مِيرِيَام
قيثارة الأدب
معايدة ال الغابة
إلى حروف العيد
اجتمعنا جميعًا في قَدَرٍ واحد،
بصلٌ وشحمٌ، وتحريكٌ مستمرّ حتى يتكرمل،
طماطمٌ حمراء خجولة،
ذَرَّت نفسها في سبيلِ الحُب،
جزرٌ مبشور، والتحريك بهدوء،
دقائق معدودة… ويأتي اللحم،
واثقًا، متماسكًا، يُلقي بنفسه وسط المشهد،
كأنه بطل الرواية… بلا حاجةٍ إلى مقدمة.
ثم تبدأ طقوس البهارات:
الكمون يتسلل خفيفًا كحبيبٍ سابقٍ يظن أنه ما زال مرغوبًا،
الكركم يتفاخر بلونه، يوزّع الذهَب كما يشاء،
الفلفل الأسود؟ ذاك الساخر الأبدي… لا يُفوّت فرصة لإثارة الدموع،
الزنجبيل يزور بسرعة… يترك أثره ثم يختفي،
والقرفة تدخل بثوب شرقي مطرّز بالحكمة والأنوثة،
أما الكاري؟
فدخوله كدخول شخصية درامية،
يُقلب المشهد كله… ثم يبتسم بانتصار.
نَكتم،
نُخفض النار ونَضغط القَدر لمدّةٍ معلومة،
نُحكم الإغلاق كما نُحكم كتمان مشاعرنا،
وندع الحُب ينضج على مهلٍ داخلي،
حتى يسكن الغليان،
ويصير كل ما فينا قابلًا للتقديم.
ثم يأتي الأرز…
يا الله، ما أجمله!
كأنه عريسٌ في ليلة زفافه،
أبيض، نقيّ، متأنقٌ بخجلٍ فاخر،
يتدلّى في الطبقِ كمن ينتظر المباركة،
كلّ حبّةٍ فيه واقفة، شامخة،
تُشبه الذين تعلّموا ألا يذوبوا إلا في الوقت المناسب.
ويأتي فحمُنا… مِسكُ الختام،
تبخَّر لا ليُنهي فقط،
بل ليُعطّر اللحظة الأخيرة بعطرٍ لا يُنسى،
يحترق، ليُعلن:
"لقد اكتملت القصة… بالنار، والنكهة، وبقليلٍ من الحنين."
وفي النهاية،
لا أحد يتذكر كم بصلًا بَكيت،
ولا كم جزرًا بَشرت،
الكل يتذكر الرائحة…
ونكهة الحب… إن نضج.


وكل عامٍ وأنتم بخير، وصحة وسلامة…
يا من تمتلئ أرواحكم طيبًا،
عيدُ الأضحى حلّ،
فاغسلوا الحزن بالتكبير،
وعطّروا قلوبكم بالتسامح،
وتذكّروا أن أجمل الأطباق…
هي تلك التي طُبخت بحبّ،
وأجمل الأعياد…
هي تلك التي نشاركها مع من نحب.
عيدكم مبارك،
وتقبل الله منكم،
وجعل أفراحكم لا تنضب.
دامت افراح الغابة
تحياتي للجميع ميريام الحربي
اسم الموضوع : معايدة ال الغابة
|
المصدر : قسم المناسبات والتهاني