أنتِ أقرب إليّ من أن أفلت، وأبعد من أن أصل.
كيف أشرح لكِ أنني أكتب عنكِ، ليس لأنني أملك رفاهية البوح، بل لأنني عاجز عن الصمت؟ كل محاولةٍ لنسيانكِ تقودني إليكِ، وكأن اسمكِ منقوشٌ في خلاياي، وكأنكِ نبضٌ في قلبي لا يخضع لمزاج النسيان.
أنتِ قدرٌ لم أختره، ونبوءةٌ لم أؤمن بها حتى أصبحتُ شاهداً عليها. كلما قلتُ:
“سأنتهي من هذا الجنون”،
أجدني في منتصف حكايتكِ، أبحثُ عن سطرٍ أخير، فلا أجد إلا بدايةً أخرى تسرقني إليكِ.
ما أقسى أن أكون عاشقًا بكامل وعيي، مدركًا لكل خطوةٍ تقودني إليكِ، وأدرك في الوقت ذاته أن المسافة بيننا ثابتةٌ كحتمية الغياب.
فأي عبثٍ هذا الذي يختبرني بكِ؟ أي حكمةٍ تلك التي تجعلني أراكِ في كل شيءٍ إلا في حياتي؟
لا بأس، سأكتبكِ مرةً أخرى، وسأترك للحروف حرية اختيار مصيرها،
ربما تسقط بين يديكِ يومًا ما، أو تظل تدور حولكِ كما أفعل أنا، بلا أملٍ في النجاة، ولا رغبةٍ في الفكاك.

