اسكادا
ملكة الأسطبل - مشرف الاقسام الادبية-المقهى الأدبي
الاشراف

نهاية تشبه البداية - الفصل الثاني

الفصل الثاني: حقيبة بأكثر من وجه
في صباحٍ غائم، وبينما كانت الشمس تُكافح لاختراق سحب السماء، جلست مريم على الطاولة الصغيرة في المطبخ.
نظرت إلى عمر الذي كان يقرأ الصحيفة، مثل كل صباح، كما لو أن الأيام تمضي بنفس الروتين. كان الصمت يعم المكان، وكانت عيناها تراقبان حركته بتمعن، غير قادرة على تجاوز تلك اللحظة الفاصلة التي ستقرر فيها ما إن كانت ستبقى في هذا العالم المألوف أم ستخرج منه، تبحث عن شيء مجهول.
“سأذهب في رحلة مع سارة الأسبوع القادم، نريد أن نأخذ قسطًا من الراحة بعيدًا عن كل شيء.” قالت مريم بصوتٍ هادئ، كما لو كانت تخبره عن تفاصيل يومية لا تعني له شيئًا.
لكنها كانت تدرك في أعماقها أن كلماتها كانت أكثر من مجرد إعلان لرحلة قصيرة. كانت بداية لتغيير عميق، لحظة فاصلة بين حياتين.
عمر لم يرفع عينيه عن الصحيفة. كان يقرأ كما يفعل دائمًا، في تلك الطريقة التي لا تعكس أي اهتمام بمحيطه. “حسنًا، لا بأس.”
كانت إجابته قصيرة، باردة، كما اعتاد أن يكون. كان يبدو غير مكترث، وكأن الأمر لا يستحق أكثر من مجرد كلمة عابرة. هذا كان هو، وهكذا كان يراها دائمًا؛ امرأة تسعى للراحة والتسلية، بينما هو يبقى في مكانه، حيث النظام والاستقرار، لا يكترث بتغيير التفاصيل الصغيرة.
ولكن مريم شعرت بشيء آخر في أعماقها. كان في كلماتها نوع من التمرد على الحياة التي كانت تجلس فيها. إنها ليست مجرد نزهة مع صديقتها، بل هي خطوة نحو المستقبل الذي لم تجرؤ على تخيله من قبل. كانت تفكر في خالد، في اللقاءات التي كانت تنمو ببطء لكنها كانت تزداد قوة كلما اقتربت منه.
سارة، صديقتها المقربة، كانت مجرد غطاء. لن تذهب بمفردها، وستحتاج إلى دعمها في هذه الرحلة التي ستكون بالنسبة لها أكثر من مجرد تغيير في المكان.
كانت مريم تعرف أنها بحاجة لتلك اللحظات بعيدًا عن عالمها القديم لتتخلص من مشاعرها المتخبطة.
مرّت لحظات من الصمت الثقيل.
مريم شعرت برغبة شديدة في التخلص من هذا التوتر، لهذا الاستمرار في الحياة التي لا تنتهي إلا بحائطٍ لا يمكن تجاوزه.
فاجأها شعور بأنها ستكون خفيفة، حرة، بل ومتحررة من قيودٍ كانت قد اعتادت عليها.
“هل كل شيء على ما يرام؟”
سألها عمر أخيرًا، وهو يرفع رأسه عن الصحيفة ويحدق بها.
لم يكن السؤال يعبر عن قلق حقيقي، بل كان نوعًا من التهكم المعتاد. كانت نظراته تظهر كما لو أنه ينظر إلى شخص آخر لا يهتم بما يحدث حوله.
“نعم، كل شيء على ما يرام.”
أجابت مريم، لكن كلماتها كانت تكتسب طابعًا غريبًا.
كانت تعرف أنها تكذب، لكنها لم تستطع قول الحقيقة له.
عندما غادرت المنزل في اليوم التالي، كانت تشعر بثقلٍ في قلبها، وبنفس الوقت، كانت تأمل أن تعثر في هذه الرحلة على إجابات. كانت مريم تتحرك في عالم جديد، وعقلها مشغولٌ بكلمات خالد التي ظلّت تتردد في رأسها، تلك الكلمات التي جعلتها تشعر بشيءٍ لم تكن لتشعر به أبدًا مع عمر.
بينما كانت تستعد للقاء خالد في ألمانيا، أدركت أنها لا تهرب من عمر فقط، بل تهرب من حياتها بأكملها، من حياتها التي كانت محاصرة بين الجدران التي وضعتها حول نفسها. كانت تسافر كي تجد نفسها، كي تتأكد مما إذا كانت تستحق أكثر من هذه الحياة.
ومع بداية رحلتها، بدأ كل شيء في التغير
نهاية (الفصل الثاني)
اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : نهاية تشبه البداية - الفصل الثاني
|
المصدر : قصص من ابداع الاعضاء