موسيقار الكلمة
نــزاري الحــرف
-
- إنضم
- 26 أغسطس 2024
-
- المشاركات
- 737
-
- مستوى التفاعل
- 4,941
- مجموع اﻻوسمة
- 4
نصفُ ظنّ
---

في اللحظة التالية،
تلاشت حدود الزجاج،
ودخل الضوء في الضوء،
والظلّ في الظلّ،
ولم يبقَ في المكان سوى فراغٍ مضيءٍ يشبه الطمأنينة.
وفي الصباح، وجد الناس في الممرّ مرآةً مكسورة،
وعلى حافتها جملة بخطٍّ مجهول :
---
موسيقار الكلمة

منذ رحيلها، صار آدم
يشكّ حتى في ضوء الصباح؛
أيكون النهار حقًّا نهارًا، أم نصفَ ظنٍّ بالضياء؟
لم يعد يعرف أين ينتهي الواقع
وأين يبدأ الوهم،
كلّ ما حوله بدا وكأنه يعكس شيئًا مفقودًا فيه.
في صباحٍ بارد، وصلته رسالة من رقمٍ مجهول :
ابتسم ظانًّا أنها مزحة،
لكن شيئًا في داخله ارتجف، كما لو أن الكلمات تعرفه أكثر مما يعرف نفسه.
في المساء، خرج يمشي على غير هدى،
فمرّ بزقاقٍ ضيّقٍ لم يلحظه من قبل.
هناك، رأى عجوزًا يقف أمام مرآةٍ ضخمةٍ موضوعةٍ على الرصيف.
اقترب وسأله:
– لماذا المرآة هنا؟
قال العجوز، بعينين تعرف أكثر مما تقول:
– لأرى نفسي حين تغيب عني.
نظر آدم في المرآة، فرأى نصف وجهه فقط،
أما النصف الآخر فبقي غائمًا كفكرةٍ لم تولد بعد.
قال العجوز :
– المرآة لا تُريك ما أنت عليه، بل ما تظنه فيك.
ترددت الكلمات في داخله كنداءٍ بعيد.
ولمّا رفع رأسه، كان العجوز قد اختفى،
وبقي الزجاج وحيدًا يلتقط ظله كصدى غير مكتمل.
عاد إلى بيته مضطربًا،
فوجد على مكتبه ورقةً لم يضعها أحد، كُتب عليها بخطّه نفسه:
في تلك الليلة، حلم بأنه يسير في ممرٍّ من مرايا،
كلّ واحدةٍ تُعيد وجهه إليه بنقصٍ مختلف،
واحدةٌ بلا عين، وأخرى بلا فم، وثالثةٌ بلا ظلّ.
وحين وصل إلى آخر الممرّ، وجد نفسه وجهًا كاملًا… لكن بلا ملامح.
استيقظ والبرد يسري في عروقه.
خرج إلى الشرفة، فرأى المرآة نفسها عند باب البيت، تلمع تحت المطر.
اقترب منها ببطء،
فرأى نصفه الآخر يقف مقابله، يبتسم بطمأنينةٍ لم يعرفها يومًا.
مدّ يده نحو الزجاج، فامتدّ نحوه ظلّه من الداخل،
وقال بصوتٍ يشبهه ولا يشبهه :
يشكّ حتى في ضوء الصباح؛
أيكون النهار حقًّا نهارًا، أم نصفَ ظنٍّ بالضياء؟
لم يعد يعرف أين ينتهي الواقع
وأين يبدأ الوهم،
كلّ ما حوله بدا وكأنه يعكس شيئًا مفقودًا فيه.
في صباحٍ بارد، وصلته رسالة من رقمٍ مجهول :
"ما تبحث عنه لا يختبئ، إنه يراك من الجهة الأخرى."
ابتسم ظانًّا أنها مزحة،
لكن شيئًا في داخله ارتجف، كما لو أن الكلمات تعرفه أكثر مما يعرف نفسه.
في المساء، خرج يمشي على غير هدى،
فمرّ بزقاقٍ ضيّقٍ لم يلحظه من قبل.
هناك، رأى عجوزًا يقف أمام مرآةٍ ضخمةٍ موضوعةٍ على الرصيف.
اقترب وسأله:
– لماذا المرآة هنا؟
قال العجوز، بعينين تعرف أكثر مما تقول:
– لأرى نفسي حين تغيب عني.
نظر آدم في المرآة، فرأى نصف وجهه فقط،
أما النصف الآخر فبقي غائمًا كفكرةٍ لم تولد بعد.
قال العجوز :
– المرآة لا تُريك ما أنت عليه، بل ما تظنه فيك.
ترددت الكلمات في داخله كنداءٍ بعيد.
ولمّا رفع رأسه، كان العجوز قد اختفى،
وبقي الزجاج وحيدًا يلتقط ظله كصدى غير مكتمل.
عاد إلى بيته مضطربًا،
فوجد على مكتبه ورقةً لم يضعها أحد، كُتب عليها بخطّه نفسه:
"حين تظن أنك عرفت، تكون قد ابتعدت عن المعرفة نصف خطوة."
في تلك الليلة، حلم بأنه يسير في ممرٍّ من مرايا،
كلّ واحدةٍ تُعيد وجهه إليه بنقصٍ مختلف،
واحدةٌ بلا عين، وأخرى بلا فم، وثالثةٌ بلا ظلّ.
وحين وصل إلى آخر الممرّ، وجد نفسه وجهًا كاملًا… لكن بلا ملامح.
استيقظ والبرد يسري في عروقه.
خرج إلى الشرفة، فرأى المرآة نفسها عند باب البيت، تلمع تحت المطر.
اقترب منها ببطء،
فرأى نصفه الآخر يقف مقابله، يبتسم بطمأنينةٍ لم يعرفها يومًا.
مدّ يده نحو الزجاج، فامتدّ نحوه ظلّه من الداخل،
وقال بصوتٍ يشبهه ولا يشبهه :
"أنا نصف ظنّك، وأنت نصف وهمي. حين نلتقي، لا يبقى شيءٌ سوى الحقيقة التي تخاف أن تراها."
في اللحظة التالية،
تلاشت حدود الزجاج،
ودخل الضوء في الضوء،
والظلّ في الظلّ،
ولم يبقَ في المكان سوى فراغٍ مضيءٍ يشبه الطمأنينة.
وفي الصباح، وجد الناس في الممرّ مرآةً مكسورة،
وعلى حافتها جملة بخطٍّ مجهول :
"الكمال... هو النصف الذي لا نراه."
---
موسيقار الكلمة
اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : نصفُ ظنّ
|
المصدر : قصص من ابداع الاعضاء

