لِنَدخُل مقهى الحُب…
تعالي… ندخل بلا موعدٍ ولا صخب.
مقهى صغير على زاوية القلب،
تُضيئه لمبةٌ هادئة، وتُديره سكينةٌ تعرفنا بالاسم. لا موسيقى هنا إلا إيقاعٌ خافتٌ يشبه انتظام النفس حين يطمئن.
نختار طاولةً قرب نافذةٍ تطلّ على الاتّساع.
القائمة بسيطة:
كوب صدق دون سكّر،
رشفات رِفق دافئة،
وقطعة وعد تُؤكل على مهل.
نطلب ما يلزمنا من المعنى، لا أكثر.
أسألك: كيف يومُكِ؟
فتبتسمين: “يستقيم حين نهدأ.”
نضع الهواتف في جيب الصمت، ونصغي للمكان وهو يتهجّى أسماءنا بلا مبالغة.
النادل اسمه الوقت؛
يأتي إذا دعوناه بأدب،
ويبطؤ إذا استعجلناه.
نتعلّم منه أن الجميل لا يُستخرج بالعَجَلة.
نختلف على مقدار السُكّر،
ثم نتّفق أنّ البساطة ألذّ.
نقترح طقسًا صغيرًا نحفظ به هذا الوصل:
تحيةٌ في أوّل النهار،
سؤالُ اطمئنانٍ في منتصفه،
ودعاءٌ قصيرٌ عند المساء.
طقوسٌ خفيفة، لكنها تمسك اليوم من أطرافه فلا يتبعثر.
الحساب؟
دفعناه سلفًا يوم سامحنا الأمس،
وحين سمّينا الأشياء
بأسمائها دون قسوة.
ومن زاد الفضل،
تكفّل به الامتنان
الذي يبقي النعمة غضّة.
قبل أن نغادر،
نكتب على منديلٍ أبيض:
“لن نُسرف في الكلام،
سنُحسن الفعل.
لن نبالغ في الوعود،
سنوفي الصغير منها كلَّ يوم.
وإن مال الطريق،
نقيمه بلُطفٍ وعدل.”
نطوي المنديل ونتركه
تذكارًا لمن يجلس بعدنا؛
فالمعنى حين يُقسم يتّسع.
ننهض خفيفين.
في اليد رائحة قهوة،
وفي الصدر اتساع.
نغلق الكرسيّ برفقٍ على الطاولة،
كمن يعيد كتابًا إلى رفّه.
وحين نخرج إلى الشارع،
لا ينتهي المقهى…
يبقى مفتوحًا فينا:
بابٌ من هدوء،
ومقعدٌ للحوار الكريم،
وقائمةٌ لا تتغيّر فيها الأسماء:
صدق، رفق، وعد.
فإذا سألنا الغدُّ أين نلتقي،
أشرنا إلى القلب:
هناك—مقهى الحب—
يعمل طوال الوقت لمن يعرف كيف يهدأ ويحبّ
اسكادا ❤
