

بلغوا عني ولو آية


:
قال تعالى :
{كذلك سلكناه} {كذلك نسلكه}
في الشعراء السياق دلّ على أحداث ماضية وانتهت فجاء التعبير بالفعل الماضي {سلكناه}
في الحجر السياق يدل على استمرار إرسال الرسل، فجاء التعبير بالمضارع {نسلكه}
" للقرآن سطوة عجيبة على النّفس تجِد أثرها واضحًا على المحزون حين يُفتّش حوله عن سلوى فتُساق لسمعه آية .. فإذ بقلبه يخضع، وأمواجهُ تسكُن، ولسانه ينطلِق بالتّسليم ، حينها يعلم أنّ النفس بحاجة للتّعرض لرسائل القرآن حتى تُدرك معنى الحياة الحقيقية فتهدأ وتصبِر ".
قول اللّه تعالى { فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين} فهل تبكي السماء والأرض على أحد؟ قال رضي اللّه عنه: نعم، إنه ليس أحد من الخلائق إلا وله باب في السماء منه ينزل رزقه، وفيه يصعد عمله، فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء الذي كان يصعد فيه عمله وينزل منه رزقه ففقده بكى عليه، وإذا فقده مصلاه من الأرض التي كان يصلي فيها ويذكر اللّه عزَّ وجلَّ فيها بكت عليه، وإن قوم فرعون لم تكن لهم في الأرض آثار صالحة، ولم يصعد إلى اللّه عزَّ وجلَّ منهم خير، فلم تبك عليهم السماء والأرض ""أخرجه ابن جرير عن ابن عباس موقوفاً"". وقال سفيان الثوري: تبكي الأرض على المؤمن أربعين صباحاً، وقال مجاهد: ما مات مؤمن إلا بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحاً، فقلت له: أتبكي الأرض؟ فقال: أتعجب؟ وما للأرض لا تبكي على عبد كان يعمرها بالركوع والسجود؟ وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتكبيره وتسبيحه فيها دوي كدوي النحل، وقال قتادة: كانوا أهون على اللّه عزَّ وجلَّ من أن تبكي عليهم السماء والأرض
﴿ قَالَ رَبِّ ٱشْرَحْ لِى صَدْرِى ﴿٢٥﴾ وَيَسِّرْ لِىٓ أَمْرِى ﴾
سأل اللّه أن يوسع قلبه للحق؛ حتى يعلم أن أحدا لا يقدر على مضرّته إلا بإذن اللّه، وإذا علم ذلك لم يخف فرعون مع شدة شوكته وكثرة جنوده.
[ معالم التنزيل - البغوي ]
﴿ ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ ﴿٢٤﴾ قَالَ رَبِّ ٱشْرَحْ لِى صَدْرِى ﴿٢٥﴾ وَيَسِّرْ لِىٓ أَمْرِى ﴾
ولما علم موسى ذلك لم يبادر بالمراجعة في الخوف من ظلم فرعون، بل تلقى الأمر، وسأل الله الإعانة عليه بما يؤول إلى رباطة جأشه وخلق الأسباب التي تعينه على تبليغه، وإعطائه فصاحة القول للإسراع بالإقناع بالحجة.
[ التحرير والتنوير - ابن عاشور ]
﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّى وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِىٓ ﴾
قال ابن عباس رضي الله عنهما: «أحبه الله، وحببه إلى خلقه»، وقال ابن زيد: «جعلت من رآك أحبك، حتى أحبك فرعون، فسلمت من شره، وأحبتك آسية بنت مزاحم فتبنتك».
[ الجامع لأحكام القرآن - القرطبي ]
﴿ وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِى ﴾
إذا كان الحبيب إذا أراد اصطناع حبيبه من المخلوقين، وأراد أن يبلغ من الكمال المطلوب له ما يبلغ، يبذل غاية جهده، ويسعى نهاية ما يمكنه في إيصاله لذلك، فما ظنك بصنائع الرب القادر الكريم، وما تحسبه يفعل بمن أراده لنفسه، واصطفاه من خلقه ؟!
[ تيسير الكريم الرحمن - السعدي ]
﴿ قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَٰمُوسَىٰ ﴾
زعم أن هذه الآيات التي أراه إياها موسى سحر وتمويه المقصود منها إخراجهم من أرضهم والاستيلاء عليها؛ ليكون كلامه مؤثراً في قلوب قومه؛ فإن الطباع تميل إلى أوطانها، ويصعب الخروج منها ومفارقتها.
[ تيسير الكريم الرحمن - السعدي ]