•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•
قــصــــــــــة
7
برهة من الوقت مرت بصمت كل منهما لا يعرف ما يقول الى أن فاتحها قائلاً حبيبتي دعيني أصارحك لم أعد أستطيع البقاء وحيداً فقد بدأ الملل يأكل ساعاتي الطوال وبدأت أحرج من أمي وهي تتساءل عن سبب حزني دون أن أستطيع قول ما يجول في خاطري بدأت أمّل نفسي ووحدتي وكدت أخشى أن أمّل بُعدك فأبحث لنفسي عن أخرى مؤكداًَ لن تكون مثلك ولكنها ستقاسمني وحدتي وستقوم بتلبية احتياجاتي على تنوعها ثم أردف سامحيني يا ضي عيوني والله ما عمري فكرت أن أنساك ولا أستغني عنك ولكن الحياة لها ضروريات لا بد لنا من مماشاتها والآن أرانا في أحسن حال سأتزوجك شئت أم أبيت اليوم
فردت نعم!!!؟ بتساؤل قال لا تحتجي لقد استنفذنا كل الوقت وصار علينا التحرك كم من المرات قلت سأحضر لأهلك وذويك وكنت تتعللين برفضهم وتخوفيّني من ردة فعلهم ؟ وها هي الفرصة سنحت لنا لا تضيّعها أرجوك ثم أمسك يديها بيديه كلتيهما وقربهما من شفاهه وقبلهما قبلة طويلة وهو مغمض العينين ثم أردف لا تحطميني رجائي والله لو ابتعدت بعد هذا اللقاء لن يكون لنا جمع أبداً
اليوم فقط سأدع لك الفرصة للتفكير وغداً سيكون القرار لك ,, طلب الطعام والعصير ولكنهما لم يتذوقا منه شيء كان كلاهما ساهٍ في ملكوت لوحده وكأنهما التقيا ليحلقا منفردين كلٌّ في عالمه مضت ساعات عدة وهما يتبادلان أحاديث بسيطة بعد أن قرر صلاح أن يبتعد عن موضوع الزواج ليترك لها مساحة للتفكير لتتخذ قرارها بحرية وها هو الليل أقبل يحمل على جناحيه ظلال ارتباك يحيط بهما ويأخذهما إلى عالم الحيرة ,
حلّ المساء وقد شبكا أيديهما بحميمية وهما يمشيان على شاطىء النيل وقد اشترى لها كوز من الترمس وبعض الذرة المشوية كما كانا يحلمان ثم جلسا على مقعد متلاصقين وكأنهما يستمدان نبضهما من بعضهما البعض ,وبدأ البرد يتسلل الى خلايا كيانها أو لربما لم يكن برداً بقدر ما كان خوفاً من المجهول فقد استطاع أن يندس تحت جلدها وأن يجعلها تفكر جدياً في الارتباط..
فبعدها عنه أمر مستحيل وقد فضفض لها عن وحدته ومشاركته أي أنثى في حال رحيلها عن حياته ,, وبصوت هامس طلبت منه العودة للفندق فقد أرهقها المشي والسفر وتفكير مضني بمستقبل قد يهد كيانها وقد يبنيه فوافقت على أن يلتقيا صباحاً وقد عزمت أمرها على ما تنويه وفي ردهة الفندق صار يهمس لها ببعض كلمات الغزل ويطلب منها السماح له بالصعود لغرفتها لمجرد دقائق فكم من يوم حلم أن يحتضنها.. فقط ولو على عجل ، لا غير وبنظرة زاجرة رفضت ذلك وقالت سأراك لاحقا ً ثم استقلّت المصعد المؤدي لغرفتها وما أن دخلت حتى أسندت ظهرها للباب وهي تحاول تلمس قبلته على باطن كفها , آآآآآآآآآخ رددتها مرات عدة فقد بات الصراع محتدماً بين ما تتمناه وتشتهيه وبين ما تفرضه عليها تربيتها وبيئتها وتقاليدها التي عاشت تحرص على التمسك بها إيمانا منها بكل ما تربت عليه من قيم وأخلاق .
جلست على الشرفة مدة ليست بقصيرة تحاول استلهام ما يجب فعله دون طائل فقررت أخذ حمام ساخن والاسترخاء داخل حوض الاستحمام لتستطيع استرداد توازنها
وفتحت حقيبتها وأخرجت أحد الشموع العطرية بلون وردي والتي أحضرتها لصديقتها فما أتت به معها كان كثير وتستطيع الإحتفاظ ببعضه لنفسها ودخلت الحمام فأشعلت الشمعة ثم فتحت صنبور المياه الساخنة فوق الحوض بعد أن وضعت سدادة حجز المياه وثواني قليلة كان بخار الماء بضبابه يحجز صورتها في المرآة التي كانت تتعمد أن تراها علها تجد لديها الحل
وبحركة سريعة كي لا تشعر بحرارة المياه الزائدة دخلت المغطس وأغمضت عينها في محاولة للاسترخاء .
جال بخاطرها خلال رحلة التأمل كل ما مر بها منذ عرفته ؛ صوته الحنون وكلماته التي كانت تعطيها الحياة بأجمل صورها والتي أشعرتها أنها تستغني به عن كل الدنيا وتكتفي بنبضه عن سائر البشر ,وأهلها وممانعتهم لارتباطها الا بابن بلدها وصوت أمها وهي تموت وتوصيها بتقوى الله ...
زمن طويل عاشته رغبات مكبوتة تنتظر الفرج من الله دون أن يكون لها يد في ذلك الفرج موقنة أن من يتقِِ الله يجعل له مخرجاً .
داعب النوم أجفانها داخل الماء ليغلبها على أمرها وتستلم له في غفوة سريعة فقد عانت شداً للأعصاب يكفي عالم بأسره , واستيقظت حينما مالت المياه للبردوة وقد ارتعشت أطرافها تطلب الدفء , فالتفت بروب الإستحمام وخرجت لتنام على حالها دون أن تعير لأفكارها أدني اهتمام فقد قررت أن تسلم له زمام الأمر ,,
على الساعة العاشرة كان هناك طرقاً خفيفاً على الباب وبسرعة البرق كانت تشد روب الإستحمام على جسدها بحزامه ثم ترد من هناك وجاء صوته كنسمة ربيعية في شتاء قارص حرك فيها لواعج أشجانها فردت بصوت خفيض لحظات سأرتدي ملابسي قال افتحي سأنتظرك بالردهة فلا تتركيني على الباب هكذا ولكنها أصمت أذنيها عن طلبه وسارعت ترتدي تنورتها المخملية السوداء والتي تكسي قدها لتصل إلى كاحليها وتضع قميصها القرمزي على اكتافها مسرعة بقفل أزراره ثم تتناول حجابها لتستر شعرها الغجري الذي عبر عن فوضى قد ألمت به , ولم تنسى أن تضع أحمر الشفاه الفاتح قبل أن تفتح له الباب ثم تضع يدها على صدره تمنعه من الدخول قائلة قف هنا ريثما اضع عباءتي عليَّ قبل النزول للبهو حاول معارضتها بدلال ولمس يديها ولكنها رفضت بحزم محب يخشى على حبيبه الزلل وقالت ليس بعد ليس بعد ..
خضع لأمرها ودقائق كانا يستقلان المصعد للأسفل وبادرها قائلاً :ماذا قررتي صمت مطبق قبل أن تبثه كلمات تلقّفها الفرح ليعلنها ابتسامة عريضة وبشر ملأ وجهه وهي تقول لك الأمر , نسي نفسه والتفت إليها ماسكاً إياها من كتفيها قائلا تتكلمين جادة قالت بلهفة المسجون الذي يحن للطيران نعم ,
وقبل أن تكمل كلمتها كان قد خطف قبلة من جبينها في الممر المؤدي إلى خارج الفندق الخالي من المارة ثم فتح لها باب السيارة وقال دعينا نتصرف بسرعة فالوقت يداهمنا
اتصل بوالده على عجل قائلاً: والدي هل لديك فرصة للقدوم إلى مكتب المحامي الخاص بنا استغرب الأب وقال.. لما ؟ قال أرجوك يا أبي ليس هناك وقت للشرح تعال ومعك شاهدين وعندها ستعرف.. حاول الأب الإعتراض ولكنه كان قد أقفل هاتفه ليتصل بصديقه قائلاً قدم لي على إجازة من العمل لمدة شهر لظروف طارئة سأبلغك عنها لاحقاً وتتابعت الأحداث متسارعه فعند المحامي جلست تتصنع الهدوء ولكنه كان زلزال يعصف بها ليقذفها يمنة ويسرة ثم يرفعها ليهوي بها في سحيق ذاتها ...
يتبع>>>