نهاية تشبه البداية - الفصل الثالث
اوفونبورغ، جنوب ألمانيا.
حطّت الطائرة في مطار ميونيخ وسط غيمٍ رمادي يتدلّى فوق المدينة كأنه ينذر بمطرٍ طويل.
لم يكن في الاستقبال أحد.
لا لافتة باسم مريم، ولا خالد، ولا حتى رسالة.
نظرت إلى سارة، ابتسمت الأخيرة وقالت:
“لا وقت للتوتر. كل شيء تحت السيطرة.”
كان الاتفاق بينهما واضحًا: خالد لا يظهر في العلن. وهما، أمام العيون، مجرد صديقتين في رحلة استجمام.
استقلّتا سيارة اوبر سوداء، تتسلّل من قلب ميونيخ إلى الجنوب، حيث تتلاشى المدن وتبدأ القرى.
سارت السيارة لأربع ساعات تقريبًا، على طرق رطبة تتلوى بين الغابات.
كلما اقتربتا من البلدة، زادت ملامح الغموض حولهما…
كأن الطريق يقودهما إلى مكان خارج الزمن.
بلدة “اوفونبورغ”، جنوب ألمانيا.
بلدة صغيرة تبتلعها الغابات من كل جانب،
الهواء مشبعٌ برائحة المطر والخشب القديم.
البيوت متقاربة، النوافذ مغلقة دائمًا، وكأن البلدة تعيش تحت قانون غير مكتوب:
“لا تسأل، لا تقترب، لا تبقَ بعد الغروب.”
توقفت السيارة أمام فندق قديم الطراز، أنيق وكأنه خارج من رواية غامضة.
أعمدة من الخشب الداكن، نوافذ عالية بستائر حريرية، وواجهة ترحب بك كما لو أنها تحفظ سرّك مسبقًا.
دخلا إلى البهو، واستقبلتهما موسيقى كلاسيكية خافتة.
سلّمهما موظف الاستقبال بطاقتي الغرفة بابتسامة باردة، وقال بلغة إنجليزية مُتقنة:
“الإفطار يبدأ من السابعة. الغابة خلف الفندق، لكنها ليست مخصصة للزوار.”
الغرفة 309.
نافذتها تطلّ على ظلال غابةٍ بدت أقرب إلى لوحة من زمنٍ آخر.
ألقت مريم حقيبتها، فتحت الستائر،
ثم بقيت واقفة أمام الزجاج…
كانت الأشجار ساكنة، لكنها ليست صامتة.
قالت سارة وهي ترتمي على السرير الفاخر:
“أشعر وكأننا في فيلم غموض…
ناقصنا صوت المطر وجرس قديم.”
لكن مريم لم تضحك.
كان بداخلها ارتباك لا اسم له.
مرّت الساعات ببطء…
وفي تمام التاسعة، وصل الإشعار.
خالد: “أنا في البلدة. غدًا نلتقي. كل شيء سيكون كما يجب.”
لكن شيئًا في الرسالة لم يكن كما يجب.
كانت قصيرة، باردة، لا تشبه لهفته في البداية.
والأغرب؟
أن قلبها… لم يفرح
نهاية الفصل الثالث
اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : نهاية تشبه البداية - الفصل الثالث
|
المصدر : قصص من ابداع الاعضاء