تواصل معنا

تفسير ابن كثير @@@@@@@ ( وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ...

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,541
مستوى التفاعل
10,726
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ ۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ) [فصلت : 50]
( ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي ) أي : إذا أصابه خير ورزق بعد ما كان في شدة ليقولن : هذا لي ، إني كنت أستحقه عند ربي.
( وما أظن الساعة قائمة ) أي : يكفر بقيام الساعة ، أي : لأجل أنه خول نعمة يفخر ، ويبطر ، ويكفر ، كما قال تعالى :
( كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى ) [ العلق : 6 ، 7 ] .

( ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى ) أي : ولئن كان ثم معاد فليحسنن إلي ربي ، كما أحسن إلي في هذه الدار ، يتمنى على الله ، عز وجل ، مع إساءته العمل وعدم اليقين . قال تعالى :
( فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ ) يتهدد تعالى من كان هذا عمله واعتقاده بالعقاب والنكال .

( وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ) [فصلت : 51]
ثم قال : ( وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه ) أي : أعرض عن الطاعة ، واستكبر عن الانقياد لأوامر الله ، عز وجل ، كقوله تعالى :
( فتولى بركنه ) [ الذاريات : 39 ] .

( وإذا مسه الشر ) أي : الشدة.
( فذو دعاء عريض ) أي : يطيل المسألة في الشيء الواحد فالكلام العريض : ما طال لفظه وقل معناه ، والوجيز : عكسه ، وهو : ما قل ودل . وقد قال تعالى :
( وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه ) [ يونس : 12 ] .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,541
مستوى التفاعل
10,726
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُم بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ) [فصلت : 52]

يقول تعالى : قل يا محمد لهؤلاء المشركين المكذبين بالقرآن : ( أرأيتم إن كان ) هذا القرآن
( من عند الله ثم كفرتم به ) أي : كيف ترون حالكم عند الذي أنزله على رسوله ؟
ولهذا قال : ( من أضل ممن هو في شقاق بعيد ) ؟ أي : في كفر وعناد ومشاقة للحق ، ومسلك بعيد من الهدى .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,541
مستوى التفاعل
10,726
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [فصلت : 53]

ثم قال : ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم ) أي : سنظهر لهم دلالاتنا وحججنا على كون القرآن حقا منزلا من عند الله ، عز وجل ، على رسوله - صلى الله عليه وسلم - بدلائل خارجية
( في الآفاق ) ، من الفتوحات وظهور الإسلام على الأقاليم وسائر الأديان .

قال مجاهد ، والحسن ، والسدي : ودلائل في أنفسهم ، قالوا : وقعة بدر ، وفتح مكة ، ونحو ذلك من الوقائع التي حلت بهم ، نصر الله فيها محمدا وصحبه ، وخذل فيها الباطل وحزبه .

ويحتمل أن يكون المراد من ذلك ما الإنسان مركب منه وفيه وعليه من المواد والأخلاط والهيئات العجيبة ، كما هو مبسوط في علم التشريح الدال على حكمة الصانع تبارك وتعالى .
وكذلك ما هو مجبول عليه من الأخلاق المتباينة ، من حسن وقبيح وبين ذلك ، وما هو متصرف فيه تحت الأقدار التي لا يقدر بحوله ، وقوته ، وحيله ، وحذره أن يجوزها ، ولا يتعداها ، كما أنشده ابن أبي الدنيا في كتابه " التفكر والاعتبار " ، عن شيخه أبي جعفر القرشي :

وإذا نظرت تريد معتبرا فانظر إليك ففيك معتبر أنت الذي يمسي ويصبح في

الدنيا وكل أموره عبر أنت المصرف كان في صغر

ثم استقل بشخصك الكبر أنت الذي تنعاه خلقته

ينعاه منه الشعر والبشر أنت الذي تعطى وتسلب لا

ينجيه من أن يسلب الحذر أنت الذي لا شيء منه له

وأحق منه بماله القدر

وقوله تعالى : ( حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ) ؟ أي : كفى بالله شهيدا على أفعال عباده وأقوالهم ، وهو يشهد أن محمدا صادق فيما أخبر به عنه ، كما قال :
( لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون ) [ النساء : 166 ] .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,541
مستوى التفاعل
10,726
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاءِ رَبِّهِمْ ۗ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ) [فصلت : 54]

وقوله : ( ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ) أي : في شك من قيام الساعة ; ولهذا لا يتفكرون فيه ، ولا يعملون له ، ولا يحذرون منه ، بل هو عندهم هدر لا يعبئون به وهو واقع لا ريب فيه وكائن لا محالة .

:: قال ابن أبي الدنيا :
حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا خلف بن تميم ، حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد الأنصاري أن عمر بن عبد العزيز صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :
أما بعد ، أيها الناس ، فإني لم أجمعكم لأمر أحدثه فيكم ، ولكن فكرت في هذا الأمر الذي أنتم إليه صائرون ، فعلمت أن المصدق بهذا الأمر أحمق ، والمكذب به هالك ثم نزل .

ومعنى قوله ، رضي الله عنه : " أن المصدق به أحمق " أي : لأنه لا يعمل له عمل مثله ، ولا يحذر منه ولا يخاف من هوله ، وهو مع ذلك مصدق به موقن بوقوعه ، وهو مع ذلك يتمادى في لعبه وغفلته وشهواته وذنوبه ، فهو أحمق بهذا الاعتبار ، والأحمق في اللغة : ضعيف العقل .

وقوله : " والمكذب به هالك " هذا واضح ، والله أعلم .

ثم قال تعالى - مقررا على أنه على كل شيء قدير ، وبكل شيء محيط ، وإقامة الساعة لديه يسير سهل عليه تبارك وتعالى - :
( ألا إنه بكل شيء محيط ) أي : المخلوقات كلها تحت قهره وفي قبضته ، وتحت طي علمه ، وهو المتصرف فيها كلها بحكمه ، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن .
[ آخر تفسير سورة فصلت ] .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,541
مستوى التفاعل
10,726
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [غافر : 2]

وقوله : ( تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم ) أي : تنزيل هذا الكتاب - وهو القرآن - من الله ذي العزة والعلم ، فلا يرام جنابه ، ولا يخفى عليه الذر وإن تكاثف حجابه .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,541
مستوى التفاعل
10,726
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) [غافر : 3]

وقوله : ( غافر الذنب وقابل التوب ) أي : يغفر ما سلف من الذنب ، ويقبل التوبة في المستقبل لمن تاب إليه وخضع لديه .
وقوله : ( شديد العقاب ) أي : لمن تمرد وطغى وآثر الحياة الدنيا ، وعتا عن أوامر الله ، وبغى.
[ وقد اجتمع في هذه الآية الرجاء والخوف ] .
وهذه كقوله تعالى : ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم ) [ الحجر : 49 ، 50 ]
يقرن هذين الوصفين كثيرا في مواضع متعددة من القرآن ; ليبقى العبد بين الرجاء والخوف .

وقوله : ( ذي الطول ) قال ابن عباس : يعني : السعة والغنى . وكذا قال مجاهد وقتادة .

وقال يزيد بن الأصم : ( ذي الطول ) يعني : الخير الكثير .

وقال عكرمة : ( ذي الطول ) ذي المن .

وقال قتادة : [ يعني ] ذي النعم والفواضل .

والمعنى : أنه المتفضل على عباده ، المتطول عليهم بما هو فيه من المنن والأنعام ، التي لا يطيقون القيام بشكر واحدة منها.
( وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها [ إن الإنسان لظلوم كفار ] ) [ إبراهيم : 34 ] .

وقوله : ( لا إله إلا هو ) أي : لا نظير له في جميع صفاته ، فلا إله غيره ، ولا رب سواه.
( إليه المصير ) أي : المرجع والمآب ، فيجازي كل عامل بعمله.
( وهو سريع الحساب ) [ الرعد : 41 ] .

وقال أبو بكر بن عياش :
سمعت أبا إسحاق السبيعي يقول :
جاء رجل إلى عمر بن الخطاب [ رضي الله عنه ] فقال : يا أمير المؤمنين إني قتلت ، فهل لي من توبة ؟
فقرأ عليه ( حم . تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم . غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب )
وقال : اعمل ولا تيأس .
رواه ابن أبي حاتم - واللفظ له - وابن جرير .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن مروان الرقي ، حدثنا عمر - يعني ابن أيوب - أخبرنا جعفر بن برقان ، عن يزيد بن الأصم قال :
كان رجل من أهل الشام ذو بأس ، وكان يفد إلى عمر بن الخطاب [ رضي الله عنه ] ، ففقده عمر فقال : ما فعل فلان بن فلان ؟
فقالوا : يا أمير المؤمنين ، يتابع في هذا الشراب .
قال : فدعا عمر كاتبه ، فقال : اكتب :
" من عمر بن الخطاب إلى فلان ابن فلان ، سلام عليك ، [ أما بعد ] : فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، غافر الذنب وقابل التوب ، شديد العقاب ، ذي الطول ، لا إله إلا هو إليه المصير " .
ثم قال لأصحابه : ادعوا الله لأخيكم أن يقبل بقلبه ، وأن يتوب الله عليه . فلما بلغ الرجل كتاب عمر جعل يقرؤه ويردده ، ويقول :
غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ، قد حذرني عقوبته ووعدني أن يغفر لي .
ورواه الحافظ أبو نعيم من حديث جعفر بن برقان ، وزاد : "
فلم يزل يرددها على نفسه ، ثم بكى ثم نزع فأحسن النزع فلما بلغ عمر [ رضي الله عنه ] خبره قال :
هكذا فاصنعوا ، إذا رأيتم أخاكم زل زلة فسددوه ووفقوه ، وادعوا الله له أن يتوب عليه ، ولا تكونوا أعوانا للشيطان عليه .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عمر بن شبة ، حدثنا حماد بن واقد - أبو عمر الصفار - ، حدثنا ثابت البناني ، قال :
كنت مع مصعب بن الزبير في سواد الكوفة ، فدخلت حائطا أصلي ركعتين فافتتحت : ( حم ) المؤمن ، حتى بلغت : ( لا إله إلا هو إليه المصير ) فإذا رجل خلفي على بغلة شهباء عليه مقطعات يمنية فقال :
إذا قلت : ( غافر الذنب ) فقل : " يا غافر الذنب ، اغفر لي ذنبي " .
وإذا قلت : ( وقابل التوب ) ، فقل : " يا قابل التوب ، اقبل توبتي " .
وإذا قلت : ( شديد العقاب ) ، فقل : " يا شديد العقاب ، لا تعاقبني " .
قال : فالتفت فلم أر أحدا ، فخرجت إلى الباب فقلت :
مر بكم رجل عليه مقطعات يمنية ؟
قالوا : ما رأينا أحدا فكانوا يرون أنه إلياس .

ثم رواه من طريق أخرى ، عن ثابت ، بنحوه . وليس فيه ذكر إلياس .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,541
مستوى التفاعل
10,726
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ) [غافر : 4]

يقول تعالى : ما يدفع الحق ويجادل فيه بعد البيان وظهور البرهان: ( إلا الذين كفروا ) أي : الجاحدون لآيات الله وحججه وبراهينه.
( فلا يغررك تقلبهم في البلاد ) أي : في أموالهم ونعيمها وزهرتها ، كما قال :
( لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد . متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد ) [ آل عمران : 196 ، 197 ].
وقال تعالى : ( نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ ) [ لقمان : 24 ] .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,541
مستوى التفاعل
10,726
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ ۖ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ ۖ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ) [غافر : 5]

ثم قال تعالى مسليا لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - في تكذيب من كذبه من قومه ، بأن له أسوة من سلف من الأنبياء ; فإنه قد كذبهم أممهم وخالفوهم ، وما آمن بهم منهم إلا قليل ، فقال :
( كذبت قبلهم قوم نوح ) وهو أول رسول بعثه الله ينهى عن عبادة الأوثان.
( والأحزاب من بعدهم ) أي : من كل أمة.
( وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه ) أي : حرصوا على قتله بكل ممكن ، ومنهم من قتل رسوله.
( وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق ) أي : ماحلوا بالشبهة ليردوا الحق الواضح الجلي .

وقد قال أبو القاسم الطبراني :
حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا عارم أبو النعمان ، حدثنا معتمر بن سليمان قال : سمعت أبي يحدث عن حنش ، عن عكرمة ، عن ابن عباس [ رضي الله عنه ] ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
" من أعان باطلا ليدحض بباطله حقا ، فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله " .

وقوله : ( فأخذتهم ) أي : أهلكتهم على ما صنعوا من هذه الآثام والذنوب العظام.
( فكيف كان عقاب ) أي : فكيف بلغك عذابي لهم ، ونكالي بهم ؟
قد كان شديدا موجعا مؤلما .

قال قتادة : كان والله شديدا .

( وَكَذَٰلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ) [غافر : 6]

وقوله : ( وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار ) أي : كما حقت كلمة العذاب على الذين كفروا من الأمم السالفة ، كذلك حقت على المكذبين من هؤلاء الذين كذبوك وخالفوك يا محمد بطريق الأولى والأحرى ; لأن من كذبك فلا وثوق له بتصديق غيرك .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,541
مستوى التفاعل
10,726
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) [غافر : 7]

يخبر تعالى عن الملائكة المقربين من حملة العرش الأربعة ، ومن حوله من الكروبيين ، بأنهم يسبحون بحمد ربهم ، أي : يقرنون بين التسبيح الدال على نفي النقائص ، والتحميد المقتضي لإثبات صفات المدح.
( ويؤمنون به ) أي : خاشعون له أذلاء بين يديه.
وأنهم ( يستغفرون للذين آمنوا ) أي : من أهل الأرض ممن آمن بالغيب ، فقيض الله سبحانه ملائكته المقربين أن يدعوا للمؤمنين بظهر الغيب ، ولما كان هذا من سجايا الملائكة عليهم الصلاة والسلام ، كانوا يؤمنون على دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب ، كما ثبت في صحيح مسلم :
" إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب قال الملك : آمين ولك بمثله " .

وقد قال الإمام أحمد :
حدثنا عبد الله بن محمد - هو ابن أبي شيبة - حدثنا عبدة بن سليمان ، عن محمد بن إسحاق ، عن يعقوب بن عتبة ، عن عكرمة عن ابن عباس [ رضي الله عنه ] أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدق أمية في شيء من شعره ، فقال :
رجل وثور تحت رجل يمينه والنسر للأخرى وليث مرصد

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " صدق " .
فقال :
والشمس تطلع كل آخر ليلة حمراء يصبح لونها يتورد

تأبى فما تطلع لنا في رسلها إلا معذبة وإلا تجلد

فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " صدق " .

وهذا إسناد جيد : وهو يقتضي أن حملة العرش اليوم أربعة ، فإذا كان يوم القيامة كانوا ثمانية ، كما قال تعالى :
( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) [ الحاقة : 17 ] .

وهنا سؤال وهو أن يقال :
ما الجمع بين المفهوم من هذه الآية ، ودلالة هذا الحديث ؟ وبين الحديث الذي رواه أبو داود :
حدثنا محمد بن الصباح البزار ، حدثنا الوليد بن أبي ثور ، عن سماك ، عن عبد الله بن عميرة ، عن الأحنف بن قيس ، عن العباس بن عبد المطلب ، قال :
كنت بالبطحاء في عصابة فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمرت بهم سحابة ، فنظر إليها فقال : " ما تسمون هذه ؟ "
قالوا : السحاب .
قال : " والمزن ؟ "
قالوا : والمزن .
قال : " والعنان ؟ "
قالوا : والعنان - قال أبو داود : ولم أتقن العنان جيدا -
قال : " هل تدرون بعد ما بين السماء والأرض ؟ "
قالوا : لا ندري .
قال : " بعد ما بينهما إما واحدة ، أو اثنتان ، أو ثلاث وسبعون سنة ، ثم السماء فوقها كذلك " حتى عد سبع سماوات " ثم فوق السماء السابعة بحر ، بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال ، بين أظلافهن وركبهن مثل ما بين سماء إلى سماء ، ثم على ظهورهن العرش بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ، ثم الله - عز وجل - فوق ذلك "
ثم رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ، من حديث سماك بن حرب ، به . وقال الترمذي : حسن غريب .

وهذا يقتضي أن حملة العرش ثمانية ، كما قال شهر بن حوشب : حملة العرش ثمانية ، أربعة يقولون :
" سبحانك اللهم وبحمدك ، لك الحمد على حلمك بعد علمك " .
وأربعة يقولون : " سبحانك اللهم وبحمدك ، لك الحمد على عفوك بعد قدرتك " .

ولهذا يقولون إذا استغفروا للذين آمنوا : ( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ) أي : إن رحمتك تسع ذنوبهم وخطاياهم ، وعلمك محيط بجميع أعمالهم [ وأقوالهم ] وحركاتهم وسكناتهم.
( فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك ) أي : فاصفح عن المسيئين إذا تابوا وأنابوا وأقلعوا عما كانوا فيه ، واتبعوا ما أمرتهم به ، من فعل الخيرات وترك المنكرات.
( وقهم عذاب الجحيم ) أي : وزحزحهم عن عذاب الجحيم ، وهو العذاب الموجع الأليم .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,541
مستوى التفاعل
10,726
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [غافر : 8]

( ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ) أي : اجمع بينهم وبينهم ، لتقر بذلك أعينهم بالاجتماع في منازل متجاورة ، كما قال [ تعالى ]:
( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء ) [ الطور : 21 ] أي : ساوينا بين الكل في المنزلة ، لتقر أعينهم ، وما نقصنا العالي حتى يساوي الداني ، بل رفعنا الناقص في العمل ، فساويناه بكثير العمل ، تفضلا منا ومنة .

قال سعيد بن جبير :
إن المؤمن إذا دخل الجنة سأل عن أبيه وابنه وأخيه ، وأين هم ؟
فيقال : إنهم لم يبلغوا طبقتك في العمل.
فيقول : إني إنما عملت لي ولهم . فيلحقون به في الدرجة.
ثم تلا سعيد بن جبير هذه الآية : ( ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم ) .

قال مطرف بن عبد الله بن الشخير :
أنصح عباد الله للمؤمنين الملائكة ، ثم تلا هذه الآية :
( ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ).
وأغش عباد الله للمؤمنين الشياطين .

وقوله : ( إنك أنت العزيز الحكيم ) أي : الذي لا يمانع ولا يغالب ، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، الحكيم في أقوالك وأفعالك ، من شرعك وقدرك.

( وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ ۚ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [غافر : 9]

( وقهم السيئات ) أي : فعلها أو وبالها ممن وقعت منه.
( ومن تق السيئات يومئذ ) أي : يوم القيامة.
( فقد رحمته ) أي : لطفت به ونجيته من العقوبة.
( وذلك هو الفوز العظيم ) .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,541
مستوى التفاعل
10,726
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ) [غافر : 10]

يقول تعالى مخبرا عن الكفار :
أنهم ينادون يوم القيامة وهم في غمرات النيران يتلظون ، وذلك عندما باشروا من عذاب الله ما لا قبل لأحد به ، فمقتوا عند ذلك أنفسهم وأبغضوها غاية البغض ، بسبب ما أسلفوا من الأعمال السيئة ، التي كانت سبب دخولهم إلى النار ، فأخبرتهم الملائكة عند ذلك إخبارا عاليا ، نادوهم [ به ] نداء بأن مقت الله لهم في الدنيا حين كان يعرض عليهم الإيمان ، فيكفرون ، أشد من مقتكم أيها المعذبون أنفسكم اليوم في هذه الحالة .

قال قتادة في قوله :
( لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون ) يقول : لمقت الله أهل الضلالة حين عرض عليهم الإيمان في الدنيا ، فتركوه وأبوا أن يقبلوه ، أكبر مما مقتوا أنفسهم حين عاينوا عذاب الله يوم القيامة .

وهكذا قال الحسن البصري ومجاهد والسدي وذر بن عبد الله الهمداني ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وابن جرير الطبري ، رحمهم الله .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,541
مستوى التفاعل
10,726
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ) [)غافر : 11]

وقوله : ( قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين )
قال الثوري ،
عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن ابن مسعود [ رضي الله عنه ] :
هذه الآية كقوله تعالى :
( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون ) [ البقرة : 28 ]
وكذا قال ابن عباس ، والضحاك ، وقتادة ، وأبو مالك . وهذا هو الصواب الذي لا شك فيه ولا مرية .

وقال السدي :
أميتوا في الدنيا ثم أحيوا في قبورهم فخوطبوا ، ثم أميتوا ثم أحيوا يوم القيامة .

وقال ابن زيد :
أحيوا حين أخذ عليهم الميثاق من صلب آدم ، ثم خلقهم في الأرحام ثم أماتهم [ ثم أحياهم ] يوم القيامة .
وهذان القولان - من السدي وابن زيد - ضعيفان ; لأنه يلزمهما على ما قالا ثلاث إحياءات وإماتات .
والصحيح قول ابن مسعود وابن عباس ومن تابعهما .
والمقصود من هذا كله :
أن الكفار يسألون الرجعة وهم وقوف بين يدي الله - عز وجل - في عرصات القيامة ، كما قال :
( ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ) [ السجدة : 12 ] ، فلا يجابون .
ثم إذا رأوا النار وعاينوها ووقفوا عليها ، ونظروا إلى ما فيها من العذاب والنكال ، سألوا الرجعة أشد مما سألوا أول مرة ، فلا يجابون ، قال الله تعالى :
( ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ) [ الأنعام : 27 ، 28 ]
فإذا دخلوا النار وذاقوا مسها وحسيسها ومقامعها وأغلالها ، كان سؤالهم للرجعة أشد وأعظم.
( وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير ) [ فاطر : 37 ].
( ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون . قال اخسئوا فيها ولا تكلمون ) [ المؤمنون : 107 ، 108 ] .
وفي هذه الآية الكريمة تلطفوا في السؤال ، وقدموا بين يدي كلامهم مقدمة ، وهي قولهم : ( ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين ) أي : قدرتك عظيمة ، فإنك أحييتنا بعد ما كنا أمواتا ، ثم أمتنا ثم أحييتنا ، فأنت قادر على ما تشاء ، وقد اعترفنا بذنوبنا ، وإننا كنا ظالمين لأنفسنا في الدار الدنيا .
( فهل إلى خروج من سبيل ) أي فهل أنت مجيبنا إلى أن تعيدنا إلى الدار الدنيا ؟
فإنك قادر على ذلك ; لنعمل غير الذي كنا نعمل ، فإن عدنا إلى ما كنا فيه فإنا ظالمون .
فأجيبوا ألا سبيل إلى عودكم ومرجعكم إلى الدار الدنيا . ثم علل المنع من ذلك بأن سجاياكم لا تقبل الحق ولا تقتضيه بل تجحده وتنفيه ; ولهذا قال تعالى :

( ذَٰلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ ۖ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا ۚ فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) [غافر : 12]

( ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا ) أي : أنتم هكذا تكونون ، وإن رددتم إلى الدنيا ، كما قال تعالى :
( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ) [ الأنعام : 28 ] .

وقوله : ( فالحكم لله العلي الكبير ) أي : هو الحاكم في خلقه ، العادل الذي لا يجور ، فيهدي من يشاء ، ويضل من يشاء ، ويرحم من يشاء ، ويعذب من يشاء ، لا إله إلا هو .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,541
مستوى التفاعل
10,726
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقًا ۚ وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ) [غافر : 13]

وقوله : ( هو الذي يريكم آياته ) أي : يظهر قدرته لخلقه بما يشاهدونه في خلقه العلوي والسفلي من الآيات العظيمة الدالة على كمال خالقها ومبدعها ومنشئها.
( وينزل لكم من السماء رزقا ) ، وهو المطر الذي يخرج به من الزروع والثمار ما هو مشاهد بالحس ، من اختلاف ألوانه وطعومه ، وروائحه وأشكاله وألوانه ، وهو ماء واحد ،
فبالقدرة العظيمة فاوت بين هذه الأشياء.
( وما يتذكر ) أي : يعتبر ويتفكر في هذه الأشياء ويستدل بها على عظمة خالقها.
( إلا من ينيب ) أي : من هو بصير منيب إلى الله - عز وجل - .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,541
مستوى التفاعل
10,726
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [غافر : 14]

وقوله : ( فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ) أي : فأخلصوا لله وحده العبادة والدعاء ، وخالفوا المشركين في مسلكهم ومذهبهم .

قال الإمام أحمد :
حدثنا عبد الله بن نمير ، حدثنا هشام - يعني ابن عروة بن الزبير - عن أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي قال :
كان عبد الله بن الزبير يقول في دبر كل صلاة حين يسلم : لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه ، له النعمة وله الفضل ، وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله ، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون "
قال : وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهلل بهن دبر كل صلاة .

ورواه مسلم وأبو داود والنسائي ، من طرق ، عن هشام بن عروة ، وحجاج بن أبي عثمان ، وموسى بن عقبة ، ثلاثتهم عن أبي الزبير ، عن عبد الله بن الزبير قال :
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في دبر الصلاة : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له وذكر تمامه .

وقد ثبت في الصحيح عن ابن الزبير ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عقب الصلوات المكتوبات :
" لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير . لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه ، له النعمة وله الفضل ، وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون " .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا الربيع حدثنا الخصيب بن ناصح ، حدثنا صالح - يعني المري - عن هشام بن حسان ، عن ابن سيرين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
" ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه " .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,541
مستوى التفاعل
10,726
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ) [غافر : 15]

يقول تعالى [ مخبرا ] عن عظمته وكبريائه ، وارتفاع عرشه العظيم العالي على جميع مخلوقاته كالسقف لها ، كما قال تعالى :
( من الله ذي المعارج تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة [ فاصبر ] ) [ المعارج : 3 ، 4 ] ، وسيأتي بيان أن هذه مسافة ما بين العرش إلى الأرض السابعة ، في قول جماعة من السلف والخلف ، وهو الأرجح إن شاء الله [ تعالى ] .
وقد ذكر غير واحد أن العرش من ياقوتة حمراء ، اتساع ما بين قطريه مسيرة خمسين ألف سنة . وارتفاعه عن الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة . وقد تقدم في حديث " الأوعال " ما يدل على ارتفاعه عن السماوات السبع بشيء عظيم .

وقوله : ( يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده ) كقوله تعالى :
( ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا [ فاتقون ] ) [ النحل : 2 ] ، وكقوله :
( وإنه لتنزيل رب العالمين . نزل به الروح الأمين . على قلبك لتكون من المنذرين . [ بلسان عربي مبين ] ) [ الشعراء : 192 - 194 ] ;
ولهذا قال : ( لينذر يوم التلاق ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( يوم التلاق ) اسم من أسماء يوم القيامة ، حذر منه عباده .

وقال ابن جريج : قال ابن عباس : يلتقي فيه آدم وآخر ولده .

وقال ابن زيد : يلتقي فيه العباد .

وقال قتادة ، والسدي ، وبلال بن سعد ، وسفيان بن عيينة : يلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض .

وقال قتادة أيضا : يلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض ، والخالق والخلق .

وقال ميمون بن مهران : يلتقي [ فيه ] الظالم والمظلوم .

وقد يقال : إن يوم القيامة هو يشمل هذا كله ، ويشمل أن كل عامل سيلقى ما عمل من خير وشر . كما قاله آخرون .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,541
مستوى التفاعل
10,726
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( يَوْمَ هُم بَارِزُونَ ۖ لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ۚ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) [غافر : 16]

وقوله : ( يوم هم بارزون ) أي : ظاهرون بادون كلهم ، لا شيء يكنهم ولا يظلهم ولا يسترهم . ولهذا قال :
( يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء ) أي : الجميع في علمه على السواء .

وقوله : ( لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ).
قد تقدم في حديث ابن عمر :
أنه تعالى يطوي السماوات والأرض بيده ، ثم يقول :
أنا الملك ، أنا الجبار ، أنا المتكبر ، أين ملوك الأرض ؟
أين الجبارون ؟
أين المتكبرون ؟ .

وفي حديث الصور :
أنه تعالى إذا قبض أرواح جميع خلقه ، فلم يبق سواه وحده لا شريك له ، حينئذ يقول : لمن الملك اليوم ؟ ثلاث مرات.
ثم يجيب نفسه قائلا: ( لله الواحد القهار ) أي : الذي هو وحده قد قهر كل شيء وغلبه .

وقد قال ابن أبي حاتم :
حدثنا محمد بن غالب الدقاق ، حدثنا عبيد بن عبيدة ، حدثنا معتمر ، عن أبيه ، حدثنا أبو نضرة ، عن ابن عباس [ رضي الله عنهما ] قال :
ينادي مناد بين يدي الساعة :
يا أيها الناس ، أتتكم الساعة .
فيسمعها الأحياء والأموات.
قال : وينزل الله [ عز وجل ] إلى سماء الدنيا ويقول : ( لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ) .

( الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [غافر : 17]

وقوله : ( اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب ) يخبر تعالى عن عدله في حكمه بين خلقه ، أنه لا يظلم مثقال ذرة من خير ولا من شر ، بل يجزي بالحسنة عشر أمثالها ، وبالسيئة واحدة ; ولهذا قال :
( لا ظلم اليوم ) كما ثبت في صحيح مسلم ، عن أبي ذر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يحكي عن ربه - عز وجل - أنه قال :
" يا عبادي ، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا - إلى أن قال - : يا عبادي ، إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه " .

وقوله : ( إن الله سريع الحساب ) أي : يحاسب الخلائق كلهم ، كما يحاسب نفسا واحدة ، كما قال :
( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ) [ لقمان : 28 ].
وقال [ تعالى ] : ( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ) [ القمر : 50 ] .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,541
مستوى التفاعل
10,726
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ ۚ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ) [غافر : 18]

يوم الآزفة هو : اسم من أسماء يوم القيامة ، سميت بذلك لاقترابها ، كما قال تعالى :
( أزفت الآزفة . ليس لها من دون الله كاشفة ) [ النجم : 57 ، 58 ]
وقال: ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) [ القمر : 1 ].
وقال: ( اقترب للناس حسابهم ) [ الأنبياء : 1 ].
وقال: ( أتى أمر الله فلا تستعجلوه ) [ النحل : 1 ].
وقال ( فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون ) [ الملك : 27 ] .

وقوله : ( إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ) [ أي ساكتين ].
قال قتادة : وقفت القلوب في الحناجر من الخوف ، فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها . وكذا قال عكرمة ، والسدي ، وغير واحد .

ومعنى ( كاظمين ) أي : ساكتين ، لا يتكلم أحد إلا بإذنه ( يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ) [ النبأ : 38 ] .

وقال ابن جريج : ( كاظمين ) أي : باكين .

وقوله : ( ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ) أي : ليس للذين ظلموا أنفسهم بالشرك بالله من قريب منهم ينفعهم ، ولا شفيع يشفع فيهم ، بل قد تقطعت بهم الأسباب من كل خير .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,541
مستوى التفاعل
10,726
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر : 19]

وقوله : ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) يخبر تعالى عن علمه التام المحيط بجميع الأشياء ، جليلها وحقيرها ، صغيرها وكبيرها ، دقيقها ولطيفها ; ليحذر الناس علمه فيهم ، فيستحيوا من الله حق الحياء ، ويتقوه حق تقواه ، ويراقبوه مراقبة من يعلم أنه يراه ، فإنه تعالى يعلم العين الخائنة وإن أبدت أمانة ، ويعلم ما تنطوي عليه خبايا الصدور من الضمائر والسرائر .

قال ابن عباس في قوله : ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) وهو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم ، وفيهم المرأة الحسناء ، أو تمر به وبهم المرأة الحسناء ، فإذا غفلوا لحظ إليها ، فإذا فطنوا غض ، فإذا غفلوا لحظ ، فإذا فطنوا غض [ بصره عنها ] وقد اطلع الله من قلبه أنه ود أن لو اطلع على فرجها . رواه ابن أبي حاتم .

وقال الضحاك : ( خائنة الأعين ) هو الغمز ، وقول الرجل : رأيت ، ولم ير ; أو : لم أر ، وقد رأى .

وقال ابن عباس : يعلم [ الله ] تعالى من العين في نظرها ، هل تريد الخيانة أم لا ؟ وكذا قال مجاهد ، وقتادة .

وقال ابن عباس في قوله : ( وما تخفي الصدور ) يعلم إذا أنت قدرت عليها هل تزني بها أم لا ؟ .

وقال السدي : ( وما تخفي الصدور ) أي : من الوسوسة .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,541
مستوى التفاعل
10,726
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ ۖ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ ۗ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [غافر : 20]

وقوله : ( والله يقضي بالحق ) أي : يحكم بالعدل .

وقال الأعمش :
عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس [ رضي الله عنهما ] في قوله : ( والله يقضي بالحق ) قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة ، وبالسيئة السيئة.
( إن الله هو السميع البصير ) .

وهذا الذي فسر به ابن عباس في هذه الآية كقوله تعالى :
( ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) [ النجم : 31 ] .
وقوله : ( والذين يدعون من دونه ) أي : من الأصنام والأوثان والأنداد.
( لا يقضون بشيء ) أي : لا يملكون شيئا ولا يحكمون بشيء.
( إن الله هو السميع البصير ) أي : سميع لأقوال خلقه ، بصير بهم ، فيهدي من يشاء ، ويضل من يشاء ، وهو الحاكم العادل في جميع ذلك .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,541
مستوى التفاعل
10,726
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ) [غافر : 21]

يقول تعالى : أولم يسر هؤلاء المكذبون برسالتك يا محمد ( في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم ) أي : من الأمم المكذبة بالأنبياء ، ما حل بهم من العذاب والنكال مع أنهم كانوا أشد من هؤلاء قوة.
( وآثارا في الأرض ) أي : أثروا في الأرض من البنايات والمعالم والديارات ، ما لا يقدر عليه هؤلاء ، كما قال :
( ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه ) [ الأحقاف : 26 ].
وقال ( وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها ) [ الروم : 9 ] أي : ومع هذه القوة العظيمة والبأس الشديد ، أخذهم الله بذنوبهم ، وهي كفرهم برسلهم.
( وما كان لهم من الله من واق ) أي : وما دفع عنهم عذاب الله أحد ، ولا رده عنهم راد ، ولا وقاهم واق .
 
Comment

sitemap      sitemap

أعلى