تواصل معنا

في اقصى الشمال حيث يذوب الضوء في جليد ابدي وحيث تتنفس الجبال بصمت عتيق ولد... الشكيم الذئب الثلجي هو لا يشبه احدا من سلالات الغابة ولا من ابناء الريح...

الإكليل*

سيد الحبر الصامت ومؤرخ للمشاعر
إنضم
9 أغسطس 2022
المشاركات
21,932
مستوى التفاعل
15,658
مجموع اﻻوسمة
20
عرش الثلج وصمت الهيبة
في اقصى الشمال
حيث يذوب الضوء في جليد ابدي
وحيث تتنفس الجبال بصمت عتيق
ولد... الشكيم
الذئب الثلجي
هو لا يشبه احدا من سلالات الغابة
ولا من ابناء الريح
كان بياضه يلمع كأنه من نسج الغيم
عيناه تشبهان حدود الصواعق
حينما تغضب
يسير وحده منذ البدء
لم يكن يبحث عن قطيع ولا عن انثى
ولا عن مأوى
كأنه يعرف ان من تخمر بالثلج
لا يمكنه ان يحتمي الا بناره الداخلية
كان يشم رائحة العاصفة قبل ان تولد ويستمع لأنين الغابة
كأنها حكاية قديمة خطت له وحده
وذات موسم قاس جاعت الذئاب السود
في الغابة
تاهت الفرائس وضاقت الارض
وامتلأت الكهوف بالهياج
فقادتهم شهوة البقاء
نحو الجليد نحو ارض الشكيم
الذي لا يذكر الا همسا
رأوه واقفا عند حافة الجرف
كأنه حارس الفصول
لا يتكلم لا يزمجر فقط
ينظر اليهم
نظرة واحدة
جعلت الثلج يتوقف عن الذوبان
والريح تتلعثم
كانت الهيبة لا تحتاج الى صوت
كانت العدالة تتجسد في ملامحه
كأنها قانون ازلي
اقترب منه اكبر الذئاب
واطلق عواءه متحديا
فلم يتحرك الشكيم
حتى اذا انكسر الصدى بين الصخور تقدم بخطوة واحدة
خطوة كافية
ليعرف القطيع
ان هذا الجبل ليس ارضا بل هيبة
لم يقتل احدا لم يجرح احدا
لكنه ترك في اعماقهم علامة
علامة تقول ان السيادة
ليست نزاعة انياب
بل سكينة من يعرف نفسه
مرت الاعوام كأنها تنحني امام عمره
شاخ الجسد
لكن صوته ظل كما كان
حين يعوي
كان الليل يتسع له
وحين يسير
كانت الثلوج تفسح الطريق
وفي ليل بعيد
حين انفجرت العاصفة الكبرى
خرج الشكيم
وحيدا
لم يكن هاربا ولا راجعا
كان ذاهبا الى ما بعد الحكاية
يقول من سمعه اخر مرة
ان الجليد اضاء من تحته
وان الرياح انحنت كأنها تودع معلما
ومنذ تلك الليلة
كلما تساقط الثلج على الغابة
رفعت الذئاب رؤوسها نحو الشمال
تسمع في الصمت همسا قديما يقول

من ولد من الثلج
لا يذوب ومن عاش للهيبة لا يفنى
 
التعديل الأخير:

الإكليل*

سيد الحبر الصامت ومؤرخ للمشاعر
إنضم
9 أغسطس 2022
المشاركات
21,932
مستوى التفاعل
15,658
مجموع اﻻوسمة
20
عرش الثلج وصمت الهيبة
بعد رحيل الشكيم
سكنت الغابة دهرا من الصمت
كأنها تستمع لغيابه
الذئاب تمشي بحذر
لا تعرف لمن تعوي
ولا متى تصمت
الجليد نفسه ينتظر اشارة من روحه البعيدة
ومع توالي المواسم ولدت اجيال
لم تره
هي سمعت عنه
بين الريح
اسمه يمر همسا في العواء
الذاكرة تخاف ان تصرح به علنا
بعضهم يقول
انه يسكن في عيون الذئاب
التي تعرف العدل
وفي ليلة غريبة تجمعت الذئاب
حول الوادي المائل
والقمر نصفه غائب
ونصفه يشبه عيناه القديمة
فجأة سرت في الهواء رجفة
تشبه صوته القديم
لكنها لم تكن عواء
بل نداء صامت يدعوهم الى السكون
تقدمت الذئاب الصغيرة نحو الجليد
كأنها تعرف الطريق
وجدت اثر مخلب محفور في الصخر
لا يذوب مع الزمن
لا تغطيه الثلوج
وقفوا حوله صامتين
كأنهم عند عهد قديم
كتب قبل ان تولد الغابة
ومن تلك الليلة تغيرت الارض
لم تعد الذئاب تهاجم بعضها
لم تعد العيون تلمع من الغضب
بل اتسعت كما لو ان فيها صبرا
من نوع اخر
صاروا يتعلمون الصيد بلا طمع
والحرب بلا غدر والقيادة بلا صياح
وقيل ان في اعلى القمم
حيث لا تصل الرياح
ظهر ظل يشبه الشكيم
يسير فوق الثلج
لا يترك اثرا
يميل برأسه نحو الغابة
كلما سمع عواءا عادلا
يبتسم ثم يختفي في البياض
ومنذ ذلك الحين
صار اسم الشكيم مرآة بين الذئاب
من نطق به نظر في نفسه اولا
ومن حاول ان يقلده ادرك ان الهيبة
لا تورث
وان النقاء لا يقاد
بل يولد مع الصمت
وفي كل عاصفة
حين تختلط الريح بالثلوج
يسمع من بعيد عواء واحد طويل
لا يشبه احدا
فيقال هناك مر الشكيم
وهو يعسعس بالغابة
من حيث لا يرونه
ويعود الى سكونه الابدي 🙂
 
التعديل الأخير:
Comment

A.M.A.H

مشرف اقسام الشعر
الاشراف
إنضم
10 أغسطس 2021
المشاركات
3,099
مستوى التفاعل
1,260
مجموع اﻻوسمة
5
عرش الثلج وصمت الهيبة
في اقصى الشمال
حيث يذوب الضوء في جليد ابدي
وحيث تتنفس الجبال بصمت عتيق
ولد... الشكيم
الذئب الثلجي
هو لا يشبه احدا من سلالات الغابة
ولا من ابناء الريح
كان بياضه يلمع كأنه من نسج الغيم
عيناه تشبهان حدود الصواعق
حينما تغضب
يسير وحده منذ البدء
لم يكن يبحث عن قطيع ولا عن انثى
ولا عن مأوى
كأنه يعرف ان من تخمر بالثلج
لا يمكنه ان يحتمي الا بناره الداخلية
كان يشم رائحة العاصفة قبل ان تولد ويستمع لأنين الغابة
كأنها حكاية قديمة خطت له وحده
وذات موسم قاس جاعت الذئاب السود
في الغابة
تاهت الفرائس وضاقت الارض
وامتلأت الكهوف بالهياج
فقادتهم شهوة البقاء
نحو الجليد نحو ارض الشكيم
الذي لا يذكر الا همسا
رأوه واقفا عند حافة الجرف
كأنه حارس الفصول
لا يتكلم لا يزمجر فقط
ينظر اليهم
نظرة واحدة
جعلت الثلج يتوقف عن الذوبان
والريح تتلعثم
كانت الهيبة لا تحتاج الى صوت
كانت العدالة تتجسد في ملامحه
كأنها قانون ازلي
اقترب منه اكبر الذئاب
واطلق عواءه متحديا
فلم يتحرك الشكيم
حتى اذا انكسر الصدى بين الصخور تقدم بخطوة واحدة
خطوة كافية
ليعرف القطيع
ان هذا الجبل ليس ارضا بل هيبة
لم يقتل احدا لم يجرح احدا
لكنه ترك في اعماقهم علامة
علامة تقول ان السيادة
ليست نزاعة انياب
بل سكينة من يعرف نفسه
مرت الاعوام كأنها تنحني امام عمره
شاخ الجسد
لكن صوته ظل كما كان
حين يعوي
كان الليل يتسع له
وحين يسير
كانت الثلوج تفسح الطريق
وفي ليل بعيد
حين انفجرت العاصفة الكبرى
خرج الشكيم
وحيدا
لم يكن هاربا ولا راجعا
كان ذاهبا الى ما بعد الحكاية
يقول من سمعه اخر مرة
ان الجليد اضاء من تحته
وان الرياح انحنت كأنها تودع معلما
ومنذ تلك الليلة
كلما تساقط الثلج على الغابة
رفعت الذئاب رؤوسها نحو الشمال
تسمع في الصمت همسا قديما يقول

من ولد من الثلج
لا يذوب ومن عاش للهيبة لا يفنى
"الشكيم" في عمقه ليس مخلوقًا طبيعيًا، بل رمزٌ للإنسان النادر الذي لا يتكئ على قطيع، ولا يتكفف الدفء من الخارج، بل يشعل ناره من داخله.
كل سطرٍ فيه يُعلن أن البقاء الحقيقي ليس في القوة المادية، بل في اتزان الهيبة، في تلك السكينة التي لا تُفسَّر ولا تُستعار.

عندما وقفت الذئاب السود أمامه، لم يكن الصراع بين أنياب ودم، بل بين السطح والجوهر، بين من يريد أن يُثبت وجوده بالصوت، ومن يكتفي بأن يكون الوجود ذاته.
هي لحظة فلسفية تُعرّي معنى السيادة: أن تكون سيد نفسك، لا سيد الآخرين.

أما نهايته، فهي انصهار الأسطورة في المطلق. حين "أضاء الجليد من تحته"، كأن الكون اعترف بأن هذا الكائن لم يكن ضيفًا على المكان، بل جزءًا من نسيجه.
فالهيبة — كما قلت — ليست نداءً يُسمع، بل صمتٌ يُتبع.
ومن يولد من الثلج ولا يذوب، هو من عرف أن النقاء الأقصى لا يفسده الزمن، بل يبرّده ليبقى خالدًا في ذاكرة الريح.

ولي عوده عندما تسنح الفرصه الإكليل* @الإكليل*
 
Comment

كاسيوبيا

غــــــــجريــة المجـــــــــرة
مستشار الادارة
إنضم
14 أبريل 2023
المشاركات
60,866
مستوى التفاعل
69,759
الإقامة
مجرة أندروميدا
مجموع اﻻوسمة
30
عرش الثلج وصمت الهيبة
_


أكيد لي عودة
كقراءة مبدئية جميلة☘️
 
Comment

المواضيع المتشابهة

sitemap      sitemap

أعلى