خص البيع بفعل البائع وهو إخراج الذات في الملك، وخص الشراء والاشتراء والابتياع بفعل المشتري وهو إدخال الذات في الملك، ثم إن البيع يستعمل متعدياً لمفعولين بنفسه فيقال: بعتك الدار، وقد يستعمل متعدياً للمفعول الثاني بزيادة من وإلى وعلى للتأكيد فيقال: بعت الدار لك، ومنك، وباعها القاضي عليه.
وأما تعريف شرعاً وأقسامه ففيها تفصيل المذاهب
(1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحنفية قالوا:
البيع يطلق في اصطلاح الفقهاء على معنيين:
أحدهما: خاص، وهو بيع العين بالنقدين الذهب والفضة ونحوهما، فإذا أطلق لفظ بيع
لا ينصرف إلا إلى هذا المعنى.
ثانيهما: عام وهو عشر قسماً من ضمنها هذا المعنى الخاص وذلك لأنه إما أن ينظر إلى معنى البيع من حيث ذاته وهو المال بالمال، وإما أن ينظر إليه باعتبار المبيع الذي يتعلق به، وإما أن ينظر إليه باعتبار الثمن، وفي كل حالة من هذه الأحوال ينقسم إلى أربعة أقسام:
فمن حيث النظر إلى معناه ينقسم الى:
نافذ، وموقوف، وفاسد، وباطل.
وذلك لأنه إما أن يفيد الملك في الحال وهو البيع والنافذ، أو يفيده عند الإجازة وهو الموقوف، أو يفيده عند القبض وهو الفاسد، أو لا يفيده أصلاً وهو الباطل.
ومن حيث النظر إليه باعتبار المبيع ينقسم إلى أربعة أقسام أيضاً:
مقايضة، صرف، سلم، بيع مطلق.
وذلك لأن المبيع إما أن يكون مبادلة عين بعين "سلعة بسلعة غير النقدين" ويسمى مقايضة، فالمقايضة هي بيع العين بالعين ويصدق كل واحدة من السلعتين أنها مبيع وثمن، ولكن نظر في التقسيم إليها من حيث كونها مبيعاً، وإما أن يكون المبيع نقداً بنقد ويسمى صرفاً، لأن الصرف هو بيع النقد من الذهب والفضة ونحوهما بمثله، ويقال له بيع الدين "النقد بالنقد" وإما أن يكون المبيع نقداً بعين ويسمى سلماً، لأن السلم هو بيع النقد بالعين كما سيأتي بيانه، وإما أن يكون المبيع عيناً بنقد عاجل أو آجل وهو البيع المطلق، وهو الغالب عند ذكر كلمة بيع كما ذكرناه لك أولاً، فإذا أريد غيره فإنه لا بدّ أن يسمّى باسم من هذه الأشياء وهي صرف، سلم ... إلخ.
وأما إذا نظر إليه من حيث الثمن فإنه ينقسم إلى أربعة أقسام وهي:
تولية، مرابحة، ضيعة، مساومة.
وذلك لأنه إما أن ينظر فيه إلى ثمن السلعة التي اشتريت به في أول الأمر أو لا، فإن نظر إليه فإن بيعت به بدون زيادة ولا نقص فإن ذلك البيع يسمى بيع تولية، فالتولية هي البيع بالثمن الأول، وإن بيعت بزيادة على الثمن الأول فإن ذلك يسمى بيع المرابحة، وإن بيعت بأقل من الثمن الأول فذلك البيع يسمى بيع الضيعة، أما إذا قطع النظر عن الثمن الأول الذي اشتريت به السلعة فيبيعها على هذا الوجه يسمى بيع المساومة وهي البيع بالثمن الذي يتفقان عليه بغض النظر عن الثمن الأول.
ومن هذا يتضح لك أن تعريف البيع بالمعنى الخاص:
وهو مبادلة السلعة بالنقد على وجه مخصوص.
وأما تعريفه بالمعنى العام: فهو مبادلة المال بالمال على وجه مخصوص، فالمال يشمل ما كان عيناً أو نقداً، فتدخل فيه جميع الأقسام التي ذكرناها، ثم إن المال هو ما يميل إليه الطبع ويدخر للانتفاع به وقت الحاجة ولا يكون له قيمة في نظر الشرع إلا إذا اجتمع فيه أمران:
أحدهما: أن يكون من شأنه الانتفاع به عند الحاجة.
ثانيهما: أن يكون الانتفاع به مباحاً شرعاً. فإذا لم يكن من شأنه الانتفاع به كحبة من حنطة فإنه لا يكون مالاً معتبراً. وكذا إذا لم يكن مباحاً شرعاً كالخمر والخنزير فإنه وإن كان مما ينتفع به بعض الناس ولكنه غير مباح في نظر الشرع، فلا يكون مالاً عنده. فلو بيع الخمر لا ينعقد بيعه، ولكن لو اشترى سلعة طاهرة وجعل ثمنها خمراً فإن البيع ينعقد ولا ينفع كون الخمر ثمناً فيلزم المشتري بقيمة السلعة.
وبهذا تعلم أن المراد بالمال في التعريف: المال الذي له قيمة في نظر الشرع سواء أكان سلعة أم عقداً، فيشمل الصرف، والسلم، والمرابحة، والتولية، والمقايضة ... الخ.
ويشمل التعريف أيضاً الهبة بشرط العوض المالي، فلا يصح إخراجها من التعريف كما يظن بعضهم؛ لأنها وإن كانت هبة قبل القبض إلا أنها بيع بعد القبض، وصورتها مثلاً أن يقول: إنني وهبت هذه الدار من فلان بشرط أن يعوضني مائة جنيه فقبل أن يقبض المائة، فإن حكم هذه كحكم الهبة فيشترط لصحته ما يشترط للهبة، فلا يصح في الشارع الذي يحتمل القسمة، ولا يثبت به الملك قبل القبض، ولكل واحد من المتعاقدين أن يمتنع عن التسليم. أما بعد القبض فإنه حكمه كحكم البيع، فلا يكون لأحدهما حق الرجوع فيما كان له. ويثبت به حق الشفعة، ولكل واحد أن يرد ما أخذ إن كان فيه عيب وغير ذلك من أحكام البيع التي ستعرفها، فهي داخلة في البيع بلا خفاء، نعم إذا نظر إليها قبل القبض فإنها تكون هبة تخرج بقوله على وجه مخصوص.
أما التبرع من الجانبين كأن يتبرع أحد لآخر بمال فيتبرع له الثاني كذلك فهو داخل في التعريف من حيث انه مبادلة في الجملة، لأن الأول وإن كان قد تبرع لا في نظير شيء ولكن الثاني تبرع في مقابلة تبرع الأول، ففيه مبادلة من جانب واحد فيخرجه قوله على وجه مخصوص. لأنه ليس بيعاً في الحقيقة بل هو هبة. لكل واحد منهما حق الرجوع في تبرعه كما سيأتي في الهبة.
ويشمل التعريف بيع المكره، لأنه مبادلة مال بمال وهو كذلك، لأن بيع المكره قسم من أقسام البيع المنعقد إلا أنه بيع فاسد موقوف على إجازته بعد زوال الإكراه كما سيأتي ببيانه قريباً. فزيادة قيد التراضي في التعريف لإخراج بيع المكره ليست بشيء، لأن الرضا شرط بنفاذ البيع لا جزء من مفهومه الشرعي كما سيأتي في شرائطه قريباً.
ومن هذا تعلم أيضاً أنه لا حاجة إلى زيادة قيد مفيد كما عرفه بعضهم بقوله مبادلة مال بمال على وجه مفيد مخصوص، وغرضه إخراج البيع غير المفيد كبيع نقد مسكوك بمساويه في الوزن والوصف، مثل أن يبيع قطعة من ذات القرشين بمثلها فإن ذلك لا فائدة فيه فلا يصح. أما إذا اختلفا في الوصف كما إذا كانت إحداهما مطلية بطلاء أصفر أو أسود فإنه يجوز لوجود الفائدة حينئذ، وإنما قلنا إن هذا القيد لا حاجة إليه، لأن البيع لا فائدة فيه منعقد داخل في تعريف البيع، لأنه مبادلة مال بمال ولكنه بيع فاسد، والتعريف يشمل الصحيح والفاسد كما ذكرناه لك آنفاً.
وقوله على وجه مخصوص: المراد به الإيجاب والقبول وسيأتي بيانهما.
🌹 يتبع
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,700
مستوى التفاعل
8,767
مجموع اﻻوسمة
8
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
##################

المالكية قالوا:
للبيع في اصطلاح الفقهاء تعريفا:
أحدهما: تعريف لجميع أفراد البيع الشامل الصرف والسلم ونحوهما من الأقسام التي ستعرفها.
ثانيها: تعريف لفرد واحد من هذه الأفراد. وهو ما يفهم من لفظ البيع عن الإطلاق عرفاً.
والأول يسمى تعريفاً للبيع بالمعنى الأخص. فأما تعريفه بالمعنى الأعم فهو عقد معاوضة على غير منافع ولا متعة لذة.
فقوله عقد معاوضة معناه عقد محتو على عوض من الجانبين "البائع والمشتري" لأن كلاً منهما يدفع عوضاً للآخر.
وقوله على غير منافع: معناه أن العقد يكون على الذوات والأعيان عن ثمن أو سلعة لا على استثمارها والانتفاع بها.
وقوله ولا متعة لذة، معناه أن العقد لا يكون للانتفاع بلذة. فهذا التعريف يشمل جميع أقسام البيع فيدخل فيه الصرف: وهو بيع الذهب والفضة، والعكس.
والمبادلة، وهو بيع ذهب بذهب أو فضة بفضة متساويين في العدد.
والمراطلة: وهي بيع ذهب بذهب أو فضة بفضة متساويين في الوزن.
والسلم: وهو عقد على أن يدفع أحد الجانبين شيئاً مالياً معجلاً في نظير أن يأخذ شيئاً مالياً من غير جنس ما دفعه مؤجلاً.
وتدخل أيضاً الهبة بشرط العوض وتسمى هبة الثواب أي هبة العوض المالي، كما تدخل التولية وهي البيع بالثمن الذي اشتريت به السلعة، والشركة، والإقالة، والشفعة، وسيأتي بيان ذلك موضحاً في محله، فكل هذه الأنواع يشملها هذا التعريف لأنها عبارة عن عقد على أن يدفع كل واحد من الجانبين عوضاً للآخر عيناً لا منقعة.
ويخرج من التعريف الإجارة لأنها عقد على منفعة لا على ذات. وكذلك كراء الحيوان فإنه عقد على الانتفاع به لا على ذاته ويخرج عقد النكاح بقوله: ولا متعة لذة. لأنه عقد على الانتفاع باللذة.
أما تعريفه بالمعنى الأخص: فهو عقد معاوضة على غير منافع ولا متعة لذة. ذو مكايسة، أحد عوضية غير ذهب ولا فضة، معين غير العين فيه، فهو التعريف الأول مع زيادة ثلاثة قيود:
القيد الأول: ذو مكايسة، ومعنى ذو مكايسة: عقد صاحب مشاححة ومغالبة، لأن كل واحد من المتعاقدين يريد أن يغلب صاحبه. وخرج بهذا القيد هبة الثواب، لأن الواهب ملزم بقبول القيمة التي اشترطها متى دفعت له، فليس له أن يشاحح فيها، فإذا قال: وهبت هذه الدار لزيد بشرط أن يعوضني مائة دينار لزمه قبول المائة ولا يجاب لأزيد منها. وتخرج أيضاً المبادلة والتولية والأخذ بالشفعة لأنها لا مكايسة فيها.
أما المبادلة: فهي بيع نقد بنقد من صنفه مسكوكين "مضروبين" بشرائط مخصوصة وهو لا مغالبة فيه كما ستعرف.
أما التولية: فهي بيع بعين الثمن الأول فلا مغالبة فيها.
وأما الأخذ بالشفعة: فهو بيع بنفس الثمن الذي اشتريت به السلعة فلا مغالبة فيها أيضاً.
القيد الثاني: أحد عوضيه غير ذهب ولا فضة. ويخرج به الصرف والمراطلة لأن عوضا الصرف أحدهما ذهب والآخر فضة، وعوضى المراطلة والمبادلة ذهبان أو فضتان.
القيد الثالث: معين غير العين فيه، ويخرج به السلم، ومعنى ذلك أن عقد البيع يلزم فيه أن يكون المبيع ليس ديناً في الذمة، بل ينبغي أن يكون غير دين، سواء كان حاضراً أمام المشتري أو غائباً، ولكنه معروف عنده بصفة أو رؤية سابقة، أو اشتراه بشرط أن يكون له خيار الرؤية أما عند السلم فعلى عكس ذلك، لأن المسلم فيه وهو السلعة دين في الذمة، فالمراد بالمعين ما ليس ديناً في الذمة، والسلم دين في الذمة. والمراد بالعين الذهب والفضة، ولا يلزم في عقد البيع يكون الذهب أو الفضة مقبوضين، بل يصح أن يكونا ديناً في الذمة، وبذلك يتم تعريف البيع الخاص أعني بيع السلعة بالنقد وهو الذي ينصرف إليه لفظ البيع عند الإطلاق.
هذا وقد قسم المالكية البيع إلى أقسام كثيرة باعتبارات مختلفة فقالوا:
إن البيع بالمعنى الأعم ينقسم أولاً إلى قسمين:
بيع المنافع وبيع الأعيان.
فأما بيع المنافع فإنه ينقسم إلى خمسة أقسام:
الأول: بيع منافع الجماد ويعبرون عنه بأكرية الدور والأرضين.
والثاني: بيع منافع الحيوان غير العاقل ويعبرون عنه بأكرية الدواب والرواحل.
الثالث: بيع منافع الإنسان المتعلقة بغير الفروج وهو النكاح والخلع.
الرابع: بيع منافع الإنسان المتعلقة بغير الفروج كتأجيره.
الخامس: بيع منافع العروض ويسمى إجارة غالباً.
أما بيع الأعيان فإنه ينقسم إلى أقسام كثيرة لا عتبارات مختلفة، فينقسم من حيث تأجيل أحد عوضيه أو كليهما إلى أربعة أقسام:
الأول: بيع النقد، وهو ما كان الثمن والمثمن فيه معجلين لا تأجيل فيهما ولا في واحد منهما.
الثاني: بيع الدين بالدين، وهو ما كان الثمن والمثمن فيه مؤجلين معاً، وهو بيع منهي عنه كما سيأتي في البيوع المنهي عنها.
الثالث: البيع لأجل وهو ما تأجل فيه الثمن فقط.
الرابع: السلم وهو ما تأجل فيه المثمن فقط، وكلها جائزة ما عدا بيع الدين بالدين كما ذكرنا.
وينقسم من حيث كون أحد عوضيه ذهباً أو فضة إلى ثلاثة أقسام:
الأول: بيع العين بالعين.
الثاني: بيع العرض بالعرض.
الثالث: بيع العرض بالعين.
وينقسم بيع العين بالعين إلى ثلاثة أقسام:
صرف، ومبادلة، ومراطلة.
فالصرف: هو ما اختلف فيه جنس العوضين، بأن يكون أحدهما ذهباً والثاني فضة. وبالعكس.
والمراطلة: هي ما اتحد فيها العوضان وكان البيع فيها بالوزن، كبيع ذهب بذهب وفضة بفضة وزناً.
والمبادلة: وهي ما اتحد فيها العوضان كذهب بذهب وفضة بفضة وكان البيع فيها بالعد لا بالوزن.
وينقسم في رؤية المثمن وعدم رؤيته إلى قسمين:
الأول: بيع الحاضر، وهو ما كان المثمن فيه مرئياً أو في حكم المرئي.
والثاني: بيع الغائب وهو ما ليس كذلك.
وينقسم أيضاً باعتبار بت عقده وعدمه إلى قسمين:
الأول بيع بت أي قطع: وهو ما لا خيار فيه لأحد المتعاقدين، وسمي بتاً لأن كل واحد قطع الخيار على صاحبه.
الثاني بيع الخيار: وهو ما جعل أحدهما الخيار فيه لصاحبه.
وينقسم باعتبار النظر إلى الثمن الذي اشتريت به السلعة أولاً وعدمه إلى أربعة أقسام:
الأول: بيع المرابحة: وهو أن يشتري منه السلعة بزيادة على ثمنها الأول.
الثاني: المساومة.
الثالث: المزايدة.
الرابع: الاستئمان. وسيأتي بيانها.
وينقسم باعتبار ما يعرض له إلى قسمين:
صحيح وفاسد.

🌹 يتبع 1
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,700
مستوى التفاعل
8,767
مجموع اﻻوسمة
8
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
##############

الحنابلة قالوا:
معنى البيع في الشرع: مبادلة مال بمال، أو مبادلة منفعة مباحة بمنفعة مباحة على التأبيد غير ربا وقرض.
فقوله: مبادلة مال بمال عقد صاحب عوض من الجانبين، وهو عبارة عن جعل شيء في مقابلة آخر، ويشمل المال النقد وغيره فيدخل فيه مقايضة سلعة بسلعة، ولا فرق في المال بين أن يكون معيناً حاضراً أو موصوفاً ولو كان ذلك المال ديناً في الذمة.
وقوله: على التأبيد متعلق بمبادلة يخرج به الإجارة، والإعارة في نظير الإعارة.
وقوله: غير ربا وقرض: خرج بهما الربا والقرض.

الشافعية قالوا:
البيع في الشرع مقابلة مال بمال على وجه مخصوص، أي عقد ذو مقابلة مال بمال الخ، والمراد بالمقابلة المعاوضة.
وهي أن يدفع كل واحد من الجانبين عوضاً للآخر، فتخرج بذلك الهبة لأنها تمليك بلا عوض في الحياة
وقوله: مال بمال خرج به عقد النكاح لأنه مقابلة مال بغيره.
وقوله: على وجه مخصوص. الغرض منه أمران:
الأول: أن يكون ذلك العقد مفيداً لملك العين أو لملك المنفعة على التأبيد كحق المرور، وبذلك تخرج الإجارة لأنها تمليك منفعة مقدرة بمدة بعوض.
الثاني: أن لا يكون ذلك العقد على وجه القربة فيخرج به القرض، لأنه تمليك للعين على أن يرد مثلها.
وينقسم إلى قسمين:
صحيح: وهو ما توفرت فيه الشروط والأركان.
وفاسد: وهو ما اختل به بعض ذلك.
وكل منهما ينقسم إلى محرم وجائز، فالصحيح المحرم كتلقي الركبان. والفاسد المحرم كبيع حبل الحبلة، وسيأتي بيان ذلك في البيع الفاسد.
وينقسم الصحيح إلى أقسام:
الأول: بيع أعيان مشاهدة.
الثاني: بيع أعيان موصوفة في الذمة ويسمى سلماً.
والذمة تطلق في اصطلاح الفقهاء على معنيين:
أحدهما: الذات - ذات البائع هنا - وسميت ذمة لما يتعلق بها من العبد والأمان وهو المعنى اللغوي.
ثانيهما: أمر معنوي قائم بذات الشخص قابل للإلزام من جهة الشرع والالتزام من جهة المكلف، فذمة الشخص صفة معنوية قائمة به يلزمه الشارع بسببها بأداء ما التزم به.
الثالث: بيع صرف: وهو بيع أحد النقدين بالآخر من جنسه أو من غير جنسه، لكن إذا كان من جنسه اشترط للصحة ثلاثة شروط:
أن يكون البيع حالاً لا مؤجلاً.
وأن يكون يداً بيد "مقابضة".
وأن يكون المبيع والثمن متماثلين، أما إن كان غير جنسه فإنه يشترط فيه الأولان فقط، وسيأتي بيان ذلك في بابه.
الرابع: بيع مرابحة وهو بيع بالثمن الأصلي مع الربح كأن يقول: بعت بما اشتريت مع ربح درهم عن كل عشرة أو مع فائدة ردهم.
الخامس: بيع إشراك كأن يقول: أشركتك معي في العقد بثلث ما اشتريت، فإن قال: أشركتك معي ولم يقل بثلث ولا غيره حمل علي المناصفة.
السادس بيع المحاطة كأن يقول: بعت بما اشتريت وحط درهماً من كل عشرة.
السابع: بيع التولية وهي البيع بنفس الثمن الأول كأن يقول له: وليتك بما اشتريت إذا كانا عالمين بالثمن.
الثامن: بيع الحيوان بالحيوان - ويسميه غيرهم مقايضة - وهو صحيح، سواء اتحد جنسهما أو اختلف، وسواء كانا مأكولين أو غير مأكولين بشرط أن لا يشتمل بيعه على ربا، وذلك بأن يكونا مأكولين واتحد
جنسهما وكان فيهما لبن أو بيض، بخلاف ما إذا كانا غير مأكولين وإن كان فيهما ما ذكر.
التاسع: بيع بشرط الخيار.
وسيأتي بيان العقود التي يحص فيها شرط الخيار والتي لا يصح.
العاشر: بيع شرط البراءة من العيب.
وأما الفاسد فإنه ينقسم إلى أقسام كثيرة سنذكرها في بابه.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,700
مستوى التفاعل
8,767
مجموع اﻻوسمة
8
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
##############

الحنابلة قالوا:
معنى البيع في الشرع: مبادلة مال بمال، أو مبادلة منفعة مباحة بمنفعة مباحة على التأبيد غير ربا وقرض.
فقوله: مبادلة مال بمال عقد صاحب عوض من الجانبين، وهو عبارة عن جعل شيء في مقابلة آخر، ويشمل المال النقد وغيره فيدخل فيه مقايضة سلعة بسلعة، ولا فرق في المال بين أن يكون معيناً حاضراً أو موصوفاً ولو كان ذلك المال ديناً في الذمة.
وقوله: على التأبيد متعلق بمبادلة يخرج به الإجارة، والإعارة في نظير الإعارة.
وقوله: غير ربا وقرض: خرج بهما الربا والقرض.

الشافعية قالوا:
البيع في الشرع مقابلة مال بمال على وجه مخصوص، أي عقد ذو مقابلة مال بمال الخ، والمراد بالمقابلة المعاوضة.
وهي أن يدفع كل واحد من الجانبين عوضاً للآخر، فتخرج بذلك الهبة لأنها تمليك بلا عوض في الحياة
وقوله: مال بمال خرج به عقد النكاح لأنه مقابلة مال بغيره.
وقوله: على وجه مخصوص. الغرض منه أمران:
الأول: أن يكون ذلك العقد مفيداً لملك العين أو لملك المنفعة على التأبيد كحق المرور، وبذلك تخرج الإجارة لأنها تمليك منفعة مقدرة بمدة بعوض.
الثاني: أن لا يكون ذلك العقد على وجه القربة فيخرج به القرض، لأنه تمليك للعين على أن يرد مثلها.
وينقسم إلى قسمين:
صحيح: وهو ما توفرت فيه الشروط والأركان.
وفاسد: وهو ما اختل به بعض ذلك.
وكل منهما ينقسم إلى محرم وجائز، فالصحيح المحرم كتلقي الركبان. والفاسد المحرم كبيع حبل الحبلة، وسيأتي بيان ذلك في البيع الفاسد.
وينقسم الصحيح إلى أقسام:
الأول: بيع أعيان مشاهدة.
الثاني: بيع أعيان موصوفة في الذمة ويسمى سلماً.
والذمة تطلق في اصطلاح الفقهاء على معنيين:
أحدهما: الذات - ذات البائع هنا - وسميت ذمة لما يتعلق بها من العبد والأمان وهو المعنى اللغوي.
ثانيهما: أمر معنوي قائم بذات الشخص قابل للإلزام من جهة الشرع والالتزام من جهة المكلف، فذمة الشخص صفة معنوية قائمة به يلزمه الشارع بسببها بأداء ما التزم به.
الثالث: بيع صرف: وهو بيع أحد النقدين بالآخر من جنسه أو من غير جنسه، لكن إذا كان من جنسه اشترط للصحة ثلاثة شروط:
أن يكون البيع حالاً لا مؤجلاً.
وأن يكون يداً بيد "مقابضة".
وأن يكون المبيع والثمن متماثلين، أما إن كان غير جنسه فإنه يشترط فيه الأولان فقط، وسيأتي بيان ذلك في بابه.
الرابع: بيع مرابحة وهو بيع بالثمن الأصلي مع الربح كأن يقول: بعت بما اشتريت مع ربح درهم عن كل عشرة أو مع فائدة ردهم.
الخامس: بيع إشراك كأن يقول: أشركتك معي في العقد بثلث ما اشتريت، فإن قال: أشركتك معي ولم يقل بثلث ولا غيره حمل علي المناصفة.
السادس بيع المحاطة كأن يقول: بعت بما اشتريت وحط درهماً من كل عشرة.
السابع: بيع التولية وهي البيع بنفس الثمن الأول كأن يقول له: وليتك بما اشتريت إذا كانا عالمين بالثمن.
الثامن: بيع الحيوان بالحيوان - ويسميه غيرهم مقايضة - وهو صحيح، سواء اتحد جنسهما أو اختلف، وسواء كانا مأكولين أو غير مأكولين بشرط أن لا يشتمل بيعه على ربا، وذلك بأن يكونا مأكولين واتحد
جنسهما وكان فيهما لبن أو بيض، بخلاف ما إذا كانا غير مأكولين وإن كان فيهما ما ذكر.
التاسع: بيع بشرط الخيار.
وسيأتي بيان العقود التي يحص فيها شرط الخيار والتي لا يصح.
العاشر: بيع شرط البراءة من العيب.
وأما الفاسد فإنه ينقسم إلى أقسام كثيرة سنذكرها في بابه.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,700
مستوى التفاعل
8,767
مجموع اﻻوسمة
8
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
###############

حكم البيع ودليله

حكم البيع من حيث هو الإباحة، وقد تعرض له الوجوب وذلك في حال الاضطرار إلى طعام أو شراب، فإنه يجب شراء ما فيه حفظ النفس من الهلاك، ويحرم عدم بيع ما فيه حفظها.
وقد يكون مندوباً كما إذا حلف عليه إنسان أن يبيع سلعة لا ضرر عليه في بيعها، فإنه يندب أن يبر اليمين وقد يكون مكروهاً كبيع ما يكره بيعه، وقد يكون محرماً كبيع ما يحرم بيعه مما سيأتي بيانه.
أما كونه مباحاً فهو معلوم من الدين بالضرورة، فلا يحتاج إلى دليل، ولكن الأدلة على ذلك كثيرة في كتاب الله وسنة رسوله، فأما الكتاب فقوله تعالى:
{وأحل الله البيع وحرم الربا} .
وقوله تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم} وقوله تعالى: {وأشهدوا إذا تبايعتم}.
فهذه الآيات صريحة في حل البيع وإن كانت مسوقة لأغراض أخرى غير إفادة الحل، لأنه الآية الأولى مسوقة لتحريم الربا. والثانية مسوقة لنهي الناس عن أكل أموال بعضهم بعضاً بالباطل.
والثانية مسوقة للفت الناس إلى ما يرفع الخصومة ويحسم النزاع من الاستشهاد عند التبايع.
وأما السنة فكثيرة منهما قوله صلى الله عليه وسلم:
"لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة حطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه" رواه البخاري.
وفي هذا الحديث إشارة إلى ما يجب على الإنسان من العمل في هذه الحياة، فلا يحل له أن يهمل طلب الرزق اعتماداً على سؤال الناس كما لا يحل له أن يستنكف عن العمل، سواء كان جليلاً أو حقيراً، بل عليه أن يعمل بما هو ميسر له.
ومنها قوله عليه الصلاة والسلام:
"الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح سواء بسواء، مثلاً بمثل، يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم" رواه مسلم.
فقوله فبيعوا كيف شئتم صريح في إباحة البيع، وسيأتي بيان الحديث فيما ينهى عنه.
ومنها قوله عليه الصلاة والسلام:
"أفضل الكسب بيع مبرور، وعمل الرجل بيده" رواه أحمد والطبراني وغيرهم.
والبيع المبرور: هو الذي يبر فيه صاحبه فلم يغش ولم يخن ولم يعص الله فيه، وحكمه حله ما يترتب عليه من تبادل المنافع بين الناس، وتحقيق التعاون بينهم، فينتظم بذلك معاشهم، وينبعث كل واحد إلى ما يستطيع الحصول عليه من وسائل العيش، فهذا يغرس الأرض بما منحه الله من قوة بدنية، وألهمه من علم بأحوال الزرع ويبيع ثمرها لمن لا يقدر على الزرع ولكنه يستطيع الحصول على الثمن من طريق أخرى وهذا يحضر السلعة من الجهات النائية يبيعها لمن ينتفع بها، وهذا يجيد ما يحتاج إليه الناس من صناعة ليبيع عليهم مصنوعاته، فالبيع والشراء من أكبر الوسائل الباعثة على العمل في هذه الحياة الدنيا، وأجل أسباب الحضارة والعمران.
 
Comment
أعلى