تواصل معنا

--- منذ رحيلها، صار آدم يشكّ حتى في ضوء الصباح؛ أيكون النهار حقًّا نهارًا، أم نصفَ ظنٍّ بالضياء؟ لم يعد يعرف أين ينتهي الواقع وأين يبدأ الوهم، كلّ ما...

موسيقار الكلمة

نــزاري الحــرف
إنضم
26 أغسطس 2024
المشاركات
737
مستوى التفاعل
4,941
مجموع اﻻوسمة
4
نصفُ ظنّ

---

image_1761861314526.jpeg


منذ رحيلها، صار آدم
يشكّ حتى في ضوء الصباح؛
أيكون النهار حقًّا نهارًا، أم نصفَ ظنٍّ بالضياء؟
لم يعد يعرف أين ينتهي الواقع
وأين يبدأ الوهم،
كلّ ما حوله بدا وكأنه يعكس شيئًا مفقودًا فيه.

في صباحٍ بارد، وصلته رسالة من رقمٍ مجهول :

"ما تبحث عنه لا يختبئ، إنه يراك من الجهة الأخرى."



ابتسم ظانًّا أنها مزحة،
لكن شيئًا في داخله ارتجف، كما لو أن الكلمات تعرفه أكثر مما يعرف نفسه.

في المساء، خرج يمشي على غير هدى،
فمرّ بزقاقٍ ضيّقٍ لم يلحظه من قبل.
هناك، رأى عجوزًا يقف أمام مرآةٍ ضخمةٍ موضوعةٍ على الرصيف.

اقترب وسأله:
– لماذا المرآة هنا؟

قال العجوز، بعينين تعرف أكثر مما تقول:
– لأرى نفسي حين تغيب عني.

نظر آدم في المرآة، فرأى نصف وجهه فقط،
أما النصف الآخر فبقي غائمًا كفكرةٍ لم تولد بعد.

قال العجوز :
– المرآة لا تُريك ما أنت عليه، بل ما تظنه فيك.

ترددت الكلمات في داخله كنداءٍ بعيد.
ولمّا رفع رأسه، كان العجوز قد اختفى،
وبقي الزجاج وحيدًا يلتقط ظله كصدى غير مكتمل.

عاد إلى بيته مضطربًا،
فوجد على مكتبه ورقةً لم يضعها أحد، كُتب عليها بخطّه نفسه:

"حين تظن أنك عرفت، تكون قد ابتعدت عن المعرفة نصف خطوة."



في تلك الليلة، حلم بأنه يسير في ممرٍّ من مرايا،
كلّ واحدةٍ تُعيد وجهه إليه بنقصٍ مختلف،
واحدةٌ بلا عين، وأخرى بلا فم، وثالثةٌ بلا ظلّ.
وحين وصل إلى آخر الممرّ، وجد نفسه وجهًا كاملًا… لكن بلا ملامح.

استيقظ والبرد يسري في عروقه.
خرج إلى الشرفة، فرأى المرآة نفسها عند باب البيت، تلمع تحت المطر.
اقترب منها ببطء،
فرأى نصفه الآخر يقف مقابله، يبتسم بطمأنينةٍ لم يعرفها يومًا.

مدّ يده نحو الزجاج، فامتدّ نحوه ظلّه من الداخل،
وقال بصوتٍ يشبهه ولا يشبهه :

"أنا نصف ظنّك، وأنت نصف وهمي. حين نلتقي، لا يبقى شيءٌ سوى الحقيقة التي تخاف أن تراها."





في اللحظة التالية،
تلاشت حدود الزجاج،
ودخل الضوء في الضوء،
والظلّ في الظلّ،
ولم يبقَ في المكان سوى فراغٍ مضيءٍ يشبه الطمأنينة.


وفي الصباح، وجد الناس في الممرّ مرآةً مكسورة،
وعلى حافتها جملة بخطٍّ مجهول :

"الكمال... هو النصف الذي لا نراه."




---






موسيقار الكلمة
 
اسم الموضوع : نصفُ ظنّ | المصدر : قصص من ابداع الاعضاء

مــاجــد 💯

نجوم المنتدي
إنضم
24 مايو 2025
المشاركات
1,366
مستوى التفاعل
1,328
مجموع اﻻوسمة
1
نصفُ ظنّ
السرد في قمة التميز
العبارات ذهبية المعنى
الحبكة فائقة الروعة

بحق عزفت على وتر الوجدان
أيها الموسيقار البارع
عزفت بإتقان رائع

جل تحايا الإعجاب
 
Comment

ندى الورد

ســيـــدة الـقـــصــر
المدير العام
إنضم
17 مايو 2021
المشاركات
131,298
مستوى التفاعل
99,598
الإقامة
من المدينة المنورة
مجموع اﻻوسمة
36
نصفُ ظنّ
نصك مليئ بجمال السرد
ولغتك وطرحك للاحداث
تشددالقارئ

شكرًا لك على هذه الرحلة بين الضوء والظل، بين

الواقع والوهم، على الكلمات التي تكشف

أعماق النفس وتفتح أبواب التأمل. شكرًا للمرآة

التي جعلتنا نرى نصفنا المفقود، وللضوء الذي

يترك أثره حتى بعد الغياب


حبيت القصة كل التقدير الك

موسيقار الكلمة

فتنة العصر
A.M.A.H

الجوري
 
Comment

A.M.A.H

مشرف اقسام الشعر
الاشراف
إنضم
10 أغسطس 2021
المشاركات
7,208
مستوى التفاعل
1,510
مجموع اﻻوسمة
5
نصفُ ظنّ
مرآةٌ سرديّةٌ معلّقةٌ بين الغيب واليقين…
قصتك ليست عن "آدم" وحده، بل عن الإنسان حين يفقد انعكاسه الداخلي، فيغدو العالم من حوله مرآةً تتشظّى بصمته.

ثمة دهشة تندسّ بين السطور؛ دهشةُ من يكتشف أن الحقيقة لا تُرى بالعين، بل تُحَسّ حين يلامس الظلّ ظلَّه.
العجوز لم يكن سوى صوت الوعي القديم، ذاك الذي يعرف أن الرؤية خدعة، وأن المرايا لا تُخبرنا من نحن، بل ماذا نظن أننا لسنا.

كلّ تفصيلٍ في القصة كان انعكاسًا لرحلةٍ إلى الداخل:
الرسالة الغامضة هي البذرة، الزقاق هو المعبر، والمرآة هي الطقس المقدّس الذي يُعيد تشكيل الذات من كسورها.
وعندما تلاشى الزجاج في النهاية، لم يكن الفناء موتًا، بل اكتمالًا…
فالكمال، كما تقول الجملة الأخيرة، ليس ما نراه، بل ما نغفل عنه داخلنا حين ننشغل بصورةٍ ناقصةٍ في الخارج.

لقد نسجتَ نصًّا يقترب من صوفية الرؤية، كأنك تكتب عن الإنسان وهو يتطهّر من وهم الوجود المادي ليبلغ شفافية النور.
هو نصّ تأملي، متماوج بين الميتافيزيقي والإنساني، حيث يغدو كلّ شيءٍ مرآةً للعقل والروح والعدم.

لو أردت أن أختصره في عبارةٍ واحدة، لقلت:
إنها قصة عن اللحظة التي يرى فيها الإنسان نفسه، فيغيب عنها تمامًا.
 
Comment

زهرة

نــزاري الحــرف
إنضم
19 مارس 2024
المشاركات
2,386
مستوى التفاعل
10,148
مجموع اﻻوسمة
4
نصفُ ظنّ
أجدت أستاذ النغم
ما أروع طرحك
وما أبدع مضمون
فرصتك,.

كنت هنا تمازج الروعة
مع سطورك


المتألق موسيقار الكلمة
من تألق إلى المزيد
حرفكٓ جداً فريد.
 
Comment

أحمد الزين

نجوم المنتدي
إنضم
18 نوفمبر 2024
المشاركات
5,717
مستوى التفاعل
4,001
مجموع اﻻوسمة
2
نصفُ ظنّ
ومن الفنون العالية
والسرد البارع المعبر
أن تكون أنت عازفها

أيها الموسيقار المبدع موسيقار الكلمة

روعتك تجلت هنا
بجمال مرتفع النبض


لله درك
 
Comment

روح أنثى

ملكة الحلا
إنضم
29 ديسمبر 2023
المشاركات
4,105
مستوى التفاعل
12,171
مجموع اﻻوسمة
7
نصفُ ظنّ
قصة مميزة جداً
كأنها تروى
من داخل الوجدان
الروعة تسكنها
والإبداع يتكون
في كل مكان

موسيقارنا المبدع موسيقار الكلمة
ما أروع السرد المعبر واللغة المتقنة
والعبارات المضئية وجداً وكيانا

دمت ودام إبداعك
 
Comment
إنضم
26 أغسطس 2024
المشاركات
1,997
مستوى التفاعل
7,083
مجموع اﻻوسمة
1
نصفُ ظنّ
كأنك كتبت القصة على حافة مرآة، نصفها يعكس القلب، والنصف الآخر يشكك فيه. ردّي سيكون مرآة أخرى، تكشف ما وراء الظن

أيها البالغ عنان الأفق
في السرد الإبداعي
المتألق موسيقار الكلمة


في قصتك لا أحد بريء تمامًا
ولا يثق تمامًا
الظلال تتكلم
والصمت يصرخ
والنهاية ليست خاتمة،
بل بداية أخرى للتيه الجميل.


أحييك على هذا النبض الذي لا يشبه إلاك
وعلى الجرأة في ترك القارئ
معلقًا بين الظن واليقين،
فالقصة المميزة لا تُقرأ فقط إنما تُعاش.
 
Comment

تراتيل حرف

ملائكية حرف
إنضم
5 يونيو 2022
المشاركات
10,556
مستوى التفاعل
19,426
مجموع اﻻوسمة
8
نصفُ ظنّ
ما هذا الجمال الغامض؟
كأنك تكتب عن الإنسان حين يضيع بين مرآتين:
مرآة الوعي، ومرآة الوجع.
القصة تنبض بالفلسفة،
وتتسلل إلى أعماق السؤال عن الذات،
حتى لا نعرف إن كنّا نقرأ حكاية أم نقرأ أنفسنا فيها.
لغة مشبعة بالرموز،
ونهاية تترك القارئ معلّقًا بين الضوء والظلّ،
بين الإدراك والوهم.
حقًا… "الكمال هو النصف الذي لا نراه"
جملة تختصر رحلة الوجود كلّها.


شكرًا لك مبدعنا موسيقار الكلمة
على هذا النصّ البديع،
الذي جعلنا نطلّ على أعماقٍ
لا تُرى إلا بعين القلب.🌷
 
Comment

موسيقار الكلمة

نــزاري الحــرف
إنضم
26 أغسطس 2024
المشاركات
737
مستوى التفاعل
4,941
مجموع اﻻوسمة
4
نصفُ ظنّ
السرد في قمة التميز
العبارات ذهبية المعنى
الحبكة فائقة الروعة

بحق عزفت على وتر الوجدان
أيها الموسيقار البارع
عزفت بإتقان رائع

جل تحايا الإعجاب

مرورك الفريد
يسعد القلب ويزيد

خالص الشكر
و
بالغ التقدير
 
Comment

موسيقار الكلمة

نــزاري الحــرف
إنضم
26 أغسطس 2024
المشاركات
737
مستوى التفاعل
4,941
مجموع اﻻوسمة
4
نصفُ ظنّ
نصك مليئ بجمال السرد
ولغتك وطرحك للاحداث
تشددالقارئ

شكرًا لك على هذه الرحلة بين الضوء والظل، بين

الواقع والوهم، على الكلمات التي تكشف

أعماق النفس وتفتح أبواب التأمل. شكرًا للمرآة

التي جعلتنا نرى نصفنا المفقود، وللضوء الذي

يترك أثره حتى بعد الغياب


حبيت القصة كل التقدير الك

موسيقار الكلمة

فتنة العصر
A.M.A.H

الجوري


وعيني كذلك أحبت مروركِ جداً

أنرتي يا أحلى ندى
 
Comment

موسيقار الكلمة

نــزاري الحــرف
إنضم
26 أغسطس 2024
المشاركات
737
مستوى التفاعل
4,941
مجموع اﻻوسمة
4
نصفُ ظنّ
مرآةٌ سرديّةٌ معلّقةٌ بين الغيب واليقين…
قصتك ليست عن "آدم" وحده، بل عن الإنسان حين يفقد انعكاسه الداخلي، فيغدو العالم من حوله مرآةً تتشظّى بصمته.

ثمة دهشة تندسّ بين السطور؛ دهشةُ من يكتشف أن الحقيقة لا تُرى بالعين، بل تُحَسّ حين يلامس الظلّ ظلَّه.
العجوز لم يكن سوى صوت الوعي القديم، ذاك الذي يعرف أن الرؤية خدعة، وأن المرايا لا تُخبرنا من نحن، بل ماذا نظن أننا لسنا.

كلّ تفصيلٍ في القصة كان انعكاسًا لرحلةٍ إلى الداخل:
الرسالة الغامضة هي البذرة، الزقاق هو المعبر، والمرآة هي الطقس المقدّس الذي يُعيد تشكيل الذات من كسورها.
وعندما تلاشى الزجاج في النهاية، لم يكن الفناء موتًا، بل اكتمالًا…
فالكمال، كما تقول الجملة الأخيرة، ليس ما نراه، بل ما نغفل عنه داخلنا حين ننشغل بصورةٍ ناقصةٍ في الخارج.

لقد نسجتَ نصًّا يقترب من صوفية الرؤية، كأنك تكتب عن الإنسان وهو يتطهّر من وهم الوجود المادي ليبلغ شفافية النور.
هو نصّ تأملي، متماوج بين الميتافيزيقي والإنساني، حيث يغدو كلّ شيءٍ مرآةً للعقل والروح والعدم.

لو أردت أن أختصره في عبارةٍ واحدة، لقلت:
إنها قصة عن اللحظة التي يرى فيها الإنسان نفسه، فيغيب عنها تمامًا.


حضورك أجمل من الوصف
شكراً يا سخي الحرف
 
Comment

موسيقار الكلمة

نــزاري الحــرف
إنضم
26 أغسطس 2024
المشاركات
737
مستوى التفاعل
4,941
مجموع اﻻوسمة
4
نصفُ ظنّ
أجدت أستاذ النغم
ما أروع طرحك
وما أبدع مضمون
فرصتك,.

كنت هنا تمازج الروعة
مع سطورك


المتألق موسيقار الكلمة
من تألق إلى المزيد
حرفكٓ جداً فريد.


من عمق فؤادي
أشكر هذا المرور
الذي الحسن له
في كل سطر ينادي,

ممتن جداً
 
Comment

تذكار

شمس الأدب
إنضم
1 أبريل 2024
المشاركات
2,388
مستوى التفاعل
8,842
الإقامة
الشارقة
مجموع اﻻوسمة
6
نصفُ ظنّ
حسبته ليس ظناً
بل حسبته يقيناً
يدركه المتمعن
بين السطور

وكأن القصة
من أنامل ظنها
رسمت ملامح اليقين


موسيقارنا الممتع موسيقار الكلمة
أتقنت في لغة التميز
وفي سرد جذاب مطرز
بإحساس أبداعك


دامت روعتك تثرينا
وتمنح العيون التشويق الكبير
 
Comment

موسيقار الكلمة

نــزاري الحــرف
إنضم
26 أغسطس 2024
المشاركات
737
مستوى التفاعل
4,941
مجموع اﻻوسمة
4
نصفُ ظنّ
ومن الفنون العالية
والسرد البارع المعبر
أن تكون أنت عازفها

أيها الموسيقار المبدع موسيقار الكلمة

روعتك تجلت هنا
بجمال مرتفع النبض


لله درك


يا صاحب الحضور الجميل
العابق المعطر

ألف شكر

مع إمتناني العظيم
 
Comment

موسيقار الكلمة

نــزاري الحــرف
إنضم
26 أغسطس 2024
المشاركات
737
مستوى التفاعل
4,941
مجموع اﻻوسمة
4
نصفُ ظنّ
قصة مميزة جداً
كأنها تروى
من داخل الوجدان
الروعة تسكنها
والإبداع يتكون
في كل مكان

موسيقارنا المبدع موسيقار الكلمة
ما أروع السرد المعبر واللغة المتقنة
والعبارات المضئية وجداً وكيانا

دمت ودام إبداعك

شكراً يا أيتها الروح
التي تشجع
وترفع همم الذوق


كامل الإمتنان بلا نقصان
 
Comment

موسيقار الكلمة

نــزاري الحــرف
إنضم
26 أغسطس 2024
المشاركات
737
مستوى التفاعل
4,941
مجموع اﻻوسمة
4
نصفُ ظنّ
كأنك كتبت القصة على حافة مرآة، نصفها يعكس القلب، والنصف الآخر يشكك فيه. ردّي سيكون مرآة أخرى، تكشف ما وراء الظن

أيها البالغ عنان الأفق
في السرد الإبداعي
المتألق موسيقار الكلمة


في قصتك لا أحد بريء تمامًا
ولا يثق تمامًا
الظلال تتكلم
والصمت يصرخ
والنهاية ليست خاتمة،
بل بداية أخرى للتيه الجميل.


أحييك على هذا النبض الذي لا يشبه إلاك
وعلى الجرأة في ترك القارئ
معلقًا بين الظن واليقين،
فالقصة المميزة لا تُقرأ فقط إنما تُعاش.

دام الحضور المتوهج على صفحاتي
دام النور المغنج يسعد كل حياتي


أيتها الفاتنة الساكنة مدن الإبداع والذوق
شكراً على هذا الشروق المرموق


ممتن جداً
 
Comment

sitemap      sitemap

الموقع التعليمي
أعلى