تواصل معنا

تفسير ابن كثير @@@@@@@ ( أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ۚ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن...

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
23,431
مستوى التفاعل
10,940
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ۚ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) [الزمر : 22]

وقوله : ( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ) أي : هل يستوي هذا ومن هو قاسي القلب بعيد من الحق ؟ ! كقوله تعالى :
( أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ) [ الأنعام : 122 ] ; ولهذا قال :
( فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله ) أي : فلا تلين عند ذكره ، ولا تخشع ولا تعي ولا تفهم ، ( أولئك في ضلال مبين ).
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
23,431
مستوى التفاعل
10,940
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر : 23]

هذا مدح من الله - عز وجل - لكتابه القرآن العظيم المنزل على رسوله الكريم ، قال الله تعالى : ( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني ) قال مجاهد : يعني القرآن كله متشابه مثاني .

وقال قتادة : الآية تشبه الآية ، والحرف يشبه الحرف .

وقال الضحاك : ( مثاني ) ترديد القول ليفهموا عن ربهم - عز وجل - .

وقال عكرمة ، والحسن : ثنى الله فيه القضاء - زاد الحسن : تكون السورة فيها آية ، وفي السورة الأخرى آية تشبهها .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( مثاني ) مردد ، ردد موسى في القرآن ، وصالح وهود والأنبياء ، عليهم السلام ، في أمكنة كثيرة .

وقال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( مثاني ) قال : القرآن يشبه بعضه بعضا ، ويرد بعضه على بعض .

وقال بعض العلماء : ويروى عن سفيان بن عيينة معنى قوله : ( متشابها مثاني ) أن سياقات القرآن تارة تكون في معنى واحد ، فهذا من المتشابه ، وتارة تكون بذكر الشيء وضده ، كذكر المؤمنين ثم الكافرين ، وكصفة الجنة ثم صفة النار ، وما أشبه هذا ، فهذا من المثاني ، كقوله تعالى : ( إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ) [ الانفطار : 14 ، 13 ] ، وكقوله ( كلا إن كتاب الفجار لفي سجين ) [ المطففين : 7 ] ، إلى أن قال : ( كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين ) [ المطففين : 18 ] ، ( هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب ) ، إلى أن قال : ( هذا وإن للطاغين لشر مآب ) ، ونحو هذا من السياقات فهذا كله من المثاني ، أي : في معنيين اثنين ، وأما إذا كان السياق كله في معنى واحد يشبه بعضه بعضا ، فهو المتشابه وليس هذا من المتشابه المذكور في قوله : ( منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ) [ آل عمران : 7 ] ، ذاك معنى آخر .

وقوله : ( تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ) أي هذه صفة الأبرار ، عند سماع كلام الجبار ، المهيمن العزيز الغفار ، لما يفهمون منه من الوعد والوعيد . والتخويف والتهديد ، تقشعر منه جلودهم من الخشية والخوف.
( ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ) لما يرجون ويؤملون من رحمته ولطفه ، فهم مخالفون لغيرهم من الكفار من وجوه :

أحدها : أن سماع هؤلاء هو تلاوة الآيات ، وسماع أولئك نغمات لأبيات ، من أصوات القينات .

الثاني : أنهم إذا تليت عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا ، بأدب وخشية ، ورجاء ومحبة ، وفهم وعلم ، كما قال :
( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم ) [ الأنفال : 2 - 4 ].
وقال تعالى : ( والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا ) [ الفرقان : 73 ] أي : لم يكونوا عند سماعها متشاغلين لاهين عنها ، بل مصغين إليها ، فاهمين بصيرين بمعانيها ; فلهذا إنما يعملون بها ، ويسجدون عندها عن بصيرة لا عن جهل ومتابعة لغيرهم [ أي يرون غيرهم قد سجد فيسجدون تبعا له ] . .

الثالث : أنهم يلزمون الأدب عند سماعها ، كما كان الصحابة ، رضي الله عنهم عند سماعهم كلام الله من تلاوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقشعر جلودهم ، ثم تلين مع قلوبهم إلى ذكر الله . لم يكونوا يتصارخون ولا يتكلفون ما ليس فيهم ، بل عندهم من الثبات والسكون والأدب والخشية ما لا يلحقهم أحد في ذلك ; ولهذا فازوا بالقدح المعلى في الدنيا والآخرة .

قال عبد الرزاق :
حدثنا معمر قال : تلا قتادة ، رحمه الله : ( تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله )
قال : هذا نعت أولياء الله ، نعتهم الله بأن تقشعر جلودهم ، وتبكي أعينهم ، وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله ، ولم ينعتهم بذهاب عقولهم والغشيان عليهم ، إنما هذا في أهل البدع ، وهذا من الشيطان .

وقال السدي : ( ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ) أي : إلى وعد الله .
وقوله : ( ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ) أي : هذه صفة من هداه الله ، ومن كان على خلاف ذلك فهو ممن أضله الله.
( ومن يضلل الله فما له من هاد ) [ الرعد : 33 ] .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
23,431
مستوى التفاعل
10,940
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ) [الزمر : 24]

يقول تعالى : ( أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة ) ، ويقرع فيقال له ولأمثاله من الظالمين : ( ذوقوا ما كنتم تكسبون ) ، كمن يأتي آمنا يوم القيامة ؟ !
كما قال تعالى : ( أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم ) [ الملك : 22 ].
وقال : ( يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر ) [ القمر : 48 ].
وقال [ تعالى ] ( أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة ) [ فصلت : 40 ] ، واكتفى في هذه الآية بأحد القسمين عن الآخر ، كقول الشاعر .

فما أدري إذا يممت أرضا أريد الخير : أيهما يليني ؟

يعني : الخير أو الشر .

( كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ) [الزمر : 25]

وقوله : ( كذب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ) يعني : القرون الماضية المكذبة للرسل ، أهلكهم الله بذنوبهم ، وما كان لهم من الله من واق .

( فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) [الزمر : 26]

وقوله : ( فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا ) أي : بما أنزل بهم من العذاب والنكال وتشفي المؤمنين بهم ، فليحذر المخاطبون من ذلك ، فإنهم قد كذبوا أشرف الرسل ، وخاتم الأنبياء ، والذي أعده الله لهم في الآخرة من العذاب الشديد أعظم مما أصابهم في الدنيا ; ولهذا قال :
( ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ) .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
23,431
مستوى التفاعل
10,940
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [الزمر : 27]

يقول تعالى : ( ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ) أي : بينا للناس فيه بضرب الأمثال.
( لعلهم يتذكرون ) ، فإن المثل يقرب المعنى إلى الأذهان ، كما قال تعالى :
( ضرب لكم مثلا من أنفسكم ) [ الروم : 28 ] أي : تعلمونه من أنفسكم.
وقال : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) [ العنكبوت : 43 ] .

( قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [الزمر : 28]

وقوله : ( قرءانا عربيا غير ذي عوج ) أي : هو قرآن بلسان عربي مبين ، لا اعوجاج فيه ولا انحراف ولا لبس ، بل هو بيان ووضوح وبرهان ، وإنما جعله الله [ عز وجل ] كذلك ، وأنزله بذلك ( لعلهم يتقون ) أي : يحذرون ما فيه من الوعيد ، ويعملون بما فيه من الوعد .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
23,431
مستوى التفاعل
10,940
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۚ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [الزمر : 29]

ثم قال : ( ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ) أي : يتنازعون في ذلك العبد المشترك بينهم.
( ورجلا سلما لرجل ) أي : خالصا لرجل ، لا يملكه أحد غيره.
( هل يستويان مثلا ) أي : لا يستوي هذا وهذا . كذلك لا يستوي المشرك الذي يعبد آلهة مع الله ، والمؤمن المخلص الذي لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له . فأين هذا من هذا ؟

قال ابن عباس ، ومجاهد ، وغير واحد : هذه الآية ضربت مثلا للمشرك والمخلص ، ولما كان هذا المثل ظاهرا بينا جليا ، قال :
( الحمد لله ) أي : على إقامة الحجة عليهم.
( بل أكثرهم لا يعلمون ) أي : فلهذا يشركون بالله .كثير

( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ) [الزمر : 30]

وقوله : ( إنك ميت وإنهم ميتون ) هذه الآية من الآيات التي استشهد بها الصديق [ رضي الله عنه ] عند موت الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى تحقق الناس موته ، مع قوله :
( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ) [ آل عمران : 144 ] .

ومعنى هذه الآية :
ستنقلون من هذه الدار لا محالة وستجتمعون عند الله في الدار الآخرة ، وتختصمون فيما أنتم فيه في الدنيا من التوحيد والشرك بين يدي الله - عز وجل - فيفصل بينكم ، ويفتح بالحق وهو الفتاح العليم ، فينجي المؤمنين المخلصين الموحدين ، ويعذب الكافرين الجاحدين المشركين المكذبين .

ثم إن هذه الآية - وإن كان سياقها في المؤمنين والكافرين ، وذكر الخصومة بينهم في الدار الآخرة - فإنها شاملة لكل متنازعين في الدنيا ، فإنه تعاد عليهم الخصومة في الدار الآخرة .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
23,431
مستوى التفاعل
10,940
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ) [الزمر : 32]

يقول تعالى مخاطبا للمشركين الذين افتروا على الله ، وجعلوا معه آلهة أخرى ، وادعوا أن الملائكة بنات الله ، وجعلوا لله ولدا - تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا - ومع هذا كذبوا بالحق إذ جاءهم على ألسنة رسل الله ، صلوات الله [ وسلامه ] عليهم أجمعين ، ولهذا قال :
( فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه ) أي : لا أحد أظلم من هذا ; لأنه جمع بين طرفي الباطل ، كذب على الله ، وكذب رسول الله ، قالوا الباطل وردوا الحق ; ولهذا قال متوعدا لهم :
( أليس في جهنم مثوى للكافرين ) وهم الجاحدون المكذبون .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
23,431
مستوى التفاعل
10,940
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [الزمر : 33]
ثم قال : ( والذي جاء بالصدق وصدق به ) قال مجاهد ، وقتادة ، والربيع بن أنس ، وابن زيد : ( الذي جاء بالصدق ) هو الرسول .
وقال السدي : هو جبريل - عليه السلام - ( وصدق به ) يعني : محمدا - صلى الله عليه وسلم - .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( والذي جاء بالصدق ) قال : من جاء بلا إله إلا الله ، ( وصدق به ) يعني : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وقرأ الربيع بن أنس : " الذين جاءوا بالصدق " يعني : الأنبياء ، " وصدقوا به " يعني : الأتباع .

وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد : ( والذي جاء بالصدق وصدق به ) قال : أصحاب القرآن المؤمنون يجيئون يوم القيامة ، فيقولون : هذا ما أعطيتمونا ، فعملنا فيه بما أمرتمونا .

وهذا القول عن مجاهد يشمل كل المؤمنين ، فإن المؤمن يقول الحق ويعمل به ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - أولى الناس بالدخول في هذه الآية على هذا التفسير ، فإنه جاء بالصدق ، وصدق المرسلين ، وآمن بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون ، كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( والذي جاء بالصدق ) هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( وصدق به ) المسلمون .

( أولئك هم المتقون ) قال ابن عباس : اتقوا الشرك .

( لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ۚ ذَٰلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ) [الزمر : 34]

"لهم ما يشاءون عند ربهم" يعني في الجنة مهما طلبوا وجدوا.
( ذلك جزاء المحسنين)

( لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الزمر : 35]

ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون ) كما قال في الآية الأخرى :
( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون ) [ الأحقاف : 16 ] .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
23,431
مستوى التفاعل
10,940
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر : 36]

يقول تعالى : ( أليس الله بكاف عبده ) - وقرأ بعضهم : " عباده " - يعني أنه تعالى يكفي من عبده وتوكل عليه .

وقال ابن أبي حاتم هاهنا :
حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب حدثنا عمي ، حدثنا أبو هانئ ، عن أبي علي عمرو بن مالك الجنبي ، عن فضالة بن عبيد الأنصاري ; أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
" أفلح من هدي إلى الإسلام ، وكان عيشه كفافا ، وقنع به " .
ورواه الترمذي والنسائي من حديث حيوة بن شريح ، عن أبي هانئ الخولاني ، به . وقال الترمذي : صحيح .

( ويخوفونك بالذين من دونه ) يعني : المشركين يخوفون الرسول ويتوعدونه بأصنامهم وآلهتهم التي يدعونها من دونه ; جهلا منهم وضلالا ; ولهذا قال تعالى :
( ومن يضلل الله فما له من هاد)

( وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ ۗ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَامٍ) [الزمر : 37]

( ومن يهد الله فما له من مضل أليس الله بعزيز ذي انتقام ) أي : منيع الجناب لا يضام ، من استند إلى جنابه ولجأ إلى بابه ، فإنه العزيز الذي لا أعز منه ، ولا أشد انتقاما منه ، ممن كفر به وأشرك وعاند رسوله - صلى الله عليه وسلم - .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
23,431
مستوى التفاعل
10,940
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) [الزمر : 38]

وقوله : ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ) يعني : [ أن ] المشركين كانوا يعترفون بأن الله هو الخالق للأشياء كلها ، ومع هذا يعبدون معه غيره ، مما لا يملك لهم ضرا ولا نفعا ; ولهذا قال :
( قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته ) أي : لا تستطيع شيئا من الأمر .

وذكر ابن أبي حاتم هاهنا حديث قيس بن الحجاج ، عن حنش الصنعاني ، عن ابن عباس مرفوعا :
" احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يضروك ، ولو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك لم ينفعوك ، جفت الصحف ، ورفعت الأقلام ، واعمل لله بالشكر في اليقين ، واعلم أن الصبر على ما تكره خير كثير ، وأن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسرا " .

( قل حسبي الله ) أي : الله كافي ، عليه توكلت وعليه يتوكل المتوكلون ، كما قال هود - عليه السلام - حين قال له قومه :
( إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ) [ هود : 54 - 56 ] .

قال ابن أبي حاتم :
حدثنا أحمد بن عصام الأنصاري ، حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، حدثنا محمد بن حاتم ، عن أبي المقدام - مولى آل عثمان - عن محمد بن كعب القرظي ، حدثنا ابن عباس [ رضي الله عنهما ] - رفع الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله ، ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق [ منه ] بما في يديه ، ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله " .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
23,431
مستوى التفاعل
10,940
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) [الزمر : 39]

وقوله : ( قل يا قوم اعملوا على مكانتكم ) أي : على طريقتكم ، وهذا تهديد ووعيد . .
( إني عامل ) أي : على طريقتي ومنهجي.
( فسوف تعلمون ) أي : ستعلمون غب ذلك ووباله.

( مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ) [الزمر : 40]

( من يأتيه عذاب يخزيه ) أي : في الدنيا.
( ويحل عليه عذاب مقيم ) أي : دائم مستمر ، لا محيد له عنه . وذلك يوم القيامة .

( إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ) [الزمر : 41]

يقول تعالى مخاطبا رسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - : ( إنا أنزلنا عليك الكتاب ) يعني : القرآن.
( للناس بالحق ) أي : لجميع الخلق من الإنس والجن لتنذرهم به.
( فمن اهتدى فلنفسه ) أي : فإنما يعود نفع ذلك إلى نفسه.
( ومن ضل فإنما يضل عليها ) أي : إنما يرجع وبال ذلك على نفسه.
( وما أنت عليهم بوكيل ) أي : بموكل أن يهتدوا.
( إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل ) [ هود : 12 ].
( فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ) [ الرعد : 40 ] .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
23,431
مستوى التفاعل
10,940
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الزمر : 42]

ثم قال تعالى مخبرا عن نفسه الكريمة بأنه المتصرف في الوجود بما يشاء ، وأنه يتوفى الأنفس الوفاة الكبرى ، بما يرسل من الحفظة الذين يقبضونها من الأبدان ، والوفاة الصغرى عند المنام ، كما قال تعالى :
( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون ) [ الأنعام : 61 ، 60 ] ، فذكر الوفاتين : الصغرى ثم الكبرى . وفي هذه الآية ذكر الكبرى ثم الصغرى ; ولهذا قال :
( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى ) فيه دلالة على أنها تجتمع في الملأ الأعلى ، كما ورد بذلك الحديث المرفوع الذي رواه ابن منده وغيره .
وفي صحيحي البخاري ومسلم من حديث عبيد الله بن عمر ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبيه ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره ، فإنه لا يدري ما خلفه عليه ، ثم ليقل : باسمك ربي وضعت جنبي ، وبك أرفعه ، إن أمسكت نفسي فارحمها ، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين " .

وقال بعض السلف [ رحمهم الله ] يقبض أرواح الأموات إذا ماتوا ، وأرواح الأحياء إذا ناموا ، فتتعارف ما شاء الله تعالى أن تتعارف ( فيمسك التي قضى عليها الموت ) التي قد ماتت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى .

قال السدي : إلى بقية أجلها .
وقال ابن عباس : يمسك أنفس الأموات ، ويرسل أنفس الأحياء ، ولا يغلط .
( إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ).
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
23,431
مستوى التفاعل
10,940
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ ۚ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ) [الزمر : 43]

يقول تعالى ذاما للمشركين في اتخاذهم شفعاء من دون الله ، وهم الأصنام والأنداد ، التي اتخذوها من تلقاء أنفسهم بلا دليل ولا برهان حداهم على ذلك ، وهي لا تملك شيئا من الأمر ، بل وليس لها عقل تعقل به ، ولا سمع تسمع به ، ولا بصر تبصر به ، بل هي جمادات أسوأ حالا من الحيوان بكثير .

( قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ۖ لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [الزمر : 44]

ثم قال : قل : أي يا محمد لهؤلاء الزاعمين أن ما اتخذوه شفعاء لهم عند الله ، أخبرهم أن الشفاعة لا تنفع عند الله إلا لمن ارتضاه وأذن له ، فمرجعها كلها إليه.
( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) [ البقرة : 255 ] .
( له ملك السماوات والأرض ) أي : هو المتصرف في جميع ذلك .
( ثم إليه ترجعون ) أي : يوم القيامة ، فيحكم بينكم بعدله ، ويجزي كلا بعمله .

( وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ۖ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) [الزمر : 45]

ثم قال تعالى ذاما للمشركين أيضا : ( وإذا ذكر الله وحده ) أي : إذا قيل : لا إله إلا الله ( اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة ) قال مجاهد : ( اشمأزت ) انقبضت .

وقال السدي : نفرت .
وقال قتادة : كفرت واستكبرت .
وقال مالك ، عن زيد بن أسلم : استكبرت .
كما قال تعالى : ( إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ) [ الصافات : 35 ] ، أي : عن المتابعة والانقياد لها . فقلوبهم لا تقبل الخير ، ومن لم يقبل الخير يقبل الشر ; ولهذا قال :
( وإذا ذكر الذين من دونه ) أي : من الأصنام والأنداد ، قاله مجاهد.
( إذا هم يستبشرون ) أي : يفرحون ويسرون .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
23,431
مستوى التفاعل
10,940
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) [الزمر : 46]

يقول تعالى بعد ما ذكر عن المشركين ما ذكر من المذمة ، لهم في حبهم الشرك ، ونفرتهم عن التوحيد ( قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة ) أي : ادع أنت الله وحده لا شريك له ، الذي خلق السماوات والأرض وفطرها ، أي : جعلها على غير مثال سبق.
( عالم الغيب والشهادة ) أي : السر والعلانية.
( أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون ) أي : في دنياهم ، ستفصل بينهم يوم معادهم ونشورهم ، وقيامهم من قبورهم .

وقال مسلم في صحيحه : حدثنا عبد بن حميد ، حدثنا عمر بن يونس ، حدثنا عكرمة بن عمار ، حدثنا يحيى بن أبي كثير ، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال :
سألت عائشة [ - رضي الله عنها - ] بأي شيء كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفتتح صلاته إذا قام من الليل ؟
قالت : كان إذا قام من الليل افتتح صلاته : " اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل ، فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم "
وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، وأخبرنا سهيل بن أبي صالح وعبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" من قال : اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، إني أعهد إليك في هذه الدنيا أني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، وأن محمدا عبدك ورسولك ، فإنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير ، وإني لا أثق إلا برحمتك ، فاجعل لي عندك عهدا توفينيه يوم القيامة ، إنك لا تخلف الميعاد ، إلا قال الله - عز وجل - لملائكته يوم القيامة : إن عبدي قد عهد إلي عهدا فأوفوه إياه ، فيدخله الله الجنة " .
قال سهيل : فأخبرت القاسم بن عبد الرحمن أن عونا أخبر بكذا وكذا ؟
فقال : ما في أهلنا جارية إلا وهي تقول هذا في خدرها . انفرد به الإمام أحمد .

وقال الإمام أحمد :
حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثني حيي بن عبد الله ; أن أبا عبد الرحمن حدثه قال :
أخرج لنا عبد الله بن عمرو قرطاسا وقال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا يقول :
" اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، أنت رب كل شيء ، وإله كل شيء ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، وحدك لا شريك لك ، وأن محمدا عبدك ورسولك ، والملائكة يشهدون ، أعوذ بك من الشيطان وشركه ، وأعوذ بك أن أقترف على نفسي إثما ، أو أجره إلى مسلم " .

قال أبو عبد الرحمن :
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمه عبد الله بن عمرو أن يقول ذلك حين يريد أن ينام . تفرد به أحمد أيضا .

وقال [ الإمام ] أحمد أيضا : حدثنا خلف بن الوليد ، حدثنا ابن عياش ، عن محمد بن زياد الألهاني ، عن أبي راشد الحبراني قال : أتيت عبد الله بن عمرو فقلت له : حدثنا ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فألقى بين يدي صحيفة فقال : هذا ما كتب لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظرت فيها فإذا فيها أن أبا بكر الصديق قال :
يا رسول الله ، علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت .
فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا أبا بكر ، قل اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، لا إله إلا أنت ، رب كل شي ومليكه ، أعوذ بك من شر نفسي ، وشر الشيطان وشركه ، أو أقترف على نفسي سوءا ، أو أجره إلى مسلم " .
ورواه الترمذي ، عن الحسن بن عرفة ، عن إسماعيل بن عياش ، به ، وقال : حسن غريب من هذا الوجه .

وقال الإمام أحمد : حدثنا هاشم ، حدثنا شيبان ، عن ليث ، عن مجاهد قال : قال أبو بكر الصديق :
أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت ، وإذا أخذت مضجعي من الليل : " اللهم فاطر السماوات والأرض " إلى آخره .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
23,431
مستوى التفاعل
10,940
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) [الزمر : 47]

وقوله : ( ولو أن للذين ظلموا ) وهم المشركون.
( ما في الأرض جميعا ومثله معه ) أي : ولو أن جميع ملك الأرض وضعفه معه ( لافتدوا به من سوء العذاب ) أي : الذي أوجبه الله لهم يوم القيامة ، ومع هذا لا يتقبل منهم الفداء ولو كان ملء الأرض ذهبا ، كما قال في الآية الأخرى :
( وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ) أي : وظهر لهم من الله من العذاب والنكال بهم ما لم يكن في بالهم ولا في حسابهم ، .

( وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) [الزمر : 48]

( وبدا لهم سيئات ما كسبوا ) أي : وظهر لهم جزاء ما اكتسبوا في الدار الدنيا من المحارم والمآثم.
( وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ) أي : وأحاط بهم من العذاب والنكال ما كانوا يستهزئون به في الدار الدنيا .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
23,431
مستوى التفاعل
10,940
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ ۚ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [الزمر : 49]

يقول تعالى مخبرا عن الإنسان أنه في حال الضراء يضرع إلى الله - عز وجل - وينيب إليه ويدعوه ، وإذا خوله منه نعمة بغى وطغى ، وقال :
( إنما أوتيته على علم ) أي : لما يعلم الله من استحقاقي له ، ولولا أني عند الله تعالى خصيص لما خولني هذا !

قال قتادة : ( على علم عندي ) على خير عندي .

قال الله - عز وجل - : ( بل هي فتنة ) أي : ليس الأمر كما زعموا ، بل [ إنما ] أنعمنا عليه بهذه النعمة لنختبره فيما أنعمنا عليه ، أيطيع أم يعصي ؟ مع علمنا المتقدم بذلك ، فهي فتنة أي : اختبار.
( ولكن أكثرهم لا يعلمون ) فلهذا يقولون ما يقولون ، ويدعون ما يدعون .

( قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [الزمر : 50]

( قد قالها الذين من قبلهم ) أي : قد قال هذه المقالة وزعم هذا الزعم وادعى هذه الدعوى ، كثير ممن سلف من الأمم.
( فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون ) أي : فما صح قولهم ولا منعهم جمعهم وما كانوا يكسبون .

( فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا ۚ وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَٰؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ) [الزمر : 51]

( فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء ) أي : من المخاطبين ( سيصيبهم سيئات ما كسبوا ) أي : كما أصاب أولئك.
( وما هم بمعجزين ) كما قال تعالى مخبرا عن قارون أنه قال له قومه :
( لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون ) [ القصص : 76 - 78 ] ،
وقال تعالى : ( وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين ) [ سبأ : 35 ] .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
23,431
مستوى التفاعل
10,940
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [الزمر : 52]

وقوله : ( أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ) أي : يوسعه على قوم ويضيقه على آخرين.
( إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) أي : لعبرا وحججا .

( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر : 53]

هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة ، وإخبار بأن الله يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع عنها ، وإن كانت مهما كانت وإن كثرت وكانت مثل زبد البحر . ولا يصح حمل هذه [ الآية ] على غير توبة ; لأن الشرك لا يغفر لمن لم يتب منه .

وقال البخاري : حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام بن يوسف ; أن ابن جريج أخبرهم : قال يعلى : إن سعيد بن جبير أخبره عن ابن عباس [ رضي الله عنهما ]:
أن ناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا فأكثروا ، وزنوا فأكثروا . فأتوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة . فنزل : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ) [ الفرقان : 68 ].
ونزل [ قوله ] : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ) .
وهكذا رواه مسلم وأبو داود والنسائي ، من حديث ابن جريج ، عن يعلى بن مسلم المكي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، به .

والمراد من الآية الأولى قوله : ( إلا من تاب وآمن وعمل صالحا ) الآية . [ الفرقان : 70 ] .

وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا أبو قبيل قال : سمعت أبا عبد الرحمن المري يقول : سمعت ثوبان - مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
" ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية : ( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ) إلى آخر الآية ، فقال رجل :
يا رسول الله ، فمن أشرك ؟
فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال :
" ألا ومن أشرك " ثلاث مرات . تفرد به الإمام أحمد .

وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا سريج بن النعمان ، حدثنا روح بن قيس ، عن أشعث بن جابر الحداني ، عن مكحول ، عن عمرو بن عبسة قال :
جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - شيخ كبير يدعم على عصا له ، فقال : يا رسول الله إن لي غدرات وفجرات ، فهل يغفر لي ؟
فقال : " ألست تشهد أن لا إله إلا الله ؟ "
قال : بلى ، وأشهد أنك رسول الله .
فقال : " قد غفر لك غدراتك وفجراتك " .
تفرد به أحمد .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد قالت :
سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ : ( إنه عمل غير صالح ) [ هود : 46 ] وسمعته يقول : " ( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ) ولا يبالي ( إنه هو الغفور الرحيم )
ورواه أبو داود والترمذي ، من حديث ثابت ، به .

فهذه الأحاديث كلها دالة على أن المراد : أنه يغفر جميع ذلك مع التوبة ، ولا يقنطن عبد من رحمة الله ، وإن عظمت ذنوبه وكثرت ; فإن باب التوبة والرحمة واسع ، قال الله تعالى :
( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ) [ التوبة : 104 ].
وقال تعالى : ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) [ النساء : 110 ].
وقال تعالى في حق المنافقين : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا إلا الذين تابوا ) [ النساء : 146 ، 145 ].
وقال ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم ) [ المائدة : 73 ].
ثم قال ( أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ) [ المائدة : 74 ].
وقال ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا ) [ البروج : 10 ] .

قال الحسن البصري : انظر إلى هذا الكرم والجود ، قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة ! .

والآيات في هذا كثيرة جدا .

وفي الصحيحين عن أبي سعيد ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث الذي قتل تسعا وتسعين نفسا ، ثم ندم وسأل عابدا من عباد بني إسرائيل : هل له من توبة ؟
فقال : لا . فقتله وأكمل به مائة .
ثم سأل عالما من علمائهم : هل له من توبة ؟
فقال : ومن يحول بينك وبين التوبة ؟ ثم أمره بالذهاب إلى قرية يعبد الله فيها ، فقصدها فأتاه الموت في أثناء الطريق ، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، فأمر الله أن يقيسوا ما بين الأرضين ، فإلى أيهما كان أقرب فهو منها . فوجدوه أقرب إلى الأرض التي هاجر إليها بشبر ، فقبضته ملائكة الرحمة . وذكر أنه نأى بصدره عند الموت ، وأن الله أمر البلدة الخيرة أن تقترب ، وأمر تلك البلدة أن تتباعد هذا معنى الحديث ، وقد كتبناه في موضع آخر بلفظه .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما [ في ] قوله : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ) إلى آخر الآية ، قال :
قد دعا الله إلى مغفرته من زعم أن المسيح هو الله ، ومن زعم أن المسيح هو ابن الله ، ومن زعم أن عزيرا ابن الله ، ومن زعم أن الله فقير ، ومن زعم أن يد الله مغلولة ، ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة ، يقول الله تعالى لهؤلاء : ( أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ) [ المائدة : 74 ] ثم دعا إلى توبته من هو أعظم قولا من هؤلاء ، من قال : ( أنا ربكم الأعلى ) [ النازعات : 24 ] ، وقال ( ما علمت لكم من إله غيري ) [ القصص : 38 ] .
قال ابن عباس [ رضي الله عنهما ] من آيس عباد الله من التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب الله ، ولكن لا يقدر العبد أن يتوب حتى يتوب الله عليه .

وروى الطبراني من طريق الشعبي ، عن شتير بن شكل أنه قال : سمعت ابن مسعود يقول إن أعظم آية في كتاب الله : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) [ البقرة : 255 ] ، وإن أجمع آية في القرآن بخير وشر : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) [ النحل : 90 ] ، وإن أكثر آية في القرآن فرجا في سورة الغرف : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ) ، وإن أشد آية في كتاب الله تصريفا ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) [ الطلاق : 3 ، 2 ] .
فقال له مسروق : صدقت .

وقال الأعمش ، عن أبي سعيد ، عن أبي الكنود قال : مر عبد الله - يعني ابن مسعود - على قاص ، وهو يذكر الناس ، فقال : يا مذكر لم تقنط الناس ؟ ثم قرأ : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ) رواه ابن أبي حاتم .

ذكر أحاديث فيها نفي القنوط :

قال الإمام أحمد : حدثنا سريج بن النعمان ، حدثنا أبو عبيدة عبد المؤمن بن عبيد الله ، حدثني أخشن السدوسي قال : دخلت على أنس بن مالك فقال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
" والذي نفسي بيده ، لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ، ثم استغفرتم الله لغفر لكم ، والذي نفس محمد بيده ، لو لم تخطئوا لجاء الله بقوم يخطئون ، ثم يستغفرون الله فيغفر لهم "
تفرد به [ الإمام ] أحمد .

وقال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن عيسى حدثني ليث حدثني محمد بن قيس - قاص عمر بن عبد العزيز - عن أبي صرمة ، عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - أنه قال حين حضرته الوفاة :
قد كنت كتمت منكم شيئا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
" لولا أنكم تذنبون ، لخلق الله قوما يذنبون فيغفر لهم " .
هكذا رواه الإمام أحمد ، وأخرجه مسلم في صحيحه ، والترمذي جميعا ، عن قتيبة ، عن الليث بن سعد به . ورواه مسلم من وجه آخر به ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن أبي صرمة - وهو الأنصاري صحابي - عن أبي أيوب به .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أحمد بن عبد الملك الحراني ، حدثنا يحيى بن عمرو بن مالك النكري قال : سمعت أبي يحدث عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" كفارة الذنب الندامة ".
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون ، فيغفر لهم "
تفرد به أحمد .

وقال عبد الله ابن الإمام أحمد : حدثني عبد الأعلى بن حماد النرسي ، حدثنا داود بن عبد الرحمن ، حدثنا أبو عبد الله مسلمة الرازي ، عن أبي عمرو البجلي ، عن عبد الملك بن سفيان الثقفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي ، عن محمد بن الحنفية ، عن أبيه ، علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" إن الله يحب العبد المفتن التواب " .
لم يخرجوه من هذا الوجه .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، أخبرنا ثابت وحميد ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال :
إن إبليس - عليه لعائن الله - قال : يا رب ، إنك أخرجتني من الجنة من أجل آدم ، وإني لا أستطيعه إلا بسلطانك .
قال : فأنت مسلط .
قال : يا رب ، زدني .
قال : لا يولد له ولد إلا ولد لك مثله .
قال : يا رب ، زدني .
قال : أجعل صدورهم مساكن لكم ، وتجرون منهم مجرى الدم .
قال : يا رب ، زدني .
قال : أجلب عليهم بخيلك ورجلك ، وشاركهم في الأموال والأولاد ، وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا .
فقال آدم [ عليه السلام ] يا رب ، قد سلطته علي ، وإني لا أمتنع [ منه ] إلا بك .
قال : لا يولد لك ولد إلا وكلت به من يحفظه من قرناء السوء .
قال : يا رب ، زدني .
قال : الحسنة عشر أو أزيد ، والسيئة واحدة أو أمحوها .
قال : يا رب ، زدني .
قال : باب التوبة مفتوح ما كان الروح في الجسد .
قال : يا رب ، زدني .
قال : ( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) .

وقال محمد بن إسحاق : قال نافع : عن عبد الله بن عمير ، عن عمر - رضي الله عنه - في حديثه قال : وكنا نقول ما الله بقابل ممن افتتن صرفا ولا عدلا ولا توبة ، عرفوا الله ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم . قال : وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم . قال : فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، أنزل الله فيهم وفي قولنا وقولهم لأنفسهم : ( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون )
قال عمر ، رضي الله عنه : فكتبتها بيدي في صحيفة ، وبعثت بها إلى هشام بن العاص قال :
فقال هشام : لما أتتني جعلت أقرؤها بذي طوى أصعد بها فيه وأصوت ولا أفهمها ، حتى قلت : اللهم أفهمنيها .
قال : فألقى الله في قلبي أنها إنما أنزلت فينا ، وفيما كنا نقول في أنفسنا ، ويقال فينا . فرجعت إلى بعيري فجلست عليه ، فلحقت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
23,431
مستوى التفاعل
10,940
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ) [الزمر : 54]

ثم استحث [ سبحانه ] وتعالى عباده إلى المسارعة إلى التوبة ، فقال : ( وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له ) أي : ارجعوا إلى الله واستسلموا له.
( من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون ) أي : بادروا بالتوبة والعمل الصالح قبل حلول النقمة ، .

( وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ) [الزمر : 55]

( واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم ) وهو القرآن العظيم.
( من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون ) أي : من حيث لا تعلمون ولا تشعرون .

( أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ) [الزمر : 56]

ثم قال : ( أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله ) أي : يوم القيامة يتحسر المجرم المفرط في التوبة والإنابة ، ويود لو كان من المحسنين المخلصين المطيعين لله - عز وجل - .

وقوله : ( وإن كنت لمن الساخرين ) أي : إنما كان عملي في الدنيا عمل ساخر مستهزئ غير موقن مصدق .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
23,431
مستوى التفاعل
10,940
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [الزمر : 57]

( أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الزمر : 58]

( أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ) أي : تود أن لو أعيدت إلى الدار فتحسن العمل .

قال علي بن أبي طلحة : عن ابن عباس : أخبر الله سبحانه ، ما العباد قائلون قبل أن يقولوه ، وعملهم قبل أن يعملوه ، وقال :
( ولا ينبئك مثل خبير ) [ فاطر : 14 ] ، ، ( أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين )
فأخبر الله تعالى : أن لو ردوا لما قدروا على الهدى ، وقال تعالى :
( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ) [ الأنعام : 28 ] .

وقد قال الإمام أحمد :
حدثنا أسود ، حدثنا أبو بكر ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" كل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول : لو أن الله هداني ؟ ! فتكون عليه حسرة " .
قال : " وكل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول : لولا أن الله هداني ! " قال : " فيكون له الشكر " .
ورواه النسائي من حديث أبي بكر بن عياش ، به .

( بَلَىٰ قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ) [الزمر : 59]

ولما تمنى أهل الجرائم العود إلى الدنيا ، وتحسروا على تصديق آيات الله واتباع رسله ، قال [ الله سبحانه وتعالى ] ( بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين ) أي : قد جاءتك أيها العبد النادم على ما كان منه آياتي في الدار الدنيا ، وقامت حججي عليك ، فكذبت بها واستكبرت عن اتباعها ، وكنت من الكافرين بها ، الجاحدين لها .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
23,431
مستوى التفاعل
10,940
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ) [الزمر : 60]

يخبر تعالى عن يوم القيامة أنه تسود فيه وجوه ، وتبيض فيه وجوه ، تسود وجوه أهل الفرقة والاختلاف ، وتبيض وجوه أهل السنة والجماعة ، قال تعالى هاهنا : ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله ) أي : في دعواهم له شريكا وولدا
( وجوههم مسودة ) أي : بكذبهم وافترائهم .

وقوله : ( أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ) أي : أليست جهنم كافية لها سجنا وموئلا لهم فيها [ دار ] الخزي والهوان ، بسبب تكبرهم وتجبرهم وإبائهم عن الانقياد للحق .

قال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب ، حدثنا عمي ، حدثنا عيسى بن أبي عيسى الخياط ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" إن المتكبرين يحشرون يوم القيامة أشباه الذر في صور الناس ، يعلوهم كل شيء من الصغار ، حتى يدخلوا سجنا من النار في واد يقال له بولس ، من نار الأنيار ، ويسقون عصارة أهل النار ، ومن طينة الخبال " .

( وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الزمر : 61]

وقوله : ( وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم ) أي : مما سبق لهم من السعادة والفوز عند الله.
( لا يمسهم السوء ) أي : يوم القيامة.
( ولا هم يحزنون ) أي : ولا يحزنهم الفزع الأكبر ، بل هم آمنون من كل فزع ، مزحزحون عن كل شر ، مؤملون كل خير .
 
Comment

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
23,431
مستوى التفاعل
10,940
مجموع اﻻوسمة
13
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [الزمر : 62]

يخبر تعالى أنه خالق الأشياء كلها ، وربها ومليكها والمتصرف فيها ، وكل تحت تدبيره وقهره وكلاءته .

( لَّهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [الزمر : 63]

وقوله : ( له مقاليد السماوات والأرض ) ، قال مجاهد : المقاليد هي : المفاتيح بالفارسية . وكذا قال قتادة ، وابن زيد ، وسفيان ابن عيينة .

وقال السدي : ( له مقاليد السماوات والأرض ) أي : خزائن السماوات والأرض .

والمعنى على كلا القولين : أن أزمة الأمور بيده ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ; ولهذا قال :
( والذين كفروا بآيات الله ) أي : حججه وبراهينه ( أولئك هم الخاسرون )

وقد روى ابن أبي حاتم هاهنا حديثا غريبا جدا - وفي صحته نظر - ولكن نذكره كما ذكره ، فإنه قال :
حدثنا يزيد بن سنان البصري بمصر ، حدثنا يحيى بن حماد ، حدثنا الأغلب بن تميم ، عن مخلد بن هذيل العبدي ، عن عبد الرحمن المدني ، عن عبد الله بن عمر ، عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تفسير : ( له مقاليد السماوات والأرض ) فقال :
" ما سألني عنها أحد قبلك يا عثمان " ، قال :
" تفسيرها : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، وسبحان الله وبحمده ، أستغفر الله ، ولا قوة إلا بالله ، الأول والآخر ، والظاهر والباطن ، بيده الخير ، يحيي ويميت ، وهو على كل شيء قدير ، من قالها يا عثمان إذا أصبح عشر مرار أعطي خصالا ستا :
أما أولاهن : فيحرس من إبليس وجنوده.
وأما الثانية : فيعطى قنطارا من الأجر.
وأما الثالثة : فترفع له درجة في الجنة.
وأما الرابعة : فيتزوج من الحور العين.
وأما الخامسة : فيحضره اثنا عشر ملكا.
وأما السادسة : فيعطى من الأجر كمن قرأ القرآن والتوراة والإنجيل والزبور .
وله مع هذا يا عثمان من الأجر كمن حج وتقبلت حجته ، واعتمر فتقبلت عمرته ، فإن مات من يومه طبع بطابع الشهداء " .
ورواه أبو يعلى الموصلي من حديث يحيى بن حماد ، به مثله . وهو غريب ، وفيه نكارة شديدة ، والله أعلم .
 
Comment

sitemap      sitemap

الموقع التعليمي
أعلى