تواصل معنا

مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة ############### أركان البيع أركان البيع ستة (1) : صيغة، وعاقد، ومعقود عليه، وكل منها قسمان: لأن...

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
15,309
مستوى التفاعل
9,377
مجموع اﻻوسمة
9
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
###############

أركان البيع
أركان البيع ستة (1) :
صيغة، وعاقد، ومعقود عليه، وكل منها قسمان:
لأن العاقد إما أن يكون بائعاً أو مشترياً.
والمعقود عليه إما أن يكون ثمناً أو مثمناً.
والصيغة إما أن تكون إيجاباً أو قبولاً.
فالأركان ستة:
والمراد بالركن هنا ما يتوقف عليه وجود الشيء وإن كان غير داخل في حقيقته، وهذا مجرد اصطلاح، لأن ركن الشيء الحقيقي هو أصله الداخل فيه، وأصل البيع هو الصيغة التي لولاها ما اتصف العاقدان بالبائع والمشتري.
ولكل ركن من الأركان أحكام وشروط سنذكرها لك على الترتيب الذي يلي:

الركن الأول: الصيغة
الصيغة في البيع هي كل ما يدل على رضاء الجانبين البائع والمشتري وهي أمران (2) :
الأول: القول وما يقوم مقامه من رسول أو كتاب؛ فإذا كتب لغائب يقول له: قد بعتك داري بكذا أو أرسل له رسولاً فقبل البيع في المجلس فإنه يصح، ولا يغتفر له الفصل إلا بما يغتفر في القول حال حضور المبيع.
الثاني المعاطاة: وهي الأخذ والإعطاء بدون كلام كأن يشتري شيئاً ثمنه معلوم له فأخذه من البائع ويعطيه الثمن وهو يملك بالقبض، ولا فرق بين أن يكون المبيع يسيراً كالخبز والبيض ونحوهما مما جرت العادة بشرائه، متفرقاً أو كثيراً كالثياب القيمة.
وأما القول فهو اللفظ الذي يدل على التمليك والتملك، كبعت واشتريت ويسمى ما يقع من البائع إيجاباً ( 3 ) ، وما يقع من المشتري قبولاً، وقد يتقدم القبول على الإيجاب كما إذا قال المشتري: بعني هذه السلعة بكذا. وفي بيان الإيجاب والقبول تفصيل المذاهب
( 4 ) .
ويشترط للإيجاب والقبول شروط.
منها: أن يكون الإيجاب موافقاً للقبول في القدر، والوصف والنقد، والحلول، والأجل، فإذا قال البائع: بعن هذه الدار بألف فقال المشتري: قبلتها بخمسمائة لم ينعقد البيع، وكذا إذا قال: بعتها بألف جنيه ذهباً فقال الآخر: قبلتها بألف جنيه ورقاً، فإن البيع لا ينعقد، إلا إذا كانت الألف الثانية مثل الأولى في المعنى من جميع الوجوه فإن البيع ينعقد في هذه الحالة.
ومنها أن يكون الإيجاب والقبول في مجلس واحد، فإن قال أحدهما: بعتك هذا بألف ثم تفرقا قبل أن يقبل الآخر فإن البيع لا ينعقد.
ومنها أن يفصل بين الإيجاب والقبول فاصل يدل على الإعراض. أما الفاصل اليسير وهو الذي لا يدل على الإعراض بحسب العرف فإنه لا يضر ( 5 ) .
ومنها سماع المتعاقدين كلام بعضهما، فإذا كانه البيع بحضرة شهود فإنه يكفي سماع الشهود بحيث لو أنكر أحدهما السماع لم يصدق. فإذا قال بعت هذه السلعة بكذا، وقال الآخر: قبلت. ثم تفرقا فادعى البائع أنه لم يسمع القبول، أو ادعى المشتري بأنه لم يسمع الثمن مثلاً فإن دعواهما لا تسمع إلا بالشهود.
🌺 يتبع
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
15,309
مستوى التفاعل
9,377
مجموع اﻻوسمة
9
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
#############

(1) الحنفية قالوا:
للبيع ركن واحد وهو الإيجاب والقبول الدالان على تبادل المكلين بين البائع والمشتري من قول أو فعل، وبعضهم يقول: إن له ركنين الإيجاب والقبول، والأخذ والإعطاء، وعلى كل حال فالحنفية قد نظروا في ذلك إلى الركن الحقيقي، وهو ما كان أصلاً للشيء داخلاً فيه

(2) الشافعية قالوا:
لا ينعقد البيع إلا بالصيغة الكلامية أو ما يقوم مقامها من الكتاب والرسول، وإشارة الأخرس المعلومة، أما المعاطاة فإن البيع لا ينعقد بها، وقد مال صاحب الإحياء إلى جواز البيع في الأشياء اليسيرة بالمعاطاة لأن الإيجاب والقبول يشق في مثلها عادة.
( 3 ) الحنفية قالوا:
الإيجاب هو ما صدر أولاً من أحد المتعاقدين، سواء كان بائعا كأن يقول: بعتك كذا، أو مشترياً كأن يقول: اشتريت منك كذا بألف فيقول: بعتك إياه، والقول هو ما صدر ثانياً.

🌺 يتبع 1
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
15,309
مستوى التفاعل
9,377
مجموع اﻻوسمة
9
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
#################

( 4 ) الحنفية قالوا:
ينعقد البيع والشراء بكل لفظين يدلان على معنى التمليك والتملك، كبعت، واشتريت، وأعطيت، وبذلت، وأخذت، ورضيت لك هذا الشيء بكذا، وأجزت ونحو ذلك، وينعقد بلفظ السلم والهبة والعوض كما إذا قال: أسلمت لك هذا بكذا ووهبته منك بكذا، أو قال: عوضت فرسي بفرسك، فأجابه بقوله: وأنا أيضاً، ثم إن كان الفعل ماضياً كبعتك هذا الشيء بكذا، أو كان مضارعاً لا يحتمل الحال والاستقبال كقوله: أبيعك الآن، فإن البيع ينعقد بهما بدون حاجة إلى نية، وبعضهم يقول: إن النية لازمة في كل حال، سواء كان الفعل ماضياً أو مستقبلاً.
أما إن كان مضارعاً يحتمل الحال والاستقبال، أو كان متحمضاً للاستقبال بأن اقترن بالسين أو سوف كقوله: سأبيعك أو سوف أبيع فإنه لا ينعقد البيع إلا بنية الإيجاب في الحال بلا خلاف سواء كان الإيجاب والقبول كذلك، أو كان أحدهما ماضياً والآخر مستقبلاً، فإذا قال البائع: أبيعك هذا الثوب بكذا، وقال المشتري: أشتريه، فإن البيع لا ينعقد إلا إذا كان كل منهما ناوياً للإيجاب في الحال، وكذا إذا قال أحدهما: أبيع أو سوف أبيع، وقال الآخر: اشتريت، فإن كان الفعل أمراً كما إذا قال: بعني الثوب ونوى الإيجاب في الحال فلا ينعقد البيع إلا إذا قال له البائع: بعت ورد عليه المشتري بقوله: اشتريت فلا بد في نفاذ البيع بالأمر من ثلاثة ألفاظ لأن اللفظ الأول وهو بعني ملغى، لأن البيع لا ينعقد بالأمر أصلاً إلا إذا دل على الحال كقول البائع: خذ مني هذا الثوب بكذا، فيقول المشتري: أخذته، فإن البيع ينعقد بذلكن لأن خذ في معنى بعتك هذا الشيء فخذه، ولا ينعقد البيع إذا اقترن بالفعل استفهام ونحوه كقوله: هل تببعني، أو ليتك تببعني ونحو ذلك، ولكل واحد من البائع والمشتري حق الرجوع قبل قبول الآخر ما داما في المجلس، فإذا قال البائع: بعتك كذا ولم يجبه الآخر بالقبول فإن له أن يرجع، وكذا إذا قال له: اشتريت منك السلعة بكذا ولم يقل له: بعتك فإن له أن يرجع، وهذا يسمى خيار القبول في المجلس.
المالكية قالوا:
ينعقد البيع بكل قول يدل على الرضا كبعت واشتريت وغيرهما من الأقوال، ثم إن كان الفعل ماضياً كأن يقول البائع: بعت هذه السلعة، والمشتري: اشتريت، فإن البيع ينعقد به ويكون لازماً، فليس لواحد منهما حق الرجوع فيه لا قبل رضاء الآخر ولا بعده، حتى ولو حلف أنه لا يقصد البيع أو الشراء.
أما إن كان الفعل أمراً كقول المشتري: بعني هذا السلعة بكذا فيقول له البائع: بعت فإنه ينعقد به البيع، ولكن في لزومه خلاف، فبعضهم يقول: إن له حق الرجوع وعليه اليمين بأنه لم يقصد الشراء، وبعضهم يقول: إن يلزم بهذا كلزومه بالماضي وليس له حق الرجوع على المعتمد.
فإن كان الفعل مضارعاً كأن يقول البائع: أبيع هذه السلعة بكذا فرضي المشتري بذلك، فإن البيع لا يلزم البائع إذا رجع وقال: إنني لم أرد البيع، وإنما أردت المساومة أو المزاح ولكن عليه اليمين، وإذا رجع بعد رضاء المشتري فإذا حلف فذاك وإلا فيلزمه البيع، وإذا قامت قرينة على أنه يقصد البيع فإنه يلزمه ولو حلف. وذلك كأن يقول له المشتري: يا فلان بعني سلعتك بعشرة فيقول: لا، فيقول بأحد عشر فيقول: لا، ثم يقول البائع: أبيعها باثني عشر فيقول المشتري: قبلت. فإن البيع يلزم في هذه الحالة وليس له حق الرجوع، ولا ينفعه اليمين لأن تردد الكلام بينهما قرينة على عدم المزاح واللعب. وكذا لو قال المشتري: أشتري هذه السلعة بكذا فرضي البائع ثم رجع المشتري فإن له حق الرجوع، وعليه اليمين ما لم تقم قرينة على انه جاد في شرائه فإنه يلزمه الشراء، والحاصل أن البادئ بالمضارع سواء أكان بائعاً أم مشترياً فإنه لا يلزمه البيع، وله حق الرجوع وعليه اليمين إن رجع بعد رضاء الآخر، أما إذا رجع قبل رضائه فإن له ذلك الحق ولا يمين عليه، ومحل ذلك كله ما لم تقم قرينة على البيع والشراء أو عدمها وإلا عمل بها.
وإذا قال شخص لآخر: بكم تبيع هذه السلعة: فقال له: بعشرة، فقال السائل: أخذتها بذلك، فأبى البائع أن يبيعها وقال: إنني أريد أن أعرف قيمتها أو أريد المزاح فالمعتمد في ذلك أن يرجع إلى القرائن، فإن قامت قرينة بأن حصل تماكس وتردد في الكلام كما ذكر في الصورة المتقدمة فإن البائع يلزم بالبيع، وإن قامت قرينة على عدمه فإنه لا يلزمه ولا يمين على البائع، وإن لم تقم قرينة على أحدهما فللبائع حق الرجوع وعليه اليمين إن رجع بعد رضاء الآخر.
الشافعية قالوا:
ينعقد البيع والشراء بكل لفظ يدل على التمليك مفهم للمقصود، وهو قسمان: صريح. وكناية. فالصريح ما لا يحتمل غير البيع مما يدل على البيع والشراء كبعتك هذه السلعة بكذا، واشتريتها منك بكذا.
وأما الكناية فهي اللفظ المحتمل لمعنى آخر غير البيع كقول البائع: أعطيتك هذا الثوب بذلك الثوب، أو أعطيتك تلك الدابة بتلك، فإن ذلك يحتمل البيع ويحتمل الإعارة. فإذا نوى بذلك البيع والشراء صح، فإن قرن اللفظ المحتمل بذكر الثمن يكون صريحاً كوهبتك هذه الدار بمائة دينار، فإن لفظ الهبة إن لم تكن مقترنة بذكر الثمن تكون هبة، فإن اقترنت بالثمن تكون بيعاً. وكذا كل لفظ يدل على التمليك إذا قرن بذكر الثمن كجعلت لك هذه الدار بثمن كذا، أو عوضتك هذا بكذا، أو صارفتك ذا بكذا، فكل هذا ظاهر الدلالة في البيع لذكر الثمن، ومثل ذلك ما إذا قال المشتري: اشتريت وقبلت فإن في ذلك دلالة ظاهرة على الشراء، بخلاف ما إذا قال: تملكت فقط، فإن ذلك كناية تحتمل التملك بالشراء وتحتمل التملك بالهبة وغيرهما. وكما ينعقد البيع بالصريح ويحل فكذلك ينعقد بالكناية ويحل، إلا أن الصريح أقطع للنزاع وأحسن في رفع الخصومات. ومن الكناية أن يأتي البائع بالمضارع في الإيجاب كأن يقول: أبيعك أو يأتي المشتري بالمضارع في القبول، كأن يقول: أقبل فإن البيع يصح فيهما بالنية، وإن كانت النية لازمة في كل صيغة كما يأتي في الشروط. وللشافعية فرق بين النية وقصد اللفظ لمعناه.
ويصح أن يتقدم القول على الإيجاب كأن يقول المشتري: بعني كذا بكذا، فلفظ بعني معناه طلب الإيجاب وهو قائم مقام القبول، فيصح جعله من أفراده إذا كان بصيغة الأمر أما إذا كان بصيغة الاستفهام كقوله: هل تببعني كذا؟ فإنه لا يصح ولا يضر تقييد اللفظ بالمشيئة كقوله: اشتر مني كذا إن شئت ولكن بشروط أربعة: الأول أن يذكرها المبتدي سواء كان بائعاً أو مشترياً. الثاني أن يخاطب بها مفرداً، فإن خاطب بها جماعة فإنها لا تنفع. الثالث أن يفتح تاء المخاطب إن كان نحوياً. الرابع أن يؤخرها عن الصيغة سواء كانت إيجاباً أو قبولاً، فإن فقد شرط من هذه الشروط بطل العقد. أما إذا علق الصيغة بقول إن شاء الله، أو بأي تعليق لا يقتضيه العقد كقوله: إن شاء فلان؛ فإن ذلك يبطل العقد.
الحنابلة قالوا:
كل لفظ يؤدي معنى البيع والشراء ينعقد به، فلا تنحصر الصيغة القولية في لفظ معين، فينعقد بالإيجاب من البائع بقول: بعتك، أو ملكتك، أو وليتك، أو أشركتك في كذا، أو وهبتكه بكذا، أو أعطيتك كذا بكذا ونحو ذلك.
ومن المشتري بقول قبلت، أو رضيت، أو اشتريت، أو تملكت، أو أخذت، أو استبدلت ونحو ذلك، وهل يصح البيع بلفظ السلم والسلف أو لا؟ كأن يقول: سلفتك أو أسلمت لك كذا بكذا: خلاف، فقيل يصح، وقيل لا. ويجوز أن يتقدم القبول على الإيجاب ولكن يلزم أن يكون بلفظ الأمر كأن يقول: بعني كذا بكذا، فإن كان بلفظ الماضي أو المضارع فإنه يجب أن يكون مجرداً عن الاستفهام والتمني والترجي فيقول: تبعني كذا، أو تبعني كذا بكذا، فإن قال: بعت صح. أما إن قال: هل بعتني أو هل تبعني؟ أو ليتك بعتني، أو لعلك بعتني فإنه لا يصح. ولا يضر تقييد البيع والشراء بالمشيئة، فلو قال البائع: بعت إن شاء الله، أو قال المشتري: اشتريت إن شاء الله صح البيع، ولكل من البائع والمشتري حق الرجوع ما داما في المجلس ولو بعد تمام العقد، لأن لهما خيار المجلس كما يأتي بيانه.
( 5 ) الحنفية قالوا:
الفاصل الذي يغتفر في الإيجاب والقبول هو الفاصل اليسير كما إذا قال له: بعتك هذا الثوب بعشرة وكان في يده قدح ماء فشربه ثم قال له: قبلت فإنه لا يضر، وكذا إذا أكل لقمة، أما إذا اشتغل بأكل أو نوم فإن المجلس يتبدل، وكذا إذا قال له: بعتك هذا بكذا فلم يجبه ثم تكلم في حاجة له مع غيره كان ذلك فاصلاً لا ينفع معه البيع.
الشافعية قالوا:
لا يغتفر الفصل بين الإيجاب والقبول بالكلام الأجنبي مطلقاً، سواء كان قليلاً أو كثيراً أما الكلام الذي فيه ذكر حدود المبيع فإن الفصل به لا يضر وإن طال، ولو كان معروفاً قبل العقد للمتعاقدين. وكذا لا يضر الفصل بالسكوت اليسير. أما السكوت الطويل وهو ما يشعر بالإعراض عن القبول فإنه لا يغتفر ولكل من البائع والمشتري الرجوع ما داما في المجلس لأن لهما خيار المجلس وإن لم يشترطاه، بل لو اشترطا عدمه بطل العقد كما يأتي.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
15,309
مستوى التفاعل
9,377
مجموع اﻻوسمة
9
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
##############
الركن الثاني: العاقد

وأما العاقد سواء كان بائعاً أو مشترياً فإنه يشترط له شروط: منها أن يكون مميزاً فلا ينعقد بيع الصبي ( 1 ) الذي لا يميز، وكذلك المجنون، أما الصبي ( 2 ) المميز والمعتوه اللذان يعرفان البيع وما يترتب عليه من الأثر ويدركان مقاصد العقلاء من الكلام ويحسنان الإجابة عنها، فإن بيعهما وشراءهما ينعقد ولكنه لا ينفذ إلا إذا كان بإذن من الولي في هذا الشيء الذي باعه واشتراه بخصوصه. ولا يكفي الإذن العام، فإذا اشترى الصبي المميز السلعة التي أذنه وليه في شرائها انعقد البيع لازماً، وليس للولي رده.
أما إذا لم يأذن وتصرف الصبي المميز من تلقاء نفسه فإن بيعه ينعقد، ولكن لا يلزم إلا إذا أجازه الولي، أما أجازه الصبي بعد البلوغ.
ومنها أن يكون رشيداً.
وهذا شرط لنفاذ البيع، فلا ينعقد بيع الصبي مميزاً كان أو غيره، ولا بيع المجنون والمعتوه والسفيه إلا إذا أجاز الولي بيع المميز منهم، أما بيع غير المميز فإنه يقع باطلاً، ولا فرق في المميز بين أن يكون أعمى أو مبصراً.
ومنها: أن يكون العاقد مختاراً فلا ينعقد بيع المكره ولا شراؤه لقوله تعالى:
{إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم} .
وقوله صلى الله عليه وسلم:
"إنما البيع عن تراضٍ" رواه ابن حبان وفي ذلك تفصيل المذاهب ( 3 ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1 ) الحنابلة قالوا:
يصح بيع الصبي وشراؤه للشيء اليسير ولو كان دون التمييز ولو لم يأذنه وليه، لما روي أن أبا الدرداء اشترى من صبي عصفوراً فأرسله، وكذلك السفيه فإنه يصح تصرفه بدون إذن وصيه في اليسير كباقة بقل، وكبريت ونحو ذلك، أما الشيء الكثير فإنه لا يصح تصرف الصبي غير المميز ولو بإذن وليه، أما الصبي المميز والسفيه فإنه يصح تصرفهما بالبيع والشراء بإذن الولي. ولكن يحرم على الولي أن يأذنهما لغير مصلحة.
( 2 ) الشافعية قالوا:
لا ينعقد بيع أربعة وهم:
الصبي سواء كان مميزاً أو غير مميز، والمجنون والعبد، ولو مكلفاً، والأعمى، فإذا باع أحد لواحد من هؤلاء وقع البيع باطلاً، وعليه أن يرد لهم ما أخذه من ثمن وهو مضمون لهم عنده.
أما ما أخذوه هم فإنهم إذا أضاعوه فإنه لا يسألون عنه، ولكن قد ضاع على صاحبه.ولا ينعقد بيع الصبي ولو أذن له الولي.
أما العبد فإن أذن له سيده فإن بيعه يصح وكذا شراؤه وإذا كان مكلفاً عاقلاً.
( 3 ) الحنابلة قالوا:
يشترط في البيع أن يكون العاقدان مختارين ظاهراً أو باطناً، فإذا كانا مختارين في الظاهر فقط، كأن اتفقا على بيع عين لأحدهما فوراً من ظالم يريد اغتصابه، أو اتقاء شر جار حتى إذا ما أمن ذلك رد إليه ما باعه ورد هو ما أخذ من ثمن، فإن هذا البيع يقع باطلاً ولا ينعقد، لأنهما وإن تعاقدا باختيارهما ظاهراً ولكنهما في الباطن لا يريدان هذا البيع ويسمى هذا بيع التلجئة والأمان.
ولا يشترط أن يقولا في العقد: إن هذا بيع تلجئة، فإذا سلمه العين على أن ينتفع بها من سكنى وإجارة وركوب وحلب في نظير ما أخذه من الثمن كان ذلك ربا، لأنه يكون عبارة عن إعطاء دراهم إلى أجل في نظير منفعة وهي الريح فهو في المعنى فرض بعوض، وعلى هذا يكون باطلاً من جميع الوجوه.
ومثل بيع التلجئة بيع الهازل فإنه لم يرد حقيقته فهو غير مختار في المعنى.
وتقبل دعوى بيع التلجئة والهزل بالقرينة الدالة عليهما مع اليمين لاحتمال كذبه، فإن لم توجد قرينة لم تقبل دعواه إلا ببينة.
أما إذا باع شيئاً فراراً من ظالم ونحوه من غير أن يتفق مع المشتري على أن هذا بيع تلجئة وأمانة؛ فإن البيع يقع صحيحاً لأنه صدر من غير إكراه في هذه الحالة. وكذا لو أكره على أن يستحضر مالاً فباع ملكه في ذلك صح البيع، لأنه لم يكره على البيع، وإنما أكره على سبب البيع، إنما يكره الشراء منه لأنه بيع بدون ثمن مثله.
ومن استولى على ملك رجل بلا حق فطلبه فجحده وقال: إنه لا يعترف له به إلا إذا باعه فاضطر لبيعه وقع البيع باطلاً لأنه مكره في هذه الحالة.
وليس من الإكراه أن يلزمه الحاكم بالبيع وفاء لدين ونحوه، لأن هذا إكراه بحق، والذي يبطل البيع هو الإكراه بالباطل.
الحنفية قالوا:
إن كل عقد يكره عليه الشخص ينعقد لأن القاعدة عندهم في المكره:
أن كل ما يكره على النطق به ينعقد، ولكن أقواله التي يكره عليه منها ما يحتمل فسخ، ومنها ما لا يحتمل.
فالذي يحتمل الفسخ كالبيع والإجارة.
والذي لا يحتمل الفسخ كالطلاق والعتاق والنكاح والنذر.
فإذا أكرهه ظالم على بيع ملكه فإن البيع ينعقد فاسداً ويملكه المشتري ملكاً فاسداً وللمكره أن يجيز البيع بعد زوال إكراهه، وله أن يسترد العين حيث وجدها، أما إذا أكرهه على طلاق ونكاح ونذر ونحوها، ثم تصرف فيما يترتب على ذلك كأن تزوج مطلقة فليس له أن ينقض تصرفه.
وإذا أكرهه القاضي على بيع ماله لوفاء دينه بغبن فاحش كان البيع فاسداً.
ويشترط لتحقيق الإكراه في البيع أن يكون مكرهاً على البيع، وعلى تسليم العين، وعلى قبض الثمن، فإن أكره على البيع فقط ثم سلم العين باختياره فإنه لا يكون مكرهاً لأن تسليم العين بالاختيار إجازة للبيع. وكذا إذا قبض الثمن باختياره فإنه لا يكون مكرها، وكذلك إذا اضطره إلى أمر يكون سبباً في إكراهه على البيع، كأن يلزمه بمال لا يقدر عليه فاضطر إلى بيع ملكه ليعطيه ذلك المال فإنه في هذه الحالة لا يكون مكرهاً على البيع فيقع العقد نافذاً، وإذا استرد العين التي أكره على بيعها فإن عليه رد الثمن إن كان باقياً في يده لأن العقد فاسد، أما إن هلك الثمن فلا يؤخذ منه شيء.
ومثل عقد المكره في الفساد عقد الهازل وعقد التلجئة.
فالهازل وإن كان يتكلم بصيغة العقد باختياره، ولكنه لا يرضى ثبوت الحكم ولا يستحسنه ولا يلزم من الاختيار الرضا، فإن الاختيار وهو قصد الشيء وإرادته وأما الرضا فهو استحسانه.
فالهازل مكره في الحقيقة، لأن المكره على شيء يختاره ولكنه لا يرضاه.
وأما عقد التلجئة فهو أن يأتي أمراً باطنه خلاف ظاهره وصورته أن يقول البائع: ألجئ إليك داري مثلاً لأتمكن بجاهك من صيانتها؛ ومعناه: ألتجئ إليك فراراً من ظلم، فإذا اتفقا على ذلك ثم تبايعا على ذلك الاتفاق فإن البيع فاسد.
المالكية قالوا:
الإكراه الذي يمنع نفاذ البيع هو الإكراه بغير حق، وهو ينقسم إلى قسمين، الأول:
إكراه على نفس البيع.
وذلك كأن يكرهه ظالم على بيع كل ملكه أو بعضه.
والثاني:
إكراه على شيء يجبره على البيع كأن يكرهه ذلك الظالم على أن يعطيه مالاً غير قادر عليه، فيضطر لبيع ملكه ليحصل له ذلك المال فهو لم يكرهه على نفس البيع وإنما أكرهه على سبب البيع.
وحكم الأول أنه بيع غير لازم، فللبائع أن يرد ما باعه متى أمكنه، وعليه أن يرد الثمن الذي أخذه ما لم يكن قد تلف منه بدون أن يفرط في حفظه فإذا أقام البينة على أنه تلف منه على هذا الوجه فإنه لا يلزم برده، بل يسترد سلعته بدون أن يرد ثمنها.
وأما الإكراه على سبب البيع ففيه خلاف:
فبعضهم يقول:
إنه بيع غير لازم أيضاً.
وبعضهم يقول: إنه بيع لازم.
والأول هو المشهور في المذهب، ولكن الثاني هو الذي عليه العمل، وذلك لأن فيه مصلحة البائع، إذ لو فرض أن ظالماً طلب من شخص مالاً لم يكن قادراً عليه فسجنه لذلك وعنده عين إذا باعها يحصل على ذلك المال ويخلص من عذاب السجن، فإذا قلنا إن بيعها غير لازم لم يقدم أحد على شرائها وفي ذلك ضرر بالمسجون فلذا أفتى كثير من أئمة المالكية بلزوم البيع للمصلحة.
وعلى القول بعدم لزومه، فإذا استرده البائع فعليه أن يرد ما أخذه من الثمن على المعتمد.
أما الإكراه بحق فإنه لا يمنع نفاذ البيع. بل قد يكون واجباً وذلك كما إذا أجبر السلطان عاملاً من عماله على بيع ما في يده ليعطي للناس ما أخذه من أموالهم ظلماً، فإن هذا الإكراه مطلوب إلا إذا كان ذلك العامل قد اغتصب منهم عيناً باقية في يده فإنه يردها لهم بدون أن يجبر على بيع ما عنده.
وكذلك إذا حكم القاضي ببيع ملك المدين لإيفاء الغرماء حقوقهم، فإنه إكراه بحق لا يمنع نفاذ البيع.
الشافعية قالوا:
بيع المكره لا ينعقد رأساً إلا إذا قصد إيقاع العقد ونواه حال الإكراه، فإنه في هذه الحالة لا يكون مكرهاً، وينقسم الإكراه إلى قسمين:
إكراه بغير حق وهو الذي لا ينعقد معه البيع، سواء أكرهه على التسليم وقبض الثمن أو لم يكرهه، لأنه إذا سلم باختياره أو قبض الثمن باختياره مع بطلان صيغة العقد فإنه لا يعتبر هذا بيعاً، إذ لا ينعقد البيع إلا بصيغة صحيحة.
وإذا أكرهه على أمر يضطره إلى البيع كما إذا طلب منه ظالم مالاً غير موجود معه فجبره ذلك على بيع ملكه فإن البيع في هذه الحالة صحيح على الصحيح، لأنه لم يكره على البيع، وإنما أكره على سببه.
وعلى المكره أن يرد ما أخذه من ثمن إلا إذا هلك في يده بدون تفريط فإنه لا يضمنه.
أما الإكراه بحق فهو كأن يكرهه الحاكم أو من له شوكة على بيع ملكه وفاء لدين عليه وهذا الإكراه لا يضر العقد فيقع معه صحيحاً نافذاً.
وبيع الهازل فيه وجهان: أصحهما انعقاد البيع نظراً للفظ.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
15,309
مستوى التفاعل
9,377
مجموع اﻻوسمة
9
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة

################

الركن الثالث: المعقود عليه



يشترط في المعقود ثمناً عليه كان أو مثمناً شروط:

منها:

أن يكون طاهراً فلا يصح أن يكون النجس مبيعاً ولا ثمناً، فإذا باع شيئاً نجساً أو متنجساً (1) لا يمكن تطهيره فإن بيعه لا ينعقد.

وكذلك لا يصح أن يكون النجس أو المتنجس الذي لا يمكن تطهيره ثمناً، فإذا اشترى أحد عيناً طاهرة وجعل ثمنها خمراً أو خنزيراً مثلاً فإن بيعه لا ينعقد.

ومنها : أن يكون منتفعاً به انتفاعاً شرعياً فلا ينعقد بيع الحشرات التي لا نفع فيها.

ومنها: أن يكون المبيع مملوكاً للبائع حال البيع، فلا ينعقد بيع ما ليس مملوكاً إلا في السلم، فإنه ينعقد بيع العين التي ستملك بعد كما يأتي.

ومنها أن يكون مقدوراً على تسليمه، إلا إذا كان المشتري قادراً على نزعه في المذاهب ( 2 ) .

ومنها: أن يكون المبيع معلوماً والثمن معلوماً علماً يمنع من المنازعة، فبيع المجهول جهالة تفضي إلى المنازعة غير صحيح كما إذا قال للمشتري: اشتر شاة من قطيع الغنم التي أملكها أو اشتر مني هذا الشيء بقيمته أو اشتر مني هذه السلعة بالثمن الذي يحكم به فلان، فإن البيع في كل هذا لا يصح، وسيأتي تفصيل المذاهب في هذا في مبحث خيار الرؤية،

ومنها : أن لا يكون العقد مؤقتاً كأن يقول له: بعتك هذا البعير بكذا لمدة سنة،

ومنها : غير ذلك مما هو مفصل في المذاهب (2) .

🌹 يتبع
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
15,309
مستوى التفاعل
9,377
مجموع اﻻوسمة
9
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
##############

(1) الحنفية قالوا:
يجوز بيع الدهن المتنجس والانتفاع به في غير الأكل، كما يجوز بيع العذرة المخلوطة بالتراب والانتفاع بها. وبيع الزبل وإن كان نجس العين، وإنما الذي يمنعونه بيع الميتة وجلدها قبل الدبغ، وبيع الخنزير، وبيع الخمر ويقولون: من الميتة والخمر والخنزير إذا جعلت ثمناً لا يبطل البيع، وإنما ينعقد فاسداً يملك بقبض المبيع، وعلى المشتري أن يدفع الثمن كما سيأتي
( 2 ) المالكية قالوا:
لا ينعقد بيع المغصوب إلا إذا باعه المالك الأصلي لمن يقدر على أخذه من الغاصب.
أما إذا كان الغاصب ممن يخضع لحكم الحاكم فلا يستطيع أحد أن يأخذ منه ما تحت يده، أو كان من يخضع ولكنه منكر ولو عليه بينة، فإن بيع المالك في هذه الحالة لا ينعقد لمنع بيع ما فيه خصومة. وكذا يصح أن يبيعه المالك لنفس الغاصب بشرط أن يكون الغاصب عازماً على رد المغصوب لمالكه، أما إن كان عازماً على عدم الرد فإنه لا ينعقد البيع له. وكذا إذا لم يعرف إن كان عازماً على الرد أو لا فإنه يصح البيع له.
الشافعية قالوا:
لا ينعقد بيع المغصوب مطلقاً لا للغاصب ولا لغيره، ولا من المالك ولا من غيره إلا إذا كان مقدوراً على تسليمه.
الحنفية قالوا:
لا ينعقد بيع المغصوب إلا إذا باعه الغاصب وضمنه المالك. أو باعه المالك وأقر الغاصب هذا البيع، فإن لم يقر الغاصب وكان للمالك بينة ثم باعه فإن البيع ينعقد ويلزم المشتري، أما إذا لم تكن له بينة وهلك المبيع قبل أن يسلمه انتقض البيع.
الحنابلة قالوا:
لا يصح بيع المغصوب لأن البائع إن كان هو المالك فلا يقدر على تسليمه لأنه ليس تحت يده وإن كان الغاصب فإنه غير مالك له. ويصح أن يبيعه المالك لغاصبه، لأن المانع وهو عدم القدرة على التسليم منتف، وكذلك يصح أن يبيعه لقادر على أخذه من الغاصب لإمكان قبضه في هذه الحالة، فإن عجز بعد البيع عن تحصيل المغصوب فله الفسخ، وإذا اشتراه ظاناً أنه قادر على أخذه من الغاصب ثم تبين عجزه فإنه يصح.
🌹 يتبع 1
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
15,309
مستوى التفاعل
9,377
مجموع اﻻوسمة
9
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
###############

( 3 ) الشافعية قالوا:
يشترط لصحة البيع اثنان وعشرون شرطاً:
منها في الصيغة ثلاثة عشر، ومنها في العاقد أربعة، ومنها في المعقود عليه خمسة.
فأما شرائط الصيغة فهي:
-1 - الخطاب بأن يخطب كل من العاقدين صاحبه، فلو قال أحدهما: بعت لزيد فلا يصح.
.-2 - أن يكون الخطاب واقعاً على جملة المخاطب كأن يقول له: بعتك، أما لو قال: بعت يدك مثلاً فإنه لا يصح.
3 - أن يذكر المبتدي منها بالكلام الثمن والمثمن كأن يقول: بعتك هذه السلعة بثمن كذا، أو اشتريت منك هذه السلعة بكذا.
4 - أن يقصد البائع والمشتري معنى اللفظ الذي ينطق به، فإذا جرى على لسانه بعت أو اشتريت بدون أن يقصد معنى البيع والشراء وهو التمليك والتملك. فإنه لا يصح.
5 - أن لا يتخلل الإيجاب والقبول كلام أجنبي.
6 - أن لا يتخلل الإيجاب والقبول سكوت طويل وهو ما أشعر بإعراضه عن القبول.
7 - أن لا يتغير الأول قبل الثاني بمعنى أن المتكلم بالإيجاب مثلاً لا يغير كلامه قبل قبول الآخر، فإذا قال له: بعتك بخمسة ثم قال: بل بعشرة قبل أن يقبل فلا يصح العقد.
8 - أن يكون كلام كل واحد منهما مسموعاً لصاحبه ولمن يقرب من الحاضرين، فإن لم يسمعه من كان قريباً لا يكفي وإن سمعه العاقد.
9 - أن يتوافق الإيجاب والقبول معنى فلو قال: بعتك كأن يقول: بعتك هذه الدار إن شاء فلان أو إن شاء الله، بخلاف ما إذا قال: إن شئت لأن هذا التعليق لا ينافي العقد بالشروط المتقدمة.
11 - أن لا يؤقت كلامه بوقت فإذا قال: بعتك هذا البعير مدة شهر فإنه لا يصح.
12 - أن يكون القبول من الذي صدر معه الخطاب فلو قال له: بعتك هذه السلعة ثم قبل آخر موكل عن المخاطب فإن البيع لا يصح.
13 - أن تستمر أهلية المتكلمين بالصيغة إلى أن يتم القبول فإذا قال: بعتك كذا ثم جن قبل أن يقول الآخر قبلت بطل العقد.
وأما شرائط العاقد فهي:
-1 - إطلاق تصرف فلا يصح بيع الصبي والمجنون والمحجور عليه بسفه.
-2 - عدم الإكراه بغير حق، فلا يصح بيع المكره كما تقدم.
-3 - إسلام من يشتري له مصحف أو نحوه.
-4 - أن لا يكون محارباً إذا أراد أن يشتري آلة الحرب.
وأما شرائط المعقود عليه فهي:
-1 - طهارة المعقود عليه، فلا يصح بيع النجس كما تقدم.
-2 - وأن يكون منتفعاً به شرعاً، فلا يصح بيع الحشرات التي لا ينتفع بها شرعاً.
-3 - وأن يكون مقدوراً على تسليمه فلا يصح بيع الطير في الهواء، ولا السمك في الماء، ولا المغصوب.
-4 - أن يكون للعاقد عليه ولاية، فلا يصح بيع الفضولي.
-5 - أن يكون معلوماً للعاقدين عيناً وقدراً وصفة وسيأتي بيان كل ذلك مفصلاً.
🌹 يتبع 2
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
15,309
مستوى التفاعل
9,377
مجموع اﻻوسمة
9
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة ################ الحنفية قالوا: تنقسم شروط البيع إلى أربعة أقسام: الأول: شروط الانعقاد، فلا ينعقد البيع رأساً إلا إذا تحققت. الثاني: شروط النفاذ، فلا ينفذ البيع إلا إذا وجدت. الثالث: شروط الصحة فلا يصح البيع إلا بها. الرابع: شروط للزوم، فلا يلزم البيع إلا بها. فأما شروط الانعقاد فهي خمسة أنواع: النوع الأول يتعلق بالعاقد، سواء كان بائعاً أو مشترياً وهو ثلاثة، الشرط الأول: أن يكون عاقلاً فلا ينعقد بيع المجنون ولا شراؤه وأما المعتوه الذي يعرف معنى البيع ويدرك ما يترتب عليه من الأثر فإنه ينعقد بيعه وشراؤه. الشرط الثاني: أن يكون مميزاً فلا ينعقد بيع الصبي الذي لا يميز، أما الصبي المميز الذي يعرف معنى البيع وما يترتب عليه من الأثر فإنه ينعقد بيعه وشراؤه، ويتوقف نفاذه على إجازة الولي أو الوصي أو إجازة نفسه بعد البلوغ. الشرط الثالث: أن يكون العاقد متعدداً فلا ينعقد البيع بشخص واحد، بل يلزم أن يكون الإيجاب من شخص والقبول من شخص آخر، إلا إذا كان أباً يريد أن يشتري أو يبيع لولده الصغير، فإنه يكون بائعاً ومشترياً بنفسه، ومثله الوصي والقاضي، ويشترط في الوصي أن يكون في بيعه وشرائه نفع ظاهر للصبي، وكذا الرسول إذا كان من جانب البائع والمشتري فإنه ينعقد بيعه وشراءه لنفسه. النوع الثاني يتعلق بالعقد، فيشترط لانعقاد عقد البيع شرط واحد وهو أن يكون الإيجاب موافقاً للقبول بأن يقبل المشتري بكل ما أوجبه البائع، فإذا قال البائع: بعت هذه الدار بمائة جنيه مصري فإن البيع لا ينعقد إلا إذا قال المشتري: قبلت شرائها بهذا الثمن، أما إذا قال: قبلت شرائها بخمسة وتسعين مثلاً فإن البيع لا ينعقد. النوع الثالث يتعلق بالمبيع وهو خمسة شروط الأول: أن يكون المبيع موجوداً فلا ينعقد بيع المعدوم ولا بيع ما هو في حكم المعدوم كبيع الحمل. الشرط الثاني: أن يكون مما يتعلق به الملك. فلا ينعقد بيع العشب المباح ولو نبت في أرض مملوكة. الشرط الثالث: أن يكون مملوكاً للبائع إذا كان يريد أن يبيع لنفسه، أو مملوكاً لموكله ونحوه كما يأتي، فلا ينعقد بيع ما ليس بمملوك ولو ملكه بعد البيع إلا في السلم فإنه ينعقد فيه بيع ما سيملكه بعد العقد، وكذلك المغصوب إذا باته الغاصب ثم ضمنه المالك فإن بيعه ينعقد. الشرط الرابع: أن يكون المبيع مالاً متقوماً شرعاً، فلا ينعقد بيع الخمر ونحوه من كل ما لا يباح الانتفاع به شرعاً. وكذلك لا ينعقد بيع اليسير من المال كحبة من حنطة لأنها ليست مالاً متقوماً. الشرط الخامس: أن يكون البائع قادراً على تسليمه في الحال أو قريباً من الحال. النوع الثالث: يتعلق بالبدلين الثمن والسلعة، فيشترط في كل واحد منهما أن يكون مالاً قائماً، فإذا عدم أحدهما لا ينعقد البيع. النوع الرابع: يتعلق بسماع الصيغة، فلا ينعقد البيع إلا إذا سمع كل واحد من العاقدين كلام صاحبه. فإذا كان البيع في المجلس وسمع الناس كلام أحدهما ثم أنكر وقال: إن في أذنه وقراً فإنه لا يصدق قضاء. النوع الخامس: يتعلق بالمكان فيشترط أن يكون الإيجاب والقبول في مجلس واحد، فإن اختلف المجلس فإن البيع لا ينعقد، والمراد بالمجلس ما حصل فيه العقد، ولو كانا واقفين أو سائرين، فهذه شروط انعقاد البيع وهي اثنا عشر شرطاً: ثلاثة في العاقد سواء أكان أم مشترياً، وواحد في العقد وخمسة في المبيع، وواحد في سماع الكلام. وواحد في المكان. وأما شروط النفاذ فهي شيئان: الأول: أن يكون المبيع مملوكاً للبائع، أو له عليه ولاية، فنفذ بيع غير المملوك كما لا ينعقد. الثاني: أن لا يكون في المبيع حق لغير البائع، فلا ينفذ بيع المرهون والمستأجر، لأنه وإن كان محبوساً في يده ولكن للغير حق فيه فلا ينفذ بيعه. وأما شرائط صحة البيع فتنقسم إلى قسمين: عامة تتعلق بجميع أفراد البيع. وخاصة تتعلق أيضاً ولا ينعكس، فإن الفاسد ينعقد وينفذ إذا اتصل به القبض، ويزاد عليها أمور: منها: أن لا يكون البيع مؤقتاً، فإن أقته بوقت فإنه لا يصح. ومنها: أن يكون المبيع معلوماً والثمن معلوماً علماً يمنع من المنازعة، فإن باع شيئاً مجهولاً جهالة يترتب عليها النزاع فإن البيع لا يصح وذلك كأن يبيع شاة من قطيع غنم أو يبيع شيئاً بقيمته من غير أن يعين الثمن. ومنها: أن يكون البيع فيه فائدة. فلا يصح بيع الدرهم بالدرهم المساوي له من كل الوجوه كما تقدم. ومنها: الخلو عن الشرط الفاسد، كأن يشتري الناقة بشرط أن تكون حاملاً. وأما الخاصة: فمنها: القبض في الصرف قبل الافتراق. ومنها: أن يكون الثمن الأول معلوماً في بيع المرابحة والتولية والوضعية. وأما شرط اللزوم فهو خلو البيع عن الخيار، فإن البيع بشرط الخيار لا يلزم. 🌹 يتبع 3
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
15,309
مستوى التفاعل
9,377
مجموع اﻻوسمة
9
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
##############

المالكية قالوا:
شروط البيع منها ما يتعلق بالصيغة، ومنها ما يتعلق بالعاقد بائعاً كان أو مشترياً، ومنها ما يتعلق بالمعقود عليه ثمناً كان أو مثمناً.
فيشترط في الصيغة أمران:
الأول: أن يكون القبول في المجلس. فلو قال البائع: بعتك الدار بكذا فلم يجبه ثم تفرقا من المجلس فليس للمشتري أن يقبل بعد ذلك.
الثاني: أن لا يفصل بين الإيجاب والقبول فاصل يدل على الإعراض عن البيع عرفاً. فإن وجد فاصل يدل على الإعراض عرفاً لم يلزم البيع ولو لم يتفرق المجلس. ومتى تحقق الشرطان فليس للبائع أن يرجع عن البيع إذا قال للمشتري: بعتك قبل قبوله على المذهب.
أما شروط العاقد فهي نوعان:
شروط انعقاد، وشروط لزوم.
فيشترط لانعقاد البيع شروط واحد وهو العقل بائعاً كان أو مشترياً، فلا ينعقد البيع إذا كان العاقد صبياً غير مميز، أو مجنوناً أو مغمى عليه، أو سكران إذا كان على حالة لا يميز معها شيئاً، ولا فرق في ذلك بين أن يكون السكر بحلال أو حرام.
ويشترط للزومه اربعة شروط.

الثاني: أن يكون غير محجور عليه، فلا يلزم المحجور عليه لسفه ونحوه وينفذ بيع الصبي المميز والمحجور عليه بإذن وليهما كما تقدم.
الثالث: أن يكون غير مكره، فلا يلزم بيع المكره على التفصيل المتقدم.
الرابع: أن يكون العاقد مالكاً أو وكيلاً عن مالك فلا يلزم بيع الفضولي.
ويشترط في المعقود عليه خمسة شروط:
أحدهما: أن يكون طاهراً، فلا يصح بيع نجس ولا متنجس لا يمكن تطهيره.
ثانيهما: أن يكون منتفعاً به شرعاً، فلا يصح بيع آلة اللهو.
ثالثها: أن يكون غير منهي عن بيعه، فلا يصح بيع كلب الصيد ونحوه.
الرابع: أن يكون مقدوراً على تسليمه، فلا يصح بيع الطير في الهواء، ولا الوحش في الفلاة.
الخامس: أن يكون المبيع والثمن معلومين للمتعاقد، فلا يصح بيع المجهول سواء جهلت ذاته أو صفته، أو جهل قدره.
فجملة شروط البيع اثنا عشر.
ومن هذا تعلم أن كل عقد لازم فهو صحيح وليس كل صحيح لازماً كما في بيع الصبي فإنه صحيح غير لازم، وكل صحيح منعقد وبالعكس.

الحنابلة قالوا:
يشترط للبيع شروط بعضها يتعلق بالصيغة، وبعضها يتعلق بالعاقد، وبعضها يعلق بالمعقود عليه.
فيشترط في الصيغة أمران:
أن يكون القبول في المجلس، فإذا قال البائع: بعتك ثم تفرقا قبل القبول من المجلس لم ينعقد البيع.
وأن لا يفصل بين الإيجاب والقبول فاصل يدل على الإعراض عن البيع عرفاً.
ويشترط في العاقد سواء كان بائعاً أو مشترياً أن يكون مختاراً، فلا يصح بيع المكره على التفصيل المتقدم.
وأن يكون بالغاً رشيداً، فلا يصح بيع الصبي المجنون والسكران والسفيه إلا في الصبي المميز والسفيه المميز على التفصيل المتقدم.
ويشترط في المعقود عليه سواء كان مبيعاً أو ثمناً أن يكون فيه منفعة مباحة لغير حاجة أو ضرورة، فلا يصح بيع ما لا نفع فيه أصلاً كالحشرات، وما فيه منفعة محرمة كالخمر وما فيه منفعة مباحة للحاجة كالكلب، وما فيه منفعة مباحة للضرورة كالميتة حال الاضطرار.
ويشترط في المعقود عليه أن يكون المبيع مملوكاً لبائعه وقت العقد ملكاً تاماً.
وأن يكون مقدوراً على تسليمه حال العقد، فلا يصح بيع جمل شارد، ولا بيع نحل، ولا طير في الهواء، سواء كان الطير مما يألف الرجوع أو لا. وكذا لا يصح بيع سمك في لجة ماء إلا إذا كان في بركة ماؤها صاف يشاهد فيه السمك، وكان غير متصل بنهر، ويمكن أخذ السمك منه، فإن بيعه يصح في هذه الحالة.
وأن يكون المعقود عليه من مبيع وثمن معلوماً للمتعاقدين.
وكل ما لا يصح أن يكون مبيعاً كذلك لا يصح أن يكون ثمناً.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
15,309
مستوى التفاعل
9,377
مجموع اﻻوسمة
9
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
#############
مباحث الخيار

معنى الخيار في البيع وغيره:
طلب خير الأمرين منهما، والأمران في البيع الفسخ والإمضاء فالعاقد مخير بين هذين الأمرين.
والأصل في عقد البيع أن يكون لازماً متى استكمل شرائطه، ولكن قد عدل عن تلك في مسائل الخيار لحكمة جليلة وهي مصلحة العاقدين. فقد أباح الشارع الخيار استيفاء للمودة بين الناس. ودفعاً للضغائن والأحقاد من أنفسهم إذ قد يشتري الواحد السلعة أو يبيعها لظرف خاص يحيط به بحيث لو ذهب ذلك الظرف لندم على بيعها أو شرائها، ويعقب ذلك الندم غيظ فضغينة وحقد وتخاصم وتنازع إلى غير ذلك من الشرور والمفاسد التي يحذر منها الدين ويمقتها كل المقت.
فمن أجل ذلك جعل الشارع للعاقد فرصة يحتاط فيها لنفسه، ويزن فيها سلعته في جو هادئ كي لا يكون له عذر في الندم بعد ذلك، على أنه قيد ذلك بشروط تحفظ للعقد قيمته، فلا يكون عرضة للنقض والإبطال بدون سبب صحيح.
فقال: إن الخيار في العقد لا يصح إلا بأمرين: (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشافعية قالوا:
يثبت خيار المجلس بعد تمام العقد بدون شروط الخيار، بل لو اشترط العاقد عدم الخيار بطل البيع لأنه شرط يقتضي العقد عدمه، لأن الخيار في المجلس ثبت بالنص لا بالاجتهاد فأصبح من مقتضى العقد، وكل شرط لا يقتضيه العقد فهو باطل، والخيار إما أن يكون لدفع الضرورة وهو خيار النقض، وإما أن يكون للتروية وله سببان:
المجلس والشرط فأقسامه ثلاثة.
ويثبت خيار المجلس عندهم في كل عقد توفرت فيه خمسة قيود:
الأول: أن يكون عقد معاوضة أي محتو على عوض من المتعاقدين، فخرج بذلك الهبة بدون عوض لأنها ليست عقد معاوضة كما هو ظاهر. فلا خيار فيها بعد.
أما قبله فللواهب الرجوع وكذا بعده، أو كان أصلاً فيما وهببه لفرعه.
وكذلك خرج صلح الحطيطة وهو الصلح من الشيء على بعضه، كأن يصطلح معه على أن يحط له شيئاً مما عليه فإنه لا معاوضة فيه فلا خيار فيه.

الثاني: أن يفسد العقد بفساد العوض. وذلك كأن يبيع له عنياً ليست مملوكة له، فإن أحد العوضين وهو المبيع في هذه الحالة فاسد، فالبيع فاسد بفساد العوض فيصح الخيار في كل عقد يفسد بفساد عوضه فإنه لا خيار فيه وذلك كالنكاح والخلع فلو تزوجها على مال مملوك للغير لم يفسد العقد وعليه مهر المثل، وكذا لو خالعته على مال ليس مملوكاً لها فإن الخلع لا يفسد وعليها القيمة.

الثالث: أن تكون المعاوضة واقعة على عين لازمة من الجانبين أو على منفعة مؤبدة بلفظ البيع والأول كالثمن والمثمن من البائع والمشتري.
والثاني كأن يبيع لجاره حق وضع الخشب على حائطه، فإنه بيع منفعة مؤبدة.
وخرج بقوله: عين لازمة من الجانبين الشركة والقراض. لأن كلاً منهما جائز من الجانبين.
وكذلك خرج الرهن لأن العين فيه وإن كانت لازمة ولكن من جانب واحد، أما الجانب الآخر فله أن يسترد العين المرهونة بسداد ما عليه.
وكذا خرج به ما كانت لمعاوضة فيه واقعة على منفعة غير لازمة كالإجارة والمساقاة.
فكل هذه لا خيار فيها.

الرابع: أن لا يكون في المعاوضة تملك قهري خرج به الشفعة، لأن التملك فيها بالقهر والإجبار فلا معنى للخيار فيها، وبعضهم يقول: إن الخيار ثابت في الشفعة للشفيع، بمعنى أن له الخيار في رد العين التي ملكها بالشفعة أو إمساكها.

الخامس: أن تكون المعاوضة غير جارية مجرى الرخص كالحوالة والقسمة لعدم ظهور البيع فيهما.

وبهذا الضابط يتيسر عد العقود التي يقبل فيها خيار المجلس كالآتي:
عقد البيع المطلق، والسلم، والهبة بشرط العوض، وبيع الطعام يسمى بيعاً ربوياً.
والتولية: أو صلح المعاوضة على غير منفعة كأن يصطلحا على أن كلاً منهما يدفع لصاحبه مالاً بدون أن يشترط منفعة مقابلة.
أما إذا اشترط منفعة فإن العقد يكون إجارة لا بيعاً، وذلك كأن يقول له: صالحتك من الدراهم التي لي عليك على أن أسكن في دارك سنة مثلاً فمثل هذا إجارة لا خيار فيه على الصحيح، وهكذا كل عقد معاوضة توفرت فيه القيود التي ذكرت فإنه يثبت فيه خيار المجلس، أما العقود التي لم تتوفر فيها الشروط فيمكن عدها كالآتي أيضاً:
النكاح، والخلع، والإجارة، والهبة بلا عوض، صلح
الحطيطة، الشفعة، المساقاة، الشركة، القراض، الرهن، الإجارة.
وهكذا كل عقد لم تتوفر فيه القيود التي ذكرت.
ويسقط خيار المجلس بأمرين:
الأول: ذكر ما يدل صريحاً على أنهما قد التزما عقد البيع كأن يقولا: اخترنا لزوم العقد، أو أمضيناه، أو أجزناه، أو أبطلنا الخيار. أو أفسدنا الخيار اختياراً لا كرهاً.
أما إذا لم تكن صيغة إبطال الخيار صريحة كما إذا قالا: تخايرنا ولم يذكرا عقد البيع فإن ذلك يحتمل الفسخ والإمضاء فيصدق من ادعى أنه أراد تخايرنا فسخه على أن يحلف اليمين.
وكما أن الخيار يسقط بذكر الصيغة التي تدل على نفاذ العقد يسقط كذلك بالتصرف في البيع في المجلس، فلو باع المشتري السلعة التي اشتراها للبائع بغير ثمنها كان ذلك إجارة تسقط الخيار.
وإذا قال أحد المتعاقدين: اخترت لزم العقد ولم يقل الآخر، بطل خيار القائل فقط، وإذا اختار أحدهما لزوم العقد واختار الآخر فسخه قدم الفسخ.

الأمر الثاني: أن يتفرقا عن المجلس بأبدانهما، فمتى ترك المجلس واحد منهما وانصرف بطل الخيار، والمراد بالتفرق ما يعده الناس فرقة في عرفهم.
ويشترط في التفرق أن يكون بالاختيار، فإذا فرق بينهما كرهاً بسبب من الأسباب يبقى الخيار.
ومدة خيار المجلس غير محددة، فلو مكثا مكانهما أياماً كثيرة لم ينقطع الخيار، وإذا مات أحدهما أو جن انتقل الخيار لوراثة.

يتبع
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
15,309
مستوى التفاعل
9,377
مجموع اﻻوسمة
9
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
#################

الحنابلة قالوا:
يثبت خيار المجلس للمتعاقدين، ولو لم يشترطاه ولو بعد تمام العقد، فلكل واحد منهما إمضاء العقد وفسخه ما داما في المجلس، ولو أقام شهراً أو أكثر إلا إذا تفرقا كرهاً. كما إذا حملهما على التفرق سبع ونحوه، أو ظالم طلع عليهما، ونحو ذلك، فإن التفرق في هذه الحالة لا يسقط الخيار، ومتى تم العقد وتفرقا لزم البيع. فليس لواحد منهما الفسخ إلا بعيب أو خيار شرط.
ويثبت خيار المجلس في أمور:
الأول: الشركة في ملكه في نظير أن يدفع له قسطاً من ثمنه المعلوم لأنها صورة من صور البيع، أما الشركة في غير ذلك فلا خيار فيها.
الثاني: الصلح على مال سواء كان عيناً أو نقداً لأنه بيع أيضاً.
الثالث: الإجارة على عين كدار أو حيوان. أو الإجارة على نفع في الذمة بأن استأجره لبناء حائط أو خياطة ثوب، لأن الإجارة نوع من البيع.
الرابع: الهبة بشرط العوض.
الخامس: كل عقد بيع قبضه شرط في صحته، فيثبت في الصرف لأنه يشترط في صحته القبض، والسلم، وبيع المكيل والموزون بمثلهما.
ولا خيار في قسمة الإجبار لأنهما إفراز حق لا بيع، كما لا خيار في المجلس في بقية العقود كالمساقاة، والمزارعة، والحوالة، والإقالة، والشفعة، والجعالة، والشركة، والوكالة، والمضاربة، والعارية، والهبة بغير عوض، والوصية قبل الموت، والوديعة، والنكاح، والخلع، والرهن، والضمان، والكفالة، فلا يثبت خيار المجلس في شيء من ذلك، وشرط عدم الخيار لا يبطل العقد وإنما يسقط الخيار فقط.
ويسقط الخيار المجلس بأربعة أمور:
الأول: أن يشترطا عدم الخيار قبل تمام العقد كأن يقولا: تبايعنا على أن لا خيار بيننا، أو يقول أحدهما: بعتك على أن لا خيار بيننا فيقول الآخر: قبلت ولو لم يزد على ذلك فإنه في هذه الحالة يسقط الخيار.
والثاني: أن يسقطا الخيار بعد تمام العقد كأن يقول كل منهما: اخترت إمضاء العقد أو التزامه، وإذا أسقطه أحدهما أو قال لصاحبه: اختر، سقط خياره وبقي خيار صاحبه.
الثالث: أن يتفرقا عن المجلس بأبدانهما عرفاً، فإذا فارق احدهما صاحبه لزم، سواء قصد بالمفارقة لزوم البيع أو قصد حاجة أخرى، ولكن تحرم الفرقة بغير إذن صاحبه بقصد لزوم البيع وعدم فسخه، لما في الحديث من أنه:
"لا يحل لأحد المتبايعين أن يفارق صاحبه خشية أن يستقبله". رواه النسائي.
والرابع: موت أحد المتعاقدين فإنه يبطل خيارهما لأنه أعظم فرقة. وكذا يبطل خيارهما إذا هرب أحدهما من صاحبه، أما إذا جن إحدهما أو أغمي عليه فلا يسقط خياره.

الحنفية قالوا:
خيار المجلس لا يثبت للعاقد إلا بالشروط، فإذا تم العقد بينهما من غير شرط الخيار أصبح لازماً سواء أقاما بالمجلس أو تفرقاً، وإنما الذي للعاقد في المجلس بدون شرط هو خيار القول، فإذا قال للبائع: بعتك، فله أن يرجع قبل أن يجيبه المشتري كما تقدم.
ويحملون الحديث على هذا فيقولون: إن معنى الحديث أن لهما خيار المجلس بالشرط.

المالكية قالوا: لا خيار في المجلس أصلاً بل الخيار ينقسم إلى قسمين:
الأول: خيار الشرط ويسمى الخيار الشرطي، وخيار التروي "النظر والتفكر في إمضاء العقد ورده" وهذا القسم هو الذي ينصرف إليه الخيار عند الإطلاق في عرف الفقهاء.
الثاني: خيار النقيصة ويسمى الخيار الحكمي، وسببه ظهور عيب في المبيع أو استحقاق للغير فيه.
أما حديث: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" فهو وإن كانت روايته صحيحة إلا أن عمل أهل المدينة كان على خلافه، وعمل أهل المدينة مقدم على الحديث وإن كان صحيحاً، لأنه في حكم المتواتر الموجب للقطع، بخلاف الحديث فإنه وإن كان صحيحاً لكنه خبر آحاد يفيد الظن، فالأول مقدم عليه.
وإذا شرط العاقد خيار المجلس في البيع فسد العقد، ومن هذا تعلم أن الحنفية والمالكية متفقون على أن لا خيار في المجلس إلا أن الحنفية يقولون: إنه يثبت بالشرط والمالكية يقولون: إن شرطه يفسد البيع.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
15,309
مستوى التفاعل
9,377
مجموع اﻻوسمة
9
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
#################
خيار الشرط

هو عبارة عن كون العاقد يبيع السلعة أو يشتريها بشرط أن يكون له الخيار في إمضاء العقد أو فسخه.
فمعنى قولهم خيار الشرط:
الخيار الثابت بالشرط، فيصح للمتبايعين أن يشترطا الخيار كما يصح لأحدهم.
وكذلك يصح أن يشترطاه لأجنبي عنهما كأن يقول: اشتريت منك هذه السلعة على أن يكون الخيار لفلان، وفي ذلك تفصيل المذاهب (1) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشافعية قالوا:
خيار الشرط إما أن يكون للمتبايعين أو يكون لواحد منهما، أو يكون لأجنبي عنهما.
فأما الأول فهو أن يتلفظ به كأن يقول المبتدي منهما: بعتك كذا بكذا بشرط أن يكون لي الخيار ثلاثة أيام، فيقول الثاني: اشتريت بذلك بشرط الخيار لك ثلاثة أيام فالشرط وقع في هذه الحالة من المتبايعين.
وأما الثاني فهو أن يتلفظ المبتدي منهما بالشرط كأن يقول: بعتك كذا بكذا بشرط أن يكون لي الخيار ثلاثة أيام، فيقول الآخر: اشتريت على ذلك ولم يتلفظ بشرط الخيار، ولكن لا بد من أن يوافق عليه ولو بالسكوت، ويشترط في ذلك أن يكون المبتدي بالإيجاب أو القبول هو الذي يتلفظ بالشرط كأن يقول له بعتك كذا بشرط الخيار أو يقول المشتري: بعني كذا بشرط الخيار.
أما إذا تلفظ به الثاني كما إذا قال البائع: بعتك كذا فقال: قبلت بشرط أن يكون لي الخيار، فإن العقد يبطل لعدم موافقة القبول للإيجاب. فإن الإيجاب في هذه الحالة مطلق والقبول مقيد بالإيجاب.
وأما الثالث فهو أن يشترطاه أو يشترطه أحدهما لأجنبي عنهما بشرط أن يكون مكلفاً كأن يقول: بعت هذه السلعة بكذا بشرط أن يكون الخيار لوالدي مثلاً، على أنه لا بد من تعيين المشروط له في الصور الثلاث، فلو قال: على أن يكون الخيار لأحدنا مثلاً فسد العقد لأنه لم يعين.
ومن شرط له الخيار كان له حق فسخ العقد وإمضائه، سواء كان البائع، أو المشتري، أو هما معاً، أو الأجنبي، فلا يصح أن يشترط الخيار له ثم يفسخ العقد غيره على المعتمد.
وإذا شرط الخيار لأجنبي عنه سقط خياره هو إلا أن يموت ذلك الأجنبي في زمن الخيار.
وإذا وكل أحد المتعاقدين شخصاً عنه فليس للوكيل أن يشترط الخيار للطرف الآخر إلا بأذن موكله فإن شرط ذلك بغير إذن موكله بطل العقد، أما بإذن موكله فله أن يشترط لموكله ولنفسه.

المالكية قالوا:
يصح الخيار بالشرط للبائع، وللمشتري، وللأجنبي عنهما، فإذا شرط الخيار لأجنبي كان هو صاحب القول في فسخ العقد وإمضائه، ولا كلام لمن شرط له الخيار، ومثل الخيار الرضا فمن اشترى سلعة أو باعها لفلان على أن يكون الخيار لغيره في فسخ العقد، وإمضائه لزمه ذلك ولا كلام له في الخيار، وكذا إذا علق البيع على رضاء الغير كأن قال: بعته لك أو اشتريته منك بكذا إن رضي فلان فإنه يصبح الكلام في الرضا لفلان دون العاقد، وهذا هو المعتمد.
أما إذا علقه على مشورة فلان كأن يقول: بعت كذا أو اشتريته على مشورة فلان فإن الخيار في هذه الحالة يكون للعاقد، فله أن يستبد بإمضاء العقد أو فسخه بدون رأي من علق المشورة عليه، والفرق بين الصيغتين:
أن من شرط لغير الاختيار أو الرضا فقد تنازل عن اختيار نفسه ورضاه.
أما من علق المشورة فإنه جعل لنفسه حق التكلم مع الاعتضاد برأي غيره فله أن يستقل بالرأي.
وإذا وكل العاقد غيره فاشترى له سلعة بشرط الخيار كان شريكاً له في الخيار.
وينفذ تصرف السابق منهما إلا إذا قبض الثاني، ويشترط لصحة الخيار أن لا يقبض البائع الثمن على المعتمد كما سيأتي.

🌹 يتبع
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
15,309
مستوى التفاعل
9,377
مجموع اﻻوسمة
9
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
################

الحنفية قالوا:
يصح خيار الشرط للمتبايعين، ولأحدهما، وللأجنبي عنهما.
فإذا شرط أحد المتعاقدين - البائع والمشتري - الخيار لأجنبي لم يسقط خياره هو بل يكون شريكاً للأجنبي في الخيار، فإذا أجاز الأجنبي العقد أو نقضه ووافقه العاقد الذي أنابه صح ذلك بلا نزاع، أما إذا لم يوافقه كأن أجاز النائب وفسخ الأصيل فإنه يعمل برأي الذي سبق أولاً، وإن كان الفسخ أقوى من اجازة في ذاته، لأن تصرفه وقع بدون أن يزاحمه أحد أما إذا تكلما معاً ولم يعلم أيهما أسبق بالكلام؛ فالفسخ مقدم على الإمضاء في هذه الحالة على الصحيح.
ويصح شرط الخيار من الوكيل، فإذا وكل شخص آخر في أن يشتري له سلعة بدون أن يأمره باشتراط الخيار فاشتراها بشرط الخيار لموكله، أو له هو، أو لأجنبي منهما صح الشرط أما إذا أمره بأن يشتري له بشرط الخيار للآمر فشرطه لنفسه فلا يصح الشرط.
وإذا اشتراه في هذه الحالة بدون خيار أصلاً نفذ البيع على الوكيل لا على الآمر، وإذا أمره، أن يبيع بخيار فباع بدونه فإن البيع يبطل رأساً في هذه الحالة.
ويصح شرط الخيار عند الحنفية في كل عقد لازم يحتمل الفسخ، سواء كان لازماً من جانب واحد أو من الجانبين.
فخرج بقوله لازم الوصية فإنها عقد غير لازم لأن للموصي الرجوع فيها ما دام حياً، وللموصى له القبول وعدمه فلا معنى للخيار فيها.
ومثل الوصية العارية، والوديعة.
وخرج بقوله يحتمل الفسخ العقود اللازمة التي لا تحتمل الفسخ. كالنكاح والطلاق والخلع بلا مال وقد يقال إن النكاح أيضاً يحتمل الفسخ، لأنه يفسخ بعدم الكفاءة والبلوغ والعتق والردة والجواب أن فسخه بعدم الكفاءة والبلوغ والعتق إنما هو قبل تمام العقد.
أما بعد تمام العقد فإن النكاح لازم لا يحتمل الفسخ. وأما فسخه بالردة فهو وإن كان بعد التمام ولكنه لم يكن برضا العاقدين، والكلام فيما يحتمل الفسخ برضاهما لا فيما يثبت تبعاً، ويمكن حصر العقود التي يصح فيها خيار الشرط في ستة عشر:
الأول الإجارة، فإنه عقد لازم يحتمل الفسخ.
الثاني المزارعة.
الثالث المساقاة لأنهما إجارة.
الرابع القسمة لأنها بيع من وجه كما ستعرفه في بابها إن شاء الله.
الخامس الصلح عن مال.
السادس الخلع على مال إذا شرطت الخيار الزوجة، لأن الخلع في هذه الحالة عقد لازم من جانب الزوج لا من جانبها هي، فإن العوض من جانب الزوج اليمين وهو لا حتمل الفسخ، أما العوض من جانب الزوجة فهو المال، وهو يحتمل الفسخ، فصح اشتراط الخيار لها.
السابع الرهن إذا شرطه الراهن لأنه وإن كان عقداً لازماً يحتمل الفسخ ولكنه لازم من جانب الراهن، أما المرتهن فليس بلازم من جانبه أصلاً، لأن له أن يسترد المرهون متى شاء فلا معنى لاشتراط الخيار من جانبه.
الثامن الكفالة بنفس أو مال، ويصح الخيار فيها للمكفول له وللكفيل.
التاسع الحوالة ويصح للمحتال أو المحال عليه، لأن الحوالة تتوقف على رضاء المحال عليه فله شرط الخيار، ويصح شرط الخيار في الكفالة والحوالة أكثر من ثلاثة أيام عند أبي حنيفة، لأنه قد استثناهما من المدة المقررة عنده.
العاشر الإبراء من الدين، فلو قال: أبرأتك على أني بالخيار صح، ونقل بعضهم أن شرط الخيار في الإبراء باطل.
الحادي عشر الشفعة.
الثاني عشر الوقف عن
أبي يوسف، أما عند أبي حنيفة فإنه غير لازم فلا معنى لاشتراط الخيار فيه، وعند محمد فهو وإن كان يقول بلزومه لكنه اشترط أن لا يكون فيه خيار شرط وسيأتي بيان ذلك في بابه.
الثالث عشر الكتابة على مال.
الرابع عشر العتق على مال.
الخامس عشر الإقالة.
السادس عشر البيع.

وأما العقود التي لا يصح فيها خيار الشرط فهي عشرة وهي:
1 - النكاح.
2 - الطلاق على مال ومثله بلا مال أيضاً.
3 - اليمين.
4 - النذر.
5 - الصرف.
6 - السلم.
7 - الإقرار، فإذا أقر بشيء لا يقبل الخيار على أنه كان له الخيار فيه فإنه يلزم بإقراره بدون خيار، سواء صدقه المقرر له في الخيار أو لا، أما إذا أقر بشيء يقبل شرط الخيار كما إذا أقر بعقد بيع وقع له الخيار فإنه يصح باعتبار العقد لا باعتبار الإقرار، لأن الإقرار في ذاته لا يقبل الخيار، وإنما يصح إذا صدقه الطرف الثاني، أو برهن على قوله.
8 - الوكالة.
9 - الوصية.
10 - الهبة بلا عوض.

الحنابلة قالوا:
يثبت خيار الشرط في صلب العقد قبل أن يصبح لازماً كأن يتفرقا من المجلس بعد تمام العقد بدون شرط، فإذا أصبح العقد لازماً سقط خيار الشرط.
ويصح شرط الخيار للمتبايعين، أو لأحدهما، أو لأجنبي عنهما فيصح أن يشترط أحد العاقدين الخيار لنفسه أو لغيره بشرط أن لا يخرج نفسه، فلو قال: جعلت الخيار لزيد دوني لم يصح الشرط، لأن الخيار شرع لمنفعة العاقدين ولاحظ للأجنبي فيه، فلا يصح أن ينفرد بالشرط، فإن قال: جعلت الخيار لزيد ولم يقل دوني فإنه يصح، وكذا إذا شرطه لنفسه ولزيد كأن قال: اشتريت أو بعت على أن يكون الخيار لي ولزيد فإنه يصح: ويكون اشتراطاً لنفسه أصالة وتوكيلاً لزيد فيه، فيكون لكل واحد من الأصيل أو الوكيل فسخ العقد وإمضاءه.
وإذا وكل شخص آخر في أن يشتري له سلعة فاشتراها بشرط الخيار ثبت الخيار للموكل، فإذا شرط الوكيل الخيار لنفسه ثبت له ولموكله، وإذا شرطه لنفسه دون موكله لم يصح الشرط، وكذا لو شرطه لأجنبي فإنه لا يصح، لأن الوكيل ليس له أن يوكل في مثل ذلك.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
15,309
مستوى التفاعل
9,377
مجموع اﻻوسمة
9
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
################

مدة خيار الشرط

في مدة الخيار الشرط اختلاف المذاهب (1)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحنفية قالوا:
ينقسم خيار الشرط بالنسبة للمدة إلى ثلاثة أقسام:
الأول فاسد باتفاق، وهو نوعان:
النوع الأول: أن يذكر مدة مجهولة كأن يقول اشتريت على أني بالخيار أياماً أو أبداً.
النوع الثاني: أن يطلق الخيار بأن لم يقيده بمدة أصلاً كأن يقول: اشتريت على أني بالخيار ولم يذكر مدة ما، على ان إطلاق الخيار مفسده إذا كان مقارناً للعقد كما في المثال، أما إذا لم يكن مقارناً بأن باع له سلعة بدون خيار ثم لقيه بعد مدة وقال له: أنت بالخيار ولم يعين زمناً فله الخيار ما دام في المجلس الذي خيره فيه ومن هذا تعلم أنه لا يشترط عندهم اتصال شرط الخيار بالعقد، بل ينفع بعده ولو بمدة طويلة، أما قبله كأن يقول البائع: جعلتك بالخيار في البيع الذي نعقده ثم اشترى منه بعد ذلك بدون خيار اكتفاء بالشرط الأول، فإنه لا يثبت له شرط الخيار.
الثاني: جائز باتفاق، وهو أن يذكر مدة ثلاثة ايام فما دونها.
الثالث: مختلف فيه وهو أن يقول: على أنني بالخيار شهراً أو شهرين، فأبو حنيفة يقول: إنه شرط فاسد، وأبو يوسف ومحمد يقولان إنه جائز.
فإذا شرط الخيار أكثر من ثلاثة أيام فإنه يصح عندهما إذا عين مدة معلومة، ولا يصح عند أبي حنيفة ويصير العقد فاسداً أو موقوفاً، فلكل من البائع والمشتري أن يفسخه إلا إذا أجاز العقد من له الخيار أثناء الأيام الثلاثة ولو في الليلة الرابعة؛ فإنه في هذه الحالة ينقلب صحيحاً.
ومثل خيار الشرط في هذا خيار النقد، وهو أن يشتري سلعة على أن يردها إن لم يدفع ثمنها إلى ثلاثة أيام فإن هذا الشرط صحيح، فإن لم يدفع ثمنها فسد البيع. وعليه رد السلعة إن بقيت على حالها، أما إذا تصرف فيها كأن باعها ولم يدفع ثمنها في الموعد فإن البيع الأول ينفذ وعليه الثمن، وإذا نقصت قيمة السلعة عنده كان بائعها مخيراً بين أخذها من النقصان ولا شيء له من الثمن وبين أخذ الثمن.
أما إذا اشترى السلعة على أنه لم يدفع ثمنها إلى أربعة أيام ينحل البيع فإنه لا يصح عند أبي حنيفة، ويقع العقد فاسداً أو موقوفاً لكل منهما حق فسخه إلا إذا دفع الثمن أثناء الأيام الثلاثة فإن العقد ينقلب صحيحاً.
وللبائع خيار النقد كالمشتري، فإذا باع سلعة وقبض ثمنها على أنه إن رده إلى ثلاثة أيام فلا بيع بينهما صح الشرط، أما إلى أربعة أيام فلا، كما ذكر أولاً.

المالكية قالوا:
تنقسم مدة خيار الشرط بالنسبة للمبيع إلى أربعة أقسام:
الأول: الخيار في بيع العقار وهي الأرض وما يتصل بها من بناء أو شجر، والخيار في هذا يمتد إلى ستة وثلاثين يوماً. أو ثمانية وثلاثين يوماً على الأكثر، فإن زاد على ذلك فسد العقد، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الخيار لاختيار حال المبيع أو للتروي في الثمن. وذلك هو رأي جمهور أهل المذاهب خلافاً لمن قال: إن الخيار إذا كان للتروي فهو ثلاثة أيام.
الثاني: الخيار في عروض التجارة كالثياب ونحوها. والخيار في هذه من ثلاثة أيام إلى خمسة، فإذا زاد عليها فسد العقد.
الثالث: الدواب وفيها تفصيل، لأنها إما أن تكون من الدواب التي ليس من شأنها أن تركب كالبقر والغنم والطيور، والخيار في هذه من ثلاثة أيام إلى خمسة كالخيار في عروض التجارة، أما الدواب التي من شأنها أن تركب فإن كان الخيار فيها لمعرفة رخصها وغلائها وسمنها مع معرفة ركوبها أيضاً ونحو ذلك فهو من ثلاثة أيام إلى خمسة أيضاً، وإن كان الخيار فيها لمعرفة حال ركوبها فلا يخلو:
إما أن يكون ذلك في البلد أو خارج البلد، فإن كان في البلد فالخيار فيها يومان لا أكير.
وإن كان خارج البلد فالخيار فيها مسافة بريدين لا أكثر، وبعضهم يقول:
إن الخيار في الدواب ثلاثة أيام وما يقرب من الثلاثة مطلقاً، سواء كان الخيار للركوب أو لغيره. أما اليوم والبريد فهو مخصوص بالركوب.
الرابع: الخيار في الرقيق وهو من ثمانية أيام إلى عشرة.
وكما يفسد البيع بشرط الخيار أكثر من المدة المقررة في كل ما ذكر. فإنه يفسد أيضاً بشرط مدة مجهولة كما إذا قال: أبيعك على أن لي الخيار إلى أن تمطر السماء، أو إلى أن يقدم زيد المسافر ولم يعلم أمد قدومه.
ويصح شرط الخيار بعد تمام عقد البيع "بتة" كما يصح ابتداء قبل البت، فإذا باع شخص لآخر سلعة وبعد تمام البيع جعل البائع الخيار للمشتري في هذا البيع أو جعل المشتري الخيار للبائع كأن قال له: أنت بالخيار في إمضاء هذا البيع ورده، فإن ذلك يصح ويكون بيعاً جديداً مستأنفاً، فكأن البائع قال للمشتري: بعتك هذه السلعة على أن يكون الخيار لك إذا كان الخيار من قبل البائع وكأن المشتري قال للبائع: اشتر مني هذه السلعة على أنك بالخيار إذا كان الخيار من قبل المشتري، ولكن يشترط في صحة بيع الخيار بعت بت العقد أن يكون المشتري قد دفع الثمن للبائع على المعتمد، أما إذا لم يكن قد دفع له الثمن فإنه لا يصح، لأن الثمن يكون حينئذ ديناً في ذمة المشتري فأخذ في نظيره سلعة بخيار، وهذه السلعة يحتمل ردها إذا فسخ العقد، فيكون البائع حينئذ قد فسخ ما وجب له في نظير مؤخر غير ثابت وهو غير جائز، ويكون ضمان المبيع في حالة الخيار بعد تمام العقد على المشتري، لأنه بيع جديد كما علمت، فمال يوجد في المبيع يكون المشتري مسؤولاً عنه، سواء جعل المشتري الخيار للبائع أو العكس.

الشافعية قالوا:
مدة الخيار ثلاثة أيام فأقل بشرط أن تكون متصلة بشرط الخيار، وأن تكون متوالية، فإذا اشترط مدة مجهولة كأن قال: لي الخيار أياماً أو أبداً بطل العقد، وكذا إذا لم تتصل المدة بالشرط كأن قال: بعتك الآن على أن يكون لي الخيار من الغد مثلاً بطل العقد، وكذلك إذا اتصل يوم من الثلاثة بالعقد كيوم الخميس مثلاً ثم اشترط اليومان من يوم السبت فإن العقد يبطل، ولا تدخل الليالي في الأيام، فإذا قال: لي الخيار ثلاثة أيام تنتهي المدة في نهاية اليوم الثالث ولا تدخل ليلته، وإنما احتسبت ليلتا اليوم الأول والثاني لضرورة الحساب إذ لا يمكن الوصول إلى اليوم الثاني إلا بعد أن تمضي ليلة اليوم الأول، فلو اشترط دخول الليلة الثالثة في الحساب بطل العقد.

الحنابلة قالوا:
يشترط في مدة الخيار أن تكون معلومة ولا حد لها، فلهما أن يشترطاه شهراً وسنة وغير ذلك، إنما الذي لا يصح هو أن يشترطاه مدة مجهولة كبعتك بالخيار متى شئت، أو شاء فلان، أو نزل المطر، أو هبت الريح: أو قال أحدهما: لي الخيار ولم يذكر مدة، أو شرطاه إلى الحصاد ونحو ذلك، وفي هذه الحالة يلغو الشرط ويصح البيع مع فساد الشرط، وإن شرطاه مدة غير متوالية كأن شرطاه عشرة أيام على أن يثبت يوماً ولا يثبت يوماً صح في اليوم الأول فقط، وابتداء المدة في شرط الخيار من حيث العقد، فإن شرطاه على أن يكون من حين التفرق لم يصح الشرط لجهالته لأن وقت تفرقهما مجهول.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
15,309
مستوى التفاعل
9,377
مجموع اﻻوسمة
9
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
###############
مبحث هل يخرج المبيع عن ملك البائع في زمن الخيار؟
لا يخرج المبيع في زمن الخيار عن ملك البائع عند بعض الأئمة، ويخرج عند البعض الآخر، لكن في كل ذلك تفصيل مبين في هامش الصحيفة (1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1 ) الحنابلة قالوا:
ينتقل الملك في زمن الخيارين: خيار الشرط، وخيار المجلس إلى المشتري ويخرج عن ملك البائع، سواء كان الخيار للمتعاقدين أو لأحدهما بائعاً أو مشترياً، فإذا تلف المبيع في زمن الخيارين أو نقصت قيمته بعيب فلا يخلو:
إما أن يكون قد بيع بكيل أو وزن أو عدد أو ذرع أو لا، فإن كان الأول فإن ضمانه يكون على المشتري إذا قبضه واستلمه، لأنه ملكه وقد وضع عليه يده فيكون مسؤولاً عنه، أما إذا لم يقبضه فإن ضمانه يكون على البائع.
وإن كان الثاني فإن ضمانه يكون على المشتري في حالتين:
الأولى: أن يستلمه ويقبضه بالفعل.
الثاني: أن لا يستلمه ولكن لم يمنعه البيع من استلامه وقبضه، وأما إذا أراد استلامه فمنعه البائع فإن البائع يكون مسؤولاً عنه.
وإذا تلف المبيع في يد المشتري بطل خياره واستقر الثمن في ذمته.
ويترتب على انتقال الملك إلى المشتري آثار الملك الأخرى، فيكون مكلفاً بمؤونة الحيوان الذي اشتراه ونحوه.
وإذا حلف لا يبيع أو لا يشتري فباع أو اشترى بشرط الخيار فإنه يحنث لوجود صفة البيع والشراء.
وكما ينتقل ملك المبيع للمشتري، فكذلك ينتقل الملك في الثمن للبائع وليس للشفيع الأخذ بالشفعة في مدة الخيار وإن كان الملك قد انتقل للمشتري لأن شرط الخيار منعه من التصرف فيه باختياره، فأصبح بذلك ملكه قاصراً.
فإذا اشترى شخص داراً من آخر أن يكون له الخيار، فليس للشفيع أن يأخذها بالشفعة حتى تمضي مدة الخيار.
وما ينتج عن المبيع فيه تفصيل:
لأنه إما أن يكون منفصلاً عنه أو متصلاً به، فإن كان منفصلاً عنه كثمرة وولد ولبن فإنه يكون للمشتري ولو كان في يد البائع، وإذا تلف عند البائع بدون تعد ولا تفريط لا يضمنه للمشتري، لأنه أمانة عند البائع لا يضمنها إلا إذا فرط فيها أو تعدى عليها.

الشافعية قالوا:
يخرج المبيع من ملك البائع إذا انفرد أحد المتبايعين بالخيار، فإن كان الخيار للبائع لم يخرج المبيع عن ملكه، وإن كان للمشتري خرج المبيع عن ملكه للمشتري وإن كان الخيار لهما معاً كان الملك موقوفاً، فإن تم البيع ظهر أن الملك للمشتري، من حين العقد وإن فسخ اعتبر كأنه لم يخرج عن ملك البائع، لا فرق في ذلك بين خيار الشرط وخيار المجلس.
ثم إن الفوائد المتحصلة من المبيع سواء كانت منفصلة كاللبن، أو متصلة كالحمل الحادث في زمن الخيار تكون لمن انفرد بالخيار من بائع أو مشتر، وتكون موقوفة إذا كان الخيار لهما معاً يستحقها من يظهر له الملك.
أما الحمل الموجود قبل الخيار فهو مبيع مع أمه فحكمه حكمها، والفوائد المتحصلة غير الحمل تتبع الأصل في رد المبيع وإمضائه.
وإذا تلف المبيع بآفة سماوية في زمن الخيار فلا يخلو:
إما أن يكون التلف قبل القبض أو بعده فإن كان قبل القبض انفسخ البيع على أي حال، سواء كان الخيار لهما أو لواحد منهما، وإن كان القبض فلا يخلو:
إما أن يكون الخيار للبائع، أو للمشتري أو لهما، فإن كان الخيار للبائع انفسخ البيع أيضاً ويسترد المشتري الثمن، ويرجع عليه البائع بالقيمة بأن يأخذ منه فرق الثمن إذا كان الثمن زائداً على القيمة، وإن كان للمشتري أو لهما يبقى الخيار، فإن تم العقد بأن أجازه المشتري الثمن، وإن لم يجزه لزمته القيمة.
🌺 يتبع
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
15,309
مستوى التفاعل
9,377
مجموع اﻻوسمة
9
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
#################

الحنفية قالوا:
الخيار إما أن يكون للبائع، أو للمشتري، أو لهما.
فالأول وهو ما إذا كان الخيار للبائع، فإن المبيع لا يخرج ملك البائع باتفاق.
أما الثمن فإنه يخرج عن ملك المشتري باتفاق، وهل يدخل في ملك البائع خلاف:
وفي هذه الحالة إما أن يقبضه المشتري أو يتركه في يد البائع، فإن قبضه وهلك في يده فإنه يكون ملزماً بقيمته للبائع، وتعتبر قيمته من يوم قبضه لا من يوم هلاكه، فعلى المشتري في هذه الحالة أن يدفع المبيع للبائع سواء زادت عنه أو نقصت.
ولا فرق في ذلك بين أن يهلك من بقاء البيع أو فسخه، فلو فسخ البائع البيع في مدة الخيار وبقي المبيع في يد المشتري ثم هلك، كان المشتري ملزماً بقيمته أياً كانت.
أما إذا مضت مدة الخيار ولم يفسخ البيع ثم هلك المبيع فيكون ملزماً بثمنه لا قيمته لسقوط الخيار بانتهاء المدة واستقرار البيع وإذا طرأ على المبيع عيب وهو في يد البائع فنقصت قيمته فإن خياره لا يفسد، لأن ذلك العيب لم يكن بفعله فلا يكون مسؤولاً عنه. وللمشتري الخيار في هذه الحالة، فإن شاء أخذ المبيع بثمنه، وإن شاءفسخ البيع.
أما إذا كان النقص بفعل البائع فإنه يكون مسؤولاً عنه، فيقبض من ثمنه بقدر ما أصابه من النقص.
وإذا هلك المبيع في يد البائع من كون الخيار له انفسخ البيع، ولا شيء على البائع ولا على المشتري.
الثاني: وهو ما كان الخيار فيه للمشتري أو لأجنبي، وحكمه أن الثمن لا يخرج عن ملك المشتري باتفاق. والمبيع يخرج عن ملك البائع باتفاق ولكن هل يدخل المبيع في ملك المشتري بعد خروجه من ملك البائع أو لا؟ خلاف.
فأبو حنيفة يقول:
إنه لا يدخل في ملك المشتري، لأنه لو دخل في ملكه من كون الثمن مملوكاً له أيضاً للزم عليه اجتماع البدلين في ملك أحد المتعاقدين، وذلك لا أصل له في الشرع في المعاوضة، لأنها تقتضي المساواة بين المتعاقدين في تبادل ملك المبيع والثمن.
والصاحبان يقولان:
إنه يدخل في ملك المشتري، لأنه لو لم يدخل لكان سائبة غير مملوك لحد، وأجيب بأنها ليست سائبة لأنه ملك البائع لا يزال متعلقاً به.
على أن عدم دخوله في ملك المشتري لا يمنع ترتب بعض آثار الملك عليه، فإن نفقته تجب على المشتري بالإجماع، وإذا تصرف المشتري فيه مدة الخيار جاز تصرفه ويكون ذلك إجازة منه. وسواء دخل في ملك المشتري أو لم يدخل، فإنه إذا قبضه وهلك مع كون الخيار للبائع يكون المشتري ملزماً بثمنه لا بقيمته عكس ما لو كان الخيار للبائع، لأنه إذا هلك مع كون الخيار للبائع يكون المشتري ملزماً بالقيمة كما ذكر آنفاً، والفرق بين الحالتين:
أنه هلك في يد المشتري فإنه لا بد أن يتقدم هلاكه عيب من مرض ونحوه، وهذا العيب يمنع رده في هذه الحالة فينفذ ويهلك بعد أن يتقرر الثمن في ذمة المشتري. بخلاف ما إذا كان الخيار للبائع، فإن العيب الذي يتقدم هلاكه عادة لا يمنع البائع أن يسترده في زمن الخيار، فيبطل العقد بهلاكه فلم يتقرر الثمن فتثبت القيمة والفرق بين الثمن والقيمة:
أن الثمن ما تراضى عليه المتعاقدان، سواء كان أكثر من قيمته أو أقل.
أما القيمة فهي ما قوم به الشيء من غير زيادة ونقصان.
وكذلك إذا طرأ عليه عيب، فإن كان مما يمكن زواله كالمرض ونحوه فإن زال في مدة الخيار فهو على خياره وإن لم يزل لزوم العقد، وإن كان مما لا يمكن زواله وكان في يد المشتري وكان له الخيار فإنه يلزم بثمنه لا بقيمته، بخلاف ما إذا كان الخيار للبائع فإنه يلزم بقيمته كما تقدم، ولا فرق بين أن يكون العيب حاصلاً بآفة سماوية، أو بفعل المشتري، أو بفعل أجنبي.
واختلف فيما إذا كان بفعل البائع وكان الخيار للمشتري.
فقال محمد:
إن خيار المشتري يبقى على حاله، إن شاء أجاز البيع ويأخذ قيمة ما نقص وإن شاء رده.
وقالا: إن البيع يلزم ويرجع المشتري على البائع بالقيمة إذا كان المبيع قيمياً كالحيوان والمتاع والأرض ونحو ذلك، فإن كان مثلياً كالفضة مثلاً وأحدث به البائع أو المشتري عيباً فإنه لا يحل له أخذ قيمة ما نقص منه لأنه يكون رباً، مثلاً إذا كان المبيع أسورة من فضة قبضها المشتري الذي له الخيار ثم كسرها البائع فإنه في هذه الحالة لا يحل للمشتري أن يأخذ قيمة ما نقص من ثمنها نقوداً، ولكن له الخيار في أن يمسك العين بلا مطالبة بالنقصان، أو يسلمها ويطالب بمثلها أو قيمتها كلها.
الثالث:
وهو ما كان الخيار فيه لهما، وحكمه أنه لا يخرج شيء من المبيع والثمن عن ملك البائع والمشتري باتفاق، فإذا فسخ البيع واحد منهما في المدة انفسخ، وإذا أجازه أحدهما أصبح العقد لازماً بالنسبة له مع بقاء الآخر على خياره، وإذا لم يوجد إجازة ولا فسخ بل سكتا حتى انقضت مدة الخيار لزم البيع.
وإذا أجاز أحدهما وفسخ الآخر البيع بينهما، سواء كان السابق الفسخ أو الإجازة.
وإذا هلك المبيع قبل أن يقبضه المشتري بطل البيع.
وكذلك إذا هلك الثمن قبل أن يقبضه البائع إذا كان عيناً، ويبطل البيع أيضاً إذا هلك المبيع أو الثمن بعد القبض، ولكن يكون على من قبضه قيمته. ثم إن الزيادة الناشئة عن المبيع تكون موقوفة في مدة الخيار، فإن تم البيع كانت للمشتري، وإن لم يتم كانت للبائع.
وسيأتي بيان ما يفسخ البيع فيها ولا يفسخ في مباحث خيار العيب.

المالكية قالوا:
لا يخرج المبيع عن ملك البائع في زمن الخيار على المعتمد، سواء كان الخيار للبائع، أو للمشتري، أو لهما معاً، أو لأجنبي.
فإمضاء العقد ينقل المبيع من ملك البائع لملك المشتري، ثم لا يخلو:
إما أن يكون الخيار للبائع أو للمشتري أو لهما، فإن كان الخيار للبائع وقبض المشتري المبيع وادعى أي مما يمكن إخفاءه مع وجوده سالماً كالثياب والحلي، فإنه يمكن إخفاؤها مع بقائها سالمة، وفي هذه الحالة إذا ادعى المشتري ضياع المبيع المقبوض له ولم يقم بينة على صدقه فإنه يكون ملزماً به.
أما إذا أقام البينة على صدق دعواه فإنه لا ضمان عليه بل على البائع.
الحالة الثانية:
أن يكون المبيع مما لا يعاب عليه أي مما لا يمكن إخفاءه مع بقائه سالماً كالحيوان فإنه لا يمكن إخفاؤه عن الأعين إلا بإتلافه أو أكله، فإذا ادعى المشتري ضياعه في هذه الحالة ولكن قامت البينة على كذبه كأن ادعى بأنه ضاع في يوم كذا فشهدت الشهود بأنهم رأوه عنده بعد ذلك اليوم، أو شهدت بأنه أكله أو أتلفه فإنه في هذه الحالة يكون عليه الضمان لا على البائع.
الحالة الثالثة:
أن يكون مما لا يمكن إخفاءه أيضاً وادعى المشتري ضياعه بعد قبضه بدون بينة تصدقه أو تكذبه فإن عليه اليمين للبائع، سواء كان متهماً بالكذب أو لا، إلا أنه إن كان متهماً يحلف بأن المبيع قد ضاع وما فرط، وإن كان غير متهم يحلف بأنه ما فرط، فإن أبى أن يحلف كان عليه الضمان.
ومن هذا يتضح أن الضمان على المشتري البينة على ضياعه، فإن الضمان حينئذ يكون على البائع.
الثانية: إذا كان مما لا يمكن إخفاءه ولم تقم بينة على كذب المشتري وحلف اليمين، فإن الضمان يكون في هذه الحالة على البائع.
ويعتبر في الضمان ما هو الأكثر، فإن كان الثمن أكثر من القيمة يلزم به من عليه الضمان، وإذا كانت القيمة أكثر يلزم بها إلا في الحالة الأولى، وهي ما إذا ادعى ضياع ما يمكن إخفاءه ولم تقم بينة على صدقه، ولكنه حلف اليمين بأنه ما فرط فإنه يكون ملزماً بالثمن فقط إذا كان أقل من القيمة، لأنه إذا كان أكثر أو مساو فلا يتوجه عليه يمين إذ لا فائدة.
أما إذا كان الخيار للمشتري وادعى ضياع المبيع، فإنه يلزم بالثمن الذي وقع عليه البيع على كل حال، سواء كان الثمن أقل من القيمة أو أكثر، وقال بعضهم:
إذا حلف أنه لم يكن يقصد الشراء فإنه يلزم بالقيمة إن كانت أقل.
وإذا كان الخيار لهما معاً فإنه يكون حكمه كحكم ما إذا كان الخيار للبائع تغليباً له لأنه المالك.
وإذا لم يقبض المشتري المبيع فادعى البائع أنه ضاع فإنه يلزم برد الثمن إن كان قد قبضه، وإلا فلا شيء له.
وفوائد المبيع في زمن الخيار إن كانت منفصلة عنه كالغلة والبيض واللبن للبائع، أما إن كانت متصلة به كالصوف والولد، فإنها للمشتري لأنها كالجزء من المبيع.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
15,309
مستوى التفاعل
9,377
مجموع اﻻوسمة
9
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
#############

مبحث إذا اشترى شخص غير معين من أشياء متعددة

إذا اشترى شخص شيئاً غير معين من أمرين كثوبين ثم قبضهما معاً ليختار منهما ما يعجبه ففي ذلك تفصيل المذاهب (1) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المالكية قالوا:
إذا اشترى شخص من آخر واحداً غير معين من شيئين كثوبين مثلاً ثم قبضهما معاً ليختار منهما ما يعجبه. فإن هذا البيع على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: بيع خيار فقط وهو البيع الذي جعل فيه الخيار "التروي" لأحد المتبايعين في أخذ المبيع ورده كأن يقول البائع: بعتك أحد هذين الثوبين بكذا على الخيار في الأخذ والرد مدة ثلاث أيام، وفي هذا الوجه ثلاث صور:
الصورة الأولى: أن يدعي ضياعهما معاً.
الثانية: أن يدعي ضياع أحدهما.
الثالثة: أن تمضي مدة الخيار ولم يختر أحدهما.
وحكم هذا: أن المشتري إذا قبضهما كان عليه ضمانهما، فإذا ضاعا معاً أو ضاع واحد منهما كان عليه دفع الثمن الذي اشتراهما به للبائع. وإذا مضت مدة الخيار ولم يختر لزماه معاً.
الوجه الثاني: بيع اختيار فقط.
وبيع الاختيار: هو البيع البات الذي لا خيار فيه، ولكن البائع يجعل للمشتري التعيين لما اشتراه كأن يقول له: أبيعك أحد هذين الثوبين بيعاً باتاً بعشرة على أن تختار واحداً منهما في يوم أو يومين.
وفي ذلك الوجه ثلاث صور كالوجه الأول:
الصورة الأولى: أن يدعي ضياعهما معاً.
الثانية: أن يدعي ضياع أحدهما.
الثالثة: أن تمضي مدة الخيار ولم يختر.
وفي كل صورة من الصور الثلاث يكون المشتري ملزماً بدفع نصف كل الثمن بأن يضم ثمن الثوبين إلى بعضه ويدفع المشتري نصفه، فإذا ضاع أحد الثوبين وكان يساوي عشرة وكان الثوب الباقي يساوي خمسة كان مجموع الثمن خمسة عشر، فيلزم بدفع نصفها.
الوجه الثالث: بيع خيار واختيار وهو البيع الذي جعل فيه البائع للمشتري الخيار في التعيين، وبعد أن يعين واحداً يكون له الخيار في أخذه ورده ثلاثة أيام. وفي ذلك الوجه ثلاث صور أيضاً:
الصورة الأولى: أن يكون الخيار للمشتري، ويدعي ضياع الثوبين معاً ولا بينة له على ضياعهما، وفي هذه الحالة يكون المشتري ملزماً بثمن واحد منهما، أما الثوب الثاني فيضيع على البائع.
الصورة الثانية: أن يكون الخيار للمشتري أيضاً ويدعي ضياع ثوب واحد ولا بينة على ذلك.وفي هذه الحالة يكون المشتري ملزماً بنصف ثمن الثوب الضائع، وله أن يختار الثوب الثاني إذا كانت مدة الخيار باقية.
الصورة الثالثة: أن تمضي مدة الخيار ولم يختر شيئاً منهما وفي هذه الحالة لا يلزمه شيء، هذا إذا كان الخيار للمشتري كما ذكرنا، فإن كان الخيار للبائع كأن يبيعه واحداً غير معين من ثوبين على أن يكون للبائع الخيار في إمضاء البيع وفسخه، فإن المشتري إن ادعى ضياعهما معاً فإن عليه أن يدفع للبائع الأكثر من الثمن والقيمة في واحد. وكذا إن ادعى ضياع واحد فإن عليه أن يدفع للبائع الأكثر من الثمن والقيمة في نصف ثمن واحد، إلا أن يحلف بأنه قد ضاع وما فرط فإنه حينئذ يضمن الثمن لا القيمة.
ومحل ذلك إذا لم تكن للمشتري بينة، فإن شهدت له بينة بضياع الثوبين أو أحدهما فلا شيء عليه للبائع.

الحنفية قالوا:
إذا طلب المشتري من البائع ثوباً فأعطاه ثلاثة وبين له ثمن كل واحد منهما كأن قال له: هذا بعشرة، وهذا بعشرين، وهذا بثلاثين. ثم قال له: الثوب الذي يعجبك منها بعته لك، فاستلمها المشتري على ذلك فضاعت عنده فإن في ذلك أربع صور:
الصورة الأولى: أن تضيع كلها دفعة واحدة، أو تضيع كلها متعاقبة ولكنه لا يعلم في الحالتين أي الأثواب ضاع أولاً، وحكم هذه الصورة: أن المشتري يلزم بدفع قيمة ثلث الجميع.
الصورة الثانية: أن تضيع كلها دفعة أو متعاقبة ولكن المشتري يعرف الثوب الذي ضاع أولاً، وحكم هذه الصورة: أن المشتري يلزم بقيمة الثوب الذي ضاع أولاً، والثوبان الآخران يكونان أمانة لا شيء عليه في ضياعهما.
الصورة الثالثة: أن يهلك اثنان فقط ويبقى الثالث، وفي هذه الحالة يلزم المشتري بنصف ثمن كل من الاثنين الضائعين، ورد الثالث لأنه يكون أمانة يجب ردها. وإذا حصل نقص في الثوب الثالث لا يلزم المشتري به.
الصرة الرابعة: أن يضيع ثوب واحد فقط ويبقى اثنان، وفي هذه الحالة يلزم المشتري بدفع قيمة الثوب الضائع ورد الثوبين الباقيين.
ويسمى مثل هذه المسألة بالمقبوض على سوم الشراء، وحاصله أن كل مبيع قبضه المشتري ليشتريه على أن يكون له الخيار فيه بعد أن عرف ثمنه ولم يعارض فيه، فإنه يضمنه إذا هلك في يده بقيمته.
أما إذا استهلكه هو فإنه يضمنه بثمنه على التحقيق وتعتبر القيمة من يوم قبضه.
أما إذا قبضه لا على وجه الشراء بل على وجه النظر كأن قال البائع: هذا الثوب بعشرة فقال له: هاته حتى أنظر فيه، أو حتى ينظر فيه رفيقي ثم ضاع الثوب فإنه يضيع على البائع، ولا شيء على المشتري لأنه أخذه على سوم النظر لا على سوم الشراء، أما إذا قال له: هاته فإن أعجبني أخذته ثم ضاع منه فإنه يلزم بقيمته، لأنه أخذه على سوم الشراء في هذه الحالة.
الحنابلة قالوا:
شرط الخيار لا يصح في واحد غير معين مطلقاً، فإذا اشترى ثوبين معاً، أو اشترى جملاً وحماراً وشرط الخيار في واحد معين صح، أما إذا اشتراهما على أن يكون له الخيار في أحدهما فإن شرط الخيار لا يصح، ويكون البيع صحيحاً إذا عين المبيعين وعين ثمن كل منهما، كما إذا بين أن هذا الثوب ثمنه كذا وذلك الثوب ثمنه كذا. أما إذا لم يبين فإن البيع يكون فاسداً لجهالة الثمن.

الشافعية قالوا:
إذا قال له بعتك هذا الثوب بعشرة وذلك بعشرين وهكذا، فإنه يكون عقوداً متعددة لا عقداً واحداً، لأن العقد يتعدد بتفصيل الثمن، ويشترط في صحة البيع بذلك أن يقبل المشتري الثوبين جميعاً، فإذا قبل واحداً منهما لا يصح البيع، وإنما يتعدد العقد بتفصيل الثمن إذا فصل البادئ من المتعاقدين، سواء كان البادئ أو المشتري. أما إذا أجمل البادئ وفصل القابل فإن العقد يكون واحداً لا متعدداً.
فإذا كان متعدداً فللمشتري أن يشترط الخيار في واحد منهما ويرد أحدهما بالعيب ويأخذ أحكام الخيار المتقدمة.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
15,309
مستوى التفاعل
9,377
مجموع اﻻوسمة
9
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
###########
مباحث خيار العيب

للمشتري الخيار في إلغاء عقد البيع وفسخه إذا وجد في المبيع عيباً ولو لم يشترط ذلك، وهذا يسمى خيار العيب. ثم هو ينقسم أولاً إلى قسمين:
أحدهما: أن يكون بفعل البائع كخلط اللبن بالماء والسمن بالزيت، وصر ضرع الحيوان ليحبس اللبن فيه فيكبر ضرعه فيغتر المشتري.

ثانيهما: أن يكون عيباً طبيعياً وينقسم إلى قسمين:
ظاهر كجموع الدابة وعرجها وعجزها عن حمل ما يحمله مثلها عادة.
وباطن كفساد الجوز واللوز من داخل غلافه وفساد البطيخ ونحوه.

🌹 تعريف العيب الذي يرد به المبيع

العيب الذي يجعل للمشتري الحق في رد المبيع:
هو الذي (1) تنقص به قيمة المبيع، أو يفوت به على المشتري غرض صحيح، فمثال ما تنقص به قيمة المبيع جماح الدابة عند ركوبها وعدم انقيادها لصاحبها، وكذا إذا كانت تعض أو ترفس فإن ذلك عيب ينقص قيمتها، بخلافما إذا كان لا ينقص القيمة كقطع صغير في فخذها أو رجلها فإن ذلك لا يضرها فلا ترد به.
ومثال ما يفوت به غرض صحيح على المشتري:
أن يشتري شاة ليضحي بها فيجد في أذنها قطعاً يمنع صحة الأضحية بها، فإن ذلك القطع وإن لم ينقص قيمة الشاة ولكن يفوت على المشتري غرضاً صحيحاً فله ردها.
وكذا إذا اشترى خفاً أو ثوباً ليلبسه فوجده ضيقاً لا يكفيه، فإن ذلك عيب ينافي استعماله فيفوت على المشتري غرضه من شرائه فيرد به.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) المالكية قالوا:
ضابط العيب الذي يرد بن المبيع هو ما كان منقصاً للثمن كجماح الدابة وعدم انقيادها، أو منقصاً لذات المبيع كخصاء الحيوان إذا كان الخصاء ينقصه عرفاً.
أو يكون منقصاً للتصرف كما إذا كانت يده اليمنى ضعيفة ويسمى أعسر أو "أشول" أو كان مخوف العاقبة كما إذا كان مصاباً بمرض معد.
ولا يخرج هذا عما ذكر في أعلى الصحيفة السابقة وهو ما عليه الحنفية والشافعية

الحنابلة قالوا:
ضابط العيب الذي يرد به البيع هو نقص عينه كخصاء الحيوان ولو نقصت به القيمة أو نقصت قيمته عادة في عرف التجار.
وبعضهم عرفه بأنه نقيصة يقتضي العرف سلامة المبيع عنها غالباً فلا فرق بين أن يكون النقص في عين المبيع أو قيمته، فخصاء الحيوان على هذا لا يكون عيباً إلا إذا عده العرف عيباً.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
15,309
مستوى التفاعل
9,377
مجموع اﻻوسمة
9
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
############

(2 ) الحنفية قالوا:
تصح البراءة مما يظهر في المبيع من العيوب على أي حال، سواء كان الشرط عاماً أو خاصاً. وسواء شرط براءة نفسه:
"أي شرط كونه غير مسؤول عن العيوب التي تظهر في المبيع"
أو شرط براءة المبيع : "سلامته عن العيوب".
ومثال الأول أن يقول: بعتك هذه الدار على أني بريء من كل عيب، أو على أنها كوم تراب، أو بعتك هذه الدابة على أنها محكمة مكسرة ونحو ذلك فإن الشرط صحيح، فلو اشتراها على ذلك وظهر فيها عيب لا يصح له ردها، لأنه قبلها بكل عيب يظهر فيها فلا خيار له، وكذا لو شرط البراءة من عيب خاص من باب أولى كأن قال له: بعتك هذه الفرس على أنها جموح وقبلها على ذلك، فإنه ليس له ردها بهذا العيب.
ومثال الثاني أن يقول: بعتك هذا الحيوان على أنه لا عيب فيه، ولم يبين عيباً خاصاً واشتراه منه على ذلك، فإن له أن يرده بظهور عيب قديم فيه.
وإذا قال: بعتك هذا الحيوان على أنه بريء من كل داء ينظر في ذلك العرف والعادة في استعمال الداء، فإن كان العرف يخصه بالأدواء الباطنة عمل به، فلو ظهر به داء باطن كان للمشتري رده، وإن كان العرف يعمم الداء كان له رده بأي مرض قديم فيه، وعرف زماننا يعمم الداء فيطلقه على الظاهر منه والباطن، وهو موافق للغة أيضاً، ثم إن اشتراط البراءة من العيوب يشمل العيوب الموجودة قبل عقد البيع. والعيوب الحادثة بعده قبل أن يقبضه المشتري.
فلو باع له حيواناً بشرط أن لا يكون مسؤولاً عن أي عيب فيه، أو عيب معين ولم يكن به عيب حال العقد ثم حدث فيه عيب بعد العقد وقبل أن يستلمه المشتري فإنه لا يرد بذلك العيب الحادث، كما لا يرد بذلك العيب القديم لأن شرط البراءة يشمله.
وبعضهم يقول: ان اشتراط السلامة لا يشمل سوى العيوب الموجودة حال العقد، فله رده بالعيب الحادث بعد العقد وقبل القبض كما يقول الشافعية.
أما إذا اشترط البراءة من كل عيب موجود فيه فإنه لا يتناول العيب الحادث بالإجماع.
وإذا قال: بعتك هذا بشرط أنني بريء من كل عيب موجود، ومن كل عيب يحدث بعد العقد قبل القبض فإنه يكون شرطاً فاسداً يفسد البيع على المعتمد.
وبعضهم يقول: إنه فاسد بالإجماع.

المالكية قالوا:
شرط البراءة من العيب الذي يوجد في المبيع لا يفيد، فلو باع حيواناً أو عرض تجارة بشرط أنه بريء من أي عيب يظهر في المبيع، أو بريء من عيب خاص بحيث لا يكون مسؤولاً إذا ظهر فيه ذلك العيب فإن هذا لا ينفعه، وللمشتري رده بظهور عيب فيه وهو عند البائع، نعم ينفع شرط البراءة في بيع الرقيق فقط إذا باعه بشرط البراءة من عيب لم يعلم به ومكث عنده زمناً لم يتمكن فيه من اختباره بحيث يستطيع أن يعرف ما به من العيوب، فإنه إذا باعه بشرط أنه لا يكون مسؤولاً عن عيب يظهر فيه بعد بيعه ثم ظهر فيه عيب فإنه لا يرد حينئذ. وكذا إذا باع الرقيق حاكم أو وارث كما تقدم فينا يمنع الرد.
الشافعية قالوا:
إذا باع شيئاً بشرط البراءة من العيوب الموجودة فيه حال العقد فلا يخلو إما أن يشترط البراءة لنفسه، أو يشترط براءة المبيع وسلامته من كل العيوب.
ومثال الأول: أن يقول: بعتك كذا على أنني بريء من كل عيب يظهر فيه بحيث لا أكون مسؤولاً عنه، وحكم هذا أنه لا يبرأ إلا إذا كان المبيع حيواناً وظهر فيه عيب باطن موجود حال العقد يجهله البائع، وقيل يبرأ عن كل عيب، أما إذا تبين أن به عيباً ظاهراً أو كان المبيع غير حيوان فإن شرط براءته لا ينفع في هذه الحالة. ويكون البائع مسؤولاً عما يظهر من العيوب.
ومثال الثاني أن يقول: بعتك هذا بشرط براءته "سلامته" من العيوب. وحكمه كحكم الأول، فإنه يكون مسؤولاً، لأنه شرط على نفسه سلامة المبيع من كل العيوب، فيعامل بشرطه في هذه الحالة دفعاً للنزاع.
أما اشتراط البراءة من عيوب تحدث بعد العقد قبل القبض فإنه شرط فاسد لأنه إسقاط لشيء لم يوجد. ولكنه لا يفسد البيع على المعتمد.
ويتضح من هذا أن شرط البراءة إذا كان عاماً فإنه لا يفيد إلا في حالة واحدة وهي أن يكون المبيع حيواناً والعيب باطن والبائع يجهله كما ذكر آنفاً.
أما إذا كان الشرط خاصاً بأن عين العيب فإن فيه تفصيلاً، وهو إذا كان العيب مما يرى كالأمراض الجلدية التي توجد في الحيوان فإنه يشترط أن يطلع المشتري عليها بعد تعيينها ويريه إياها.
أما إذا كان من العيوب التي لا ترى. فإنه يكفي فيها التعيين ولا يلزم رؤيتها.
وذلك كما إذا باع ثوراً بشرط أن ينام في المحراث، أو فرساً بشرط أنه جموح وتبين أنه كذلك، فليس للمشتري رده وإن لم يشاهد ذلك العيب عند الشراء.

الحنابلة قالوا:
إذا باع سلعة وشرط على المشتري أنه يبرأ من جميع العيوب التي بها، أو التي تحدث فيها قبل قبضها بعد العقد فإن الشرط يكون فاسداً، ومتى ظهر للمشتري عيب كان له رده المبيع سواء كان ذلك العيب ظاهراً أو باطناً، في حيوان أو غيره. علمه المشتري أو جهله، وكذلك إذا اشترط البراءة من شرط خاص كأن قال له: بعتك هذه الدابة على أنني بريء من جموحها، أو بعتك هذه الناقة على أنني بريء من عصيانها فإن الشرط فاسد. وللمشتري ردها بذلك العيب.
وإذا سمى البائع العيب ووافق المشتري عليه وأبرأه منه. فليس للمشتري رده بعد ذلك. لأنه قد علم العيب ورضي به.
هذا ويحرم على البائع أن يكتم عيباً يعلمه بالمبيع لقوله عليه الصلاة والسلام:
"المسلم أخو المسلم. ولا يحل لمسلم باع من أخيه بيعاً فيه عيب إلا بينه له". رواه أحمد وأبو داود.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
15,309
مستوى التفاعل
9,377
مجموع اﻻوسمة
9
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
مقتطفات من الفقه على المذاهب الأربعة
##########
شروط رد المبيع بالعيب

يشترط لرد المبيع بالعيب شروط:
منها أن يكون الغالب (1) في مثله أن يكون سليماً من ذلك العيب. فخرج ما إذا كان الغالب في مثله وجود ذلك العيب.
ومثال الأول: ما إذا اشترى حماراً أو حصاناً فوجده مخصيا فإن الخصاء يكون عيباً فيه، لأن الغالب في الحمير والخيل سلامتها من الخصاء وهو عيب قد يفوت به غرض المشتري من شرائها، فإنه قد يشتري ليستولد به أنثى من جنسه فله رده بذلك العيب.
ومثال الثاني: ما إذا اشترى حيواناً مأكول اللحم يغلب خصاؤه كالغنم والمعز فإن الخصاء فيها ليس عيباً يوجب الرد. لأن الغالب فيها الخصاء إذ هو يزيدها سمناً.
ومنها: أن لا يمكن زوال ذلك العيب إلا بمشقة، فإذا أمكن إزالته بغير مشقة فإن المبيع لا يرد به. وذلك كما إذا اشترى ثوباً متنجساً لا تنقص قيمته بالغسل فإن النجاسة حينئذ لا تكون عيباً (1) يرد به الثوب لأنه يمكن إزالتها بلا مشقة، وكذا إذا اشترى سيفاً معوجاً يمكن إزالة اعوجاجه بسهولة. فإن العوج لا يكون عيباً يرد به حينئذ.
ومنها: أن يكون العيب موجوداً في المبيع وهو عند البائع على تفصيل المذاهب (2) .
ومنها: أن يشترط البائع البراءة من العيب على تفصيل المذاهب. (3 )
ومنها: أن لا يزول ذلك العيب قبل الفسخ، فإذا اشترى حيواناً مريضاً ولم يفسخ البيع ثم زال المرض فليس له الفسخ بسبب ذلك المرض، لأنه قد زال قبل أن يرده.
🌹 يتبع
 
Comment
أعلى